وجهات نظر
جاسم الشمري
الجريمة
الصهيونية المستمرة الآن في غزة هاشم لا يمكن أن تكون سبباً لهزيمة شعب عريق
كالشعب الفلسطيني، الذي عَلّمَ - وما زال - يُعلم العالم كيف تكون التضحيات هينة
ورخيصة من أجل المبادئ والقيم!
في غزة قتل في الأيام
القليلة الفائتة أكثر من (900) مواطناً مدنياً في غزة بالإضافة إلى جرح أكثر من خمسة
الآلاف آخرين، في هجوم صهيوني وحشي أكد لجميع المتابعين أن هؤلاء قوم رضعوا الحقد
على العرب والمسلمين، وعليه فلا يمكن التعايش معهم بحال من الأحوال، لا بإتفاقيات
سلام، ولا بغيرها.
هذا الهجوم
الصهيوني البربري على هذه المدينة الصامدة لن يكسر إرادة أهلها، بل سيزيدهم إصراراً
وصموداً وحباً لبلدهم وقضيتهم.
أما الصمت
العربي والدولي إزاء هذه الجرائم فهو بحق وصمة عار، لا يمكن تفسيرها، واليوم صار (القتل)
ينقل عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية، وعليه لم يعد هنالك أي عذر للذين يقولون
إن الصورة لم تتوضح بعد، فالكيان الصهيوني منذ الساعات الأولى لهجومه الوحشي على
غزة، رفع شعار القتل لكل الكائنات الحية والدمار لكل شيء، وهذا حقد دفين يثبت
دموية وأحقاد هذا النظام اللقيط.
مهما ارتفعت
فاتورة التضحيات الفلسيطنية في غزة فإنها ستكون مستردة الثمن بمزيد من الرعب
والخوف في صفوف المدنيين والعسكريين الصهاينة.
أما في العراق،
فأن الجريمة المستمرة منذ سنوات تشابه جرائم غزة، إلا أن الخلاف بينهما أنها تنفذ
من قبل أناس يقولون أنهم من العراقيين.
ما يجري في
الفلوجة، هو مؤامرة واضحة ضد الأصوات الساعية؛ لتحقيق الأمن والكرامة لأبناء
المدينة، وبقية مدن العراق المنتفضة.
الفلوجة كانت
بالأمس مقبرة الغزاة، وهي التي دعتهم للهروب من العراق صاغيرين، وفي أواخر
عام 2004 خاض أكثر من (10) آلاف مقاتل من قوات الاحتلال الأمريكي
حرباً
قاسية في الشوارع مع عدة آلاف من المسلحين في المدينة، التي تبعد (40) كيلومترا غرب
بغداد، وكان المحصلة النهائية للمعركة هزيمة واضحة لقوات الاحتلال الأمريكي مقابل
عزيمة وصمود منقطع النظير لأهالي الفلوجة، مدينة الصمود والمساجد.
وجنود الاحتلال
الأمريكي - حتى الساعة - يدفعون ثمن مشاركتهم في معارك الفلوجة، ولتأكيد
هذه الحقيقة، ننقل مقتطفات من تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية في يوم 8/1/2014
وكان بعنوان: ( قدامى المحاربين الأمريكان مصابين بالاحباط بسبب المواجهات في الفلوجة
)، ونقلت فيه عن إحدى المجندات اللواتي شاركن في معركة الفلوجة وتدعى (شيرلي بارللو)،
قولها "لقد آمن جميع الأمريكيين- من كبيرهم إلى صغيرهم- بعدالة مهمتهم في العراق
عام 2003؛ ولكن الكثير منهم اليوم مصدوم بالواقع المرير، الذي وصل اليه العراق، وخاصة
في مدينة الفلوجة، التي خسرت أمريكا في معاركها الطاحنة العشرات من جنود المارينز وجرح
المئات منهم".
وتضيف بارللو أن "اسم الفلوجة يؤثر
كثيراً في النفسية الأميركية. وحرب الشوارع، التي جرت من منزل إلى آخر في المدينة
- بشكل وحشي - عزز مكانتها في التاريخ العسكري الأمريكي".
أما قناص الكشفية السابق (ايرل جي كاتاجنس)
الذي قاتل ونزف في تلك المدينة القديمة على ضفاف نهر الفرات والآن هو مؤرخ عسكري "
لقد استحوذت المعركة على أهمية كبيرة جداً - مبالغ فيها - في العقل الأمريكي".
بينما يقول الرقيب، الذي ترك الجيش في عام
2006، وهو الآن أستاذ مساعد في التاريخ في أكاديمية وادي فورج العسكرية، وكلية في واين
بولاية بنسلفانيا "بالنسبة للجيل الجديد، لأن الجميع يذكر هذه المعركة دائماً
على أنها المعركة، التي جعلت من الجندي محارباً حقيقياً فنكون قد رفعنا تلك المعركة
لمثل هذه المعايير العالية.. أما بالنسبة لنا - نحن الأميركيين - فأنها قد تحولت إلى
قضية خاسرة، مثل (متلازمة حرب فيتنام)".
وبعد أن تحمل أهالي الفلوجة الظلم
والاستهتار الأمريكي نلاحظ أن المأساة تعود مجدداً لقتل وتدمير أهالي، هذه المدينة
الصامدة، لكن هذه المرة القوات المهاجمة هي قوات حكومة رئيس الحكومة الحالية في
العراق نوري المالكي، التي تعمل على ضرب
المدنيين العزل في المدينة؛ من أجل فرض "هيبة الدولة"، التي انتهكت بسبب
صمود أبناء العشائر في الأنبار، وحكومة المالكي- حتى الساعة- لم تحكم العقل
والمنطق، بل راحت تجيش الجيش الحكومي؛ من أجل معركة فاشلة انطلقت بداية العام
الحالي، وحتى الساعة.
الفلوجة تعاني
اليوم من كوراث انسانية بسبب ضربات قوات المالكي، وحصاره المفروض على كافة مداخل
ومخارج المدينة، مما تسبب بحالة من المعاناة الانسانية.
وفي آخر إحصائيات
مستشفى الفلوجة العام، ونشرتها العديد من الوكالات العربية والمحلية فقد "بلغ
عدد قتلى المدينة (609) مواطناً منذ اندلاع الحراك المناهض للمالكي، بينما تسبب القصف
العشوائي ببراميل الموت بجرح (2068) جريحاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، وتسببت
في أضرار لأكثر من 170 مسجداً، من أصل (550) مسجداً في المدينة".
وأعلن مركز الفلوجة
للدراسات الاستراتيجية " عن تدمير أكثر من (200) منزلاً بشكل كلي، وأكثر من (400)
منزلاً بصورة جزئية، بالإضافة الى نحو (250) محلاً تجارياً و(15) دائرة حكومية، ومحطة
طاقة كهربائية وثلاث محطات مياه ومعمل للطحين وآخر للغاز".
وهكذا تستمر
معركة حكومة المالكي ضد الفلوجيين، في مشهد يؤكد تماماً دموية نظام المنطقة الخضراء،
الذي سفك الدماء، وانتهك الأعراض، والحرمات، وهذا تماماً ما يفعله النظام الصهيوني
في غزة الآن.
تحية لغزة،
التي علمت الدنيا دروساً في التضحية والفداء، وصدق الشاعر الذي قال:
(يا تلاميذ غزة
علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا
علمونا بأن نكون
رجالا فلدينا الرجال صاروا عجينا
يا تلاميذ غزة لا
تبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا
إضربوا إضربوا بكل
قواكم واحزموا أمركم ولا تسألونا
نحن أهل الحساب
والجمع والطرح فخوضوا حروبكم واتركونا
إننا الهاربون من
خدمه الجيش فهاتوا حبالكم واشنقونا
نحن موتى لا يملكون
ضريحا ويتامى لا يملكون عيونا
الى أن يقول:
ولن يتورع اليهود
عن فعل الأفاعيل المشروعة وغير المشروعة فينا
طالما أننا صامتون
لا قوة لنا، فقط نشجب أحياناً ونصمت حينا
وبعد أن فقدتم الأمل
في نصرنا لكم.. قدموا لله شكوى فينا
و لكن لا يفوتكم
أن الله بالمرصاد وسينصركم على أعدائكم
وسيرفعكم عاليا
فوقهم وفوقينا
وسوف يسألنا رب
العباد.. ماذا فعلتم لتلاميذ غزة وأهلهم وأهل
فلسطين وقت أن كانوا
لكم متوسلينا ؟؟
ولن نجد لدينا جوابا
وسنقف بين يدي الله يومئذ أذلة.. صاغرينا).
صبراً يا غزة،
صبراً يا فلوجة، فإن النصر صبر ساعة، ونحن قاب قوسين، أو أدنى منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق