صلاح المختار
لايمكن إعادة الرصاصة الى فوهة البندقية بعد اطلاقها. حقيقة علمية
لعل اكبر تهديد للانتفاضة الوطنية العراقية واخطر دفع لها في منزلق الانتحار الجماعي هو اقدام البعض على اختصارها بانها انتفاضة السنة ضد اضطهاد الشيعة، وذرف الدموع على الضحايا السنة وتثوير ابناء العراق على هذا الاساس!
ايها السادة هذا خطأ شنيع، وتآمر، غير مقصود من قبل البعض ومقصود من قبل البعض الاخر، على السنة والشيعة سوية وعلى كل العراق وهويته ومستقبله.
بل نقولها بالقلم العريض من يعتقد بذلك عليه قبل مواصلة هذه الدعوة الخطيرة قراءة خطط اسرائيل وحليفتها الستراتيجية امريكا وايران في عهدي الشاه وخليفته الشاه المعمم خميني سيجد ان اهم اهداف هؤلاء هو نشر الفتن الطائفية في كل الاقطار العربية لاكمال الاجهاز على الامة العربية والهوية العربية ومن ثم ذبح الاسلام الحقيقي بعد شيطنته.
تلك الخطط ليست سرا مخفيا ونحن ابناء العراق لم نراها ونقرأ عنها بل نحن ضحاياها منذ فرض الحصار وحتى الان ، ومن يشك بذلك عليه ان يعيد تدقيق ما جرى ويجري في العراق منذ الغزو ، سيجد ان الاضطهاد لا يقع على السنة وحدهم بل على الشيعة ايضا رغم ان الحكم الحالي يدعي انه يمثلهم ، فقط انظروا لمدن الجنوب سترون انها بائسة وتعاني من الفقر والامية وغياب الخدمات مثل مناطق السنة ، كما ان هذا الاضطهاد شمل المسيحيين والصابئة والايزدية وكل عراقي وبلا اي استثناء ، انه اضطهاد خطة تقسيم العراق وانهاء وجوده الوطني وانتماءه القومي فبدون الاضطهاد لا يمكن توقع خروج احد على المألوف من مفاهيم الوطنية والشرف وعزة النفس ، لذلك فكل عراقي اصيل هدف لهذا المخطط .
ثم انظروا من يدعم الطروحات الطائفية ومن يحرض عليها ، ستجدون ايران في المقدمة وخلفها امريكا واسرائيل والكويت ، وهؤلاء بمالهم وجيوشهم ولقطاءهم يروجون لاطروحة ابادة الطائفة الاخرى ، ففريق يحرض على ابادة السنة وفريق اخر يحرض على ابادة الشيعة ، وكلا الفريقين موبوء بداء خطير جدا اسمه الجهل المولد لطائفية الجاهلية الجديدة ، وثمة طرف بينهم منخور بداء الارتزاق ويعمل عامدا ومتعمدا على نشر الطائفية ! فهل ينكر احد ذلك ؟ هل نسينا من فجر حرب الابادة الطائفية في عامي 2006 و2007 ؟ اليست هي ايران التي امرت فريقا سنيا كان يدعي الجهاد ضد الاحتلال تحت امرتها بقتل الشيعة ثم امرت فريقا شيعيا بقتل السنة ؟ اليست امريكا من باركت خطوة ايران تلك وبقيت القوات الامريكية تتفرج على المجازر تلك مع انها رسميا تحتل العراق ومسؤولة عن امنه ؟
ليتذكر الجميع بان حالة العراق ليست فقط اضطهاد طائفي ضحيته السنة ولكنه اضطهاد عام مركب ومتعدد الجوانب لكل العراقيين مسلمين ومسيحيين وصابئة وغيرهم عربا واكرادا وتركمان وغيرهم ، الهدف المركزي له الغاء العراق شعبا وهوية وجغرافية واقامة جمهوريات وممالك وامارات عهار الضمير وامراء الحروب وتجار الدماء .
تذكروا ان كل عراقي مضطهد منذ الاحتلال ، نعم يختلف شكل الاضطهاد لكنه يبقى اضطهادا ، فمن يقتل الشيعة بدم بارد هو مخابرات امريكا وايران ، لاجل اجبار الشيعة على ترك عروبتهم وطلب الحماية الايرانية ، اما قتل السنة جماعيا فهدفه اجبارهم على خوض حرب طائفية لا تبقي ولا تذر وعدم خوض حرب تحرير وطنية تحررية . وفي كل الحالات فان النتيجة الوحيدة لاي فتنة طائفية هي تنفيذ المخطط الايراني الذي تدعمه امريكا واسرائيل بقوة وكموقف ستراجي ثابت . من لا يعرف هذه الحقائق عليه الصمت فالذي لا يعرف لا يحق له التدخل في تقرير مصير الشعوب .
اما على مستوى الواقع فدعونا نناقش الامر بصراحة :
1. اذا افترضنا قامت انتفاضة سنية ضد الاضطهاد الحالي فهل ستنتهي بالنصر للسنة ؟ بالتأكيد كلا لسبب معروف وهو ان الفتنة الطائفية تشعل في بيئة مسيطر عليها امريكيا وصهيونيا وايرانيا ، فحالما ستشتعل لا سامح الله فان من سيقرر مسارها ونهايته هو واشنطن وتل ابيب وطهران بواسطة نغولهم المنتشرين مع كل فريق نراه الان ، اما الطيبون فانهم لن يكونوا سوى شهود زور . راقبوا من ينظّر للانتفاضة (السنية ) سترون انهم ممولون من الكويت او طهران او واشنطن ، وبعضهم مسلح من قبل هذه الاطراف مجتمعة او متفرقة ، فهل يدفع هؤلاء ويوزعوا السلاح لاجل عيون العراق ؟ طبعا لا .
2. ولنفترض امكانية الانتصار في الحرب الطائفية هل تعرفون ماذا سيحصل ؟ سيسيطر الطائفيون السنة على مناطق معينة بينما يسيطر الطائفيون الشيعة على مناطق اخرى وكل طرف لديه اسلحة ومال خارجي يمكنه من المقاومة والبقاء في مكانه ويتمترس في قلاعه خالقا حالة جديدة تفضي الى تقسيم حتمي للعراق الى امارات وممالك وجمهوريات موز متعفنة لاتستطيع مواصلة البقاء الا باموال عهر الضمير الاتية من الكويت وغيرها ومن وراءهما وشنطن وطهران كل يدفع لفريق وضعه في جيبه !
وفي هذا الصراع كل طرف يقاتل دفاعا عن وجوده مادام الطرف الاخر يريد ابادته كطائفة وليس كحزب سياسي ، عندها سنرى لا سامح الله مرة اخرى كيانات وجزر سنية متفرقة هنا وهناك وكيانات وجزر شيعية هنا وهناك ، وبين هذه وتلك كيانات اكبر منها ليهود بابل وحلفاءهم يسورون كل الكيانات بجدران الكترونية تفصلنا الى الابد كي يتصاعد نداء قديم عمره اكثر من الف عام كلماته : هنا دفنا جلجامش ونبوخذنصر وصلاح الدين وصدام حسين . اما عندما تكون الانتفاضة وطنية صرفة فان الشيعة سيعزلون في لحظة تطور الخونة والصفويين ويلتحقون باخوتهم الاخرين لان الطرف الاخر مؤمن بان الشيعة مثل السنة اهل العراق الشرعيين والاصلاء ، وذلك هو الخيار الوطني والتحرري الصحيح .
3. وعندما تجدون انفسكم في قلاع مسورة بأيات الحقد والانتقام المتبادل هل ستجدون عمائمكم فوق رؤوسكم ؟ يقينا ان دعاة الانتفاضة السنية سوف يجدون انفسهم سواء توقعوا ذلك او لم يتوقعوه ادوات وليس صناع غد لذلك سيكون الكويتي والاسرائيلي والايراني والامريكي امراء القلاع المتناثرة وليس غيرهم ، ولن تبقى عقل ( عكل ) فوق راس حر ، ستصبح كل الرؤوس التي كانت معززة مكرمة تدوسها اقدام الفرس وحلفاءهم وخصومهم . ستصبح الانبار حدودا لبني صهيون مع بني فارس ولن يستطيع احدا منكم النطق بالعربية مع انكم لا تعرفون اي لغة غيرها ، وهكذا سوف تفقدون حتى السنتكم وتصبحون عيون ترى لكنها لاترى وتنطق لكنها لا تقول الكلم بل تتقيأ الدم وتشعر بعار تسليم الوطن الواحد العزيز نتيجة تصورات طائفية مريضة .
4. عندما ستشتعل انتفاضة طائفية لا سامح الله مرة اخرى سيجد من يدعوا لها نفسه في مواجهة دموية مع ابناء العراق الاصلاء الذين لا يعرفون سوى العراق الخالي من الطوائف والتطرف الديني والعرقي ، كما كان تاريخيا وكما سيعود ، والذي يخدع دعاة الانتفاضة الطائفية بقوله لهم لن يعارضكم احد يخدعهم وعليهم الان يعرفوا ان عمائمهم لن تطير بلا الراس الذي تحط عليه الان .
5. لا تراجع عن الجهاد ضد نغول فارس في العراق فلقد انطلقت الرصاصة ونتحدى من يستطيع اعادتها الى فوهة البندقية مرة اخرى ، واذا افترضنا وجود ساحر يستطيع اعادة الرصاصة الى داخل فوهة البندقية بعد اطلاقها فانه لن يكون الا ساحرا امريكيا متصهينا بالكامل ف(تكنولوجيا ) اعادة الرصاصة الى فوهة البندقية بعد اطلاقها توجد فقط لدى بني قريضة وهؤلاء لن يعيدوا رصاصة البندقية الى مكان كانت مستقرة فيه الا بعد اخذ ثمن كبير جدايجعل فرحة تحرير العراق تتحول الى عار دائم وندم قائم .
ان الاكتفاء بصد هجمات الجيش الصفوي نتائجه معروفة واهمها اجهاض الثورة المسلحة فعندما تتوقف الثورة عن التقدم وتصفية العدو يستلم ذلك العدو زمام المبادرة ويعرف ان الواقف في مكانه اما جاهل عسكريا او ليس لديه القدرة على الهجوم ، وفي الحالتين فان العدو الصفوي سوف يكون المستفيد الحقيقي من فكرة عدم الهجوم . كما ان عدم التقدم وتوسيع نطاق الارض والسكان المحررين يفضي الى التقسيم الواقعي والفعلي فحينما لا تتقدم وتحافظ على مواقعك تجبر الاخرين على الاعتراف بانك سيد منطقتك فقط وليس سيد القطر كله ، فهل نحن نريد السيادة على منطقة بعينها ؟ ام اننا نريد عراقنا كله بترابه وهواءه ومواطنية وموارده ؟
نعم الصحيح عسكريا وسياسيا الان وفي مرحلة بداية الثورة المسلحة هو عدم شن هجمات كبيرة على قوات الصفويين وانما الاكتفاء مؤقتا بهجمات ازعاج وتدمير معنويات ورد هجماتهم ولكن مع رد الهجمات لابد من التقدم والسيطرة على المكان الذي هاجم هؤلاء منه لحين اكمال مستلزمات معينة تسمح بشن هجمات كبيرة وحاسمة . اي ثورة تتوقف في منتصف الطريق محكوم عليها بالفشل لذلك فتوسع الثورة جماهيريا وجغرافيا هو اهم قوانين نجاحها ورسوخها وتقدمها ودحر خصومها ، وعلى من لا يعرف هذه الحقيقة الميدانية ترك الامر لذوي الاختصاص من عسكر الثورة الشعبية فهم من يقدّر متى يتم الهجوم ومتى يتوقف او يتأخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق