عمران الكبيسي
لم يعد خافياً على أحد أن إخفاق الاحتلال الأمريكي للعراق في العثور على أسلحة الدمار الشامل التي زعموا أنها تهدد العالم، فلم تكن لحملتهم العسكرية الظالمة ما يبررها منطقيا، فصار شعار هذه الحملة الغاشمة التي أودت بحياة مئات الآلاف من العراقيين، وآلاف الأمريكيين: تخليص العراق من الدكتاتورية وإقامة ديمقراطية على الأنموذج الأمريكي الفريد، تحتذي به شعوب الشرق الأوسط الجديد. وهللوا وزمروا لجمهورية أفلاطون التي منوا بها شعوب المنطقة كذبا وزورا، وإنها ستؤدي إلى تبادل السلطة سلميا وفق أصول ديمقراطية وانتخابات يترك فيها القرار لخيار الشعب، وبعد أن يقضي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فترة ولاية أو اثنتين لا أكثر يغادر مركزه، ليختار الشعب رؤساء جدد، فلكل حقبة جيل من القادة والساسة، من حقهم أن يأخذوا نصيبهم ويدلون بدلوهم، لا أن تختزل المناصب العليا بفرد عقودا من السنوات كما روجوا بالباطل.
ولكن التجربة كما يبدو اتخذت منحى لم تقتصر فيه على تشويه الديمقراطية وإنما تجاوزتها إلى سلب الحريات، وفقدان الأمن، وتفشي الفساد، وعصفت بالأصول الدستورية والانتخابية معا، وزعت مناصب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء ورئيس البرلمان ونوابهم، وفق حصص على الطوائف والقوميات والتكتلات، وأصبح شاغلوها مصونين غير مسئولين لا أمام الدستور ولا أمام البرلمان، وبين آونة وأخرى تستجد أزمة يدخلون فيها سباق جر الحبل، وأصبح الوطن ملعبا لهم، والشعب كرة يتقاذفونها بين أيديهم تارة، وأرجلهم أخرى، ولا حكم ولا شبكة ولا عارضة أهداف. وناس تتفرج على ناس” والهدف اليوم بفلوس وبكرة يابلاش” والكل يدبك. تغريدة العراقيين اليوم”رضينا بالهم والهم ما رضا بينا” المصيبة أن الشعب أحيانا يرضخ قسرا تحت سطوة السلاح، أو ضغط المعيشة القاسي، وربما يؤثر فضيلة الصبر والانتظار فيرضى بحكم الدكتاتور زمنا، وماذا تفعل شعوب محكومة قهرا بالحديد والنار حين يستصغرها حكامها، ويظهر الإمبراطور المستبد كارها رعيته مشمئزا من شعبه، ويصفه بنتن وعميل ومتآمر كما جاء على لسان السيد المالكي، أو كما أطلق بشار الأسد قبله على شعبه إرهابيين سلفيين مجرمين، أو كما وصفهم العقيد القذافي بالجرذان، ومع ذلك ماسكين بتلابيب الشعوب. ولا يغادر احدهم كرسيه إلا وهو مخلوع قهرا أو هاربا خوفا أو صريعا مجندلا.
في كل العالم الشعوب التي تبنت الديمقراطية أنموذجا للحكم يكفي أن تُرتكب مخالفة بسيطة تستدعي استقالة الحكومة، تحرش يلقي برئيس البلاد خلف القضبان، قبول تبرعات خارجية لحملة الانتخابية تطيح برئيس الحكومة، اختراق أمني ومقتل واحد أو اثنين أو قصور في الخدمات أو رشوة، تؤدي لرحيل رئيس الدولة والحكومة معا، إلا في العراق أنموذج التجربة الديمقراطية الأمريكية في الشرق الأوسط الجديد، فالأمر مختلف جدا! الأصول والقواعد والأسس والدستور والانتخابات ضربت عرض الحائط، رئيس الجمهورية العجوز ميت سريريا منذ أشهر في مستشفيات ألمانيا، ونوابه وحمايتهم متورطون بسرقات وقتل، وفيهم المحكوم بالإعدام والهارب والمجمد، ومصيبة المصائب تروم حرم رئيس الجمهورية الميت الحي الشمطاء المصون وراثة منصب رئاسة الجمهورية بعد زوجها كأن كرسي الرئاسة سُجل ملكا صرفا بسند في السجل العقاري لزوجها ولها ولأبنائها من بعدها.
ويروم السيد المالكي رئيس الحكومة الذي مسك بتلابيب الكرسي بعد انتهاء ولايته الأولى واغتصب الحكومة رغم عدم فوز كتلته بأعلى نسبة من المقاعد، وعاش العراق بظل حكومته أسوأ عصوره ظلاما، وأضحى البلد الأول بحسب الإحصائيات والدراسات العالمية في شيوع الفساد وانعدام الأمن، وبغداد أسوأ عاصمة في العالم، ومع ذلك يرشح السيد المالكي نفسه لينتخب ولاية ثالثة فهو مصمم أن يبقى أربعين عاما، ولا يغادر رئاسة الوزراء حتى يلاقي مصير أسلافه، والسؤال ألا يخجل أمثال هؤلاء من العالم إن لم يخجلوا من أنفسهم ومن شعوبهم؟ وعلى أي وجه قبيح يدعو لانتخابه بعد أن جُرب ولم ينجح إلا في إعادة البلد إلى الوراء قرنا كاملا، فعلى آي شيء يريد السيد المالكي انتخابه لدورة ثالثة، على انجازاته في تعطيل مجلس النواب والدستور والوزارات السيادية الشاغرة، أم على استقالات الوزراء وسرقاتهم في صفقات السلاح الخردة والغذاء الفاسد، أم على تسييس القضاء وفساد الأجهزة الحكومية وتفشي السرقات ونقص الخدمات؟ أم على شيوع القتل على الهوية والخطف والاعتقال والتعذيب، وتدهور الأمن وجثث الضحايا ودمائهم. أم على تقسيم البلد والتناحر السياسي والمذهبي والعرقي الذي تفاقم في عهده، وقد ترك الحبل على الغارب لمليشيات إيرانية تأتمر بأوامر الحرس الثوري يعيثون في الأرض فسادا، والبلد يعوم على بحر لجي من التظاهرات والاعتصامات؟ أهذه هي التجربة الأمريكية لتبادل السلطة سلميا بشكل سلس ونموذج ديمقراطية الفوضى الخلاقة لجنة عدن الموعودة، ألا تبا لها من تجربة، ولكن و يا للأسف حقيقة "اللي استحوا ماتوا".
في كل العالم الشعوب التي تبنت الديمقراطية أنموذجا للحكم يكفي أن تُرتكب مخالفة بسيطة تستدعي استقالة الحكومة، تحرش يلقي برئيس البلاد خلف القضبان، قبول تبرعات خارجية لحملة الانتخابية تطيح برئيس الحكومة، اختراق أمني ومقتل واحد أو اثنين أو قصور في الخدمات أو رشوة، تؤدي لرحيل رئيس الدولة والحكومة معا، إلا في العراق أنموذج التجربة الديمقراطية الأمريكية في الشرق الأوسط الجديد، فالأمر مختلف جدا! الأصول والقواعد والأسس والدستور والانتخابات ضربت عرض الحائط، رئيس الجمهورية العجوز ميت سريريا منذ أشهر في مستشفيات ألمانيا، ونوابه وحمايتهم متورطون بسرقات وقتل، وفيهم المحكوم بالإعدام والهارب والمجمد، ومصيبة المصائب تروم حرم رئيس الجمهورية الميت الحي الشمطاء المصون وراثة منصب رئاسة الجمهورية بعد زوجها كأن كرسي الرئاسة سُجل ملكا صرفا بسند في السجل العقاري لزوجها ولها ولأبنائها من بعدها.
ويروم السيد المالكي رئيس الحكومة الذي مسك بتلابيب الكرسي بعد انتهاء ولايته الأولى واغتصب الحكومة رغم عدم فوز كتلته بأعلى نسبة من المقاعد، وعاش العراق بظل حكومته أسوأ عصوره ظلاما، وأضحى البلد الأول بحسب الإحصائيات والدراسات العالمية في شيوع الفساد وانعدام الأمن، وبغداد أسوأ عاصمة في العالم، ومع ذلك يرشح السيد المالكي نفسه لينتخب ولاية ثالثة فهو مصمم أن يبقى أربعين عاما، ولا يغادر رئاسة الوزراء حتى يلاقي مصير أسلافه، والسؤال ألا يخجل أمثال هؤلاء من العالم إن لم يخجلوا من أنفسهم ومن شعوبهم؟ وعلى أي وجه قبيح يدعو لانتخابه بعد أن جُرب ولم ينجح إلا في إعادة البلد إلى الوراء قرنا كاملا، فعلى آي شيء يريد السيد المالكي انتخابه لدورة ثالثة، على انجازاته في تعطيل مجلس النواب والدستور والوزارات السيادية الشاغرة، أم على استقالات الوزراء وسرقاتهم في صفقات السلاح الخردة والغذاء الفاسد، أم على تسييس القضاء وفساد الأجهزة الحكومية وتفشي السرقات ونقص الخدمات؟ أم على شيوع القتل على الهوية والخطف والاعتقال والتعذيب، وتدهور الأمن وجثث الضحايا ودمائهم. أم على تقسيم البلد والتناحر السياسي والمذهبي والعرقي الذي تفاقم في عهده، وقد ترك الحبل على الغارب لمليشيات إيرانية تأتمر بأوامر الحرس الثوري يعيثون في الأرض فسادا، والبلد يعوم على بحر لجي من التظاهرات والاعتصامات؟ أهذه هي التجربة الأمريكية لتبادل السلطة سلميا بشكل سلس ونموذج ديمقراطية الفوضى الخلاقة لجنة عدن الموعودة، ألا تبا لها من تجربة، ولكن و يا للأسف حقيقة "اللي استحوا ماتوا".
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق