وجهات نظر
مهند العزاوي
إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته، إذا ما استطاع أن
يغير اتجاهاته العقلية.
وليام جيمس
تعد العلوم
السياسية المدخل الاكاديمي لرسم السياسات، كالنظم السياسية والدساتير المرنة والجامدة،
وشكل العلاقات الدولية والقانون الدولي، والكثير من مرافئ الخبرة السابقة لتجارب
سياسية مرت بها الدول، وبلا شك ان العلم السياسي الاكاديمي قد تأخر عن مواكبة
المتغيرات واضحى بعض الشيء بعيدا عن
الواقع السياسي، وبالرغم منذ لك إلا ان الطرائق النظرية السياسية دليل عمل
موضوعي ومنطقي لإرساء القيم الانسانية والديمقراطية والتعايش بين المجتمعات
والشعوب، لتأسيس دول راشدة ترتقي الى العمل المؤسساتي الانسيابي المرتبط بالتنمية
المستدامة، وتحقيق الامن المستدام بعد تأمين الدفاع الذكي القادر على حماية الحدود
السياسية للدولة، التي تعد الوحدة الاساسية للربط الاجتماعي الداخلي والتواصل
والتنسيق الدولي، وبنفس الوقت هي المكانة والسيادة والهوية الناصعة ان احسنت ادارتها.
افرز غزو
العراق نظام حاجة سياسية لتفادي الضغط الدولي ، ولكنه لم يرتقي الى القيم السياسية
الاكاديمية او التطبيقية ، واتسق بغطرسة القوالب الجاهزة الغربية ، ثم تحول لتجربة
هشة فاشلة ، اوجدها الاخضر الابراهيمي في لبنان حيث نقل الفلسفة السياسية الشاذة
التي طبقت في لبنان ( دولة المليشيا سلطة) الى العراق ، وذهب يوزع المناصب وفقا
لمنظور المحاصصة السياسية المليشياوية المدعومة
من خلف الحدود ، حيث شكل النظام السياسي العراقي وفق مبدأ المليشيا سلطة
(لبننه العراق) ، وتم تقسيم المجتمع العراقي الى مكونات تمثلها احزاب وافدة لم يكن
لها اي حضور على الارض العراقية ، ولم يكن لهم انجاز اداري او معنوي او ثقافي يغني
العراق مجتمعا ودولة ، وسرعان ما سلمت هذه الطبقة مقدرات العراق بعد حل مؤسساته
العريقة ، وذهبت تلك الاحزاب لبناء قاعدة حزبية من خلال المساومة بالوظيفة والراتب
من جهة ، وبالاغتيالات والترويع والترهيب والتغييب القسري والتهجير من جهة اخرى ، ولم تكن محض صدفة بل
كان مخططا لتهديم العراق كدولة وتقزيمه كمحور واستنزافه كشعب وثورات
ادوات بلا مذهب
يعتنق
السياسيون مذاهب سياسية مختلفة لغرض تحقيق
مشاريعهم السياسية الرامية للوصول الى السلطة بالإقناع ، من خلال تقديم الخدمات
وتعزيز الحوافز ودرء المخاطر ، وتحقيق الامن والسلم الاهلي وإرساء مقومات التنمية
المستدامة وحماية الاجيال ، ولكن السياسيون الوافدون الى العراق من انفاق اوربا
وحواري الدول العربية ومعسكرات التجنيد الاقليمية ، بات من الواضح ومن خلال
سلوكياتهم ونتائج حكمهم ، انهم لم يعتنقوا اي مذهب سياسي ولم يجلبوا ثقافة الدول الراشدة التي عاشوا فيها
، ليرفعوا من شأن العراق وشعبه ، بل العكس رسخوا
مقومات الاحتراب الافقي بين المذاهب
والطوائف ، ومارسوا التهجير بكافة انواعه وضد كافة مكوناته ، بما فيها التي
يحكمون باسمها ، وغيبوا هوية العراق الوطنية
، وأشاعوا الفساد والقتل خارج القانون والتغييب القسري، وتركوا المجتمع فريسة
للمليشيات الطائفية والتنظيمات المسلحة الارتزاقية المتاجرة بدماء العراقيين
الاصلاء الرافضين لتمزيق العراق وشعبه.
انتخابات على اجنحة التضليل
يذهب مؤسسي
التجربة الديمقراطية الى ضرورة وجود دولة ومؤسسات راشدة لإرساء الديمقراطية ، ولعل
الديمقراطية سلوك وأفعال وانجازات وقيم ، وليست شعارات ومصطلحات تطلق عبر الاعلام
وفي الخطابات لاجل الاستهلاك المحلي ، ولعل الانتخابات تعد احدى مظاهر الديمقراطية
على ان ترتبط بالبنى التحتية للديمقراطية التي اشرت اليها اعلاه ، وعندما نتابع
سير الانتخابات العراقية منذ عام 2005 وحتى الان سنجد ان التضليل سمة مزمنة فيه ،
وان هذه الانتخابات تقتصر على وجوه بذاتها
تبدل شعاراتها وأسمائها من انتخابات لأخرى ، وقد جعلت طوق ناري بتوظيف قوانين لترتبط بالصكوك الدولية
والوطنية بغية الهيمنة والاستحواذ على السلطة ، وباستخدام الشعارات المذهبية
والطائفية وإشاعة الدعاية الهدامة وفقا للدعية (المذهب فوبيا) ، وعندما اكتشف
العراقيين هذه الاكذوبة التي جعلت من قدرات العراق المالية والبشرية والاقتصادية
في مهب الريح ، وان القتل المنظم والإرهاب صناعة سياسية بغية بقاء هذه الوجوه
الكالحة الفاشلة بالسلطة ، ذهبت الاحزاب ومن كلا الطرفين ( طائفة السلطة) الى التخندق في محوريين بما يشابه سلوكيا محقق
الشرطة ، وتبادل الادوار بين الشرطي الشرير والشرطي الخير ، وكلاهما في مؤسسة
واحدة وهدفهم واحد ، فان الاول الشرطي الشرير يذهب لاستخدام الترويع والقتل ومباركة عمل المليشيات والتنظيمات
المسلحة ، وكذلك ركوب موجة القائد المذهبي الذي يعدم ويقتل ويعتقل لكسب عاطفة
الضغينة التي تغذيها الدعاية الموجهة وصور الانترنت ومقاطع الافلام الموجهة التي
تذكي الكراهية والضغينة بين ابناء الشعب الواحد ، ومن هذا الفعل يضمن وصول هذا
السياسي الفاشل المستتر خلف الطائفية السياسية الدموية للسلطة وفق فلسفة ( فجر
واقتل لتسد): والثاني الشرطي الخير يذهب لركوب موجة الخير بكشف الفساد وتفقد
المنكوبين وتوزيع البطانيات وإقامة مآدب للفقراء حيث بلغ عدد الفقراء في العراق
وفق اخر احصائية الى عشرة ملايين جائع في اغنى بلد بالعالم ، وبالحقيقة كلاهما في
مركب واحد يقود سفينة العراق الى الهاوية السحيقة والبحث عن مغانم شخصية ومنافع
خاصة لتعزيز ارصدة النهب باسم المذهب والطائفة .
خلاصة القول
ان طائفة
السلطة من الطرفين شيعة السلطة وسنيوا السلطة ، هم من استخدموا المذهب فوبيا
وفرقوا صفوف المجتمع العراقي ، لإرساء مشاريع اقليمية وأجندات خارجية ، وأسهمت
ايضا بعض الاحزاب التي تحسب نفسها من المعارضة ، التي تعيش الوهم وتصنعه وتبيعه على الشعب العراقي ، وهي لتختلف
من حيث النتائج عن طائفة السلطة ، وبذلك
اندثرت الدولة والعدالة وغيبت الديمقراطية والقانون ، وحل البؤس والجوع والموت في
كل مكان ، في ظل انتشار ظاهرة المعتقلات السرية والعلنية لإدامة تجارة السجون وعمل
الشركات الامنية الخاصة العراقية الوكيلة
للشركات الاجنبية ، وقد اصبح الفساد المالي والإداري والمسلح سمة مزمنة في المشهد
العراقي ، وجعلوا من العراق ضيعة للدول الاخرى فاقد السيادة الحقيقية وليست
اللفظية ، انه هذا انجاز طائفة السلطة وشيوخ المصائب وحواشيهم المتخمة بأموال
الفساد على حساب ملايين العراقيين المهجرين والبائسين والمغيبين ، واضحى العراق
سوق للنهب الحر ، لقد كان الصوت الانتخابي بمثابة السكين التي نحرت الوطن وشعبه ، يا ترى ما سيفعله العراقيون
في الانتخابات القادمة ؟، هل ستفوز طبقة الاثراء على حساب الدم العراقي بأصوات المعدمين ام لا ! واستشهد بمقولة لأحد
المفكرين السياسيين (إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان
يمكن أن يغير حياته، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية) .
هناك تعليق واحد:
اذا يمكن الجزم ان الخروج المنطقي و العقلي و الفكري هو تبني مقولة* الوطن للجميع و الدين لله*..
إرسال تعليق