عبدالرحمن العبيدي
يتصاعد الحراك الشعبي السلمي في العديد من محافظات ومدن العراق، ومع دخول الاعتصامات والتظاهرات اسبوعها الثالث أخذ سقف المطالب بالتصاعد ، يرافق هذا صرخات ومؤتمرات جماهيرية في محافظات جنوبية مؤيدة ووفود عشائرية مناصرة وداعمة للمطالب الشرعية والقانونية والانسانية التي ينادي بها المعتصمون وطريقتهم السلمية الوطنية.
وأزاء هذا الفعل الوطني الحضاري الواسع لايصال صوت المواطن لنيل حقوقه ، عمل المالكي وفريق أدارته على مواجهة هذا الحراك بخطوات معاكسة تشير بأنه أسلوب أنفعالي ونظرة ضيقة وأفق محدود، حيث أتخذت الاجراءات الاتية :
· اطلاق المالكي تصريحات غير مسؤولة واصفا التظاهرات والاعتصامات الواسعة بالفقاعة والنتنه. وكذلك اتهامه للمتظاهرين باستلامهم مبالغ مالية مقابل خروجهم وأن جهات خارجية تقف خلف هذه التظاهرات .
· استخدم المالكي أسلوب التهديد عندما أشار (عليكم أن تنتهوا قبل تنهوا) . كما أن الاعلام الحكومي اعتمد في أسلوبه الدعائي على مرتكز أن هذا الحراك هو لاثارة الفتنة الطائفية واعادة النظام السابق .
· غلق المنافذ الحدودية المؤدية الى الاردن وسوريا من محافظة الانبار المحافظة التي انطلق منها الحراك و المحور الرئيسي له .
· سوق تظاهرات إلزامية محدودة في بغداد ومدن أخرى مؤيدة للحكومة وسياساتها ومناوئة في شعاراتها لبعض مطالب التظاهرات الشعبية .
· ارسال وفود تفاوضية وتشكيل لجان بوجوه معروفة بتزلفها وتقربها للمالكي ومرفوضة من المجتمع الذي تدعي تمثيله .
أما على الصعيد السياسي فقد غابت الحوارات والاجتماعات السياسية التي من شأنها إيجاد الحلول السياسية القانونية وبات حراكه لايقل تصعيدا وتأزيما عن مايشهده الشارع العراقي، فلا زال المالكي ونواب كتلته (دولة القانون) في البرلمان يخوضون حربا كلامية وتبادل الاتهامات مع كتلتي العراقية والتحالف الكردستاني ، أما حرب كشف ملفات الفساد مع كتلة الاحرار فأنها وصلت الى حد كسر العظم (كما المثل العراقي) .
ان تصريحات المالكي والمعالجات البائسة التي اتخذتها حكومته أزاء التظاهرات الشعبية الواسعة ، وما تشهده القاعات المغلقة وقبة البرلمان والظهور السياسي المكثف على شاشات الفضائيات واطلاق التصريحات النارية ، تبين وجود أجندة خارجية ينفذها المالكي من خلال عدم وجود النية الخالصة والرغبة الجدية لانهاء هذه الازمة الكبيرة بالطرق السلمية والقانونية المشروعة ، وان المتابع للمشهد يرى بأن خطوات الحكومة المشار اليها أعلاه هو الدفع باتجاه تأزيم وتصعيد الموقف وليس إيجاد الحلول ، وهذا يعززه السلوك السياسي للمالكي الذي دأب على خلق الازمات وتأزيم المواقف الى أن يكون الفيصل في الحلول هو التدخل الاقليمي أو الدولي الذي يفرض السياسات التي تخدم المصالح الستراتيجية لهذا التدخل . وكذلك التصريحات الايرانية التي جاءت على لسان أمام جمعة طهران (جنتي)، الذي أشار (أن القوى الاستكبارية تخطط لاشعال نار الفتنه في العراق ، ويدعو جنتي العراقيين الى التماسك والوحدة) وهذا التصريح يأتي مطابقا لما أشار اليه المالكي ويدل على الاصرار بأن هذا الحراك هو بفعل خارجي وليس ارادة جماهير (وهو تشويه للحقائق، وتضليل للرأي العام).
وكذلك فأن تصريحات العميد (حسين سلامي ) لصحيفة صداي عدالت ، التي أشار فيها أن القوات الايرانية لن تتدخل في أنهاء العصيان في الانبار الا بعد تلقي الضوء الاخضر من الحكومة العراقية ، مشيرا الى إمكانية حصول ذلك فيما لو خرجت الامور عن السيطرة) .
وهذه التصريحات الايرانية، بالاضافة الى أنها تدخل سافر في الشأن الداخلي العراقي، ولم نسمع بأي أستنكار أو إدانة من قبل السياسيين لها، فانها تصريحات واضحة في غاياتها بتعبئة الشارع العراقي للاقتتال، وأنها تقف خلف الحكومة العراقية وهي التي تدفع باتجاه تصعيد الموقف واثارة الفتنة، بغية إثارة الحرب الطائفية التي تأمل منها إيران أن تكون البديل عنها في مجابهتها للضغوط الغربية .
لكن جميع الدلائل على الارض لحد الان، تشير عكس ذلك لان الشعب العراقي والظروف الاقليمية والدولية الحالية ليس كما في العام 2006 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق