علوان العبوسي
ما يجري اليوم في قضاء الحويجة جريمة منظَّمة مشهودة، تكاملت أركانها المادية والمعنوية بكل ما للكلمة من معنى، تخطيطاً وتنفيذاً، مع سبق الإصرار والترصّد بتوجيه حلفاء ايران والمحتل الامريكي الصهيوني، دون مراعاةٍ لقانون او دستور وحتى الاعراف الانسانية والاخلاقية، ان تقوم قوة منظمة من الجيش مدجَّجة بأحدث الاسلحة في قتل المعتصمين بإحدى ساحات الحويجة بعد حصار شامل وجائر استمر منذ 19 ولغاية 23/4/2013 مخلَّفة أكثر من 200 شهيد وجريح.
أرغب في هذه المناسبة تفنيد ادعاءات اعوان المحتل الامريكي البريطاني الصفوي من السياسيين والعسكريين... ولكي يكون رابطاً للموضوع فقد ارتأيت ايضاح جزء من المخطط الامريكي الايراني من اجل تدمير الانسان العراقي قبل تدمير البنى التحتية للبلد...
ففي مقابلة مع قادة الجيش العراق السابق (المنحل) اجرتها القوات الامريكية في كانون الاول 2003 اثناء البدء بتأسيس الجيش العراق الجديد، كما اطلق عليه آنذاك، كان السؤال الوحيد الذي سأله القائد الامريكي: لماذا الجيش العراقي السابق يقتل المواطنين العراقيين حتى بات مكروهاً منهم؟
طبعاً هذا السؤال بطبيعته استفزازي ولا معنى له خصوصاً للمطلوب منهم المساهمة بتشكيل الجيش الجديد ولماذا مثل هذه الاسئلة، ولكن كانت النوايا خبيثة ومبيتة سلفاً.
كان جواب معظم الحضور وهم برتب عالية: هذا غير صحيح وانما كان العكس فالعراقيين يكنون كل احترام لهذا الجيش قاتلو معه واستشهدوا في سبيل المبادئ السامية للدفاع عن تربة العراق. ثم يَلحق القائد الامريكي سؤاله بسؤال آخر: هل تعتقدون ان ماجرى في الثورة الشعبانية من قتل للعراقيين الشيعة هو مبدأ صحيح؟
كان جواب الحضور: يبدو لنا ان الاسئلة التي تسألها بعيدة عن المهنية وغرضك افشال هذه المقابلات ومع ذلك سنجيبك عن سؤالك، ان هؤلاء ممن تقول انهم من الشيعة لم يكونوا كذلك فالشيعة العراقيين العرب هم ابناء هذا الوطن ولكن هؤلاء ممن تقصدهم دخلوا العراق من ايران حسب علمكم باعداد كبيرة بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت وانتشروا في المحافظات الجنوبية، وقاموا بقتل الجنود والضباط المنسحبين وخربوا واحرقوا وسرقوا دوائر الدولة، ثم اسسوا محاكم عرفية واصدروا احكامهم بقتل العراقيين حتى لحق بهم الحرس الجمهوري وطيران الجيش وطاردهم وألقى القبض على نسبة كبيرة منهم واعتبرهم اسرى حرب وتمت السيطرة على الموقف بشكل نهائي ...هل هذا تسميه قتل الشيعة!!! أليس من حق الجيش ان يدافع ضد هؤلاء ليحمي شيعتنا العربية الاصيلة من شرورهم).
وفي مقابلة أخرى نهائية، ارادت القوات الامريكية تصفية المقبولين في الجيش الجديد سأل القائد الامريكي: مارايكم ان يكون الجيش من المتطوعين فقط؟
كان الجواب: هذا خطأ كبير ترتكبوه بحق جيشنا لأن حب الوطن والدفاع عنه لا يقتصر على المتطوعين فقط، والخدمة الالزامية ستؤسس لحمة وطنية لهذا الجيش تتشارك بها كافة اطياف واديان المجتمع العراقي لتؤسس لهذه اللحمة في الدفاع عن العراق ويكون مصيرهم واحد، وهكذا كان جيشنا منذ تأسيسه، اما اذا اقتصر على المتطوعين فقط، فهذا يعني إبعاد الشعب عن التدريب العسكري والمشاركة في القتال اذا تطلب الامر ذلك، وهذا مبدأ تعمل به معظم دول العالم وحتى جيشكم الامريكي.
.. هكذا انتهت المقابلات ولم يقبل احد من الذين تمت مقابلتهم سوى العميد الركن عبدالقادر العبيدي الذي شغل منصب قائد القوات البرية ومن ثم وزير الدفاع.
غرضي من هذه المقدمة البسيطة هو ان الاميركان كانوا قد ارتكزوا في احتلالهم العراق على معلومات خاطئة رحبو بها واسسوا عليها، لانهم يعلمون ويفهمون قابلية وكفاءة الجيش العراق السابق والا لما قام بريمر بحله في ايار 2003 وفرض واقع ان يكون الجيش من المتطوعين فقط، لتكون حرية الاختيار فقط لمن ترغب به جهات القرار الجديدة.
بعد المقابلات التي اشرت اليها آنفاً وجد المحتل واعوانه لا فائدة من تكرارها، ففكروا من زوايا ضيقة لتأسيس الجيش الجديد، فاصدر بريمر الامر 91 في نيسان 2004 الذي شمل 9 مليشيات خطيرة هادنت العدو الايراني والصهيوني، جاعلا منها اساساً لهذا الجيش، ثم ألحق بالجيش عناصر تابعة لهذه المليشيات، ولا زال هذا الامر نافذاً حتى الان، ويعتبر اساسي لكل من يريد الالتحاق بالجيش الجديد، يعني من هذا التحليل البسيط ان الجيش الحالي مقتصر على فئات محددة من الشعب العراقي معظمه من هذه الاحزاب المعادية للعراق.
ايران تعهدت بالمساهمة في حفظ الامن بعد مغادرة القوات الامريكية للعراق، وشاركت بعناصر من الحرس الثوري الايراني بقيادة قاسم سليماني، وطبعاً هذه المساهمة انصبت على اسس طائفية صفوية وبخطط خبيثة غاياتها شق اللحمة العراقية السائدة لدى العراقيين بكل طوائفهم، واليوم كل ما يجري في العراق من تفجيرات وانتهاكات لحقوق الانسان تكون ايران خلفها، والا كيف تحدث هذه التفجيرات وقوات الدفاع والداخلية منتشره في كل زاوية منه، وتعلم ما يجري بكل صغيرة وكبيرة، ولا يغيب عن بالها خاطر معين.
ماقامت به اليوم ما تسمى قوات الجيش العراقي لم يسبق لجيشنا السابق طوال تاريخه الحديث والقديم أن قام بها بهذه الصورة البشعة ضد عراقيين عزل لايهدفون سوى تحقيق مطالب معينة كفلها لهم الدستور الذي يفترض أن يحكم البلد، وعليه هؤلاء هم مليشيات مرتزقة قذرة لايربطها بتراب العراق اي رابط اخلاقي، ويرجَّح أن جلَّهم من الحرس الثوري الايراني الحاقد على كل عراقي وعربي على السواء والمنتشر في العراق بشكل كبير وبمسميات مختلفة، ولذلك وفي ضوء مثل هكذا تصرف لايمكن الوثوق بهذا الجيش في الدفاع عن العراق...
رحم الله شهداء الحويجة وباقي مدن العراق التي تزامن معها استشهاد العشرات منهم في مناطق مختلفة من العراق واسكنهم فسيح جناته ولا حول ولا قوة الا بالله العزيز القدير وحسبي الله ونعم الوكيل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياءُ عند ربهم يرزقون ...) صدق الله العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق