مصطفى كامل
هذا رد مطوَّل، نسبياً، تعقيباً على تعليق للسيدة القارئة الافتراضية، في غار عشتار، المنشور هنا.
يبدو ان الأخت افتراضية مُصرَّةٌ على خلط الامور والرؤية بعين واحدة، وربما تفهَّمنا ذلك لأنها تعيش في كهفها الافتراضي الذي لايشبه غار عشتار الذي يحاول النفاذ الى صميم الاشياء بعمقٍ نادر.
بدءاً، أرى أن تعليق الاخت الافتراضية لا معنى له هنا، لأنه، في معظمه، لا يتصل بموضوع سيدة الغار، مدار الحديث، من قريب أو بعيد، ولكنها أرادت التعبير عن أفكار دفينة فأخرجتها للعلن مرة واحدة، في غير محلِّها.
كان بإمكان السيدة الافتراضية المحترمة أن تخرج من عالمها، الافتراضي، بما فيه من خيالات وأوهام، وأن تكتب تعليقها على أحد الرابطين التاليين:
خصوصاً وانها، وجدت طريقها، أخيراً، إلى وجهات نظر، وعلَّقت، ولكن بطريقة تعريف مغايرة لما نشر في الغار ولكن بذات الاسم، مرة بالعربية وأخرى بالانجليزية، على بعض مانشر فيه، وذلك على الرابطين التاليين:
وكانت وجهات نظر أمينة مع تعليقاتها، فلم تحذف منها شيئاً.
وفي كل الاحوال وبقدر تعلق الأمر بتعليقها، أود أن أقول بصرف النظر عن الموقف من السيد طارق الهاشمي ومدى اختلافه الهائل عن المجرم اياد علاوي، حسب اعتقادي، او تطابقهما حسب رأي الافتراضية، فإن الشخصيات الوطنية العراقية اعترضت على مشاركة المجرم الجاسوس علاوي كمتحدثٍ في أعمال المؤتمر، ومنعته من الحضور، وهذا بحد ذاته انجاز كبير، بينما كان وجود السيد الهاشمي في المؤتمر ليس بصفة مشارك او متحدث او محاضر، وانما كان واحداً من عشرات الأشخاص الذين حضروا في قاعة المؤتمر. فهل بمقدور السيدة الافتراضية، منع أي كان من حضور مؤتمر والاستماع إلى مايدور فيه؟
ثم ان السيد الهاشمي تحدَّث بصفته واحداً من الجمهور فقط، وقد كنت حاضراً في كل الجلسات وأعرف أنه، وأكرر بصرف النظر عن الموقف معه أو ضده، تكلم بكلام إيجابي ممتاز يفضح المحتلين وعملائهم، وهذا هو المهم الآن، لا بل ان كلامه يحظى لدى كثيرين بوزنٍ لا يحظى به كلام غيره.
ورداً على تعليق السيدة الافتراضية، وتعليق السيدة عشتار العراقية، الذي تلاه، فإن هذا المؤتمر، وبصرف النظر عن مكان انعقاده أو الجهة المنظمة له، كان لصالح العراق بنسبة تزيد على 90 %، إذ تم عرض الجريمة التي ألحقها الغزاة بعراقنا المحتل بشكل تفصيلي من خلال مشاركات الباحثين أو تعليقات ومداخلات الحضور، وزاد من أهميته ان قناة الجزيرة بواسع انتشارها، وبصرف النظر عن الموقف منها، نقلت إلى العالم وقائعه بالكامل وبشكل مباشر، وأعادت بثها ولعدة مرات ضمن جدول دورتها البرامجية، وأيا كانت دوافعها في بثِّه، وهي لاتعنينا أبداً، فهو انجاز مهم ويخدم قضية العراق.
وأسأل السيدتين، الافتراضية وعشتار، هل ان مكان عقد أي مؤتمر هو الفيصل في حضور الوطنيين له ومشاركتهم فيه؟ أم مضمونه وما يمكن أن يقدم من خلاله لصالح قضيتنا؟
هل إذا عقد مؤتمر عن قضية العراق ولصالحه في لندن أو واشنطن أو نيويورك أو باريس يتوجب علينا مقاطعته؟ ونترك للاصوات الكريهة، الكاذبة والمضلِّلة، أن تعلو لوحدها!
إن غياب الملائكة، أيتها السيدتين الفاضلتين، هو الذي جعل الشياطين تنعق في فضاءاتنا السياسية والاعلامية، وأعتقد ان فكرة الغياب والمقاطعة والنظرة الأحادية والآراء المبتسرة يجب أن تغادر من يتصدّى للعمل الوطني، فنحن لسنا في وضع مستريح!
نعم انها دعوة للغياب والمقاطعة ونظرة أحادية ضيقة ومبتسرة، وربما نزقة وانفعالية أيضاً، تلك التي تدعو رجال الاعلام والسياسة الوطنيين الى الغياب عن الساحة، لمجرد وجود س أو ص من الشخصيات التي نختلف معها، أو لمجرد ان الفعالية المهمة المعنية تعقد في هذا المكان أو ذاك!
بالنسبة لي كنت حريصاً على الحضور، على نفقتي الخاصة، إيماناً مني بأهمية هذه الفعالية، مضموناً وتوقيتاً وحضوراً، بصرف النظر عن كل شيء آخر.
أما حديث السيدة الافتراضية المحترمة عن بقية العراقيين الذين يضعون صور القائد صدام حسين، يرحمه الله، ويستشهدون بأقواله ثم ينشرون مقالات يكتبها السيد الهاشمي من الدوحة، فقد فهمت أنني أحد المعنيين بقولها، إذا لم أكن المعني الوحيد، لذا فانني أرغب بطمأنة السيدة الافتراضية ان ولائي لقيمي ومبادئي والتزامي الفكري واضح وواحد ولن يتغير، بإذن الله، ورؤيتي السياسية راسخة ولا تعبث بها الأهواء والأمزجة، وأنني حين قررت إنشاء وجهات نظر، قررت أن أبقيها كما إسمها، مجالاً لوجهاتِ نظرٍ، نختلف أو نتفق مع أصحابها وربما مع بعض مضامينها، شرط أن تفضح الظلم والإجرام والطغيان والفساد، وأن لاتتقاطع مع الثوابت الأساسية والفكرية التي ألتزم بها، ومن ذلك أجد ان مقالات السيد طارق الهاشمي، التي نشرتها، تصبُّ في هذا الهدف.
أما مهاجمة السيدة الافتراضية لذاكرتَي السيد ناجي الحديثي وقبلها ذاكرة السيد عزة الدوري، فأعتقد أنه ليس من اللائق الحديث عن الرجلين بهذه الطريقة الفجَّة، فأولهما يحمل همَّ العراق بين جنبيه ويدافع عنه أينما حلَّ وارتحل، وليس من الضروري أن تعرف السيدة الافتراضية كل مايقوم به، بل من الضروري جداً أن لاتعرف، وثانيهما يقود مقاومة هي الأشرس ضد عدو مجرم لم يعرف العالم مثيلاً في حقده وإجرامه وسفالته.
ولن أدافع عن الرجلين أكثر، فكلاهما، أمدَّ الله في عمريهما، حيّان يرزقان وبإمكانهما الرد لو أرادا، ولكن كلمة الحق واجبة.
أما الحديث عن ما فعلته السعودية وتركيا وأهل السنة والجماعة بالعراقيين وبعثرة جثثهم وجثث أطفالهم، مرة القصف ومرة بالتفجيرات، فإنني أطالب السيدة الافتراضية، ولا يخلي مسؤوليتها كونها افتراضية، بإثبات جريمة واحدة قامت بها تركيا أو السعودية أو من تسميهم أهل السنة والجماعة بقصف أو تفجير في العراق.
وأدعوها أن تكفَّ عن ترديد أقوال الصفويين والعملاء الايرانيين، وطائفيي أحزاب المتعة والدجل والإجرام، فقد سئمنا هذا الحديث الكريه.
لن أدافع عن السعودية وتركيا، فهناك الكثير ممايمكن قوله، معهما أو ضدَّهما، ولكنني أطالب بالدليل القاطع، حتى أقتنع، لأنني أحترم عقلي، وقد تعلَّمت من أساتذتي في الحياة، وفي حرفة الإعلام، ومنهم سيدة الغار، ان البيَّنة على من ادَّعى، فأين بيَّنتُك أيتها السيدة الافتراضية؟
أما أهل السنة والجماعة الذين أتشرَّف بالانتماء إليهم، مذهبياً، وليس سياسياً، لأن التسنن مذهب فقهي، بخلاف التشيُّع الذي هو مذهب سياسي، فهم، ومعهم باقي العراقيين، من بنى العراق على مدى أكثر من ثمانية عقود، وهم، ومعهم باقي العراقيين، من حمى العراق في مواجهته الملحمية مع الغزو الفارسي الخميني لثماني سنين، وهم، في الغالبية العظمى، من دافع عن العراق في مواجهة الغزو والاحتلالين الأميركي والفارسي، لعشر سنين ويواصلون، أما الجرائم التي ارتكبتها فرق موت طائفية، أميركية وإيرانية، وأُلصِقت بأهل السنة والجماعة، تحت ذريعة "القاعدة" فإن أهل السنة والجماعة، وأنا، بكل فخرٍ، منهم، يبرأون إلى الله منها، والله خير الشاهدين.
وإذا كان لايهمُّك أمر ضياع الأردن أو فلسطين، بجلالها، فنحن، يهمُّنا ضياع أي شبر من أرض العرب والمسلمين، فهي كلها عندنا سِيّان، لذا ترينا ندافع عن الأحواز وعن جزر العرب المحتلة مثلما ندافع عن العراق وعن فلسطين وعن سوريا وعن مصر والجزائر وكل أرض عربية.. ولنا في قول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم "مثل المسلمين في توادِّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى" خير إسوة، وقد دافع الشهيد صدام حسين عن الكرمك في السودان، وهو في غمرة انشغاله، والعراق، بالدفاع عن البصرة.
ان العراق، ياسيدتي الافتراضية، ليس جثة تنظرين إليها بعينيك، انه نبع الحياة ورمزها، مُذْ كوَّر الله تعالى الأرض ونفخ فيها من روحه، انه العراق ياسيدتي، ونحن ننظر إليه وسلاحُنا بأيدينا، لا لأننا من أهل السنة والجماعة، فذاك لم يَدُرْ بخلَدِنا ونحن نتبنى موقفنا الوطني الملتزم، ولكن لأننا عراقيين، نعرف أصلاب آبائنا الكريمة ونعرف أرحام أمهاتنا الطاهرات، جيداً، جيداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق