سلام مسافر
خاض النازحون واللاجئون في الطوفان، واغرقت الامطار خيمهم واقتلعت الرياح العاتية اطنابهم ؛ بعدها اجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث محنة اللاجئين السوريين وشكلوا لجنة للنظر "في سبل الاغاثة".
وفي غياب معطيات دقيقة عن احوال النازحين خارج سورية واللاجئين في بلاد الشام، فان البلدان المضيفة حولت محنتهم الى مشروع للابتزاز وسط صرخات استغاثة تشق عنان السماء، نحن نغرق، نموت بردا وجوعا وتفتك الامراض باطفالنا.
صرخات احتاجت الجامعة العربية الى الاف مكبرات الصوت لسماعها في صحراء الصمت الدولي على الماساة السورية المتواصلة فصولها منذ عشرين شهرا وتدخل عامها الثالث معفرة بالدم ودخان حرب يرفض الفرقاء المتقاتلون نعتها بالاهلية .
في نفس الوقت يرفض المبعوث الاممي لخضر الابراهيمي الاعتراف بفشل مهمته بعد ان قضى شهورا يتنقل مع فريقه بين العواصم ، يقول في تلك "أ" فتتوقع اخرى ان يقول فيها " ب " لكن الدبلوماسي المخضرم يسكت عن الكلام المباح، ليعلن بعد تلعثم طويل لرويترز وبي بي بي سي وورلد سيرفيز انه "لايرى مكانا للاسد في المرحلة الانتقالية" جاء ذلك عشية لقاء تشاوري في جنيف الجمعة الماضية سعى فيه دبلوماسيان روسي وامريكي لاستنطاقه ربما .
دمشق التي عبرت عن رفضها لما تعتبره انحيازا من الابراهيمي؛ ألمحت ان القيادة السورية لن تعترف به وسيطا او هكذا يترشح من البيانات السورية الرسمية. فيما المعارضة بجناحها السياسي رحبت بتصريحاته المقتضبة ، بعد انتقادات مريرة لاداء المبعوث الاممي واعتبارمهمته مضيعة للوقت واطالة لعمر النظام .
اما المسلحون على الارض فقلما تسمع عنهم غير اصوات المدافع ووطيس المعارك التي اهلكت عشرات الالوف ومرشحة لان تهلك مئات الالوف اذا بقيت " الاسرة الدولية " تطبخ للسوريين الحصو.
الفصائل المسلحة منذ البداية لم تعترف بالمهمات والبعثات الاقليمية والدولية لانها تعتقد باولوية الطلقة على الكلمة. وترى في المجالس والتكتلات السياسية خارج سوريا وفي داخلها مجموعة "خواجات" لايغنون عن جوع. ولم يضع المبعوثون في جدول اعمالهم التشاور مع الجماعات المسلحة ، واذا حصل ذلك كما اعلن مرة الابراهيمي فمن باب تحصيل حاصل . ولاتعترف القيادة السورية بالمسلحين وتصنفهم في خانة الجماعات الارهابية بمن فيهم من يحضون باعتراف اقليمي ودولي على استحياء لكنه اعتراف في كل الاحوال .
وسط دخان المعارك تبدو مهمة الابراهيمي مضيعة للوقت فعلا ، كما هو الوقت الضائع الذي دمر حياة النازحين واللاجئين الى ان وجد وزراء الخارجية العرب وقتا للبحث في ماساتهم واطلاق الوعود على طريقة طبخات البحص .
ففي جنيف كان واضحا ان المبعوثين الروسي، ميخائيل بوغدانوف والاميركي ،وليم بيرينز ،كانا يتحاوران ليس على تفاصيل التسوية السياسية مع الابراهيمي ، بل لاجل تدوير زوايا التباعد في اطار الاستعداد للقاء قمة مرتقب بين الرئيسين بوتين واوباما سيكون الملف السوري قطعا في راس جدول اعماله وان لم يكن على الراس كما تتوقع غالبية المراقبين .
لقد اراد الجانب الروسي احياء بيان جنيف المؤلف من 12 فصلا وستة بنود ترسم ، كما قال الموقعون حينها ، خارطة تدل على طريق التسوية . لكن البيان الصادر في 30 حزيران /يونيو/ كان حمَال اوجه ؛ فاجتهد الفرقاء في تفسيره ولم يتفقوا على الية واضحة لتنفيذه؛ الامر الذي ترك ابواب الجحيم مفتوحة على مصاريعها في سوريا ؛ حتى صار الحديث عن البيان واحياء بنوده نذير شؤوم لدى السوريين لانه اصبح يعني مزيدا من اضاعة الوقت واستطرادا مزيدا من الخراب والموت .
السوريون الذين خاضوا حتى قمة الراس في وحل عواصف لم تشهدها بلدان الشرق الوسط منذ خمسة عقود ، يدركون بالفطرة ان لا احد يذرف دمعة على مصيرهم باستثناء السماء التي ذرفت مدرارا فاغرقت خيامهم وجمدت الدماء في عروقهم .
السماء وحدها تقول وتفعل . اما المبعوثون فليس بينهم من يملك الشجاعة لان يقول ايها السوريون احملوا صليبكم وحدكم ! الاسرة الدولية تطبخ لكم البحص!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق