ملاحظة
تمهيدية من الناشر:
مع ورود
نبأ عن مصرع أحد قادة حزب الله اللبناني الارهابي في مدينة سامراء بالعراق، المدعو
ابراهيم الحاج، واسمه الحركي الحاج سلمان، والذي ننشر صورته على يسار هذه السطور، برزت
الحاجة إلى نشر هذا المقال.
المحرر
......
«حزب الله» اللبناني في العراق: القليل من المساعدة قد تنفع كثيراً
وجهات
نظر
ماثيو
ليفيت و نداف بولاك *
في أعقاب
سيطرة المقاتلين السنة من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [«داعش»] على
مدينة الموصل قبل أسبوعين وتصويب أنظارهم على العاصمة العراقية بغداد، عرض زعيم
«حزب الله» اللبناني السيد حسن نصر الله إرسال مقاتلين إلى العراق للمساعدة في
مواجهة المدّ الجهادي. وكانت قوات الحزب الشيعي اللبناني قد انتشرت في سوريا
بأعداد كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية، محدثةً فارقاً كبيراً في معركة
نظام الأسد من أجل البقاء. ولكن في حالة العراق، سيكتفي «حزب الله» على الأرجح
بإيفاد أعداد قليلة من المدربين ومنفّذي العمليات الخاصة. ومع ذلك، سيكون لأيّ
انتشار، وإن كان متواضعاً، لقوات الحزب اللبناني في العراق أثراً كبيراً، نظراً
إلى عمليات الحزب الخاصة وأنشطته التدريبية في البلاد سابقاً وعلاقاته الوثيقة مع
«فيلق القدس» الإيراني النخبوي.
نوايا
وقدرات
في 17
حزيران/يونيو، أعلن السيد حسن نصر الله: " نحن مستعدون أن نقدم شهداء في
العراق خمس مرات على ما قد قدمنا بسوريا فداءً للمقدسات"، مشيراً إلى أنّ
المقدسات العراقية "أهم بكثير" من المقدسات الشيعية في سوريا. ويقيناً،
استثمر «حزب الله» الكثير من قواته في حرب سوريا، وربما يزيد من وجوده في البلاد
في الوقت الذي يغادر فيه شيعة العراق للدفاع عن وطنهم ضد تنظيم «الدولة الإسلامية
في العراق والشام». ومع ذلك، يمكن أن يسهم الحزب إسهاماً كبيراً في الهجوم الشيعي
المضاد في العراق دون أن يُضطرّ إلى إعادة توجيه العديد من عناصره أو موارده
المتواجدة في سوريا.
وخلال الحرب
الأخيرة في العراق، لجأ «حزب الله» على نحو فعّال إلى استخدام عدد محدود من أفراد
العمليات الخاصة لتدريب عناصر الميليشيات الشيعية العراقية ودعم العمليات الخاصة
المتفرقة التي استهدفت قوّات التحالف. وقد خلُص تقرير وضعته الحكومة الأسترالية
عام 2009 إلى أنّ "«حزب الله» قد أنشأ في العراق قدرات متمرّدةً شاركت في
عمليات اغتيال وخطف وتفجير. وقد تمّ إنشاء وحدات «حزب الله» بتشجيع وموارد من قبل
«كتائب القدس» التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري» الإيراني". وسوف يطلب «فيلق
القدس» على الأرجح مبادرةً مماثلة من الحزب حالياً لمساعدة الحكومة العراقية
بزعامة الشيعة، الأمر الذي يحوّل هذه القدرات ضدّ «داعش» إلى فوائد بعيدة الأثر
على الميليشيات الشيعية العراقية كما يحتمل.
النشاط
السابق في العراق
ابتداءً من
عام 2003، طلب «فيلق القدس» الإيراني خدمات «حزب الله» للمساعدة على زيادة نفوذ
طهران في العراق. وتحقيقاً لهذه الغاية، أنشأ «حزب الله» الوحدة 3800، التي كان
الغرض الوحيد منها دعم الجماعات المسلحة الشيعية العراقية في استهداف القوات
المتعددة الجنسيات المتمركزة في البلاد. وتشير الاستخبارات الأمريكية إلى أنّ
الوحدة 3800 أرسلت عدداً صغيراً من العناصر إلى العراق لتدريب مئات المقاتلين في
البلاد، في حين تمّ جلب مقاتلين آخرين إلى لبنان لمتابعة تدريب أكثر تقدماً. وقدّم
«حزب الله» أيضاً الأموال والأسلحة للميليشيات العراقية، ولكن كانت مساهمته الأكثر
خطورة في مجال العمليات الخاصة. ووفقاً لتقرير لوزارة الدفاع الأمريكية من عام
2010، قدّم الحزب اللبناني لهذه الميليشيات "التدريب والتكتيكات والتكنولوجيا
لإجراء عمليات الخطف [و] عمليات الوحدات الصغيرة التكتيكية" وشملت التدريبات
المقدمة من «حزب الله» أيضاً "استخدام العبوات الناسفة اليدوية الصنع
المتطورة، مطبّقاً الدروس المستفادة من عملياته في جنوب لبنان."
وقد يكون
الهجوم على "مركز التنسيق المشترك" في مدينة كربلاء في 20 كانون
الثاني/يناير 2007، والذي أسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين، أبرز مثال على مساعدة
هذا التدريب للميليشيات. وكانت تلك العملية التي نفّذت بشكل جيّد منظّمة تمام
التنظيم بمساعدة «فيلق القدس» و «حزب الله»، كما تبيّن لاحقاً إثر اعتقال علي موسى
دقدوق، أحد أبرز مدرّبي «حزب الله» في العراق. وكان دقدوق يشارك بكثافة في تدريب
وحدات تكتيكية من الشيعة العراقيين، حتى أنه شارك في بعض العمليات التي نفّذتها
هذه الوحدات بنفسه. كما كان مسؤولاً عن التخطيط لعمليات أخرى، مثل عملية الاختطاف
الفاشلة لجندي بريطاني، كما أعطى الذين درّبهم تعليمات محددة بشأن استخدام العبوات
الناسفة اليدوية الصنع. وعلاوةً على ذلك، تعامل مباشرة أثناء فترة عمله في العراق
مع «فيلق القدس» في بعض المناسبات، وهذا دليل إضافي على مستوى التنسيق الكبير بين
«حزب الله» والإيرانيين بشأن العراق.
الوضع
الراهن
منذ انسحاب
القوات الأمريكية والقوات المتعددة الجنسيات من العراق، تمّ وضع الوحدة 3800 للعمل
في أماكن أخرى في المنطقة، وفي اليمن بشكلٍ رئيسي. وقد ساعد أفراد «حزب الله»
و«فيلق القدس» الحوثيين، وهي جماعة مسلحة من الطائفة الزيدية الشيعية، لمحاربة
الحكومة. وتشير التقارير الواردة من وزارة الخزانة الأمريكية وصحيفة
"نيويورك تايمز" إلى أنّ عناصر «حزب الله» و«فيلق القدس» قاموا
بتنسيق عملياتهم في اليمن، إذ كان «حزب الله» مسؤولاً عن تحويل الأموال وتدريب
المسلحين الشيعة، بينما كان «فيلق القدس» مسؤولاً عن نقل أسلحة متطورة مثل الصواريخ
المضادة للطائرات. وقد كشفت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن هذه الأنشطة، الأمر
الذي دفع بالمستشار السابق لشؤون مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض جون برينان إلى
القول في تشرين الثاني/أكتوبر 2012: "لقد رأينا «حزب الله» يقوم بتدريب
المسلحين في اليمن وسوريا." وعزّز مدير "الاستخبارات الوطنية" جيمس
كلابر هذه النقطة في تقرير "تقييم التهديد في جميع أنحاء العالم" لشهر
كانون الثاني/يناير 2014، مشيراً إلى أنّ "إيران ستواصل تقديم الأسلحة وغيرها
من المساعدات للجماعات الفلسطينية، و [الحوثيين] المتمردين في اليمن، والمتشددين
الشيعة في البحرين، لتوسيع رقعة النفوذ الإيراني ومواجهة التهديدات الخارجية
المتصوّرة."
وإلى جانب
تفرّعها إلى اليمن، تلقت الوحدة 3800 المزيد من التعزيز لقدراتها وهيبتها في العام
2012، عندما تم تعيين الحاج خليل حرب، وهو قائد في «حزب الله» منذ فترة طويلة
ومستشار مقرب للسيد حسن نصر الله، لقيادتها. والحاج خليل عميل ذو خبرة، وقد شغل
مناصب رئيسية عدة، وخاصة في مجال العمل مع منظمات إرهابية أخرى والإشراف على
العمليات الخاصة. وقد شغل منصب نائب قائد الوحدة العسكرية المركزية لـ «حزب الله»
في جنوب لبنان في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حيث اكتسب خبرته الكبيرة الأولى
في مجال العمليات الخاصة ضد القوات الإسرائيلية. وتولى في وقت لاحق قيادة الوحدة
1800، التابعة لـ «حزب الله» ومكرّسة لمساندة الجماعات الإرهابية الفلسطينية
العاملة في "دول الطوق" المحيطة بإسرائيل والقيام بعمليات تسلّل أفراد
إلى الأراضي الإسرائيلية للقيام بهجمات إرهابية وجمع المعلومات الاستخبارية. ووفقاً
لوزارة الخزانة الأمريكية، سافر حرب أيضاً إلى إيران مرات عدة بحكم دوره كمنسّق
بين «حزب الله» والفلسطينيين وطهران. وبعد أن وقفت الاستخبارات الأمريكية على دوره
في اليمن واتّضح لها ذلك، فرضت الوكالة عقوبات عليه في آب/أغسطس 2013 بسبب تاريخ
أعماله الطويل.
ولا شكّ أنّ
تعيين حرب لقيادة الوحدة 3800 كان منطقياً إلى حدّ كبير بالنسبة إلى قادة «حزب
الله»، نظراً لخبرته في العمل مع منظمات إرهابية أخرى وعلاقاته الوثيقة مع
الإيرانيين وخبرته في العمليات الخاصة والتدريب. ومن المرجّح أن تكون الوحدة قد
استفادت من قيادته وطوّرت قدراتها منذ ذلك الحين. ومن المنطقي أيضاً أن يتمّ نشر
عناصر هذه الوحدة في العراق، نظراً لأن حرب كان المستشار السابق لحسن نصر الله،
الذي يُفترض أنه يريد قائد ذو خبرة يكون مسؤولاً عن مثل هذه المنطقة الهامة.
الخلاصة
تتطلب الحرب
في سوريا التزاماً كبيراً من «حزب الله» من ناحية الأفراد والأسلحة، وقد فقد
الكثيرون من مقاتلي الجماعة حياتهم بالفعل من خلال مساعدتهم لنظام الأسد. ولكن
بالنظر إلى استعداده لتلبية دعوة إيران للمساعدة في سوريا، فإنّ «حزب الله» قد
يلبّي الدعوة للقتال في العراق أيضاً. وقد بدأ السيد حسن نصر الله بالفعل بتمهيد
الطريق لتبرير هذه المشاركة من خلال التذرع بنفس العذر الفارغ المتثمل بـ
"الدفاع عن الشيعة والأماكن المقدسة الشيعية."
وكما كان
عليه الوضع في الماضي، ليس من الضروري أن تشمل مساهمة «حزب الله» مئات المقاتلين،
بل عدداً محدوداً من المدربين ذوي الخبرة و"استشاريي" العمليات الخاصة.
وهذا النوع من المساهمات لا يرهق التنظيم وقد يسهّل تحقيق الميليشيات الشيعية
العراقية إنجازات واسعة النطاق.
* ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب
في معهد واشنطن. وأحدث كتبه هو "«حزب الله»: البصمة العالمية الواضحة لـ «حزب
الله» اللبناني".
* نداف بولاك هو مساعد أبحاث في المعهد.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق