موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 17 أبريل 2013

عشر سنوات على احتلال العراق: التداعيات والتأثيرات/ 1

مصطفى كامل
في اطار استذكار المآسي التي خلَّفتها جريمة احتلال العراق ومع حلول الذكرى العاشرة لهذه الجريمة، عقد المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، في العاصمة القطرية يومي 10 و 11 نيسان/ أبريل الجاري، مؤتمرًا علميًّا دوليًّا حضرته نخبةٌ رفيعة المستوى من  السياسيين والدبلوماسيين والأكاديميّين والباحثين، تحت عنوان (عشر سنوات على احتلال العراق: التداعيات والتأثيرات.(
وتوزعت أعمال المؤتمر على سبعة محاور، بعد أن تم اختصار أعماله إلى يومين بدلاً من ثلاثة، حيث كان جدول الأعمال يضم مشاركة لأياد علاوي، إلا انه تم تعديل جدول الأعمال في وقت لاحق ليتم حذف مشاركته نهائياً، بعد أن رفضت مجموعة من المشاركين الوطنيين العراقيين والأشقاء العرب والأصدقاء الأجانب حضور مؤتمر يلقي فيه أياد علاوي بحثاً، كونه واحداً من أبرز عملاء المحتلين، الذين يتلبَّسهم عار المشاركة في الدفع باتجاه قرار الغزو.


وقدَّم المساهمون أوراقهم، أعقبتها تداخلات وتساؤلات مهمة أغنت الأوراق وأضافت إليها مزيداً من الأفكار العميقة والمهمة.
وسعى المؤتمر إلى رصد التحوّلات الحقيقيّة التي أحدثها الغزو في بنية المجتمع العراقي وترويج معادلات التفتيت الطائفيّ والإثنيّ باعتبارها جزءاً من المخطط الاصلي للعدوان، وتحليل تداعيات هذا الغزو على معادلات التوازن الدوليّة والإقليميّة وعلى الصعد السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وقد كانت فرصة طيبة لكاتب هذه السطور لحضور هذا المؤتمر، للاطلاع على أوراقه والمشاركة في مداخلاته وفي الحوارات الغنية التي جرت على هامشه.
بشارة متحدثاً في المؤتمر
وألقى المدير العام للمركز، الدكتور عزمي بشارة، في افتتاح المؤتمر، كلمة أكّد فيها أنّ "العدوان الأنجلو- أميركي على العراق في عام 2003 حدثٌ مفصليّ غيَّر مجرى تاريخ المنطقة، وأثَّر في فهمنا للسياسة العالميّة ككلّ". ورأى أنّ "ما من حدثٍ أعاق تطوّر الديمقراطية في المشرق العربيّ كما أعاقها احتلال العراق".
وقال إن "من حقّنا أن نصف العدوان الأنكلو- أميركي على العراق في عام 2003، بعد حصارٍ تجويعيّ دام أكثر من عقد، بالحدث المفصليّ الذي غيَّر مجرى تاريخ المنطقة، وأثّر في فهمنا للسياسة العالميّة ككلّ."
وتحدث عن ""الخطاب السياسيّ والإعلاميّ الغربيّ الذي نشر الكذب لتعبئة الرّأي العامّ لدعم التدخّل العسكريّ في بلدٍ يبعد آلاف الأميال، بحججٍ هي افتراءاتٌ كاذبة تُعمي الرّأي العام عن الأسباب الحقيقيّة للغزو".
واشار الى انه ""جرى ترويج الكذب وما يتلوه من نقد الكذب، ويجري حاليًّا من دون أن يُحاسِب الإعلام نفسه، ومن دون أن يُحاسِب النظام السياسيّ السياسيّين الذين اقترفوا جرائمَ حرب قد تتكرّر مرّاتٍ أخرى في العالم."
وشدد على ان "من "حقّ المثقّفين والباحثين العرب أن يطرحوا سؤالين لا يخلو طرحهما من بعض الحدّة، أوّلًاهل كان الكذب سيهمّ أحدًا لو لم يقاوم الشعب العراقيّ الاحتلال، ولو نجحت المخطّطات التي أوهِم صنّاع القرار- أو أوهموا أنفسهم- بأنّها ستنجح؟ وقد كان وهْمهم تخيُّل ترحيبٍ شعبيّ عراقيّ بالجيوش الغازية، ودولةٍ سوف تقوم من تحت الركام بقيادة معارضة المنفى العراقيّة التي ساهمت في نشر الافتراءات، ثانيًاهل الجريمة هي الكذب على الرّأي العامّ في أميركا وأوروبا، أم الجريمة هي تدمير بلدٍ والعبث بمكوّناته الاجتماعيّة وكيانه الوطني ونسيجه الاجتماعي وتنصيب قيّمين للحفاظ على الدمار، وفرض دستورٍ يؤطّر الخراب على نحوٍ يصعّب استعادة لحمة الوطن في المستقبل القريب؟".
وتابع قائلاً "هناك تساؤل ثالث، لا يدخل طرحه في باب الحقّ بل الواجب، نطرحه على أنفسنا أمّةً وشعوبًا عربيّة، وهو: كيف لنا أن نطرح على الآخرين مسألة محاسبة من أجرموا في حقّ بلدٍ عربيّ شقيق هو العراق، ولا نسأل أنفسنا كيف يصول هؤلاء المجرمون أنفسهم في بلداننا ويجولون؟ فها هم يُستقبلون كما تُستقبل الشخصيات المرموقة، بل وتُدفع لهم مبالغ مقابل أن يُلقوا محاضراتٍ أمام من يَعدُّون أنفسهم نُخَبًا اقتصاديّة واجتماعيّة، ويرون أنَّ من المدنيّة التّرفع على فقراء شعوبهم وبسطائهم، ومن التحضّر أن يجلسوا مع من أجرموا في حقّ شعوبهم، مثل توني بلير، وجورج بوش، ودونالد رامسفيلد، ودنيس روس، وديك تشيني، وغيرهم. ومن سخرية التاريخ أن يُنصّب بعض مجرمي الحرب هؤلاء وسطاءَ سلامٍ بيننا وبين من يحتلّ أرضنا في فلسطين، وأن يعيَّن بلير مستشارًا لدى بعض الحكومات العربيّة. ومن المفارقات أنّ بلير هذا نفسه- الذي تطالب فئاتٌ مستنيرة في الرّأي العامّ الإنكليزيّ بمحاكمته في بريطانيا- هو مبعوث الرباعيّة الدوليّة، ويعيّن مستشارًا لحكومات عربيّة، ومنها حكومة ليبيا السّابقة، وكان بلير هذا قد اقترح على بوش أن تكون الحرب بعد أفغانستان على ليبيا وليس العراق!".
وأضاف "لقد حاولت الولايات المتّحدة بغزو العراق، أن تخرجَ من متلازمة فيتنام من جهة، وتحصد نتائج انهيار نظام القطبين ونشوء نظام القطب الواحد من جهةٍ أخرى، وذلك بضربةٍ واحدة تلتقي فيها مع الأجندات الإسرائيليّة وتجرّب فيها تكنولوجيّات عسكريّة جديدة تمكّنها من الوجود في مناطقَ مختلفة في العالم في الوقت ذاته وبعددٍ قليل من الجنود، كما يليق بالإمبراطوريات، وكما اعتقد رامسفيلد في البداية. وتتلخّص التكنولوجيات الجديدة التي يسمح بتطويرها أكبر اقتصاد في العالم وأكبر فجوة في الميزانيّة العسكريّة عرفها تاريخ الإمبراطوريات في التاريخ بين دولةٍ ومجمل الدّول الأخرى، بتقليل عدد الجنود المساهمين مباشرةً في الحرب والقدرة على نقلهم بسرعة من مكانٍ إلى آخر، مقرونة بقدرة تدميريّة هائلة عن بعد، تسمح بتقليل عدد ضحايا الدّولة المعتدية، وإن كان ثمن ذلك زيادة عدد ضحايا الشعب المعتدى عليه".
وتحدث عن نتيجة تلك الاستراتيجية قائلاً "أثبت العراقيّون والعرب أنّه لا يمكن تحقيق أحلام رامسفيلد باستعادة أيّامٍ سيطرت فيها فرقتان عسكريّتان بريطانيّتان على الهند كلّها طوال عقود".

جانب من حضور المؤتمر

وأضاف الدكتور بشارة "لقد اجتُرِحت أشكالٌ من المقاومة غير معروفة سابقًا، وتمثّلت في أساليب الحرب غير المتكافئة والتنظيم في جماعات صغيرة منتشرة يصعب ضرب رأسها أو تسلسلها القيادي، وحاولت المقاومة العراقيّة تجاوز الفجوة التكنولوجيّة بالعمل الغزير بالتضحيات، الذي يسمّيه البعض انتحاريًّا والبعض الآخر استشهاديًّا، بحسب وجهة النظر. كما كانت النتيجة نشوء متلازمة العراق بدل متلازمة فيتنام. وانتقلت هوليوود من إنتاج الأفلام عن الهند الصينيّة إلى إنتاج الأفلام عن العراق، وإلى الاستعانة بكلّ ما في المخزون الاستشراقي والاستعماري من صورٍ عنصريّة ضدّ المسلمين لرسم صورة المسلم العربيّ الإرهابيّ".
وبعد أن قدَّم الدكتور بشارة عرضاً مختصراً لتطور استراتيجية المحافظين الأميركيين ومع فشل المحافظين الجدد في مهمّة تغيير السياسات الأميركية، قال "بدأت مجموعة  المحافظين الجدد برفع شعار (الديمقراطية وبناء الأمة)، ومن هنا كان شعارهم هو تصدير الديمقراطية، ولكن ما من حدث أعاق تطور الديمقراطية في المشرق العربيّ كما أعاقها احتلال العراق. فقد نفَّر الشعوب من التغيير ومن الاصطفاف الطائفي الذي يتبعه، ومن فساد النخب المتحالفة مع المستعمرين، إلى درجة جعلت فئاتٍ واسعة في المشرق تنفر من التغيير وتخشاه".
وشدد على انه ""سنحتاج من ناحيتنا كعرب، إلى فترةٍ طويلة لتلخيص الأخطاء السياسيّة في صنع قرار احتلال العراق التي تقود إلى مواجهات خاسرة سلفًا، أو تمنع صانع القرار من تجنّب مثل تلك المواجهات".
وأكد أنّ ""الجريمة التي ارّتُكبت في حق الشعب العراقيّ والإنسانيّة عمومًا لم تُبحث بما فيه الكفاية، لا من حيث التوثيق والتأريخ وكشف الحقائق، ولا من حيث البنى والآليات. وهذه أمورٌ لا بدّ أن نتجاوز فيها الكثير الكثير من الكلام على وجاهته، وصولًا إلى البحث العلميّ المنهجيّ لإنتاج مصادر علميّة موثوقة للباحثين ولشعوبنا عن الجريمة الكبرى التي ارّتُكبت ولا تزال ترتكب في العراق، وما زالت جوانبُ كثيرةٌ منها مخفيّة. فذلك من واجبنا تجاه الشعب العراقي".
كما اشار الى ""زيف فكرة التضامن العربيّ عند الأنظمة العربيّة التي كانت قائمة عندما بدأ التحضير للعدوان على العراق، وأنّ هذه الأنظمة التي تتشدّق بالعروبة حين يحلو لها، وتهزأ من العروبة حين تشاء، تتآمر مع الولايات المتحدة مباشرة، وتتواطأ حتى مع إسرائيل إذا لزم ذلك، ضد دولةٍ عربيّةٍ شقيقة يتبادل زعماؤها مع زعمائها القبلات وعبارات التبجيل والتفخيم في مؤتمرات القمّة" وإلى أنّ ""الشعوب العربيّة ترفض الاحتلال الأجنبيّ لبلداننا، ومهما اشتد الخلاف في المواقف السياسيّة فإنّ الشعوب تختلف عن الأنظمة في مسألة الحساسيّة تجاه التضامن العربيّ، والاحتلال الأجنبيّ، وقضية فلسطين" وأنّ "استهداف الهويّة العربيّة لشعوبنا في المشرق العربيّ يُقصَد به ضرب التماسك الاجتماعيّ social cohesion لمجتمعاتنا ذات البنية الطائفيّة والإثنيّة المعقّدة، والمتفاعلة في وعاء الثّقافة واللغة العربيّتين".
ومع انه تحدث عن ""اقتراف الأنظمة القوميّة الكثير من السياسات الخاطئة تجاه أبناء أوطانهم من غير العرب الذين يرفضون الاندماج في العروبة قوميًّا" الا انه أكد على ان ""القضية لم تعد الاعتراف بحقوق غير العرب في المنطقة، وإنما أصبحت المشكلة هي عدم الاعتراف بوجود عرب منذ أن قرّر المستشرقون- سواء كانوا صهيونييّن أو متصهينين- أن يروا المنطقة من زاوية نظر إسرائيليّة واستعماريّة، إذ يفضّل، من زاوية النظر، هذه أن لا يكون العرب موجودين، وأن توجد في مقابل إسرائيل مجموعات من الطوائف والمذاهب والعشائر والإثنيات والجماعات غير المنظّمة".
وشدد الدكتور بشارة على أن "أفدحَ تواطؤٍ عربيّ مع الاستعمار والصهيونيّة، يكمن في التصرف كطوائف سياسيّة، وفي تسييس المذاهب".
وتابع قائلاً "لم تعد المشكلة الاعتراف بحقوق غير العرب، كالحقوق القوميّة للأكراد مثلًا، وإنما المشكلة هي الرّغبة في تفكيك الأغلبيّة العربيّة وتحويلها إلى طوائف لينشأ وضعٌ توجد فيه قوميّة واحدة، في كل بلد عربيّ، هي فقط القوميّة غير العربيّة، أمّا العرب بموجب هذا المنطق فليسوا قوميّة ولا شعبًا بل طوائف. ومن هنا أقيمت منطقةٌ ذات سماتٍ قوميّة في شمال العراق، أما في بقية العراق حيث تعيش الأغلبيّة العربيّة، فيقام نظامٌ طائفيّ لا يجري الحديث فيه عن غالبية سكان العراق الذين تجمعهم الهويّة العربيّة، وتجمعهم المواطنة المشتركة مع الأكراد، وإنما عمّا يفرّقهم من تسييس للتنوع الطائفيّ يثبّته دستورٌ طائفيّ يوضَع بوحيٍ من مستشارين أميركيّين. ويزيدهم فرقةً تدخل الدّول الخارجيّة التي تحتفظ لنفسها بسِمة "القوميّة" وتتعامل مع العرب كطوائف، يفترض أن تواليه، لينقسم العرب بين طوائف يفترض أن توالي دولةً خارجيّة مثل إيران، فيُرَدَّ على ذلك بموالاة البقية- التي لم ترَ نفسها كطائفة في يوم من الأيام- لتركيا، التي لا يُنظر إليها كما ترى هي نفسها دولةً قوميّة، وإنما يُنظَر إليها كدولة سنّية".
وتساءل: "إن لم تكن هذه محاولةً لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، فلا أدري كيف تبدو محاولةٌ كهذه؟".
وقال انه "ليس لديّ شكّ في أنّ محاولةً شبيهةً تجري في سوريّة" محذراً من انه "لا بدَّ من التصدّي لهذه المحاولة وتصحيح المسار إلى وضعه الطبيعيّ والعادي، وإلا فسوف لن يتوقّف الأمر عند سوريّة بل سيشمل المشرق العربيّ كله" معرباً عن امله في أن "تستفيد الثورة السوريّة من الدّرس العراقي الذي علَّمنا الكثير الكثير".
وشدد على أنّ ""أيّ نضال ضدّ تبعات العدوان على العراق يمرّ عبر التأكيد على المواطنة المشتركة المتساوية التي تتشكّل منها الوطنيّة والتي يقوم عليها رفضُ الولاء المذهبيّ للقوى الخارجيّة، والتأكيد على الهوية العربيّة لغالبيّة سكّان العراق العرب والتي تجمعُ العراق بمحيطه العربيّ، كما يمر عبر مكافحة النظام الطائفيّ وقبول التعدّدية المذهبيّة والطائفيّة في مجتمعاتنا في الوقت ذاته".

ملاحظة:  
يمكن الاطلاع على تسجيل كلمة الدكتور بشارة بالضغط هنا.

وللاطلاع على التسجيل الكامل لوقائع جلسات المؤتمر، يرجى الضغط هنا.

يتبع في حلقة ثانية رجاءً..


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..