كثير من التساؤلات يقف الانسان أمامها حائرا، فمن الطبيعي أمام الكم الهائل من الاخبار، والمعلومات، والاسرار التي ما تنفك الواحدةً منها تخرج حتى تلج أخرى دون سابق انذار، او استئذان الى الذهن، وفي خضم معترك الحياة وانا في الحافلة التي غصت بالركاب لم اجد بُدا الا ان أجول بخاطري بعيداً عن ضجيجها، وتذكرت النعجة Dollyوعملية استنساخها كيف؟ وما الفائدة منها؟ ولماذا؟
وبدأت سلسلة الاسئلة، والاجوبة، والتحليل.
وبدأت سلسلة الاسئلة، والاجوبة، والتحليل.
أولا: لماذا البريطانيون قاموا بهذا؟ ربما للحاجة، فما هو انتاجها من الاغنام؟ فتأتي الاجابة: إنها تحتل المرتبة الثانية مع ويلز التي هي ايضا من بريطانيا بعد إسبانيا، فأسقطت خيار الحاجة. وهنا لابد من تساؤل أخر لماذا اذن؟ هل من أجل تلبية الاستهلاك الكبير؟ فوجدت بعد البحث والتقصي أن لحوم الأغنام تأتي بالمرتبة الثالثة في الاستهلاك عندهم، فرغبتهم تتجه الى لحوم البقر والخنازير أكثر، علما أن إنتاجهم من لحوم الاغنام يبلغ 5% من انتاج العالم أي بالمرتبة الثالثة مناصفة مع أمريكا، فأسقطت هذا الخيار أيضا، قلت ربما لرخص ثمن المستنسخة؟ فإذا بي أصعق من الرقم حيث بلغت تكاليف التجربة 750 ألف دولار، فأسقطت آخر خيار عندي .
هنا جاء العصف الذهني وعرفت أن الغاية الاساسية ليست استنساخ نعجة لأن هذه النعجة ولدت هرمة، فبالتالي ليست هي عملية تحسين جينات بقدر ما هي حالة جديدة وتجربة رائدة وفريدة تقوم بها الدول الكبرى من أجل تطبيقها لاحقا على استنساخ الحكام العرب الموجودين؛ لأن الأعمار بيد الله، وأمثال هؤلاء لا يتكررون والأعمال الكبيرة التي قدموها لأسيادهم تجعل أسيادهم يعتزون بهم ويسعون إلى استنساخ هذا النموذج الفريد الفاقد للإحساس، والشعور ولكل القيم الانسانية، فلا وجود لكل المشاعر الإنسانية عندهم إلا من عبر شاشة التلفاز.
ونجحت تجربة الاستنساخ؛ فعلى الشعوب العربية أن تطمئن بأن حاضرها ومستقبلها لا يختلف عن ماضيها الا بزيادة السوء، كالفرق بين النعجة الأم والنعجة المستنسخة، وطبعاً لم يغب عن الباحثين أن في الاستنساخ للحكام العرب بهذه الطريقة أمر آخر مفيد وهو التخلص من فورة الشباب التي قد يمر بها هؤلاء الحكام من الثورية التلفزيونية، حيث سيولد الحاكم الجديد هرم أيضاً مثل النعجة الهرمة ويتخلصون من صواعقه الكارتونية وبطولاته (الكرندايزرية) وبالتالي هو جاهز للتلقي.
وبطبيعة الحل فإن هذا الاعتزاز بهؤلاء الحكام لم يأت من فراغ أبدا؛ إنما بعد سلسلة تجارب أجريت عليهم، فبعد مسلسل قتل الشعب الفلسطيني ولأكثر من 60 سنة وهم يساومون على دمه ويهبون بتسوياتهم ما لا يملكون، وبعدها تآمروا على شقيقهم الأكبر العراق الذي كان سنداً لهم في كل المحن في معارك فلسطين 1948 وحزيران 1967وتشرين 1973 وخضَّبت دماء أبنائه كل ساحات العز دفاعا عن الأمة، وصد عنهم الريح الصفراء التي هزت عروشهم قادمة من إيران، وكان لهم سدا وسندا، فكانت المكافأة والوفاء بغرس خناجر الحقد في قلبه بغداد، وقدموا كل التسهيلات لاحتلاله، وقتلوا شعبه وهدموا حضارته وقوته من أجل أسيادهم، ولايزال شلال الدم يجري والى يومنا هذا، فهم يرون كل يوم ما تفعله الميلشيات الطائفية من جرائم إبادة ضد أبنائه، حتى من تظاهر منهم سلميا من أجل حقهم المغتصب، فدماء الحويجة لم تجف وجريمة جامع سارية، ولم نجد منهم استنكارا أو شجبا للقتل الذي يحصد العراقيين يوميا وبالجملة، وكؤوس نخب الخيانة تضرب على موائدهم.
وحتى من دول الربيع العربي الذي فرحنا به فإذا بهم كأسلافهم مصابين بداء الاستنعاج، أو ربما مستنسخون.
وأما جرح سوريا فكأنه يطرب أسماعهم وهم يرون الأنين وكأن فيروز تغني لهم (وأنين الناي يبقى)، فلا عجبا أن تستنسخهم أمريكا وبريطانيا وتنفق من أجلهم الآلاف من الدولار، فأين يجدون حكاما منزوعي الضمير، عديمي الغيرة، فاقدي الشهامة، ومعاني الرجولة؟
وأخيرا أقول لكم في ظل ظاهرة الاستنعاج ولكل من رضي بهذا الواقع الذليل: لن تنالوا الحياة الحرة الكريمة ،الحياة التي تسر الصديق وتغيظ العدو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق