موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 27 أبريل 2013

حقيقة ما جرى بالحويجة العراقية


جاسم الشمري
في كل يوم تضاف مدينة جديدة إلى سجل المدن الجريحة والمعروفة بالتأريخ العراقي والعالمي الحديث، فبالأمس كانت مدينة الفلوجة الغربية، بمحافظة الأنبار، التي دخلت التأريخ الانساني من أوسع أبوابه لتكون شاهداً حياً على الجرائم البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكية بحق أهلها من المدنيين العزل، الذين واجهوا آلة الحرب الأمريكية القذرة بأجسادهم العارية، وعلى الرغم من عظم الخسائر والتضحيات، إلا أن ارادة الشعوب الحية انتصرت على الحديد والنار، وصارت الفلوجة رمزاً يمجده التأريخ.


هذا الشرف العظيم تحوزه اليوم مدينة الحويجة الشمالية، وهي مدينة تابعة لمحافظة كركوك، غالبية سكانها من العرب، مع أقليات كردية وتركمانية، وعدد سكانها قرابة النصف مليون نسمة، هذه المدينة الصامدة ارتكبت بحقها -مع الأسف الشديد- جريمة نكراء على يد قوات الجيش الحكومي مدعومة بالقوات المعروفة باسم القوات القذرة، (قوات سوات) التابعة لرئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، وخلفت وراءها أكثر من مئتين وخمسين بين شهيد وجريح، وذلك صباح يوم 23/4/2013.
بداية الحادثة كانت منذ اسبوع تقريباً، حيث ادعت الأجهزة الأمنية أن أحد عناصر الجيش قد قتل من قبل مجموعة مسلحة دخلت بعد الحادثة لمكان الاعتصام، ومنذ ذلك الحين، فرضت الأجهزة الأمنية حصاراً قاسياً على ساحة الاعتصام بالحويجة، إذ منعت عنهم الطعام والشراب، ومنعت المرضى وكبار السن والأطفال من الخروج، حتى إن أحد الشيوخ الكبار اصيب بذبحة قلبية، وعلى الرغم من ذلك لم يسمح للمعتصمين بنقله للمستشفى.
وعلى اثر هذا التضييق الحكومي، الذي رافقه تهديدات صريحة من رئيس الحكومة (المالكي) خلال حملته الانتخابية بالناصرية، حيث أكد أن «هؤلاء المعتصمين هم مجموعة من المتمردين، وسيكون لنا معهم كلام آخر»، وهذا التهديد كرره هادي العامري القيادي بحزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي في ذات الحملة الانتخابية، أقول على اثر هذه التهديدات الصريحة والحصار القاسي، بدأت المفاوضات التي قادها بعض النواب وشيوخ العشائر والوجهاء من أجل لملمة القضية، وإنهاء حالة التوتر في ساحة الاعتصام، ومنع حدوث مجزرة جديدة بالبلاد، إلا أن المفاوضات باءت بالفشل، وانتهت إلى هذه النهاية المأساوية!
وبهذا الخصوص أكد محمد خليل الجبوري عضو مجلس محافظة كركوك، وغيره من الشيوخ والوجهاء بالمحافظة، مساء يوم الجريمة في اتصال مع فضائية البغدادية وغيرها أن المفاوضات كانت مستمرة حتى فجر يوم الجريمة، إلا أن كل المحاولات انتهت بالفشل الذريع.
وهنا يمكننا تسجيل بعض الملاحظات خلال مرحلة التفاوض، وذلك وفقا لكلام الجبوري:
1- لاحظ المفاوضون أن الأجهزة الأمنية كانت مصممة على اقتحام ساحة الاعتصام، على الرغم من الليونة التي أبداها المعتصمون؛ وذلك بموافقتهم على تسليم من يتهمهم الجيش بقتل الجندي، شريطة احضار مذكرة اعتقال وقيام الشرطة المحلية بهذا الواجب، إلا أن الجيش رفض هذا الشرط القانوني والمنطقي، وأكد قادته أنهم لا يملكون أوامر القاء قبض رسمية، وأصروا على دخول الساحة واعتقال من يشاؤون بدون مذكرات اعتقال؛ مما دفع المعتصمين إلى رفض هذا التحدي غير المقبول لا قانوناً ولا عرفاً!
2- أكد الجبوري أن المعتصمين تمالكوا أنفسهم، ولم ينجروا وراء الاستفزازات المستمرة من قادة الجيش في المنطقة، وعلى الرغم من استخدام الهراوات والمياه، في الساعة الثالثة من فجر يوم الجريمة؛ لتفريقهم، أصروا على بقاء اعتصامهم اعتصاماً سلمياً، وأكد الجبوري أن المعتصمين لا يملكون أي سلاح في ساحة الاعتصام، وهذا الكلام يكذب الرواية الحكومية التي اشارت لوجود أسلحة بداخل ساحة الاعتصام!
3- ورغم الموقف السلمي للمتظاهرين، فإن القوات الحكومية انسحبت من الساحة بعد أن اعتدت بالعصي والهراوات والمياه على المعتصمين، واتخذت مواضع قتالية، وبدأت بعدها بإطلاق الرصاص الحي على المدنيين العزل، ثم اقتحمت بعد ذلك ساحة الاعتصام بالآليات المختلفة التي أجهزت على كل من يقف بطريقها، أو من كان ملقى على الأرض من المصابين والجرحى، وكانت الحصيلة عشرات الشهداء والجرحى!
4- ملاحقة قائد الفرقة (12) الجرحى بداخل مستشفيات كركوك بعد تنفيذ الجريمة؛ من أجل اعتقال من أسماهم المطلوبين منهم، فلهذا فضل أهالي الجرحى نقل أبنائهم لمحافظة اربيل لتخليصهم من الاعتقال المحتمل على الرغم من كونهم جرحى!
ما فعلته أجهزة الجيش الحكومي بالحويجة يعد جريمة وفقاً لكل الشرائع والأعراف الدستورية والإنسانية، والمخجل في كل هذه الحادثة ليس فقط الخسائر البشرية الغالية التي ازهقت أرواحها بلا ذنب يذكر، وإنما دخول الجيش العراقي في مواجهة مع الشعب، وهذا لعمري خسارة الخسائر، ومصيبة المصائب؛ لأن الجيش هو صمام الأمان، وهو الخيمة التي يستظل بقوتها الضعفاء بعد القضاء، وهذا يؤكد ما سبق أن رددناه من أن حكومة «المنطقة الخضراء» بَنَتْ جيشاً من الميلشيات، وهذه الحقيقة أثبتتها أحداث الحويجة الدموية!

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..