وجهات نظر
عبد الكاظم
العبودي
قبل أيام كتبنا عن خزي
الفضائيات المسماة ظلما بـ "العراقيات" التي بدورها تفدرلت وتناسخت وتغوَّلت
طائفيا واثنيا ومذهبيا، وكأنها تقتسم، هي الأخرى، مصائب الشعب العراقي وفواجعه فتتاجر
بها، وتعتاش على الريوع الخاصة والإشهارات المدفوعة الثمن وفق ما تريده منها لعبة
العملية السياسية القذرة وتجار البازار السياسي والإعلامي وسوقهم الدامية الرابحة
هذه الأيام في العراق.
هكذا باتت أحوالنا عند
الاستماع والمتابعة لأخبار العراق التي تصلنا تباعا على الهواء وعلى مقاسات
الدقائق والساعات وهي متلفزة بشظايا الأخبار والبرقيات الدموية العاجلة ، نعود
ونردد مرة أخرى الموال القديم في مناجاة ليلى وعراقها، ولكننا بتنا نخجل ان نكمل
بقية المقطع لكي نقول... يا ليتنا كنا من أطبائها.
أيحق لنا أن نتساءل في زحمة
الانهيار الشامل للقيم في بلادنا:
هل هناك من وطن تسكنه
الفجيعة كما تسكن الفواجع العراق اليوم؟
ومما جاء في مقالتنا ايضا
عن بعض الفضائيات (قناة البغدادية وغيرها من القنوات التجارية يبدو أنها وجدت لها
أبواب وأرزاق ومواد إعلامية متوفرة لتنشرها على مدى الساعات الليلية والنهارية ،
وأضحت وغيرها من سائر الفضائيات تبيع ولاءاتها واستعدادها لتفضيح من يطلب منها
تعرية خصومه تمهيدا للحملة الانتخابية، حسب الطلب ولخدمة من يدفع أكثر.
تتصدر فضائية الشرقية
المشهد الإعلامي بسياسة تضليلية لا يمكن فرزها تماما كخط معارض ومقاوم لما هو قائم
في العراق، وقد خلطت علينا بطريقة ديماغوجية إمكانيات الصفاء في الرؤية الوطنية
الخالصة وهي تلعب عبر الكثير من عناصر خطابها الإعلامي لعبة الصد والغزل وحتى
المراودة مع النظام القائم في العراق وكثير من رموزه الموغلة في الخيانة الوطنية.
وتبدو ضرتها فضائية البغدادية أنها باعت ولائها نسبيا رغم أنها لم تتمكن في يوم من
الأيام ان تقف بحيادية بين ظروف الماضي والحاضر للعراق).
ومنذ قرابة الشهر يفتضح
الدور الإعلامي لمن تاجروا بمئآسي العراقيين في برامج شهر رمضان بتوزيع مشاهد
البطانيات والكهربائيات وحتى دفع إيجار المساكن لبعض العوائل المتعففة حينما
استخدمت ظروف العوز لهم مادة للإشهار والمتاجرة بحقوق الانسان من خلال البرامج
الخاصة لحصد ريع دفع المكالمات الهاتفية وأثمانها الى شركات الهواتف النقالة وحصد
المليارات من الدولارات من ملايين المكالمات التي كانت هذه الشركات تستغفل جيوب
الناس باستقطاع أثمان تلك المكالمات الهاتفية وصبها في جيوب سعد البزاز وغيره.
ما استفزني البارحة ان
"السيدة الفضائية الشرقية" ومثيلاتها التفتن فجأة الى مأساة الفلوجة
فتركت جانبا لعبة حملة "دوسلها" للدراجات الهوائية وبهجة حفلات رأس
السنة الميلادية المنقولة من كل عواصم الدنيا لتنقل لنا خبر نزوح آلاف العوائل
العربية من الفلوجة ومن مدن الانبار، نقلا عن برقيات وردت لها من وكالة الانباء
الفرنسية ورويترز وغيرها، وكأن تلك العوائل قد نزحت الى السياحة نحو كردستان وصلاح
الدين وغيرها من المدن وليس طلبا للأمان والاحتماء تحت العراء والبرد، مرعوبة من
قصف مدافع المالكي وميليشياته المجيشة.
كأن كاميرات فضائية البزاز
وصحافيي الشرقية وهواتفهم كانت غائبة لانها مشغولة بنقل مناظر واخبار كوكب المريخ
البعيد وليس مسافة لا تتجاوز 40 كم عن مكاتبها ببغداد.
ان مأساة الفلوجة الدامية كعادتها
تكشف مرة اخرى زيف المتاجرين بالوطنية العراقية وحتى رفع الشعارات السياسية عند
الكثير والكثير والكثير من رجال الدين والمرجعيات وشيوخ عشائر الأنابيب النفطية
ودعاة التقسيم والفدرلة الذين تنافحت اصواتهم فزعا دفاعا عن دفع نسبة 5 دولار
للبرميل النفطي المصدر من ريوع خزائن العراق المسلوبة التي اختزلها المالكي بالدفع،
لمن أذعن، بدولار واحد فقط عن كل برميل مصدر من ارض هذه المحافظة أو تلك، وكأنه
يطبق عليهم مقولة "جوِّع كلبك يتبعك" وخاصة في تلك المحافظات التي فلتت
من قبضة حزبه الطائفي في الانتخابات المحلية الأخيرة.
الفضائيات تهتم اليوم
بتقسيم العراق والمتاجرة بتحويل الأقضية الى محافظات وتعداد براميل النفط المصدر
من دون عدادات ورقيب وهي تتناسى مأساة مصير الشعب العراقي وتعداد مئات الالوف من
التار الدماء النازفة في محافظة الأنبار وبقية المحافظات العراقية التي تعيش حالة
الغضب وهي تستقبل نعوش أبنائها ما بين جثة جندي قتيل ومواطن آخر صب عليه المالكي
جحيم القصف الهمجي ليحوِّل بيته الى قبر ومدينته الى أثر من ماضي حين يغادرها
مضطرا لكي تنقل وكالة الانباء الفرنسية خبره بشماتة كي تعتاش من الخبر تلك "الشرقية"
وخليلاتها في ليالي الانس ببغداد.
أما ضرتها "البغدادية"
المتاجرة بفضيحة البسكويت ونقل الأخبار مباشرة في ستوديو التاسعة وغيره من فيلات
ومضافات بهاء الأعرجي ومكاتب سادتها الجدد من قادة تيار الأحرار فلم تجد "البغدادية"
ضيرا من تذكر الفلوجة البارحة وبجواب يذكرنا بالمثل "رب قول أقبح من فعل"
ردا على رسالة مواطن من أهل الأنبار يعاتبها هذا الجفاء والتجاهل عن نقل مأساة
أطفال الفلوجة بدلا من الارتزاق والتكرار الممل لفضيحة البسكويت.
لقد عبر ذلك المواطن
الانباري في مخاطبته الدعي انور الحمداني عن استعداد الجياع والمشردين النازحين من
القصف قبول هضم وأكل هذا البسكويت الفاسد حتى وان كان ساما لصد غائلة الجوع التي
تنهش أمعاء أطفال الفلوجة، وكان جواب الحمداني مفضوحا في تبريراته الحشلوكية ووصل
به الامر ان اختتم تلك الفقرة من رده باطلاق العنان لفيديو كليب غنائي يمجد ضمن
فقراته بصور وبطولات العميل ابو ريشة والصحوات الخائنة المقاتلة الى جنب مليشيات
المالكي.
هل علينا ان نذكِّر سعد
البزاز والحشلوك، وغيرهم، ان رصاص جيش المليشيات وقنابلها وحدها ليس هو القاتل
الوحيد فقط في العراق؛ بل ان المتاجرة الرخيصة بالدماء العراقية أكثر خسة ورذيلة،
حينما تتاجر شبكات الإعلام الامريكية والايرانية "المعرقنة" إسميا
ولفظيا ببغداد بدماء وويلات وعذابات أبناء
شعبنا الصابر المُكابر على ضيمه ومأساته.
هل كتب علينا ان نحمد الله
ونشكره ان وضع امكانية نقل الاخبار وصورها المفزعة عن طريق همة ومشاركة وتضحيات
المصورين والهواة المجهولين ممن أوصلوها بشرف وهمة وارادة الى صفحات التواصل
الاجتماعي ومواقع اليوتيوب وتغريدات تويتر لكي يرى العالم جزء من صور مأساة
المذبحة الجارية فصولها اليوم في العراق .
ان غدا لناظره قريب.
هناك تعليقان (2):
المنافقين وعدهم الله بكونهم في الدرك الاسفل من جهنم هذا هو مصير من يتاجر بدماء شعبه وقلة من يسلك طريق الحق على قول الامام علي عليه السلام
الاخ الدكتور ان ماكتبت عنه عن فضائيات الدعاره التي تصف نفسها بالعراقياتهو عين الصواب لان لا البزاز المرتزق والعميل بامتياز ولا اللص الخشلوك ولا غيرهم من المتاجرين بالطائفيه...كلهم يتاجرون بدماء الشعب المسكين الشعب العراقي وباسلوب قذر لا يمارسه الا من اشتغل بالسمسره!!!واضاع شرفه..فلباس ما يفعلون
إرسال تعليق