موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 9 يناير 2013

العراق.. انتصار الكرامة على السيف


مثنى عبدالله
تدحرجت كرة الخيبة والهزيمة من بين يدي المالكي الى بقية الاقطاب السياسيين فذاق الكل مرارتها. لقد أفقدتهم هبة الجماهير المظلومة تلك الغطرسة التي سمعناها طوال السنين الماضية عـن العـراق الديمقراطي الجديد، والتجربة النموذج التي كـان رئيس الوزراء يدعو العرب الى أن يغرفوا منها ويطبقوها في أقطارهم، ويفاخر بها باعتبارها ربيعا سبق ربيعهم، فإذا به يقف فاغرا فـاه من هول الصدمة التي ذكرته بحجمه الطبيعي قبل العام 2003، وسلبته كياسة المنصب واللباقة الواجبة فراح يشتم شعبه واصفا تظاهراتهم بأنها فقاعة، وشعاراتهم المطالبة برفع الظلم والحيف والاجتثاث والاغتصاب والتعذيب والقهر وقطع الارزاق والاعناق بأنها (نتنـة)، ثم يضيف زعيم تحالف أحزاب الاسلام السياسي الشيعي إبراهيم الجعفري وصفا اخـر لها، قائلاً: انها (طفح) بعـد أن أصابتـه هـو الاخر صدمة ما جرى.


ويبدو ان الترويع الذي أصيبوا به من الاصوات الهادرة في الانبار والموصل وصلاح الدين وأعظمية بغداد، التي التحمت بها أصوات المظلومين في كل العراق، افقدتهم الذاكرة، فنسوا أن نتانة الغزو هي التي أتت بهم الى السلطة لاصناديق الانتخابات كما يدعون.
لقد بانت معادنهم الرخيصة في أول اختبار شعبي عفوي وحقيقي، فخرجوا الى العلن، عراة من لبوس الديمقراطية والحرية التي حاولت قوى الغـزو إكساء أبدانهم العليلة بها، وظهرت وجوههم الكالحة على حقيقتها بعد أن سالت من حرارة التظاهـرات كل مساحيق التجميل التي أضفاها الضامنون الدوليون والاقليميون عليها، وانطلقت تصريحاتهم المرتبكة المستقوية بجبروت السلطة لتنم عن مدى التخلف الفكري والسياسي الذي يغلف عقولهم. فكانت هذه أول الثمرات الايجابية التي حققتها انتفاضة الجماهير حين سحبت كل الاغطية عنهم، ليتعظ كل من كان له قلب أو القى السمع وهـو شهيد، وليكفَّ كل من راهن على العملية السياسية وادعى بإمكانية إصلاحها أو ترميمها عن رهانه، فلا يمكن إيقاف عجلة الزمن الذي يصادر مستقبل أجيالنا دون نتيجة تذكر الى مالانهاية، كما لايمكن بأي حال من الاحوال أن يضغط هذا وذاك مطالب الجماهير وحقها في الحياة الحرة الكريمة، كي تتناسب مـع قالب سياسي فاشل بهدف إنجاحه على حساب الشعب والوطن، فالافكار والنظريات السياسيـة أنماط عمل لخدمة الشعوب والامم ونتاج بشري غير مقدس إطلاقا، والعقل والمنطق يقتضي أن نذهب الى طريق أخر غير الطريق المسدود منذ مايقرب عشر سنوات، الذي قدم فيه الشعب تضحيات جسام دون نتيجة تذكر، وسقط فيه الوطن في جب الفساد والتشظي. 
إن صراخ المالكي ورهطه عن طائفية الشعارات التي ترفع في التظاهرات هي كذبة كبرى يريدون من خلالها التهرب من حقوق الشعب واستحقاقات الوطن التي ثبت أنهم غير قادرين على أنجازها، لذلك ليس أمامهم الا استخدام سلاح التحشيد الطائفي كـي يتحقق الاستفـزاز ثم الاستنفار في الطرف الـذي يدّعون تمثيله وهو منهم براء.
ألم يكن تصريحه عندما قال (أنا شيعي أولا) استفزازا طائفيا وهـو الذي يقود بلدا متنوع القوميات والاديان والمذاهب، ومن الواجب أن يجعل الخيمة الوطنية هي صفته الاولى؟
ألم تكن ضربة كبرى للديمقراطية التي يدعون أنهم يطبقونها عندما قال أمام جمع من شيوخ العشائر أنـه لن يستطيع أحـد أن يأخـذ السلطة منه ولـن يعطيها بعـد اليـوم؟ بل أن المستشار السابق لرئيس الجمورية قال في مقال له بأن المالكي قال للرئيس (علينا أن نعمل معا لامتداد اقليم كردستان ليضم محافظة نينوى لأن هؤلاء، ويعني سكانها، هم أعداء لنا وسيظلون رغم كل شيء سُنّة وقومجية عُربان، وملجأ للمتأمرين على حكمنا)، فكيف يمكن تفسير ذلك سوى أنه تفكير طائفي مقيت يتحكم بعقل المالكي وتصرفاته، والذي هـو أحـد الاسس والركائز الاولى لحزبـه الطائفي؟. ثم يتحدثون عـن فرية أخرى يتهمون المتظاهرين بأنهم يرفعون صور أردوغان، وعلم الثورة السورية والعلم العراقي قبل العام 2003، لكن عندما يرفعون صور خميني وخامنئي في مكاتبهم التي يمارسون سلطاتهم من خلالها، وفي العديد من شوارع وساحات بغداد والمحافظات الجنوبية، يكون كل ذلك جائز في عرفهم وليس نهجا طائفيا بل عقيدة، كما يصرح عضو دولة القانون علي شلاه عندما سئل عن هذا الموضوع في احدى الفضائيات، فقال لا يوجد اي مبرر لهذه الضجة نحن في بلد ديمقراطي ومـن حق الناس أن يمارسوا معتقداتهم.
وبذلك يتحقق التمييز الطائفي والعرقي على أرض الواقـع عندما يسمح لهذا ويمنع ذاك، كذلك هي القوانين التي اجتثت بموجبها العديد من العقول العلمية العراقية بينما لم تطبق هذه القوانين والقرارات على البعض الاخر لإعتبارات طائفية.
ان المطالب التي رفعها المتظاهرون تمثل 'خطاً أحمر' في عرف المالكي ومن معه، فبها صادروا الحكم واستأثروا بالسلطة وأفسدوا وأثروا فيها دون حسيب أو رقيب حتى اليوم، وتحقيق هذه المطالب في عرفهم ضياع للسلطة وتداولها الى غيرهـم. فجميـع المحافظات تخضع الى أحكـام عرفية غير معلنة مـن خلال الصلاحيات الواسعة التي تملكها قيادات العمليات العسكرية فيها، التي باتت السيف المسلط على رقاب العراقيين بعمليات الدهـم والاعتقالات والتغييب التي تقوم بها، ممـا أخلّ بدور المجالس المحلية التي يقولون انها سلطة المواطـن. كمـا خدمت المادة 4 ارهاب، بسيفها الاستثنائي، المالكي وحلفه في التخلص مـن كـل الخصوم السياسيين داخل العملية السياسية وخارجها، واخلاء الساحة من كل الاصوات الوطنية الشريفة، التي اتخذت موقفا مشرفا من الغزو والاحتلال وحكوماته.
أما قانون الاجتثاث فلم يقتصر على اتجاه سياسي واحد بل شمل جميع الكفاءات العلمية والوطنية التي تسعى لبناء الوطن، وبه تخلص الجهلة من أعوان وأحزاب السلطة مـن منافسين حقيقيين لهم في تسلم مناصب الدولـة.
وبذلك بات واضحا جدا لماذا يقول المالكي بأن مطالب المتظاهرين هي عملية نسف للعملية السياسية، لأن حاضر ومستقبل هذه الاطراف مرتبط باستمرار هذا القوانين والقرارات الجائرة. لذلك هو يفضل اليوم التهرب من دفع ضريبة التهميش والاقصاء، تارة بإلقاء المسؤولية على البرلمان الذي له فيه الغالبية المعطلة للقوانين، وتارة اخرى باتهام السعودية وقطر وتركيا ومايسمى الهيئة العالمية للربيع العربي أو الاخوان بتحريك التظاهرات في العراق.


انه اليوم في حالة احباط سياسي وفشل تام أمام نفسه وأمام الاخرين بعد أن صدّع رؤوسنا بـ 'الامان' الذي كان يدعي أنه حققه، وبـ 'الديمقراطية' التي كان يفاخر بها على الاخرين فاذا بكل شيء ينفجر في وجهه وتذهب غطرسته أدراج الرياح، لذلك هو يبحث الآن عـن رد فعـل يعيد لـه بعض التوازن النفسي، مـن خلال الايعـاز الى أعضاء حزبـه الذين يسيطرون على بعض مجالس المحافظات لتنظيم تظاهرات دعم واسناد له هي في حقيقتها تحشيد طائئفي يبتز بها المتظاهرين كي يتخلوا عن مطالبهم المشروعة. لكن ذلك لن يعيد له هيبة بعد اليوم، فلقد وعى الشعب جيدا بأن الدستور وكل أسس العملية السياسية بضمنها القيادات السياسية، قد عجزت عن حل مشاكلهم بل انها السبب الرئيس في كل معاناتهم التي من المؤكد أن لانهاية لها اذا تم الاستمرار في نفس النهج، لذلك لايمكن أن يبقى الشعب العراقي خارج حركة التاريخ.
لقد عاهد المتظاهرون أنفسهم وشعبهم على أعادة الحق الى نصابه، وهو ليس فعلا يستهدف التربح الطائفي أو القومي أو المذهبي، بل هو فعل يعيد للعراق وجهه الناصع ودوره العربي والاقليمي والدولي في لعبة التوازنات السياسية الدولية . كما انه يضع شعبه على خط شروع واحد دون تمييز أو اقصاء كي يبني المستقبل المضيء لأجياله.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

هناك تعليق واحد:

ابو ذر العربي يقول...

الكذب والدجل والادعاء بالمظلومية والعمالة للاجنبي تحت مسميات تجميليةمثل المساعدات من الممكن ان تاخذ دورتها الزمنية وها هي الان قد استنفذت كل ما لديها من اوراق لعب ليس لان الجماهير في البداية لم تكن تعلم بان العملية السياسية هي باطلة اساسا وهي مصنعة في مطابخ الصهيونية وايران ولكن لان الجماهير قد اعطت هؤلاء المجرمين فرصة كافية من الوقت كي يبدلوا اسلوبهم في التعامل مع الاسرى وابناء الشهداء والمجاهدين ولكي يعودوا عن ضلالتهم
فالظلم يدوم لفترة وينتهى اما العدل فيمضي الى يوم القيامة
ولقد حان الوقت للاقتصاص من افعالهم الدنيئة على مدى تسع عجاف واعتقد ان التوبة الان غير مقبولة الا لمن يقبل الله توبته
عليهم ان لا ينسوا دروس التاريخ وخاصة دروس تاريخ العراق
ولكم تحياتي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..