محمد عياش الكبيسي
يستند المشروع الإيراني إلى مجموعة من المقولات المركبة والمعقدة، حيث يمتزج التعصب الديني الطائفي بالنزعة القومية العنصرية، كما تمتزج الرغبة بنشر التشيع الصفوي وهو ما أطلقوا عليه «تصدير الثورة» بالرغبة الثأرية الانتقامية من كل الأعداء التاريخيين من أحفاد الراشدين والأمويين والعباسيين والعثمانيين، إلى الوهابيين والبعثيين والصداميين!!
وحينما يعبر الإيرانيون عن كل هذه المقولات في مواقفهم السياسية وخطاباتهم التعبوية فإنهم يقعون في حالة من التناقض تستعصي على الفهم حتى من حلفائهم وأصدقائهم، فهم مثلا يكفرون البعثيين العراقيين إلى حد «الاجتثاث» لكنهم يتحالفون مع البعثيين السوريين إلى حد التبني، كما أنهم يدعمون المقاومة الفلسطينية و «اللبنانية» في مواجهة المشروع الصهيوني الأميركي بيد أنهم في العراق يدعمون المشروع الصهيوني-الأميركي في مواجهة المقاومة العراقية!!
في الانفتاح على كل الديانات الأخرى يستندون إلى مقولة «إن لم يكن أخا لك في الدين فنظير لك في الخلق» وفي استئصال السنة ومحاربة العرب يستندون إلى مقولة «يا لثارات الحسين».
نظريتهم في الحكم تستند إلى مقولة «الإمام المعصوم» فالإمامة منصب إلهي كالنبوة، وعليه فإن خلافة أبي بكر وعمر كانت باطلة وغير شرعية؛ لأنها كانت بالشورى وليست بالنص، وأن النص قد حصر الإمامة في الأئمة الاثني عشر المعصومين، لكنهم اليوم يمنحون الشرعية الكاملة لأحمدي نجاد في إيران والمالكي في العراق وبشار في سوريا!!
لقد اتضح أن هذه المقولات لا تمثل قيما دينية حقيقية بقدر ما تمثل مرتكزات سياسية وأدوات تضمن لهم التحكم في عواطف الجماهير ودفعها باتجاه الأهداف المرسومة وفق فلسفة أخرى لم يحن الوقت بعد لطرحها والتبشير بها.
مع كل هذا التعقيد والضبابية أو الباطنية فإن المشروع الإيراني حقق قدرا كبيرا من التقدم وقد لا يكون هذا بإمكانياته الذاتية المجردة بل بمجموعة من الفرص التي أتيحت له ولم تتح لغيره ومنها:
أولا: تبني المقاومة الفلسطينية في وقت تخلي العرب عنها، وكان هذا وفق سياسة مدروسة، فلم يجد الفلسطينيون من يستضيف مكاتبهم السياسية إلا بشار في سوريا وحسن نصر الله في لبنان!!
وكانت هذه خطيئة عربية كبيرة زادت من حنق الشارع العربي على حكوماته وبالمقدار نفسه زاد من تقبله للمشروع الإيراني.
ثانيا: تحالف الإيرانيين مع المشروع الصهيوني-الأميركي في العراق، الذي كان يهدف إلى تدمير الدولة العراقية بكل مؤسساتها، ومن ثم عزل العراق كليا عن عمقه العربي، ساعد في هذا قدرة الإيرانيين على التحكم بالطائفة الشيعية في العراق من خلال المرجعيات الدينية والسياسية، وقدرتهم على التنسيق مع الكرد بدافع العداء المشترك لصدام.
ثانيا: تحالف الإيرانيين مع المشروع الصهيوني-الأميركي في العراق، الذي كان يهدف إلى تدمير الدولة العراقية بكل مؤسساتها، ومن ثم عزل العراق كليا عن عمقه العربي، ساعد في هذا قدرة الإيرانيين على التحكم بالطائفة الشيعية في العراق من خلال المرجعيات الدينية والسياسية، وقدرتهم على التنسيق مع الكرد بدافع العداء المشترك لصدام.
ولا شك أن الجمع بين الفرصتين الأولى والثانية بكل تفاصيلهما وتعقيداتهما يمثل قدرة فائقة على بناء النظريات المركبة، وربما يمثل في المقابل عجزا عربيا في فهم مثل هذه النظريات وتحليلها، حتى اختصر أحد المثقفين العرب المشهورين كل المشكلة بجملة واحدة (لقد أخطأت إيران في العراق، وأصابت في فلسطين) هذه الطريقة البدائية في التحليل ربما كانت فرصة أخرى لتمدد المشروع الإيراني.
اليوم تغيرت الصورة وبشكل سريع وغير متوقع، وبات المشروع الإيراني يفقد الكثير من مكتسباته، ولا شك أن الثورة السورية هي التي رسمت النقطة المفصلية لتحول الخط البياني لهذا المشروع من الصعود إلى النزول، ومن التمدد إلى الانكفاء.
لقد كان بإمكان القيادة الإيرانية أن تحقق كل ما يجول في ذهنها من طموحات وأهداف، وبكلفة أقل بكثير مما بذلته لحد الآن، فقد كان يكفيها أن تستخدم الموارد الضخمة والمتنوعة للدولة التي لا تقاس بها موارد أية دولة أخرى في المنطقة لبناء نموذج مقنع يلبي احتياجات المواطن الإيراني أولا ثم يدعو الدول المحيطة والقريبة لصناعة نوع من الاستقرار الأمني والسياسي يسهم في تحويل المنطقة إلى صورة أفضل بكثير من الصورة المأساوية والمخجلة التي تعيشها اليوم.
لقد كان بإمكان القيادة الإيرانية أن تحقق كل ما يجول في ذهنها من طموحات وأهداف، وبكلفة أقل بكثير مما بذلته لحد الآن، فقد كان يكفيها أن تستخدم الموارد الضخمة والمتنوعة للدولة التي لا تقاس بها موارد أية دولة أخرى في المنطقة لبناء نموذج مقنع يلبي احتياجات المواطن الإيراني أولا ثم يدعو الدول المحيطة والقريبة لصناعة نوع من الاستقرار الأمني والسياسي يسهم في تحويل المنطقة إلى صورة أفضل بكثير من الصورة المأساوية والمخجلة التي تعيشها اليوم.
إن الموارد الطبيعية الإيرانية أكبر بكثير من الموارد الطبيعية لتركيا، لكن إيران سخرت جل مواردها في مشروعها التوسعي «تصدير الثورة»، وراحت تغدق ثروات الشعب الإيراني على أدواتها التوسعية كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والمليشيات الطائفية في العراق وبعض الحركات القلقة والمضطربة في الخليج والشمال الإفريقي، وكل هذا التبذير للموارد الإيرانية لم يجن منه الإيرانيون سوى الكم الهائل من العداوات حتى بات الإيرانيون يشعرون وكأنهم يصنعون من حولهم وبأموالهم بحرا لا حدود له من الكراهية، حتى باتت إيران تنافس إسرائيل في عزلتها السياسية والثقافية، بل إن الكثير من العراقيين والسوريين واللبنانيين وربما كل الجزيرة والخليج العربي يشعرون بالخوف والقلق من إيران أكثر بكثير من إسرائيل.
هذه الكراهية اشترتها القيادة الإيرانية بثمن باهظ مما كان له انعكاسه على المستوى المعيشي والخدمي للمواطن الإيراني، حتى أصبح الإيرانيون يخرجون للبحث عن العمل في الدول المجاورة وبأبخس الأجور، وقد كانوا ينتظرون من «الدولة الإسلامية» السائرة على خط «الأئمة المعصومين»أن تحقق لهم قدرا من الكرامة الآدمية والحلول المناسبة للمعاناة اليومية، وقد كنت أقول لبعض الكفاءات الشيعية وهم يقدمون أوراق العمل أو اللجوء لأوروبا أو أميركيا:ماذا يعني أنكم تفضلون هذه الدول «الكافرة» على «جمهورية إيران الإسلامية»؟ وكم تحتاج التجربة الثورية من الوقت لتنفيذ وعودها وقد مضى عليها أكثر من ثلاثين سنة؟!ثم كم سيحتاج حزب الدعوة من الوقت لبناء العراق الجديد وهو يحاول أن يستنسخ التجربة الإيرانية؟
على النقيض من هذه التجربة كانت التجربة التركية، حيث ركزت حكومة العدالة والتنمية على تطوير البنى التحتية للدولة وتوفير كل مستلزمات التنمية الذاتية، حتى حققت قفزاتها التي أذهلت جميع المراقبين والمحللين، وقد عايشت جانبا من الانتخابات الأخيرة فوجدت الفئات المختلفة للشعب التركي تتفق على دعم العدالة والتنمية حتى من قبل بعض العلمانيين وهم الخصوم التقليديون للعدالة والتنمية.
على الصعيد الخارجي لم تدفع تركيا فاتورة تذكر في مقابل صناعة المقبولية لسياساتها وعلاقاتها المتشعبة، واكتفت بصناعة النموذج الذي صار أداة للجذب وعنوانا للتأسي والاقتداء، كما نجحت الدبلوماسية التركية في إيجاد حالة من التوازن بين علاقاتها الأوروبية والغربية وكونها جزءا من الحلف الأطلسي وبين علاقاتها المشرقية مع العالم العربي والإسلامي.
إن إيران كانت تعتمد على الرشاوى السياسية الباهظة من أجل تحسين صورتها، ولكن سرعان ما انقلبت تلك الرشاوى إلى عبء أخلاقي وسياسي ثقيل، أما تركيا فقد رأت أن تحسين صورتها إقليميا وعالميا إنما يكون بقدرتها على صناعة النموذج الناجح لدولة العدالة والتنمية، وقد كان الفارق بين السياستين أشبه بالفارق بين من يعمل بإخلاص وبين من يعمل سمعة ورياء، وإذا كان الإسلام يعلمنا «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وأن الرياء محبط للعمل، فلا شك أن خطورة الرياء في إحباط العمل على مستوى الدولة سيكون أكبر بكثير من إحباط العمل على مستوى الأفراد.
إن القيادة الإيرانية مدعوة اليوم لتقديم كشف حساب لشعبها عن كل تلك الميزانيات الضخمة التي أنفقتها خلال أكثر من ثلاثين سنة على مغامرات خارجية غير محسوبة وغير مدروسة، وكان ذلك كله من قوت الفقراء والمحرومين.
ليس ذلك فقط، بل هناك فاتورة أخرى تتحملها الطائفة الشيعية أينما كانت وهي فاتورة أخلاقية، حيث وقف الممثل الأعلى للطائفة وهو الولي الفقيه ليدعم كل جرائم الأسد في سوريا والمالكي في العراق، ويمنحها الغطاء الشرعي، وهي جرائم تنتهك كل القيم الدينية والإنسانية، فلمصلحة من تربط الطائفة الشيعية مصيرها وسمعتها بمصير بشار والمالكي وسمعتهما؟
ليس ذلك فقط، بل هناك فاتورة أخرى تتحملها الطائفة الشيعية أينما كانت وهي فاتورة أخلاقية، حيث وقف الممثل الأعلى للطائفة وهو الولي الفقيه ليدعم كل جرائم الأسد في سوريا والمالكي في العراق، ويمنحها الغطاء الشرعي، وهي جرائم تنتهك كل القيم الدينية والإنسانية، فلمصلحة من تربط الطائفة الشيعية مصيرها وسمعتها بمصير بشار والمالكي وسمعتهما؟
إن الشيعة كطائفة، وإيران كدولة وشعب وتاريخ، هم أولى بصناعة الربيع الذي يخلصهم من هذه الأعباء الثقيلة سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
هناك 7 تعليقات:
تحليل متميز لاطماع ودور إيران في الوطن العربي. ولكن في رأيي انه لا يجب ان يكون النموذج التركي قدوة لنا او مرجعية. تركيا ليست بعيدة عن ايران في استهدافها للامة العربية لولا الاختلاف المذهبي.
صدق القائد الشهيد صدام حسين حينما قال ما معناه: ملعون ابو ايران لا بو تركيا. كلهم سوا لولا بعض الاعتبارات المعينة.
اخي ابن العروبة
شكرا لاهتمامك ومتابعتك
تركيا بلد مهم في الجوار العربي، وبالتأكيد لديها مشروعها الوطني والاقليمي، كما ايران، ولكن مايميز ايران انها تريد ان تنهيك او تمسخك، وهذا واضح في عملائها، اما تركيا فهي تقبل بك ولكنها تريد ان يمضي مشروعها بنجاح.
تركيا التي تحدث عنها الشهيد صدام حسين، ليست تركيا الحالية، هناك فرق شاسع بين الحالتين..
ومن هنا يجب ان نفهم الدور التركي وكيفية التعامل معه.
ثم لماذا لا تكون التجربة التركية الاردوغانية نموذجا لنا؟
قد يكون لنا اعتراض او اكثر على سياستها الخارجية، ولكن سياستها الداخلية ناجحة بامتياز، ولعل نظرة مقارنة على ماقبل 10 سنوات والوضع الحالي تكشف ذلك النجاح المتميز..
تقبل تحياتي وتقديري
اخي العزيز الاستاذ مصطفى
لعل كلمتي كانت مقتضبة فلم اسهب في شرح ما اعنيه. ادرك ان هناك تحولا في مواقف تركيا تجاه بعض القضايا العربية. وربما يكون من الظلم مساواتها بايران. ولكن الامم عادة لا تغير جلدها على المدى البعيد بمجيء حاكم او ذهاب حاكم. وستبقى تركيا تشكل خطرا على الامة العربية باختيار أهلها وليس باختيار العرب. اما سياستها ونهجها الداخلي فذاك امر لا يهمني. كما اني لا ارى عيبا في الاستفادة من اي نموذج جيد حتى ولو كان عند الاعداء.
مشكلتنا ان بعض مثقفينا واكثرهم من ذوي الاصول غير العربية يعتبرون ان العرب قصر وانه لابد ان تعود تركيا لتحكمنا لكي تعود في نظرهم امجاد الاسلام. ولا اريد ان ادخل في التاريخ لكي نعرف من هي تركيا.
وهناك منا من يعتبرها حامي السنة في العالم فيقسم العرب الى فسطاطين يتقدم فيها الانتماء الطائفي على الانتماء القومي.
ولكن ماذا نريد من تركيا اليوم؟
هي ما زالت تحتل لواء الاسكندرون العربي السوري وعيب على كل من تجري دماء عربية في عروقه ان يقبل بهذا. هذا اولا، وثانيا فانها كانت وما زالت تقيم السدود على نهري الفرات ودجلة بشكل مخالف لكل القوانين الدولية لتجفيف النهرين اللذين تعتمد عليهما الحياة في العراق وسوريا.
هل تقادم الزمن يلغي حق العرب في ارضهم سواء كانت في الاحواز او لواء الاسكندرون؟ وهل يمكن ان تعتبر من يحتل ارضك صديقا؟ انا على استعداد ان اعتبر تركيا دولة صديقة وغير معادية اذا اعادت للعرب ارضهم وماءهم.
وتقبل اخلص تحياتي.
عزيزي ابن العروبة
قلت لك ان هناك اعتراضا او اكثر على سياسات تركيا الحالية الخارجية، وركزت في كلامي على نجاح التجربة الداخلية.
لا اتفق مع من يقول بضرورة ان تحكم تركيا العرب، فهذا غير امر غير مقبول.
القضايا الاخرى التي ذكرتها تحتاج الى طريقة معالجة افضل من الجانبين.
تحياتي
بصراحة اؤيد بشدة رأي الاخ ابن العروبة ,لكني أرى تركيا مساوية لايران ,صحيح كما قلت,الشهيد صدام قال حرفيا( اثنينهم ملاعين تركيا مثل ايران ناقصا اشياء معروفة محددة) اظنه قصد المذهب وهو محق في هذا, اما عدا ذلك فلا يوجد فرق بين تركيا العثمانية وايران الصفوية كلاهما وجهين لعملة واحدة.
و بالاضافة لما ذكره الاخ ابن العروبة, فهي من اكبر المتاجرين بالقضية الفلسطينية ففي الوقت الذي يرسل فيه اسطول الحرية لفك الحصار عن غزة, ومسرحيتة الهزيلة في منتدى دافوس التي لاتنطلي الا على السذج, نجده يقيم افضل العلاقات مع اسرائيل, ويتيح سماء تركيا للمناورات العسكرية الاسرائلية.وعندما استدعت اسرائيل السفير التركي لتوبيخة واهانته في تلك الحادثة المعروفة لم ترد تركيا على ذلك رغم غضب الشعب.
كما ان تركيا ذنب لحلف الناتو الغني عن التعريف , ومازالت تستجدي الدخول في الاتحاد الاوروبي و اراقت ماء وجهها.
وفي الوقت الذي يدين فيه مذبحة حلبجة التي ينسبها زورا للنظام الوطني نجده يقمع الاكراد ويقصفهم بالطائرات ويطاردهم حتى خارج بلده.
هذا فيض من غيض , اما تركيا العثمانية فجرائمها معروفة في حق العرب ماديا و معنويا وهو استعمار و ليس خلافة,وهي سبب تخلف العرب لقرون عن الحضارة, بالاضافة لجرائمها بحق الارمن وشرق اوروبا.
وعتبي على الاخ مصطفى وهو الصحفي العروبي لان سياستها الخارجية معظمها ان لم نقل كلها مجللة بالسواد, اما سياستها الداخلية , بالنسبه لي ارى التجربة الماليزية افضل منها .
تحياتي للجميع.
أخي غير المعرف
السلام عليكم
اشكرك على وصفك لي بالصحفي العروبي، وهو وصف يشرفني فعلا، ولكن لا داعي للعتب.. بالنسبة لي اطلعت على جوانب من التجربة التركية فتحدثت عنها، ربما تكون الماليزية افضل، ولكنني لم اطلع عليها عيانا، كما انها بعيدة عن المشرق العربي لذلك لم أتحدث عنها.
تركيا ليست ذنبا للناتو، بالطبع انا ضد الناتو وسياساته كلها واهدافه كلها، ولكنها عضو في الحلف وهي الجيش الثاني بعد الأميركي في الناتو.
موضوع الانتماء للاتحاد الاوروبي هناك مستجدات حقيقية، فتركيا لاتخفي رغبتها بذلك، ولكنها ليست مستعجلة او متلهفة كما كان الحال قبل أكثر من 10 سنوات.
في دافوس لم أكن معهم ولذلك لا علم لي بأنها مسرحية ام غضب حقيقي.
وبالنسبة للمناورات العسكرية مع العدو الصهيوني فأعتقد ان العلاقات العسكرية متوقفة تماما بعد حادثة السفينة مرمرة الزرقاء والعدوان على غزة.
وفي كل الاحوال يجب ان نفهم ان تركيا دولة، ودولة كبرى في الاقليم ولها مشروعها وقد يتقاطع معنا ويضرنا احيانا، لكن ليس بالضرورة يعادينا دائما كما المشروع الفارسي ولا اقول الايراني، المختلف جوهريا معنا.
باعتقادي تركيا ومشروعها يمكن التعامل معه، كما التعامل مع الصابونة، قد نخفف من اندفاعها اذا كان لنا مشروعنا الوطني والقومي والانساني، ولكن المشكلة في المشروع الفارسي مختلفة تماما، والذي كما وصفته يريد أن يبيدك او يمسخك.
هناك حقيقة مهمة هي ان تركيا تتقدم بمشروعها لأن الدول الكبرى في المنطقة، العراق، مصر، السعودية، سوريا، لم يعد لها مشروع مؤثر، ماجعل أنقرة تبدو بأكبر من حجمها.
قصة الخلافة والاستعمار، اتفق معك فيها، فالدولة العثمانية اضرَّت كثرا بالدول التي احتلتها ولم تقدم لها شيئا يذكر، وتصرفت كمحتل، وهذا شأن الامبراطوريات التي تتضخم بأكثر من قدرات اندفاعها الذاتية.
تقل احترامي..
اخي العزيز مصطفى
السلام عليكم
شكرا لك على اهتمامك و ردك, اتفق معك في معظم ما ذكرت , خاصة فيما يتعلق بغياب مشروع عربي مؤثر, مما جعلهم مطوقين بمشاريع فارسية وتركية وصهيونية كل منهم يريد تحقيق مكاسبه في المنطقة, قد يكون المشروع التركي اقلها خطورة خاصة انها لا تحمل مشروعا دينيا.
لكن ما يقلقني فعلا هو انبهار العرب بتركيا الاخوانية, وتلميع صورتها, واعتبارهم اردوغان بطل اسلامي جدير بقيادة العرب. و كأن العرب بحاجة لاوصياء لحكمهم, رغم انهم الاكثر ثقلا في المنطقة من جميع النواحي, و لدينا ماضي مجيد نستلهم منه مشروعنا من عصر النبوة الى العصر االعباسي الاول عندما سدنا العالم .
و اتمنى ان لايكون ذلك مرده لخلل في الشخصية العربية التي اعتادت الاحتلالات المختلفة (فارسي,روماني,حبشي,تركي,اوروبي, امريكي)
اعتقد مشروع القائد صدام حسين لو قدر له الاستمرار دون محاربة الخارج هو النموذج الافضل لنا كعرب,لأنه اراد لنا
الندية مع الدول الكبرى وأن نعيش كسادة وليس عبيد رحمه الله .
تعقيب اخير عندما قلت ات تركيا ذنب في حلف الناتو قصدت انها تابعة وليست متبوعة فيما يخص سياسات الحلف وليس من حيث القوة العسكرية, ومن العار عليها كدولة اسلامية الانتماء له.
شكرا لك مره اخرى وتقبل فائق احترامي.
إرسال تعليق