موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 6 أكتوبر 2013

حرب أكتوبر: ما هي صلة خميني بالسادات وأسد والزمر؟ 1

الأسد متوسطاً نيكسون وكيسنجر في أعقاب حرب أكتوبر
وجهات نظر
صلاح المختار
مابين الحق والباطل ٤ أصابع، الحق أن تقول مارأيت، والباطل أن تقول ما سمعت.
الإمام علي، رضي الله عنه
اليوم تمر ذكرى حرب اكتوبر– تشرين الاول عام 1973 والتي وصفها حافظ اسد احد منفذيها– وليس من المخططين لها- بانها (حرب تحررية وطنية) وسار خلف توصيفه مثقفون عرب كثر، منهم الشيوعيون العرب، بينما وقفنا نحن لنقول قبل وقوعها بعام كامل بأن حربا ستقع هدفها تحريك الساكن وتمهيد البيئة المناسبة للاعتراف بـ(اسرائيل) فهي ليست تحررية ولا وطنية وانما هندست لطمر الحق العربي في فلسطين.

في هذه المناسبة تحضرني حادثتان لهما مغزى رمزي، الحادثة الاولى هي ان صديقان قديمان لي فرَّق الدهر وربما السياسة بيننا احدهما اسمه دكتور حكمت شبر وهو استاذ قانون دولي وشيوعي سابق والاخر هو دكتور سلمان رشيد سلمان واختصاصه الفيزياء او الكيمياء، وكانت تربطنا صداقة متينة فكان طبيعيا ان ندخل في حوارات مفتوحة لا يحدها شيء ، ولمناسبة حرب اكتوبر، في الثمانينيات ولا اذكر العام بالضبط ، قال لي دكتور حكمت باسما (لا ندري كيف عرفت بان حربا ستقع هدفها الاعتراف باسرائيل قبل عام من وقوعها ؟ هل لديك مصادر مخابراتية جعلتك تعرف بالحرب وبدقة قبل وقوعها بعام؟). طبعا الجواب الذي قلته هو ان المحلل اذا كان ملما إلماما كاملا بالاحداث ولديه معلومات ، والاهم لديه منهج تحليل علمي يستطيع توقع الاحداث قبل وقوعها اعتمادا على معطيات  واقعية .
اما الحادثة الثانية فوقعت في عام 1974 عندما عقدت ندوة فكرية في احد فنادق بغداد لمناسبة مرور عام على حرب اكتوبر حضرها عدد من الكتاب العرب ومنهم على ما اذكر المناضل المرحوم ناجي علوش ومن العراق شارك المرحوم الدكتور ماجد عبد الرضا ، وكان يمثل وقتها الحزب الشيوعي العراقي في الجبهة والائتلاف الحاكم، وكانت طروحات المرحوم ماجد تقوم على اعتبار تلك الحرب حربا تحررية وطنية، فوقفت معقبا على ما قاله مؤكدا بان (تلك الحرب كانت حرب تمهيد للاعتراف باسرائيل فهي حرب تصفية للقضية الفلسطينية وانها لم تكن حربا تحررية)، ولفت طرحي انظار جميع الحضور فتقدم شاب نحيل باسم الوجه بعد انتهاء الندوة وطلب اجراء مقابلة صحفية معي حول الموضوع واجراها ونشرها. في تلك المقابلة اعدت التاكيد على ان تلك الحرب كانت حرب تحريك وغطاء وطني ظاهريا لامرار  الاعتراف باسرائيل ولم تكن حربا وطنية ولا تحررية . هذا الشاب الصحفي الذي التقيته اول مرة اسمه سعد البزاز .
هاتان الحادثتان تحضران في ذاكرتي اليوم في الذكرى الاربعين لحرب اكتوبر والشعب العربي كله موضوع في (مفرمة سادة السادات) يفرم فيها بلا رحمة الشعب العربي باطفاله ونساءه وشبابه واماله من اجل عيون اسرائيل وامريكا، خصوصا في العراق وسوريا وليبيا وغيرها ينتظر نفس المصير ما لم نعي ونقاوم . و(مفرمة السادات) لمن لا يعرف هذه العبارة وردت في خطاب للرئيس المصري الاسبق انور السادات هدد فيه المناضلين ضده من احرار مصر بالفرم! ورغم ذلك مازال هناك من يصر على وصف مفرمة سادة السادات، وهي بالطبع من صنع امريكا، بانها (الربيع العربي ) وبأن عصر المفرمة هو (عصر الجماهير) الزاهي والباهي والامر والناهي !
ومن اخطر مفارقات الدهر ان حرب اكتوبر هي اول علاقة زنا محارم تزرع في احشاء امتنا نغول كوارثنا الحالية ، فزواج المتعة بين السادات وامريكا حصل قبل وصول خميني للحكم ، لان مفهوم وممارسة زواج المتعة  ثمرة ثقافة السقوط الاخلاقي الذي وجد منذ وجد ابليس وشرع يوسوس في صدور الناس ، وهو لذلك مموه باغطية جذابة ومخادعة ، منها لفظ الزواج ليخدع السذج بانه مثل اي زواج شرعي ! وكان غطاء السادات لذلك الزواج المشؤوم هو غطاء وطني شكلي ، حيث استخدم شعار (مصر اولا ) لامرار الخيانة القومية بافتعال تناقض وهمي بين مصلحة مصر الوطنية ومصلحة الامة العربية القومية ،  فكانت صفقة السادات مع حافظ اسد لشن حرب لم يكونا مهندسيها الاصليين وانما كانا مقاولين ثانويين احيلت مناقصة التنفيذ لهما ، بينما كان هناك ممثلون اخرون ينتظرون دورهم في لعبة الامم ، ومن بينهم رمزان بارزان احدهما اسمه خميني كان ينتظر في العراق دوره ، والاخر سلفي مصري مغمور اسمع عبود الزمر الذي قاد عملية اغتيال السادات ينتظر ايضا دوره . ومرة اخرى نؤكد بان لا خميني ولا الزمر كانا يدركان انهما مجرد قروقوزات تحرك في لعبة امم هي الاخطر في تاريخ امتنا العربية!
ربما هذه المقدمة غامضة بالنسبة لمن لم يعش ويعايش تلك الحرب ، لذلك دعونا نناقش الامر بطريقة تضع من لم يعايشها في جوها كي نصل للهدف الاساس وهو الربط بين تلك الحرب وما نواجهه الان من كوارث تدميرية لامتنا العربية .
في اواخر عام 1972 (على ما اتذكر في تشرين الاول او الثاني ) طلبت دار الطليعة والنشر في بيروت من كتاب عرب ، كنت من بينهم ، اعطاء رأيهم في مسيرة التسوية السلمية بعد مرور خمس سنوات على قوعها ، فكتبت دراسة نشرت في كتاب صغير تحت عنوان (الاعتراف باسرائيل ومستقبل الثورة العربية) اعيد طبعه مرات كثيرة لانه كان ينفد فور اعادة طبعه ، حللت فيه الوضع العربي وقتها وقلت بوضوح كامل بأن حربا ستقع هدفها التمهيد للاعتراف باسرائيل وليس تحريرها وسيكون الغطاء وطنيا ظاهريا وهو تحرير سيناء والجولان ، وسميت السادات واسد كمنفذين لتلك الحرب. وكتبت ذلك في تشرين الاول او الثاني من عام 1972 ونزل الكتاب الى الاسواق في شباط – فبراير من عام 1973 اي قبل وقوع الحرب بثمانية اشهر تقريبا، ولفت الانتباه توقعه وقوع حرب مع اسرائيل  تستخدم كغطاء للاعتراف بها ! وقعت الحرب واعيد طبع الكتاب مرات ومرات وكانت حادثة دكتور حكمت شبر اطال الله عمره احدى حوادث كثيرة تعلقت بدقة التوقع واجهتها.
والان وبعد كل تلك السنوات لابد من طرح الاسئلة التالية لنعرف دورها الحقيقي الذي لم يكن واضحا وقتها: هل جاءت الاحداث لتؤكد صواب تشخيص الحزب لتلك الحرب ودروها ومنها تشخيصي ككاتب ومحلل ؟ هل كانت خطوة مرسومة مهدت لخطوات اخرى مرتبطة معها باطار  ستراتيجي شامل اوصلنا لما يجري الان  من تحولات وصفها بالكارثية قليل بحقيقتها في الوطن العربي والمنطقة كلها؟ ماصلتها بوصول خميني للحكم وتدشينه لمرحلة الفتن الطائفية واكمال ذلك وبصعود نجم اسامة بن لادن والتيار السلفي الجهادي؟ هل تلك التطورات كانت عبارة عن خطوات في مسلسل ستراتيجي واحد ؟ لكي يكون الجواب دقيقا صحيحا لابد ان نتناول الوقائع الفعلية التي عشناها كلنا تقريبا.
1 – وقعت حرب اكتوبر في نهاية عام 1973 ولكنها مهدت لاخطر حدث ضرب الوجدان العربي كله وهو زيارة السادات للقدس في عام 1977 والتي كانت عبارة عن خطوة مدروسة بدقة للبدء بعملية تدمير ثوابت الامة العربية المقدسة الوطنية والقومية كلها وفي مقدمتها التخلي عن  فلسطين وتحريرها مع ان ذلك كان ومازال المعيار الرئيس لقومية العربي ووطنيته . زيارة السادات مهدت للاعتراف لكنه كان اعترافا تم تحت حماية وتأثير هدير مدافع العبور النفسية والسياسية وليس بالدخول مباشرة في تفاوض رسمي سلمي من اجل الاعتراف ، فلو فعلها السادات بالطريقة الاخيرة لضرب بالبيض اولا ثم الرصاص ثانيا لقداسة قضية تحرير فلسطين ورسوخها في الوجدان العربي.   
كان العزيز هنري ( وهو اللقب الذي كان السادات وامثاله يستخدمونه لوصف عراب ومهندس حرب اكتوبر هنري كيسنجر ) حاضرا برمزيته المعروفة فهندس حرب اكتوبر كي يستخدمها السادات غطاء يحميه من التخوين ، فكيف يخوّن من  قاتل اسرائيل وانتصر عليها ؟ اتهامه بالخيانة يصبح موضع خلاف اذا اعترف باسرائيل بعد ان جرب القوة في حرب اكتوبر وفشل فلم يبقى الا الاعتراف بالامر الواقع وهو الاعتراف باسرائيل . لذلك اصبح السادات ( بطل العبور ) و( محقق اول انتصار عربي على اسرائيل ) اقوى من التشكيك به وحصل على دعم فئات في مصر والوطن العربي لابأس به نتيجة لتلك الحرب وكان ذلك اهم عوامل تسهيل امرار الاعتراف باسرائيل.
هل يذكركم تأهيل السادات لنفسه عبر حرب تضفي عليه صفة الوطنية كي يستخدمها لارتكاب فعل الخيانة الوطنية والقومية بحالة مماثلة ؟  يجب ان نلاحظ بان عملية  التأهيل التي بدأها السادات اكملها خير اكمال خميني عندما تبنى شعار (الموت لامريكا ) وشعار (الموت لاسرائيل ) واحتجز الرهائن الامريكيين لاجل ان يقنع ملايين الايرانيين والعرب بانه ضد امريكا وعدو اسرائيل وانه يحاربهما  رغم انه لم يطلق رصاصة واحدة ضدهما ، وهذا بالضبط هو التأهيل النفسي الذي كان يحتاجه للبدء باخطر حملة اجتثاث للقومية العربية في العراق وغيره عبر نشره لاهم اهداف الصهيونية والغرب الاستعماري وهو الفتن الطائفية في الوطن العربي!
اما حزب الله فقد كرر نفس لعبة السادات وخميني عندما خاض حربا مع اسرائيل ليس لتحرير الاراضي اللبنانية كلها او فلسطين بل لاجل ان يكتسب سمعة طيبة تؤهله للقيام بدور تخريبي خطير ضد الامة العربية تحت غطاء يحميه من النقد وهو انه مقاوم لاسرائيل و(انتصر)  عليها في معركة جنوب لبنان وفي حرب عام 2008 . والدور الخطير هذا نراه الان في احتلاله لقسم كبير من لبنان وفي انغماسه حتى شعر الرأس في الحرب ضد الشعب العربي السوري بالاضافة لدوره الاجرامي في دعم احتلال العراق خصوصا دعم الاحزاب العميلة لايران مثل المجلس الاعلى وحزب الدعوة وهما اخطر عملاء الاحتلال ،  وتدريب فرق الموت العراقية والايرانية التي ذبحت وتذبح الاف العراقيين وقام بهذا العمل القائد في المخابرات الايرانية وحزب الله عماد مغنية الذي ذهب الى العراق لتدريب القتلة ودعم الاحتلال !
2 – اشتراك حافظ اسد في الحرب كان هدفه مزدوجا وليس احاديا مثل السادات ، فاسد اغتصب السلطة بانقلاب دموي ضد من عينه في منصبه العسكري وهو البعث وقيادته الشرعية  فاتهم بحق بانه عميل امريكي وصهيوني من قبل حزبه بالذات وهذا امر حساس جدا ، واتهم مرة اخرى بانه عميل امريكي ويخدم الصهيونية  بعد (ايلول الاسود) في الاردن، وكانت عملية تسليم الجولان لاسرائيل بلا قتال والاعلان عن احتلالها قبل دخول اي جندي اسرائيلي ارض الجولان اخطر دليل على انه يخدم الصهيونية مباشرة .
كل تلك الاتهامات صارت عوامل ضغط نفسي على اسد اجبره على اتخاذ سلسلة مواقف لتبرئة نفسه من تهمة العمالة لامريكا وخدمة اسرائيل فاشترك في الحرب وكان هدفه الاول اكتساب صفة  وطنية وقومية تسمح له بفرض نظامه المشبوه على الشعب العربي السوري ، ويحقق فيها اهم اهدافه في ذلك الوقت وهو تأكيد ان انقلابه الدموي ضد البعث ، خصوصا بعد وصول البعث  للحكم في العراق وبدأ تحدي نظامه بقوة ،  كان مسوغا وانه يمثل البعث الحقيقي بدليل انه وطني وقومي وحارب اسرائيل وهذا معيار قوي ولا يخطأ !
اما هدف حافظ اسد  الاخر وراء خوض حرب اكتوبر  فهو اداء دوره في تحقيق اهداف  لعبة الامم المرسومة والتي كانت تلك الحرب خطوة حاسمة على طريقها ، لذلك فان اسد وجد في تطلعات السادات فرصته الذهبية وشجعت امريكا اسد والسادات على التعاون المشترك .

يتبع..

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..