موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 20 يناير 2014

الحشاشون الجدد

ملاحظة تمهدية من الناشر:
هذه المقالة مهمة، لأنها تكشف جزءاً من غاطس مايجري في تركيا، لذا نحن ننشرها باهتمام، مشيرين إلى انها تستند بالأساس إلى ترجمة محتويات مكالمات هاتفية جرت بين زعيم جماعة (خدمة) فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا الأميركية واحد مساعديه في تركيا، والتي نشرت نصوصها صحيفة صباح التركية مؤخراً، ولأن هذه النصوص، وما تكشف عنه، بقيت غائبة أو بالأحرى مغيَّبة عن القارئ العربي، فإن تقديمها اليوم ضروري جداً، كونها تقدم صورة تكاد توضح بعضاً من الخفايا هناك..

مع الاشارة إلى ان المقالة بقلم الكاتب التركي المرموق إسماعيل ياشا، الذي لا ينتمي إلى اي حزب سياسي أو جماعة دينية.
المحرر
.......

الحشاشون الجدد

وجهات نظر
إسماعيل ياشا
وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، أعضاء جماعة فتح الله كولن التي تغلغلت في أجهزة الدولة لتشكِّل «دولة داخل الدولة» بـ «الحشاشين»، وفتح بهذا التشبيه فصلا جديدا في الصراع الذي يدور حاليا بين حكومته والجماعة.
الحشاشون طائفة إسماعيلية انشقت عن الفاطميين في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، لتدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله ومن جاء من نسله. واتخذ مؤسس هذه الطائفة الحسن بن الصباح من قلعة الموت في فارس مركزا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته. وكانت استراتيجيتهم العسكرية تعتمد على الغدر والاغتيالات الانتقائية للشخصيات البارزة في دول الأعداء.
ولعل وجه الشبه بين الحشاشين وتنظيم جماعة كولن المتغلغل في أجهزة الدولة، تَميزهما بالسرية واستخدام التقية حتى الوصول إلى الأهداف وتصفية الخصوم، إلا أن أساليب التصفية اختلفت مع مرور القرون. وبخلاف الحشاشين القدامى، يستغل «الحشاشون الجدد» في التصفيات السياسية نفوذهم في الاستخبارات والشرطة والقضاء ويُسقطون خصومهم سياسيا بالملفات والابتزاز والتهم الملفقة بدلا من التصفيات الجسدية.
جماعة كولن دأبت على نفي الاتهامات الموجهة لها بشأن تغلغلها في المؤسسات الحكومية وتشكيل «دولة موازية» داخل الدولة، ولكن المكالمات الهاتفية لزعيم الجماعة فتح الله كولن تشير إلى صحة تلك الاتهامات، وتؤكد مدى تحرك الجماعة كـ «دولة» توزع الصفقات والمشاريع على الشركات الكبرى وتدير المؤسسات المالية وتملك جهاز الاستخبارات وتؤسس العلاقات مع رؤساء الدول.
نشرت صحيفة صباح التركية مكالمات هاتفية جرت بين فتح الله كولن المقيم في مزرعة بولاية بنسلفانيا الأميركية وأحد مساعديه، يطلب فيها كولن من مساعده أن يسارع إلى الترتيب مع عدد من رجال الأعمال التابعين للجماعة ليقوموا بضخ مبلغ 300 مليون دولار إلى بنك آسيا، ويأمره بأن يخفي ذلك عن رئيس الوزراء التركي، وأن يبقى هذا الإجراء الاحتياطي سريا. وكذلك يطلب منه التنسيق مع شخصين من أعضاء مجلس إدارة الهيئة الحكومية للإشراف على البنوك، لتجنب قيام الحكومة بحملات تفتيش مالي ضد البنك، وليخبرهم بالإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها تجاه البنك.
ومن علاقات الجماعة وارتباطاتها المثيرة لكثير من علامات الاستفهام، علاقتها مع عائلة كوتش الشهيرة التي دعمت أحداث ميدان تقسيم الأخيرة. وفي المكالمات الهاتفية المسربة، يقول مساعد كولن لهذا الأخير إن أحد رجال الأعمال يتوجه له بالشكر الجزيل لإخباره بتفاصيل حملات التفتيش التي ستشنها الحكومة عليه، ويخبره بأنه نجا من تلك الحملة بفضل المعلومات التي وصلته من الجماعة. ولكن الأغرب في الموضوع، وجود علاقات وطيدة بين الجماعة ورئيس دولة أوغندا. وفي إحدى المكالمات المسربة يقول الشخص الذي يتحدث معه كولن هاتفيا، إن «الأناناس وصل من أوغندا»، ويضيف أن رئيس أوغندا يبلغه السلام، وأنه يطلب من الجماعة أن ترشح رجل أعمال من تركيا لمشروع إنشاء مصفاة نفط. وفي خضم المكالمات يتوصل الاثنان -أي كولن ومساعده- إلى أن الشخص الأنسب للحصول على هذه الصفقة هو مصطفى كوتش، ويأمر كولن بالشروع في تنفيذه. ولم يتضح حتى الآن ما سر «الأناناس» المذكور في المكالمة.
الشاهد في كل هذه المكالمات أن جماعة كولن ليست مجرد جماعة دينية ودعوية، وأن أنشطتها لا تقتصر فقط على المجالات التعليمية والثقافية والخيرية كما يتوهم البعض، بل هي تعمل كدولة افتراضية يقودها فتح الله كولن من مزرعته في الولايات المتحدة، ولها سفراء في كثير من البلدان، وتقوم مدارس الجماعة وشركاتها المنتشرة في أنحاء العالم كسفارات دولة كولن. وهناك «فدائيون» لفتح الله كولن في الاستخبارات والشرطة والقضاء والمؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية، يعملون بكل إخلاص وتضحية لصالح الجماعة في سرية تامة وتنسيق فيما بينهم حسب التعليمات التي يتلقونها من بنسلفانيا.
إفشال أردوغان خطة السيطرة على الدولة بأكملها أفقد جماعة كولن صوابها، ودفع «فدائيي الجماعة» في أجهزة الدولة لمهاجمة الحكومة من كل حدب وصوب لإسقاطها، فيما يشبه هجمات الكاميكازي، دون مراعاة قوانين تركيا ومصالحها، ولكن الجماعة في الحقيقة تنتحر بهذه العمليات الفدائية، لأن الشعب التركي يدرك حقيقة ما يدور، ولن يغفر لمن يشكو بلاده إلى الغرب بأنها تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية ويتمنى ألا يوافق البرلمان الياباني على الاتفاقية التي تم توقيعها خلال زيارة أردوغان لطوكيو لبناء مفاعل نووي في تركيا لإنتاج الكهرباء، وكذلك لن ينسى الجهود المبذولة لإظهار تركيا لدى الرأي العام العالمي كدولة داعمة للإرهاب.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..