بعد أن نشرت (وجهات نظر) قبل أيام، موضوعاً عن المسؤولية الأميركية في تدمير العراق بادر أخي وصديقي الخبير العراقي الأستاذ سرور ميرزا محمود بكشف جريمة أخرى قامت بها الإدارة الأميركية المجرمة في العراق، وذلك بالسماح للرعاع بالاستيلاء على مواد مشعة وكميات من حاويات مادة اليورانيوم التي كانت منظمة الطاقة الذرية العراقية تحوزها في مجمع التويثة بجنوب بغداد.
والمقال التالي، الذي بعثه لي مشكوراً الأستاذ سرور ميرزا، يوضح أبعاد هذه الجريمة بالتفصيل.
مصطفى
..........
مخاطر التسرّب الاشعاعي في العراق
شهادة مضافة حول المسؤولية الامريكية في تدمير العراق
سرور ميرزا محمود
من المحزن والمثير للأسى أن نعيش عالم الجريمة المنظمة التي يتغاضى عنها المجتمع الدولي، الذي أصبح لا يقدر ولا يحترم مواثيقه الدولية التي وقعها في ضوء العلاقات والتزاماتها القانونية والأخلاقية، إن موضوع المسؤولية له أهمية خاصة في مجال العلاقات الدولية في كل نظام قانوني سواء كان داخلي أم دولي وجوهره الضمانات التي تكفل إحترام الإلتزامات الدولية التي يفرضها على الأشخاص والممتلكات والإرث التأريخي، وهو الذي يحوي قواعد أخلاقية لتنظيم الحياة للحد من الحروب وكوارثها، لهذا فإنه يفرض التزامات ويحظر ممارسات ويطبق بضوئها مسؤوليات مدنية وجزائية، وتأسيساً على ذلك، فإن ماحصل على العراق وشعبه من حصار وعدوان وإحتلال إرتكبته الولايات المتحدة وبريطانيا ومن سار معهما كعناوين وممارسات، غير آبهين بما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة وغير ملتزمين بموجب القانون الدولي بما فيها إتفاقيات جنيف 1949 وقواعد لاهاي 1907.
لنضع سياقات ماحدث من (فوضى خلاقة) بدأت خيوطها تطبق منذ بداية الإحتلال لنتاج مدروس ومهيأ له مسبقاَ وكما يلي:
1- ألم يحدث تفتيت هيبة الدولة العراقية وبالتالي تدميرها من خلال حل مؤسساتها العسكرية والأمنية ونهب ممتلكاتها؟ ألم يكن ما حصل فوضى خلاقة؟.
2- ألم يسرق الأرشيف الإنساني والمتاحف التأريخية وكنوزها وتخريب المواقع الأثرية والمخطوطات ونهبها؟ ألم يكن ذلك جزءاً من الفوضى الخلاقة؟.
3- ألم تسرق مؤسسات الدولة قاطبة ما عدا وزارة النفط ولم تسلم منها حتى المستشفيات الحكومية والأهلية؟ ألم يكن ذلك جزءاَ من الفوضى الخلاقة؟.
4- ألم يجرِ تدمير للهوية الوطنية وتنوعها الأثني والقومي؟ ألم يكن ذلك جزءاً من الفوضى الخلاقة؟.
من خلال هذا الطرح المبسَّط، وليس الموسَّع والتفصيلي لما حدث، أعطت أمريكا مفاتيح اللعبة في العراق لإيران لتتوغل وتستغلها لتحقيق مصالحها بغية تنفيذ أهدافها وفق ما يحلو لها بعد أن جاءتها الفرصة السانحة على طبق من ذهب، لم تكن تحلم به سابقاً.
هذه العناوين والممارسات وما سنضيف اليها ليست إلا تكملةً لما طرحته المقالة الهادفة والمنادية والمحركة للأستاذ مصطفى كامل في موقعه (وجهات نظر) والتي إطلعنا عليها وتحت عنوان (المسؤولية الأميركية في تدمير العراق.. شهادات ووثائق) باعتبارها صيحة حق يجب أن تبدأ من الآن لأن تاخير تحريكها سيكون متأخراً جداً.
وهنا نؤكد على الموقف المريب حقاً الذي وقفته الإدارة الأمريكية من التلوث البيئي الخطير، الذي يهدد الشعب العراقي، حيث ألحقت قواتها أبلغ الأضرار البيئية والصحية، مهددة حاضره ومستقبله، حيث يؤكد العلماء أن تأثيرها لن يقتصر على جيله الحالي، بل وسيطال أجياله اللاحقة ووقفت موقفاً لا مبالياً حيال التلوث الإشعاعي، الذي حصل عقب عمليات السلب والنهب، التي جرت في العراق، وطالت المواقع النووية العراقية، وأسفرت عن سرقة العشرات من الحاويات والبراميل والصناديق المخصصة لحفظ الملوثات، وسكب محتوياتها..
|
ولم يتحرَّك الأميركيون إلا بعد أن تحرَّكت معنا فرق الطوارئ وبعض من منتسبي منظمة الطاقة الذرية العراقية، الذين يسكنون في المجمع السكني داخل التويثة حيث تم ملاحقة الرعاع وإرجاع اليورانيوم الى الحاويات.
والجدير بالذكر أن محاولاتنا وزملاءنا في فرق الطوارئ للإتصال والتحرك على قادة من الجيش الأميركي في المطار من خلال وحدتهم العسكرية المتواجة في التويثة، وتنبيههم بأن ما يحصل سيكون كارثة بالإضافة لإمكانية سرقته من قبل إيران، هذا التصرف المسؤول أسهم في الحفاظ على اليورانيوم من السرقة، وفي عام 2008 إعترف الأمريكان أنهم كانو يخشون سرقة اليورانيوم ولهذا باعوه الى كندا، اما اليورانيوم الواطئ التخصيب والمواد المشعة فقد نقلت الى أميركا في العام 2004 (كتبنا عدة مقالات منشورة بشأن الموضوع) ألم تكن هذه الحادثة ضمن الفوضى الخلاقة؟
خبراء عراقيون متخصصون يجمعون حاويات المواد الكيماوية في مجمع التويثة النووي جنوب بغداد |
لقد تجاهلت الإدارة الأمريكية مناشدة الخبراء العراقيين، للقوات الأميركية المحتلة، وللجهات الدولية المعنية، وفي المقدمة منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن تتدخل فوراً لدرء الخطر والسيطرة عليه، وتوفير الحماية للمواطنين منه، وإجراء مسح شامل في المنطقة المحيطة بمجمع التويثة النووي، ومن ثم في المناطق الأخرى، للتأكد من عدم إنتقال التلوث اليها.
وأهملت الولايات المتحدة، عمداً، تقارير ميدانية تؤكد خطورة الوضع، كشفت عن معدلات عالية للإشعاع المتسرب في المنطقة المحيطة بمقر منظمة الطاقة النووية العراقية في التويثة، والأمر ذاته ينطبق على مخزن النفايات النووية الذي يحتوي على كميات كبيرة من المركبات والمساحيق والمواد المشعة، وقد تسرَّب بعضها بالفعل.
وأكدت التقارير أن خطراً حقيقياً ومرعباً انطلق من هناك، وبحسب تحذير العلماء، لن توقفه أي حدود ما لم يتم تداركه، وقد ظهرت أولى نتائج ما حدث في المناطق المجاورة لمجمع التويثة، حيث تعرَّض المواطنون لجرعات متفاوتة من الإشعاع، بسبب استخدامهم للحاويات الملوثة، وسجلت أجهزة القياس معدلات عالية من الإشعاع في منازلهم وعلى مواشيهم وطيورهم.
ونبَّه الخبراء، الى أن محاولة الأهالي التخلص من التلوث بطرق غير صحيحة أدَّت إلى نشره في رقعة أوسع، وحذروا أيضاً من ان مواد كيميائية قاتلة وغازات سامة وبكتيريا وجراثيم تستخدم للأغراض التجريبية فقدت، وإختفى البعض من حاويات النظائر المشعة.
وفي ظل الشلل التام لمنظمة الطاقة الذرية العراقية المسؤولة عن مثل هذه الحوادث، بسبب العدوان والانفلات الأمني الذي أعقبه، وعدم قيام القوات المحتلة بأي إجراء جدي مطلوب، تفاقمت المشكلة، لاسيما وان بعض سرّاق البراميل والحاويات يجهلون ما فيها، فقاموا بنقل التلوث الإشعاعي الى بيوتهم، وعرَّضوا عوائلهم لخطره، ولجهلهم أيضاً تصرفوا مع محتوياتها بطرق عشوائية مختلفة، ألحقت أضراراً بالبيئة العراقية، قد تتعدى أخطارها الحدود العراقية، حيث كان البرميل الواحد يحتوي على 300-400 كغم من اليورانيوم المشع، النوع المسمى" الكعكة الصفراء وقد سكبت كمياتها، إما على الأرض، او في نهر قريب، او في بالوعات منزلية، وإستخدم الاهالي البراميل الفارغة، الملوثة بالإشعاع، لخزن الماء، ولحفظ الاغذية، ولجمع الحليب، ونقلوا منه، بواسطتها، كميات كبيرة الى معامل تصنيع الألبان، وشربوا منها الماء والحليب، وتناولوا الطعام، وتناول الآخرون الأجبان الملوثة بسببها.
أطفال من قرية الوادية ينقلون إلى منازلهم براميل مياه نظيفة قدمتها منظمة غرينبيس بدلا عن البراميل الملوّثة بمواد مشعة |
والطامة الكبرى أن القياسات الإشعاعية، التي أجريت للعشرات من البيوت المحيطة بمقر منظمة الطاقة الذرية العراقية، بيَّنت تسرب التلوث الإشعاعي الى كل مكان، حتى في الأفرشة والملابس، ووجدت في أزرار ملابس طفلة بعمر 10 سنوات، وكان بدرجة خطيرة جداً، بلغت أكثر من 500-600 مرة، وكان التلوث بيورانيوم "الكعكة الصفراء"، وهناك تلوث أخطر بنظائر مشعة، كانت محفوظة في حاويات، وكان شكلها جذاباً، يشبه العملات المعدنية، جميلاً وبراقاً، فيتصوره الإنسان العادي عملة معدنية، أو تحفة ثمينة، حيث نهبت هذه النظائر المشعة الخطرة أيضاً، ووضعها السراق في جيوبهم، وربما قدموها لأطفالهم، أو هم يحتفظون بها حتى الآن في بيوتهم، وربما انتقلت من مكان الى آخر، والجميع يجهل خطورتها كمادة مشعة، ستسبب لهم ولذويهم وللآخرين، مخاطر صحية كثيرة. فكل من لمسها او اقترب منها معرض للخطر، ليس بالضرورة الآن، وإنما بعد أشهر، أو بضعة سنوات، حيث من المؤكد تعرضه لخطر الإصابة بالسرطان والأورام الخبيثة والتشوهات الولادية وغيرها، وقد تبدأ الأعراض على نحو بسيط، مثل الصداع والتقيؤ، وتنتهي بالوفاة، إذا كانت الجرعة عالية، وقد تبدأ على نحو اَخر، بشكل بطيء.
|
وفي هذا السياق رفضت الإدارة الأميركية إزالة مخلفات العدوان الأخير، المطلية باليورانيوم المنضب، المنتشرة في أرجاء العراق، بذريعة أنها "غير مضرة"، وهي تعلم أن ذخيرتها بقدر ما هي سلاح فعال ضد المدرعات، فإنها خطيرة جداً صحياً وبيئياً، لكونها مصنعة من النفايات النووية، ولها تأثير مركب- إشعاعياً وسام كيماوياً- كما أثبت العديد من العلماء المتخصصين المستقلين، ومنهم العالم الألماني سيغفرت هورست غونتر، والعالم الأمريكي دوج روكي، والعالم البريطاني غريس بسبي، والعالم الكندي هاري شارما، والعالم الأمريكي (كرواتي الأصل) أساف دوراكوفيتش، والباحث البريطاني داي وليامز، والباحث التشيكي يان فالو.
ولم تسمح الإدارة الأميركية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP بدخول العراق لإجراء مسح ميداني شامل لتقييم المخاطر البيئية الناتجة عن استخدام أسلحة مزودة بمواد كيماوية سامة او يورانيوم منضب، مع ان رئيس البرنامج د.كلاوس توبفر نبه الى ان صحة العراقيين معرضة للخطر بسبب القذائف الخارقة للدروع المحتوية على اليورانيوم المنضب، التي استخدمت في عدوان عام 1991، والعدوان الاخير، وقد تحولت هذه الاليات المدمرة الى مادة اولية دخلت في الصناعة العراقية المحلية والاواني المعدنية تحديداً بعد ان رفضت دول الجوار العراقي استقبال الملوث منها بالاشعاعات والمواد الكيميائية حيث اعترفت الكويت والامارات بانها اعادت شحنات من السكراب الملوث الى العراق بعد ان اثبت الفحص بانها تحتوي على مواد اشعاعية وسامة.
ويضاف للدمار البيئي الذي خلَّفته عمليات السلب والنهب، التلوث الناجم عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا والتي تحتوي على مواد مشعة ذات تأثير خطير على البيئة والانسان والحيوان والنبات، وتشير الدراسات، ومنها الدراسة العلمية الميدانية التي أجراها المركز الطبي الدولي لأبحاث اليورانيوم UMRC في سبتمبر/ أيلول ـ أكتوبر/ تشرين الأول 2003، التي وجدت ان التلوث الاشعاعي منتشر في كافة مدن وسط وجنوب العراق، بدرجة خطيرة بلغت في بعض المواقع التي تعرضت للقصف بذخائر اليورانيوم المنضب، نسبة تزيد على 30 ألف مرة أكثر من الحد المسموح به، وقد تعرض اثنان من الفريق العلمي الذي قام بقياسات الإشعاع في المناطق المضروبة، هما البروفسور تيد ويمان من كندا، والدكتور محمد الشيخلي من العراق، للإصابة بأعراض تسمم إشعاعي برغم أنهما لم يمكثا في تلك المناطق أكثر من أسبوعين، وكانا يتخذان مع باقي أعضاء الفريق العلمي إجراءات وقائية ..فما بالك لو مكثا فترة أطول، أو كانا متواجدين أثناء القصف العدواني؟
ويحقُّ لنا، أخيراً، أن نتساءل:
* ألم تسمح أمريكا بسرقة أجهزة ومعدات ومختبرات منظمة الطاقة الذرية واختفائها وقسم منها وصل إيران؟
* ألم تسمح أمريكا بسرقة سجلات وأضابير منتسبي الطاقة الذرية، وأين هي الآن؟
* ألم تسرق كافة الكتب العلمية النفيسة والتقارير العلمية والمصادر والبحوث وأفرغت مكتبة منظمة الطاقة الذرية، ومن استفاد منها؟
* ألم تسرق كافة المواد المختبرية والأجهزة لمعهد التدريب التابع للمنظمة في منطقة الزعفرانية، ومن إستفاد منها؟
*ألم تتلوث مناطق في التويثة نتيجة سرقة الرعاع لحاويات اليورانيوم لتضاف الى 350 موقعاً سبق إن لَّوثته القوات الأمريكية ومن معها نتيجة إستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب؟
* ألم تُلغَ منظمة الطاقة الذرية العراقية بالتزامن مع صدور قرارات الطرد والإحالة على التقاعد لكوادرها وتشتيت منتسبيها؟ والسؤال من إستفاد من ذلك الإجراء؟
هذه المعلومات لم نستقيها من مصادر او نقلاً عن شهود، وإنما عايشناها وزملاء لنا شاركونا أحداثها ويشهدون بذلك وهم أحياء، ومن الله التوفيق.
ملاحظة من الناشر:
هناك تعليق واحد:
د. عدنان
وازيدكم علمآ بكارثه اخرى حصلت عندما قام بعض الغوغاء بسرقات تلك المراكز لينتشلو منها صفائح الالمنيوم ومعدن الفافون ليقومو بعدها وبالاطنان لبيعه لمعامل صنع الاواني والقدور وبكميات كبيره جدآ كنا نراها محمله في السيارات الكبيره حيث تم بيع ذلك باسعار تكاد تكون بسيطه وقامت تلك المعامل التي تقع غالبيتها في مناطق شعبيه في بغداد بل وحتى في المحافظات الاخرى بتصنيعها كاواني وقدور في مختلف الاحجام فتلك هي جرائم اخرى نفدتها الدول التي اشتركت بالعدوان واستغلها غوغاء ما يسمون انفسهم ابطال الانتفاضه الشعبانيه هم نفسهم غوغاء 1991 عادو في العام 2003 ومن جانب اخر هل تعلمون ان ثلاجات ومجمدات المختبر المركزي الواقع في منطقة العلويه قرب شارع 52 في جانب الرصافه كانت مجاميع من الحواسم قد داهمت المختبر لترمي من تلك الثلاجات والمجمدات نماذج كثيره وكبيره ومتنوعه من التحليلات المرضيه التي كانت موجوده في الخزن بغيه التشخيص المرضي لها ومنها امراض خطيره تم رميها بالشارع لكي يستحوذو على تلك الاجهزه وهكذا هذا نموذج مما حصل فاين انت ياشعب العراق لك العون ولك المجد من هؤلاء الى يستحق كل من امتدت يده اللعنه .... لعنهم الله وملائكته ومعهم كل من امتدت يده على مال ليس له أولاءك الذين يدعون ( الحواسم ) علمآ بان هناك وفي كل مناطق بغداد ولربما المحافظات من يحتفظ باسماء اولاءك السراق الذين لن ولم يفلتو من قبضه الشعب الحر الابي
إرسال تعليق