أدرك جيداً ان هذا المقال سيولِّد ردود فعل متباينة، ليس لموضوعه فحسب، بل لأننا في (وجهات نظر) لم نعتد الدفاع عن أشخاص بعينهم، مهما بلغت مكانتهم من السمو والتقدير لدينا، ولكن لأن مضمون المقال لايعني الشيخ الجليل حارث الضاري، وحده، بل يمسُّ مشروعاً وطنياً رائداً ومهماً مثل هيئة علماء المسلمين في العراق، فقد إرتأينا نشر المقال.
فهذا المقال الذي وصلني عبر البريد الإلكتروني، وكما أوضحنا في العنوان، دفاع عن المشروع الوطني العراقي في مواجهة المشاريع التقسيمية الطائفية والعرقية، وإحقاقاً للحق، وتبرئة لساحة هذه الهيئة المجاهدة، التي عبَّرت، من خلال قياداتها وعبر الزمن الممتد منذ تأسيسها وحتى اليوم، عبَّرت بكل وضوح عن موقف أصيل ثابت في مواجهة العدوان الأميركي وأذنابه الأراذل المتحكمين بالعراق، ومشاريعهم، وهو الموقف الذي جرَّ على قادتها ورجالاتها عداء كل المنضوين في المشاريع الاحتلالية البغيضة على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية والمذهبية.
ومع انني أعرف الشيخ المجاهد حارث الضاري وقيادات الهيئة معرفة جيدة وتفصيلية تسمح لي بالإدلاء بشهادتي على سلامة موقفهم ونزاهتهم وحسهم الوطني العالي، الا انني آثرت أن تكون مواجهة الاقلام الصفراء التي كتبت،خائبة، عن الشيخ الضاري وهيئة علماء المسلمين في العراق، عبر أقلام محايدة حتى لاينبري متقول أو موتور ليقول ان شهادتي في هذا الهيئة ورجالاتها مجروحة، جراء ما أشرت إليه من علاقة.
علما انني كنت كتبت هنا مقالاً أوضحت فيه، مبكراً، المكانة التي تتبوأها الهيئة كحقيقة جديدة في المشهد السياسي العراقي.
مصطفى
..........
دفاعاً عن الشيخ المجاهد الدكتور حارث الضاري
رداً على مقالة الكاتب عبدالله عبدالله
محمد المازن
في مقال آخر ، وعلى غرار ما كتبه السيد شافي الصعب.. كتب السيد عبد الله عبد الله تحت عنوان: الرموز الوهمية ... حارث الضاري نموذجاً.
وما أدرانا قد يكون الكاتبان شخصا واحدا، أو على الأقل ينتميان إلى جهة واحدة ارتأت في هذا الوقت الذي بدأت الأنظار تتطلع فيه إلى الشخصية الوطنية حارث الضاري أن تعمل على النيل منه، وتشويه مكانته، حفاظا على مكاسبها، وإبقاء على الوضع الذي باتت تعيش فيه مثل الطفيليات، لا يروق لها جسد معافى، ولا تدوم لها الحياة مع وجود المطهرات، ووسائل التعقيم.
لقد عد الكاتب عبدالله الدكتور الضاري من الرموز الوهمية التي أفرزها واقع البلد في ظل الاحتلال، بسبب المواقف المتصلبة والمتشددة، وكان للإعلام ـ حسب رأيه ـ دوره في صقلها، وتقديمها للجماهير، وإبرازها كشخصيات لها بطولات ومنجزات ومواقف تاريخية، بينما يرى الكاتب أن الرموز الحقيقية هي التي تفرض نفسها وتُثبت حضورها بمواقفها وأعمالها الداعمة لقضيتها التي تتبناها وتسعى لنصرتها والدفاع عنها، ولم يتحفنا السيد الكاتب بنماذج لهذه الرموز، ولكنه قطعا يعني أقطاب العملية السياسية في ظل الاحتلال من المكون السني ،أمثال طارق الهاشمي، وصالح المطلك وحاجم الحسني ومحمود المشهداني ورافع العيساوي وإياد السامرائي ومن درج مدرجهم؛ لأنه ـ على مايبدو ـ سني المذهب، ويتكلم بطائفية محضة.
أبرز مآخذ الكاتب على الشيخ حارث الضاري هي:
أولا: الإصرار على خطاب مستهلك لا جدوى منه، وترديد بضع كلمات حول واقع العراق المظلم في ظل الاحتلال الأمريكي، وهو بذلك لم يأت بجديد ـ كما يزعم ـ وإنما تكلم بما يتحدث به العوام في مجالسهم وطرقاتهم.
ثانيا: الإصطباغ باللون الوطني على الرغم من أن جميع الأطراف كانت تصنف هيئته على أنها سنية، والتغطية على الكوارث الكبرى والطوام والمصائب التي نزلت على "العرب السنة في العراق" الشريحة الذين يُفترض أن يمثلهم حارث الضاري وينطق باسمهم.
ثالثا: كون التيار الصدري الذي كانت الهيئة تتودد له وتُدخله قسراً في صفوف المقاومة السنية؛ أشد المتهمين للهيئة برعاية الإرهاب.
رابعا: إصرار الضاري على التقرب والتودد من شيعة العراق لا يخدم القضية السنية التي يُفترض بالضاري أن ينصرها ويحشد الدعم العربي لها.
خامسا: يُصّر الخطاب الذي تبنته هيئة علماء المسلمين على إدخال العنصر الإيراني في مشروع مقاومة المحتل وتحرير العراق وإعادة بناء الدولة الوطنية.
وأي منصف له قدر نقير من الوعي يتبدى له أن هذه المآخذ ـ باستثناء الأخير ـ ليس فيها ما يعيب، بل هي مناقب، يستحق عليها الشيخ الضاري التقدير والثناء، وهي بالفعل مؤهلات كافية له لرعاية مشروع وطني لإنقاذ العراق، رغم ان الرجل لم يدع هذا، ولم يسع له.
فالخطاب الذي وصفه الكاتب بالمستهلك، والكلمات التي وصفها بأنها مما يتحدث به الناس في مجالسهم، هي تمثل ثوابت القضية العراقية التي لا يمكن المساومة عليها، وهي التي عرفت باللاءات الست: لا للاحتلال.. لا للعملية السياسية في ظله..لا للمحاصصة الطائفية والعرقية.. لا لدستور الاحتلال..لا للاتفاقية الأمنية معه.. لا لتقسيم العراق..
ولست أدري لماذا تغيض هذه اللاءات كاتبنا، وهي التي تقرها أصول الدين، وهي اليوم تحوز على تأييد الشعب العراقي كله، وإذا كان بعضها في مرحلة سابقة ليس كذلك بسبب مكر الاحتلال، ووعود ساسته المعسولة، فإنها اليوم محل اتفاق الجميع، حتى أقطاب العملية السياسية بدأوا يعربون عنها صراحة.
ألم يعلن الشعب، بمن فيهم معظم ساسة اليوم ـ في الظاهر على الأقل ـ بأنهم يرفضون الوجود الأمريكي؟.
ألم يعلن الجميع بمن فيهم أقطاب العملية السياسية عن أن المحاصصة الطائفية والعرقية سبب ما يلحق بالبلد من معاناة وخراب؟.
ألم يعلن شعبنا عن ندمه على المشاركة في الانتخابات، وأخذت جموعهم تهتف في ساحات التحرير: نادمون؟.
ألم يعلن الساسة أنفسهم عن أن الدستور يسبب المشاكل، وانه مليء بالألغام.
ألم تتفق الكلمة حتى اللحظة على عدم جدوى الاتفاقية الأمنية مع المحتل؟.
ألم يخرج شعبنا في تظاهرات وندوات ليعرب فيها عن رفض التقسيم، وأي معني مفض إليه مثل الفدرالية ونحوها..؟
فكيف يوصف يا كاتبنا الشاطر خطاب تغير الرأي العام نحوه، واعترف بمصداقيته، وندم على مخالفته لفحواه بأنه خطاب مستهلك؟!
هذا بالنسبة للمأخذ الأول..
بالنسبة للمأخذ الثاني، فلست أدري كيف يعد الاصطباغ باللون الوطني مأخذا، والخلق الطيب عيبا، إن هذا لا يحدث إلا حين تتبدل المقاييس، وتنقلب الفضائل رأسا على عقب، فهل بتنا نعيش هذا الزمن، ليس ذلك ببعيد، فأحد شعراءالقرن الماضي ، كان يقول في زمانه:
تبدلت الأحوال من كل جانـــب وأصبح عرف الدين بين الورى نكرا
وكان الرياء أن يرى العبد صالحا فصار الرياء أن يرى فاســـــقا جهرا
فمابالك في هذا الزمان!!
حين يصاب البلد بمصيبة مثل الاحتلال فإن الدين أولا.. ثم العرف والمنطق، والتجارب التاريخية تقضي بأن يتداعى الجميع للعمل بوحدة الجماعة من اجل إنقاذ البلاد، ومن هنا يكون العمل الوطني هو واجب المرحلة.
ومن دون شك فإن المحتل يخشى ذلك، ولهذا يسعى للتشتيت، لتفويت قوة الجماعة، وهو صاحب المبدأ المعروف: فرق تسد، ولذا يوعز لحلفائه وعملائه لإيقاظ النزعات الدينية والطائفية والعرقية لضمان الانقسام، كما فعل في كل البلدان التي احتلها من قبل، وهذا تنبيه للفطن على أن الأسلوب الأمثل في الرد على المحتل وإفشال خططه، إنما يكون بترسيخ ما يخشاه، وتنشيط ما يخافه ويأباه، وهو العمل الوطني، ويكون هذا النشاط ـ والحالة هذه ـ ضربا من الجهاد، وسلاحا فعالا في مواجهة العدو، فكيف يعد السعي إلى ذلك مأخذا أيها اللبيب!!
نعم..يحاول العدو عبثا، نزع وصف الوطنية عمن يتمثلها، ونسبة الوطنيين قسرا إلى طوائفهم أو أعراقهم، ويوعز إلى حلفائه وعملائه ليقوموا بذلك أيضا، ولكن بالتالي لا يصح إلا الصحيح، والتضليل حين يكون مخالفا للواقع فإن عمره قصير للغاية.
أما اتهام الدكتور الضاري وهيئته بالتغطية على المصائب التي نزلت على "العرب السنة في العراق" فدعوى باطلة تماما، فأكاد اجزم انه ليس هناك من فضح جرائم المحتل وحكوماته المتعاقبة في حق العراقيين وأهل السنة خاصة مثل هيئة علماء المسلمين، لاسيما أنهم استمروا في الرصد والمتابعة بينما انقطع غيرهم، لأن الظلم الذي طال هذا المكون كان الأكبر، ولذا كانت له الأولوية، وبمقدور من يحب الحقيقة أن يطلع على كتاب بيانات هيئة علماء المسلمين ( وهي مطبوعة في جزئين) ليجد بنفسه حجم التوثيق والكشف، فليس ثمة شاردة و لا واردة بهذا الشأن إلا وتجد لها ذكرا وتوثيقا في هذه البيانات، حتى المكائد غير الظاهرة لم تكن تفوت القائمين على إعداد البيانات، وخذ مثلا رصدهم لنقل الحكومة جثث مجهولي الهوية في بغداد إلى كربلاء، وتسجيلهم إدانة لذلك الفعل، الذي يأتي في سياق ما وصفوه حينها باستغلال الموتى لتزوير التاريخ والتظلم بهتانا وذلك من خلال الزعم مستقبلا أن هؤلاء ضحايا من الشيعة قتلهم سنة متطرفون،بينما الحقيقة غير ذلك تماما.
نعم.. الذي يميز الهيئة عن غيرها، وهذا ما يغيظ الكاتب وأمثاله، أنها كانت تفعل ذلك في إطار الحق الوطني، دون اللجوء إلى اللغة الطائفية، لأنها ترى المصلحة الوطنية مقدمة على مصلحة الطائفة، حتى قضية دفن الموتى وردت في هذا السياق، ومازلت أذكر أن احدهم استشاط غضبا، في حوار مع احد أعضاء الهيئة على إحدى القنوات، وعد صدور بيان دفن الموتى إثارة للنزعة الطائفية، فكان الجواب الذي جرى على لسان عضو الهيئة رائعا وحكيما، لقد قال له: نحن لا نؤمن بالطائفية، وهيئة علماء المسلمين لا تفرق بين أبناء العراق أبدا، لكنها مثل تلك الأم التي سئلت يوما كيف هو حبك لأبنائك فقالت: كلهم عندي في الحب سواء لكنني اعتني بالمريض حتى يشفى وبالضعيف حتى يقوى وبالمسافر حتى يعود وبصاحب المصيبة حتى تزول مصيبته.
أما بالنسبة للمأخذ الثالث ففيه تجني، وغياب لفهم الرؤية التي تنطلق منها الهيئة في صياغة مواقفها، وسأشرح للسيد الكاتب بعضا من ذلك : حين تنطلق الهيئة من قاعدة العمل الوطني المشترك لدفع الاحتلال ومقاومته، وإبطال مساعيه في إثارة الفتن الطائفية، وتقسيم البلاد، فمن الطبيعي أن تدعم أية فعالية للمقاومة يقوم بها عراقيون بغض النظر عن الطائفة والعرق، ولذلك دعمت أهل الأنبار في مقاومتهم، وأهل الموصل في مقاومتهم، فكيف تريدون منها أن تتخلى عن دعم المقاومة التي ظهرت في النجف، أليس أبناء النجف عراقيين، ألم يخوضوا معركة ضد الاحتلال لأمد معلوم، لو لم تقم الهيئة بالدعم لسجل ذلك مأخذا عليها، وخروجا على فلسفتها في التعامل مع الأزمة، لا تقل لي أن هذه المقاومة لم تكن من اجل التحرير، وإنما كانت لحسابات أخرى، فليس من واجب الهيئة أن تشق على الصدور، وما كلفها الله سبحانه بذلك، وكثير من السنة قاوموا وصاروا من بعد في الصحوات، فتبين أن جهادهم كان لمصالح أيضا، ولا تقل لي إن هذا منح التيار الصدري موقعا لم يكن يستحقه، لأن الناس ليست ساذجة، تمنح الموقع لمن يستحقه، وتنتزعه منه يوم تحس انه لم يعد يستحقه، وهذا ما حدث مع التيار الصدري، حين ترك المقاومة في وقت مبكر، وولج العملية السياسية،وفعل جيشه المهدي ما فعل، بدأ الناس ينظرون له بغير المنظار السابق،حتى من قبل الشيعة أنفسهم.
ونعود إلى الهيئة لنسأل..حين خرج التيار الصدري من دائرة المقاومة هل استمرت علاقة الهيئة به؟، وحين تورط جيشه بالتطهير الطائفي هل صمتت الهيئة على جرائمه؟، والجواب عن السؤالين لا، والحقيقة أن الهيئة كشفت عن جرائم هذا الجيش مبكرا في وقت كان أقطاب العملية السياسية ـ الرموز الوطنية في نظر الكاتب ـ يتجنبون ذلك خوفا أو مجاملة.. والوثائق التي ترصد هذه المواقف مسجلة صوتا وصورة.. ولهذا رد التيار الصدري على الهيئة في وقت مبكر أيضا، وبدأ يتهمها بالإرهاب كما ذكر الكاتب بنفسه.
أما بالنسبة للمأخذ الرابع وهو ـ فيما يرى الكاتب ـ إصرار الضاري على التقرب والتودد من شيعة العراق، وأن ذلك لا يخدم القضية السنية التي يُفترض بالضاري أن ينصرها ويحشد الدعم العربي لها، فهذا الكلام يقطر طائفية ـ أولاـ وفيه سذاجة ثانيا، فالسيد الكاتب ومن درج مدرجه، يتجاهلون حقيقة أن قضيتنا الآن عراقية وليست سنية فحسب، فالغازي احتل العراق كله من الشمال إلى الجنوب، وحين نسلم بذلك فعلينا أن نعلم أن الشيعة في العراق يمثلون ثلث الشعب العراقي، ليس بمقدور أحد إلغاءهم أو تجاهلهم من أية معادلة سياسية حالية او كستقبلية، لأنهم أبناء هذه الأرض مثل الآخرين يشاطرونهم في الحقوق والواجبات، وبالتالي من يتصدى للعمل الوطني، لا يمكن له أن يمثل طائفة دون أخرى، أو مكون دون آخر، ولو فعل ذلك لم يعد صاحب مشروع وطني،ولن يكون بمقدوره انتزاع البلد من الغازي،وقد اتفق العقلاء على انه لا مناص من المشروع الوطني في ظل الظروف المعقدة التي يمر بها العراق، والمؤامرات التي تحاك ليل نهار لتمزيقه، وحين يكون المشروع الوطني هو الخيار، فلا بد من استعمال أدواته.. وإن النظر إلى أبناء الوطن بعين واحدة، والتفاعل معهم جميعا دون انحياز من الخطوات الأولى اللازم اتخاذها في إطار المشروع الوطني، ولن يقبل من أحد القول ـ كما يفعل بعض السياسيين (المتشددين) والكاتب على ما يبدو واحد منهم ـ إننا في السابق كنا دولة واحدة من المحيط إلى الخليج، وان الحدود صنيعة المستعمر في سايس بيكو، وبالتالي لا ينبغي منحها أي اعتبار.. لا يقبل ذلك لأننا اليوم شئنا أم أبينا، أمام هذه الصورة التي تحولت في عالم اليوم إلى واقع دستوري دولي، يحوز على إجماع مائتي دولة تتكون منها خارطة العالم، والتمرد على ذلك يعني التمرد على العالم كله والدخول مع دوله في حروب لا تهلك الحرث والنسل فحسب، بل تأتي على الوجود ذاته، فضلا عن الوقوع في مشكلات ومعضلات لها أول وليس لها آخر، ولا يقول بذلك عاقل..
إن المنطق يفرض أن نحافظ على هذا الواقع، وإلا انتهينا إلى تقسيم جديد، وخارطة جديدة تجعل من كل دولة عدة دويلات، وهذا بالضبط ما حاول الوصل إليه الأمريكيون من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.
أما بالنسبة للمأخذ الخامس ففيه تجني، ودعوى من غير برهان؛ لأن الهيئة حسمت خيارها تجاه إيران في وقت مبكر، وتحديدا حين قدمت دعمها المتميز لمشروع الاحتلال السياسي، وكانت أول من اعترف بمجلس الحكم، ومد المحتل بحلفائه من السياسيين والمنظمات المسلحة، فتم النظر إليها على أنها شريك للمحتل.
وبالنظر إلى أن إيران جار جغرافي قدر علينا أن نعيش معه حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وأن التدخل الإيراني في البلد فرع عن وجود الاحتلال، وليس أصلا مثله، وليس من الحكمة الانشغال بالفرع عن الأصل، فكان اهتمام الهيئة منصبا على المحتل، مع عدم إغفال رصد الأذى الإيراني، والكشف عن مخططاته وفعالياته التخريبية، وللأسف فإن بعض (المتشددين) يعدون تقديم المحتل على إيران في الاهتمام ضربا من المجاملة، وهي لست كذلك إطلاقا، والدليل أن الهيئة كانت تفعل الشيء نفسه، مع دول وأطراف أخرى بعضها عربي، شاركوا الاحتلال في تسهيل مهمته الاستعمارية في العراق..
على أن الدكتور الضاري لم يزر إيران قط، رغم دعوات رسمية وردت إليه لزيارتها، في حين من يصفهم الكاتب بالرموز الوطنية، كانوا على تواصل دائم مع إيران،وزياراتهم لها كانت في السر والعلن، وإذا أراد أحدهم أن يحوز على موقع متميز في الحكومة فكان يمم وجهه شطرها، ويبدي لها الولاء ليظفر بما يريد، كما فعل فلان وفلان...إلخ
ولإلقاء نظرة عابرة على موقف الهيئة من التدخل الإيراني وكشفها لخطورة نفوذ هذه الدولة الجارة،أورد هنا نماذج على سبيل المثال لا الحصر،
ـ في 18/3/2006 صدر بيان الهيئة المرقم 231 تنديدا بدعوة عبد العزيز الحكيم لايران بالتدخل في مفاوضات مع الامريكيين حول الشأن العراقي ،ومما جاء في البيان( ان التدخل الايراني ليس جديدا،وقد بلغ الذروة في الاذى ولكن الجديد سعي هذه الجهة الى شرعنة التدخل ومنحه غطاء دوليا في تجاهل تام للسيادة والارادة العراقيتين
ـ وفي لقاء مع (واع) للدكتور الضاري بتاريخ 7/8/2007 حول تصريحات المالكي ضد منظمة مجاهدي خلق قال الدكتور(ان المؤثر على الامن العراقي هو التدخل الايراني الرسمي و غير الرسمي وبكل الأنواع و ليس مجاهدي خلق فكان الاحرى برئيس الحكومة ان يقول لإيران لا نريد ان تتدخلوا لا بشكل رسمي ولا بشكل غير رسمي حيث لم تبدر من هذه المنظمة (مجاهدي خلق ) اي بادرة سيئة تجاه شعبنا وان هذا التصريح ماهو الا من باب تقديم الهدايا على حساب شعبنا العراقي !!).
ـ وفي بيان آخر للهيئة صدر في 31/8م2007م حول تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بملء الفراغ في العراق جاء(ان هذه التصريحات لن يفهمها الشعب العراقي في سياق مد العون، واعانة المحتاج،لان التدخل الايراني في العراق منذ الغزو كان معظمه سلبيا ،وورد في سياقات منافية لعلاقات حسن الجوار، سياقات احراق ارض لدفع المخاطر عن ارض اخرى .وتعظيم نفوذ دولة،وبنائها على حساب دولة اخرى ،فضلا عن استغلال الظرف القاسي،والضعف الطارىء للبلاد ،من اجل استهداف عدد لايحصى من ابناء العراق لحسابات غير مبررة في الثأر والانتقام.
هذا غيض من فيض.
وما لم يذكر أكثر بكثير مما ذكر، والسؤال على أي أساس بنى الكاتب ادعاءه ان الخطاب الذي تبنته هيئة علماء المسلمين قائم على إدخال العنصر الإيراني في مشروع مقاومة المحتل وتحرير العراق وإعادة بناء الدولة الوطنية.
مشكلة الذين يكتبون في هذا الوقت انهم لا يحترمون كلماتهم،ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث في أدبيات من يريدون النيل منه، والبحث عن ثغرات يمكن النفاذ منها..هذا على الأقل ماكان يفعله الكتاب مع خصومهم إلى وقت قريب..
الشيء الذي يغفل عنه الكتاب حديثو العهد ان الهيئة ـ حسب معرفتي بها ـ مؤسسة جماعية، ومواقفها تخضع لفلسفة قامت عليها أركانها،ومن ثم لاتجد في بنيتها قرارات فردية، أو مواقف متناقضة، والدكتور الضاري هو من قال في وقت مبكر على قناة الجزيرة في برنامج بلا حدود: (مؤسستنا قائمة على الشورى).
وبالتالي من ينتقد الدكتور الضاري فليعلم انه ينتقد المؤسسة كلها، ولذا اعتقد انه من الحري بمن يتصدى لذلك أن يكلف نفسه قليلا لدراسة المواقف المنسوبة إلى الهيئة حتى لايقع في إثم التجني عليها، أو يرتكب من حيث قصد او لم يقصد فعاليات تزوير وتلفيق، تنتهي عادة بالفشل،ووضع الفاعل في دائرة اللوم والإفتضاح.
هناك 5 تعليقات:
مع احترامي للجميع، حارث الضاري لا يصلح لقيادة شيء بدليل انه حول هيئة العلماء الى مؤسسة شخصية، مع العلم ان الهيئة ليست من صناعة حارث الضاري، ولم يكن الضاري سوى واحد من مؤسسين الهيئة، بالاضافة الى ان الهيئة تمر بدورة انتخابية ضمن نظام معين فلماذا بقي الضاري امين عام للهيئة؟.. فهل الهيئة مشيخة، ومتصير غير للشيخ وابن الشيخ (مثنى).. ام البقية غير اكفاء؟.. وبنظري ان الضاري وطريقة ادارته حددت اماكنيات الهيئة ,ابعدت الكثير من الشخصيات الوطنية المؤسسة لها، وكلامي هذا لايشمل الاخلاق والموقف الوطني انما في اطار القيادة.. فلهاذا انصح الضاري وذريته ان يبتعدوا عن الهيئة كي لا تموت.. وسلامي الى مجلس الشورى في الهيئة الذي عدد افراده 2 .
إلى الأخ صاحب التعليق رقم (1) تعليقك للأسف فيه الكثير من الشخصانية والحقد الشخصي على شخص الأخ الدكتور الشيخ الجليل حارث الضاري ولا أدري كيف تعامل هذا الشخص الوطني المشهود له بالتضحية والعطاء سليل العائلة الشجاعة البطلة (إبن ضاري) قاتل لجمن، وتساوي موقعه بأي منصب من المناصب الدنيوية (رئيس حكومة أو رئيس حزب أو رئيس دولة) وتطالبه أن يتنحى ويترك موقعه لغيره بالإنتخاب، ترى كيف عرفت أن الشيخ الضاري يحرص على هذا الموقع ولايسمح بإنتخاب غيره؟ وما الذي يمنع الهيئة العامة أن تنتخب غيره لو كان هناك فعلا من يستحق أن يكون بهذا الموقع؟
اتق الله ياأخي فالشيخ حارث هو خيار فصائل المقاومة العراقية التي وكلته عنها ناطقا ومرشداً، وهو المجاهد الذي تلاحقه الولايات المتحدة وتضيق الخناق عليه وتطارده حكومة العملاء في المنطقة الخضراء وفلولها الإجرامية..
إن الشيخ حارث شخصية وطنية إسلامية وهو ليس ملك نفسه بل هو ملك العراق والمقاومة الباسلة، وبقاءه على رأس الهيئة مطلب عراقي ومطلب المقاومة التي وضعت ثقتها فيه.. ومتى وجدت الهيئة العامة ومجلس الشورى فيها أن هناك من هو أكفأ وأصلح منه لأمانة الهيئة فسوف تؤدي الأمانة كما أمر الله بها.. وبدلا من أن تكلف نفسك التهجم على الشيخ حارث كان عليك أن تكيل هجومك على من يركعون للأمريكان ويصوبون وجوههم قبل طهران وقم.. ندعو الله أن يحفظ الشيخ المجاهد.
أزال المؤلف هذا التعليق.
كل حركات التحرر والمقاومة في العالم مرت بنفس المراحل التي تمر بها المقاومة العراقية، وكون المقاومة العراقية محكومة باطواق من التداخلات المحلية والأقليمية، فقد ضمرت المساند التي حصلت عليها اكثر الحركات الثورية والمقاومة في العالم، ولهذه الأسباب وأخر فان ما يمكن أن ان نسميه التفكير المتخلف والقبلي والعشائري، يظل يحكم الكثير من الآراء التي تطرح حول الشخصيات المقاومة، وهذه تلتقي بشكل وآخر مع ما يريده المحتل وأعوان المحتل، وهي قضية مهمة يجب أن تنال قسط كبير من أهتمام قيادات حركة المقاومةلئلا يقع المحظور بجر الحركة الى مهاترات جانبية لا تفيد الا المحتل واعوانه والطامعين في النيل من تحرر الشعب العراقي والشعوب الأخرى.
الاستاذ مصطفى كامل المحترم تحية و سلام و الشكر الجزيل على هذه المقالة الطيبة التي حاولت إنصاف هذه الشخصية الوطنية و الدينية الجليلة ، شخصية شيخنا الدكتور حارث الضاري. لقد تحمل هذا الرجل الكثير للنهوض بأعباء المسؤولية كما ينبغي و التي دفعه لتحملها شعوره الوطني و الديني المخلص فيما دجل و نافق و ساوم و اهتز و مع كل الاسف موقف الكثير من الشيوخ و علماء الدين و الشخصيات السياسية التي أدمنت المكابرة و الادعاءات و الوعود الفارغة. لقد كان من مؤسسي الهيئة الشيخ عبد الستار عبد الجبار و لكن و بمجرد تعرضه للضغوط و الإغراءات و حيل الإخوانجية ذهب و أسس مع الشيخ الدكتور عبد اللطيف هميم ما سمي بجماعة علماء العراق كواجهة دينية لمنافسة الهيئة و الطعن فيها و اضعاف دورها و موقفها و بتوصيات امريكية للإخوانجية و الحكومة الإردنية. ثم تخلى بعد ذلك الشيخ محمد عياش الكبيسي عن تمثيل الهيئة في الخارج و انتقد مواقفها التي سماها بالمتصلبة و أيضاً تحت ضغط من الاخوانجية و حكومة قطر التي يعيش فيها هذا الشيخ. مبكراً كان قد انشق عن الهيئة صاحب السلوك الانتهازي و الراقص المعروف على الحبال الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي. فهل كان يريد الاخ غير معرف مع كامل الاحترام لوجهة نظره أن يهادن شيخنا الضاري هؤلاء و يساومهم على القضية المبدئية و الوطنية؟!!. البعض إعتبر و بقصد و نية سيئة مبيته لتشويه موقف شيخنا الضاري و موقف الهيئة بإلقاء اللوم عليهما عن تراجع الدور السياسي للقوى الوطنية في مواجهة القوى العميلة للأحتلال و ذلك بسبب ما يقولون أنه فتوى الشيخ و الهيئة في العام 2005 بمقاطعة الأنتخابات في حينها و خلو الساحة للقوى السياسية العميلة. التجربة أثبتت أن المشاركة السياسية الواسعة التي تمت في العام 2010 لم ينجم عنها أدنى تغيير يذكر كذلك عودة الضباط و المراتب للخدمة في صفوف الجيش الجديد كل ذلك لم يوقف سيطرة ذات الاحزاب العميلة على السلطة و إستمرار استشراء الفساد بل و إفساد مجموعات جديدة اضافية بالاضافة الى استمرار التصرفات المليشياوية و الاعتقالات العشوائية من قبل الجيش بالترافق مع ضعف أداء المقاومة مقارنة مع انجازاتها في الأعوام السابقة. كل ذلك مما يثبت صدق و بعد نظر الشيخ الضاري و الهيئة الموقرة. إن شيخنا الضاري و رغم تخلي البعض عنه إلا إنه لم يبق وحده في الهيئة ، فقد بقي فيها العديد من الشيوخ الافاضل الشرفاء و هم كثر أيضاً و منهم الشيخ احمد حسن الطه و الاستاذ الدكتور محمد محروس و الدكتور عبد الحميد العبيدي و الشيخ عبد السلام الكبيسي و الشيخ محمد بشار الفيضي و أخرين كثر. لكن و مع كل ما قلت في حق شيخنا و في حق هيئتنا الدينية الوطنية الموقرة فإنني اليوم و نتيجة ما جرى من أحداث في وطننا العربي مما سمي بالربيع العربي فأنا الأن أخشى من التيار الديني بأجمعه نتيجة ما قام به الاخوانجية لانه يبدو أن هؤلاء دخلوا في لعبة خطيرة مع الغرب و أدخلوا الكثيرين معهم تحت شعارات و عناوين و مسميات مختلفة و الاغراءات فيها كثيرة و كبيرة. نسأل الله السلامة و الثبات للجميع
إرسال تعليق