وجهات نظر
صلاح المختار
في تاريخ الامم والحركات الثورية ظاهرة معروفة تتكرر بلا
انقطاع وهي ان الحروب والازمات تسمح بتسرب عناصر غير مؤهلة ثوريا وعقائديا لتكون
احدى ادواتها التنفيذية وصعودها الى مستوى القادة من العسكر او المدنيين ذوي النشاط
البدني المقترن بالافتقار للذكاء والالمعية الفكرية فيتحول بعضهم الى احد اخطر
الغام الثورة او الحركات الثورية.
عبدالباقي هذا ، مثل غيره ممن وصلوا الى مواقع متقدمة في
الدولة وقيادتها السياسية في كل زمان ومكان وفي ظروف استثنائية ، وليس في العراق وحده ولا في
هذا الوقت فقط، وصل موقعا متقدما في الحزب رغم انه افتقر للثقافة العامة . وحينما جاء اختبار وعيه بوقوعه في فخ (سوات) والقاء القبض عليه لم
يصمد فبعد اربعة ساعات من التحقيق معه من
قبل ضباط المخابرات الامريكية وافق على التعاون معهم ضد الحزب وقيادته وضد العراق كله ، لذلك اطلق سراحه بعد ان تم
التفاهم على خطة خبيثة تقوم على قصف مكان
اجتماع القيادة بحضور الرفيق عزة ابراهيم
او بشن هجوم والقاء القبض على الحضور ، وكان عبدالباقي قد كلف بالخروج من
الاجتماع بأية حجة او غطاء واعطاء اشارة من جهاز يبث لتحديد المكان كي يقصف او
يهاجم .
محدودية وعيه جعلته ينكشف فقد تغيرت تصرفاته مع رفاقه
واخذ ينتقد ويهاجم ويتهم كثير من رفاقه ، فجلب الانتباه الى ظاهرة اصبحت تلفت
النظر، ولكن المفاجئة الكبرى كانت معلومة وصلت الى الحزب من مصدر موثوق جدا تقول بان الادارة الامريكية
وعدت نوري المالكي اثناء زيارته الاخيرة
لامريكا بانها ستسلمه الرفيق عزة ابراهيم حيا او ميتا قبل الانتخابات في
نيسان القادم اي في شهر اذار ليكون ذلك مكسبا انتخابيا للمالكي يضمن به اعادته
رئيسا للوزراء للمرة الثالثة . عندها استنفرت مخابرات المقاومة والبعث (عيونها )
الساهرة الى ان عثرت على اللغم وهو عبدالباقي السعدون . وعرفت قصته بعد
الاعتقال وما جرى فيها . وبالطبع فان
الامر كان يتطلب عزله لحين فصله بعد التحقيق معه ولكنه لم يكمل التحقيق معه
وتعجل فبث خطابه الاول ليؤكد تأمره . ثم
جاء خطابه الثاني ليكشفه نهائيا كخائن للشعب قبل الحزب .
ما طرحه عبدالباقي امور تؤكد سقوطه الاخلاقي قبل سقوطه
الوطني وفيما يلي بعضا مما فعله هذا المرتد :
1 - زور الحقائق
باتهام الحزب وامينه العام بامتلاك الملايين من الدولارات وهو امر كاذب لان الحزب
يعاني من فقر شديد منذ ما بعد الغزو بقليل
ولو لم يكن هذا الفقر موجودا لكان العراق قد تحرر منذ عام 2005 . ولعل
عدم النجاح في ما هو ابسط من تحرير العراق بكثير وهو فتح قناة تلفزيونية
بسبب عدم توفر المال تأكيد حاسم على فقر
الحزب ماديا ، وكل بعثي وكل من لديه معرفة بالمناضلين البعثيين داخل وخارج العراق
يعرف ان البعث فقير ماديا رغم انه غني اعتباريا لانه اكد انه طليعة الامة وزاد على
ذلك وقدم ثمنا لم يقدمه اي حزب اخر غيره ، رغم انه لو كان يريد المساومة لتمتع
قادته واعضاءه بعيش رغيد ولما تشردوا في العالم او عانوا من الفقر والعوز داخل العراق .
ان كذبة امتلاك الملايين تكشف السقوط الاخلاقي المريع لعبدالباقي . ولم يكتفي بهذه الكذبة بل روج
سلسلة اكاذيب كلها مشتقة من الدعاية الايرانية والامريكية وضعت لتشويه صورة
الحزب ومن السهل على من سمع بها ان يدرك
الى مستوى منحط هبط .
2 – اما سقوطه الاخلاقي الاشد وساخة فهو ما قام به من
تلفيق وتزوير اتهم فيه الحزب
وقيادته باطلاق صفة الشروكية على اهلنا في الجنوب والوسط ! وكلنا يتذكر الساقط
عبدالجبار محسن الذي تطوع وتبعه عبدالباقي لترويج
احدى اهم قواعد الدعاية الايرانية التي تقول بان البعثيين يكرهون اهل
الجنوب ويصفونهم بالشراكوة ! ان هذا الاتهام
تأكيد ساطع على ان عبدالباقي مثل
جبار المقبور يخدم مباشرة المخابرات
الايرانية ويحاول العثور على اغبياء ساقطين ليصدقوا كذبته الوسخة .
كل
العالم يعرف بما ذلك ايران ومخابراتها بان البعث يتمتع بجماهير واسعة في جنوب
العراق وهذه الحقيقة هي التي جعلت المالكي وحزب الدعوة يكررون التحذير من مخاطر
وجود البعث في الجنوب ، وتجلى ذلك في كربلاء مؤخرا حينما هتف متظاهرون بحياة
القائد الشهيد صدام حسين امام قائمقام المنطقة ونقلت ذلك شبكات التلفزيون ناهيك
على التظاهرات في الجنوب والتي اتهم فيها البعث رسميا ، وخط الشعارات البعثية على جدران
البيون وتوزيع بيانات الحزب في البصرة العمارة وغيرها من مدن الجنوب في تأكيد حاسم
على ان البعث حزب ابناء الجنوب مثلما هو حزب انباء الوسط والشمال .
ولمعرفة
حجم وساخة هذا السقوط الاخلاقي نشير الى ان حزب الدعوة احتفل احتفالا كبيرا بما
قاله عبدالباقي وطلب من اثنين من عملاء ايران الحاقدين على العراق وشعبه هما حنان
فتلاوي وقيس العامري الظهور في قناتين من قنوات الاحتلال في ندوة خاصة لترويج ما
قاله عبدالباقي عن الجنوب وابناء الجنوب .
اما صحافة اتباع ايران ومنابرهم فقد تفرغت في الايام السابقة للترحيب ب(الصاحب ) الجديد لهم .
3 –
اما لابعثية عبدالباقي ، وكونه مجرد حزبي مثل حوالي خمسة ملايين حزبي انتموا للحزب
بعد استلام الحزب للحكم ، فهي ناتجة عن فقره الثقافي وتدني وعيه فهي تتجلى في انه
اصدر قرارا بفصل امين عام الحزب مع انه
اقل مستوى منه فهل يجوز في عرف ونظام اي جمعية او نقابة او حزب ان يقوم الادنى بفصل
الاعلى المنتخب الا في حالتي الخروج على الشرعية والتأمر ؟ وهنا يجب ان نشير الى حقيقة يعرفها عبالباقي
جيدا وهي ان فصل الامين العام ليس من صلاحيته او صلاحية اي طرف اخر ، خصوصا لان الامين العام ودوره الان في ظل الاحتلال ووجود
مقاومة للاحتلال يتولى الامين للبعث قيادتها
تمنحه صلاحيات اضافية وحصانات ثابته ، فهو يخوض معركة الامة كلها وليس
معركة العراق فقط . ولهذا السبب منحت القيادة القومية وهي اعلى قيادة في حزب البعث
العربي الاشتراكي منذ سنوات صلاحياتها كافة للرفيق الامين العام ، وقبل ايام وبعد
طردها لعبدالباقي من الحزب شر طردة تتناسب
مع حجم خيانته اعادت تجديد منح صلاحياتها للرفيق
المناضل عزة ابراهيم الامين العام للحزب في اشارة واضحة الى دوره الاستثنائي في
حياة الحزب والامة في هذه المرحلة الخطيرة . فكيف يمكن لانسان لديه ذرة وعي والحد الادنى من التربية البعثية ان يقدم على
فصل الامين العام ؟
لهذا
فان اشد الناس بساطة وثقافة سخر من قرار عبدالباقي فصل الرفيق الامين ، فهو جاهل ليس فقط بعقيدة البعث وتقاليده وضوابطه
التنظيمية بل هو ايضا جاهل بحجمه وقدراته من جهة ، واكثر جهلا بحجم ودور القادة
العظام وفي مقدمتهم الرفيق عزة ابراهيم الذين يقودون الحزب ببسالة منقطعة النظير
من جهة ثانية .
4 -
اما فضيحة عبدالباقي الاكبر التي تثبت بالقطع انه جاهل كليا بالبعث
وهويته فهي ما فعله عندما فتح صفحة في تويتر باسم ( حزب البعث الوطني ) !!! وهنا
علينا الانتباه الى حقيقتين :
الحقيقة
الاولى ان من يستطيع بهذه السهولة اطلاق تسمية على الحزب الذي اسسه وهو ( البعث
الوطني ) يقدم دليلا اخرا حاسما على انه متخلف
فكريا وغريب على الحزب وعقديته ، فالبعثي الحقيقي لا يستخدم اوصافا مثل هذه ، لسبب بسيط هو ان البعث حزب وطني بالفطرة وبالسيرة
العطرة ، لذلك فان اول نتيجة لاضافة صفة الوطني للبعث هي انه يتهم البعث كله بانه
ليس وطنيا وهذا الامر لا يقوم به حتى نصير في الحزب ! كما انه يعترف مباشرة بان الحزب كله قد لفظه ورماه
في مزبلة الخونة لذلك اختار اسما اخرا ! انه
تعبير دقيق عن تخلف مريع وحقد اعمى اغلق بصيرته وبصره وجعله يسعى للانتقام ممن
كشفوا الدور الذي كلفته به المخابرات الامريكية بأي طريقة ومهما كانت تجلب له عار
الخيانة والسقوط .
الحقيقة
الثانية انه يعترف بانه وحده ومعه بضعة انفار من اقاربه – ولا نقول من هم بالاسماء
حرصا على سلامتهم - وليس معه رفاق بعثيين ، ولهذا عجز حتى عن الاتصال بالقيادة
القومية قبل طرده وبعد طرده لعرض رأيه ان افترضنا ان لديه راي وليس فعل خيانة .
هذا الانسان فرد معزول بمفرده وهو الان مع اقاربه يعانون من عزلتهم وخيبتهم ! ولو كان لديه حتى بضعة انفار من غير
اقاربه لقام اولا بمحاولة اقناع القيادة القومية ببحث امره بصورة نظامية مستندا الى انه ليس فردا منعزلا لكنه متخلف فكريا ومعوق وطنيا لذلك لجأ فورا الى
اذاعة بيان رقم واحد واعلن نفسه امينا عاما للحزب ، على موسيقى هلاهل حنان
الفتلاوي ، والتي بثها من قناته مهرب السجائر الشهير وسارق الامانات ، وعندما ادرك
انه بمفرده مع اقاربه انشأ له حزبا اسماه ( البعث الوطني ) دون ان يعي او يفهم معنى ودلالات هذا الاستخدام ! فاي تفاهة وسذاجة
وانحطاط هذا الذي يحركه ؟ اتصل بي اكثر من
شخص وقالوا لي كيف وصل هذا الشخص لموقعه وهو لا يعرف معنى البعث ؟
5-
اما توقيت عمل الخيانة الذي قام به فهو يقدم ادلة مضافة على انه عميل حتى لو لم
تكشف المؤامرة ، ففي هذا الوقت الذي يخوض فيه شعب العراق معركة تحرير وطنه وتصل
الى مرحلة كسر العظم مع ايران وتوابعها
يقفز هذا الشخص ليقف مع اعداء العراق في اثارة المشاكل ومحاولة شق الصفوف ،
وهذا العمل بحد ذاته مؤشر لتركيبته الاخلاقية الهشة ولسطحية ثقافته وروادعه الوطنية
والقومية في ان واحد ، فاي انسان لديه ذرة شعور باهمية المصلحة العامة كان يتجنب
التورط في تأمر مفضوح مثل الذي قام به عبدالباقي .
نعود
الى ما بدأنا به : اولئك الذين يصعدون في بيئة الحروب والصدامات دون اشتراط
امتلاكهم مستوى فكريا وعقليا محددا يقعون
في ظرف ما في فخ اوهامهم ، او فخ من يقنعهم بانهم يستحقون مواقع اعلى لتوريطهم في اعمال اجرامية تخريبية ، وعبدالباقي
السعدون ورطته المخابرات الامريكية بفكرة انه يمكن ان يكون بديلا لقيادة البعث ،
لكنه ويا لخيبته وسوء اعماله وليس سوء حظه وجد نفسه في اسفل السافلين معزولا ومنبوذا
من اقرب الناس الذين كانوا يحترمونه . ولو انه بقي لديه شيء من الاحترام لنفسه
وكان بريئا من العمالة لاعتزل بصمت وتجنب
القيام بعمله اللااخلاقي والخياني .
البعثي
الاصيل حينما يعتقد انه ظلم من قبل حزبه – وعبدالباقي لم يظلم وهو الظالم - يصمت
ويتحمل ويحاول كشف الحقائق بالطرق الاصولية لحين معرفة الحزب انه ظلم فيعيد اليه
الاعتبار ويحاسب من ظلمه ، لكن الحزبي الذي انتمى للحزب سعيا وراء المنافع بعد
استلام الحزب للحكم ، وليس لايمانه بعقيدة
البعث ، لا يصبح بعثيا لسبب بسيط هو ان عقله اغلق على فكرة ان الحزب مجرد وسيلة
للنفع الشخصي .
هناك تعليقان (2):
الخيانة صفة دونية حقيرة يستحقها من ينقلب على عقبيه لاسباب لاتتعلق بجوهر الفكر-العقيدة او المبدا الذي سبق وان اعتنقهاو تظاهر بذلك.
لكن لنتسائل لماذا جئ بعبدالباقي لموعد قيادي وهو بهذا الوصف الذي وصًف به .هناك مئات من البعثيين الاصلاء المقتدرين الاوفياء لفكر البعث سحقت فرصهم في القيادة لاسباب غير موضوعية
وعبدالباقي والذين على شاكلته هم كانوا من الاسباب الاساسية لما حل بالعراق. لوموا الذي عيًن عبالباقي اساسا في القيادة قبل سقوط العراق اذا وددنا ان نكون موضوعيين.
أؤيد تماما كلام الغير معرف الذي سبقني .. للأسف أكثر من كانوا يصعدون ويبرزون هم المنافقون او الذين لديهم واسطات للبروز وتقديمهم على أنهم هم وبس ، وهذا ينطيق ايضاً حتى على الكثير الفئات الإعلامية والثقافية ومنتسبوا المؤسسات ألأخرى
إرسال تعليق