عندما نشرت مقالي الموسوم (هل تعرفون حسين لشكري؟) تقدم الاخ أبويحيى العراقي بواحدة من تعليقاته التي تصيب الهدف وتثري موضوع الحديث، دائما، وحينها طلبت منه، بمحبة تلمَّس صدقها، أن يكتب لقراء (وجهات نظر) الفكرة المهمة التي أشار إليها في تعليقه ذاك.
واستجابة لذلك الطلب، بعث اليوم بمقالته التي يستعرض فيها طريقة الرد العراقي على العدوانية الإيرانية عام 1980، بعد استنفاذ القيادة العراقية كل الوسائل الدبلوماسية، بالمقارنة مع تعامل الإدارة الأمريكية الفوري مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وإذ ننشر مقالة الأستاذ أبويحيى العراقي، نذكِّر قراءنا الكرام، بأن موقعنا المتواضع، يفتح أبوابه، بكل رحابة صدر، لهم لإثراء الأفكار المنشورة فيه، سواء بالتعليق المباشر او بكتابة مقال منفرد على صفحاته، لأن رسالته الحقيقية لاتتم إلا بذلك.
مصطفى
..........
مصطفى
..........
قصر نظر أم كيل بمكيالين
أبو يحيى العراقي
مرت منذ أسابيع وبالتحديد في شهر سبتمبر/ أيلول الذي انقضى ذكريان منفصلتان لكل منهما سياقاتها وحيثياتها وأسبابها ونتائجها المختلفة ، ولكن كما شاءت الاقدار أن تلتقيا في شهر واحد ، تشاء الاقدار أيضاً أن تكون بعض المعاني والأفكار والمدلولات المحيطة بإحداهما مفيدة في فهم وتفسير الاشكالات التي يثيرها البعض حول الاخرى.
في يوم 11 سبتمبر/ أيلول الماضي مرت علينا ذكرى الاحداث الشهيرة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001 وما جرى فيها حين نقلت فضائيات العالم وعلى الهواء مباشرة مشهد طائرات مدنية وهي تطير مسرعة لتدخل في خاصرة أبراج التجارة العالمية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية ثم كيفية تهاوي وسقوط تلك الابراج وما رافقه من موت المئات سواء من كانوا على الطائرة أو من كانوا في الابراج ومن فرق الانقاذ.
في يوم 11 سبتمبر/ أيلول الماضي مرت علينا ذكرى الاحداث الشهيرة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001 وما جرى فيها حين نقلت فضائيات العالم وعلى الهواء مباشرة مشهد طائرات مدنية وهي تطير مسرعة لتدخل في خاصرة أبراج التجارة العالمية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية ثم كيفية تهاوي وسقوط تلك الابراج وما رافقه من موت المئات سواء من كانوا على الطائرة أو من كانوا في الابراج ومن فرق الانقاذ.
المشهد كان مروعاً ورغم أن من تتهمهم الولايات المتحدة الامريكية بتدبير هذه الفعلة يبررونها بأنها ما هي الا رد فعل بسيط على التدخل الاجرامي الامريكي المباشر وغير المباشر في شؤون منطقتنا ولأكثر من نصف قرن وبالأخص دعمهم اللامتناهي للكيان الصهيوني سواء في اغتصابه وعدوانه في فلسطين أو في استمراره في ذلك الاغتصاب والعدوان و التوسع والاعتداء ضد الدول العربية المحيطة بفلسطين والاعتداء على المقدسات الاسلامية والمسيحية واهانتها وامتهان كرامة الناس وأمنهم الا أن الامريكان ومعهم الكثير الكثير من دول و شعوب العالم وكثير من العرب والمسلمين رفضوا وانتقدوا رد الفعل هذا واعتبره منتهى الارهاب والتخلف والظلامية وفوق ذلك برروا للولايات المتحدة الامريكية كل الافعال والاجراءات التي اتخذتها بناءً على هذا الحدث ومنها اتخاذ اجراءات مناهضة للحقوق والحريات داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية كمراقبة الاشخاص والاتصالات المدنية واشاعة ثقافة الاسلاموفوبيا وفتح معتقل غوانتانامو وعمليات السجون السرية الطائرة وفي السفن والاراضي خارج الولايات المتحدة ومراقبة كافة الحسابات والتحويلات المصرفية هذا طبعاً الى جانب شن حروب وغزوات لدول مستقلة ذات سيادة أعضاء في منظمة الامم المتحدة والعمل على تغيير نظمها السياسية والعمل وبالقوة العسكرية الامريكية المسلحة على بناء نظم سياسية جديدة في تلك الدول بالإضافة الى تبني استراتيجيات أمن قومي قائمة ليس على الحروب الاستباقية (Preemptive war) فحسب بل على مبدأ أكثر خطورة واجرام هو الحروب الوقائية (Preventive war) بما يتيح للأجهزة والمؤسسات الامريكية شن حروب أيان تشاء مع من تشاء بالشكل الذي تشاء أي انها تمنح نفسها تفويضاً مطلقاً بالقتل جهاراً نهاراً.
في يوم 22 سبتمبر / أيلول الماضي مرت علينا نحن العراقيين الذكرى الاخرى من بين الذكريين اللتين أشرت اليهما في مقدمة كلامي ، وهي ذكرى قيام القوات المسلحة العراقية بالرد العسكري الواسع على سلسلة أعمال العدوان الايرانية التي استمرت لأكثر من عام ضد العراق وشملت استخدام مختلف الوسائل والادوات ابتداءً من إطلاق شعار تصدير الثورة لعموم بلدان المنطقة مع الايام الاولى لانتصار ما يسمى بالثورة الاسلامية في شباط/فبراير من عام 1979، مروراً بالتحريض الاعلامي المعادي المضاد للحكومة العراقية والتدخل في الشؤون الداخلية بمختلف وسائل وأساليب العمليات السرية وصولاً الى أعمال العدوان العسكري المسلح وفي أكثر من منطقة حدودية سواء باختراق الحدود بالمشاة والاليات أو بالقصف المدفعي بالإضافة الى الاختراقات الجوية.
لقد اتبعت الحكومة العراقية مختلف الوسائل السلمية والدبلوماسية لتنبيه الجانب الايراني الى خطورة المنهج والسياسات التي يتبعها ولفترة تزيد عن العام ابتداءً من منتصف عام 1979 والى خريف العام 1980 ولكن من دون جدوى حيث كان الجانب الايراني يزداد صلفاً وعنجهية واصراراً على الاستمرار والتصعيد بنهجه العدواني، الامر الذي لم يدع معه مجالاً لحفظ الامن والسلم الاقليمي والداخلي للمنطقة وللعراق الا باستخدام القوة العسكرية واعلان الحرب.
لقد ذهب العراق لخيار الحرب مضطراً وليس مختاراً كما يحلو للبعض أن يصور ذلك مقتطعاً من الذاكرة والرواية التاريخية للأحداث مرحلة زمنية امدها يزيد عن السنة حافلة بشواهد العدوان الايراني المثبت بوثائق رسمية قانونية تم تبادلها بين الحكومتين الايرانية والعراقية ومع الامم المتحدة كذلك.
أن عملية التأمل في الذكريين تدفعنا للمقارنة بين مواقف من دافع أو أبدى تفهماً لتصرفات الولايات المتحدة الامريكية في أعقاب حدث ذكرى الحادي عشر من سبتمبر ومن هاجم واتهم العراق ولامه ولا يزال على موقفه في حدث الثاني والعشرين من سبتمبر بالرغم من أن العديد من الحوادث التي وقعت بعد هذا الحادث تدلل بشكل عملي وملموس على سلامة التصرف العراقي وتلاءمه ونصوص القانون الدولي في استخدام نص المادة (50) من ميثاق الامم المتحدة في الدفاع الشرعي عن النفس وامتثاله لكافة قرارات الامم المتحدة في هذا النزاع وقبوله بكافة الوساطات فيما تعنت الجانب الاخر ولأكثر من 8 سنوات وبادر الى شن العديد من العمليات الهجومية العسكرية مستهدفاً أرض العراق وسيادة دولته وأمنه وسلامته ووحدة أراضيه تحت مختلف الشعارات الدينية الطائفية العدوانية الخبيثة والخطرة جداً.
أن عملية التأمل في الذكريين تدفعنا للمقارنة بين مواقف من دافع أو أبدى تفهماً لتصرفات الولايات المتحدة الامريكية في أعقاب حدث ذكرى الحادي عشر من سبتمبر ومن هاجم واتهم العراق ولامه ولا يزال على موقفه في حدث الثاني والعشرين من سبتمبر بالرغم من أن العديد من الحوادث التي وقعت بعد هذا الحادث تدلل بشكل عملي وملموس على سلامة التصرف العراقي وتلاءمه ونصوص القانون الدولي في استخدام نص المادة (50) من ميثاق الامم المتحدة في الدفاع الشرعي عن النفس وامتثاله لكافة قرارات الامم المتحدة في هذا النزاع وقبوله بكافة الوساطات فيما تعنت الجانب الاخر ولأكثر من 8 سنوات وبادر الى شن العديد من العمليات الهجومية العسكرية مستهدفاً أرض العراق وسيادة دولته وأمنه وسلامته ووحدة أراضيه تحت مختلف الشعارات الدينية الطائفية العدوانية الخبيثة والخطرة جداً.
ان البعض ممن يعتبرون من طليعة المثقفين العرب ومنهم أساتذة في الصحافة والقلم فيها وبدل أن يتخذوا المواقف المعبرة عن تمسكهم بعروبتهم التي هي اختيارهم واللغة والثقافة التي يعيشون ويفكرون ويكتبون بها وبدل أن يكونوا صادقين وموضوعيين ويحترموا شرفهم المهني عند تعاملهم مع ذكريات الحرب العراقية الايرانية نراهم وباستمرار يشيحون بوجوههم عن سلسلة الاعتداءات الايرانية التي امتدت لأكثر من سنة وبأساليب ووسائل مختلفة والنهج العدواني المتواصل لذلك النظام طيلة سنوات الحرب.
ان هذا النهج لأمثال أولئك المثقفين ومنهم الاستاذين محمد حسنين هيكل وفهمي هويدي والذين لا يتركون مناسبة الا وينتقدون فيها الرد العراقي المشروع على العدوانية الايرانية حتى بعد تكشفها وتكشف أبعادها بجلاء صارخ وبأكثر من صورة في السنوات اللاحقة.
ان مثل هذا النهج يعكس قصر نظر كبير لدى هؤلاء وسوء تقدير للنوايا الايرانية وبشكل لا يتناسب وخبرتهم وتاريخهم وتراثهم.
ان مثل هذا النهج يعكس قصر نظر كبير لدى هؤلاء وسوء تقدير للنوايا الايرانية وبشكل لا يتناسب وخبرتهم وتاريخهم وتراثهم.
لو أن العراق كان قد اختار طريقاً اخر لإدارة الصراع مع الجانب الايراني هل ترانا كنا سننجح في كسر شوكة عدوانيته بالشكل الذي نجحنا فيه في عام 1988؟
الجواب الموضوعي الدقيق المتسق مع معطيات الواقع هو كلا، فهذا العدو لو ترك لكان سينجح في مخططه الخبيث لإثارة الصراع والاضطرابات الداخلية والفتن الطائفية المستعرة ويتفرغ هو لبناء نفسه وقوته التي تعرضت للتآكل والشلل بفعل التغيير الذي جرى في الداخل الايراني عام 1979.
سيكون على العراق بعد نجاته من الفتن الداخلية (هذا ان كان سينجو) مواجهة ايران قوية بعد أشهر أو سنوات قليلة وستكون المنطقة برمتها في ذلك الوقت المبكر تحت التهديد.
ان العراق وطيلة حربه الدفاعية مع الجانب الايراني لم يفكر مطلقاً بطرح شعار تغيير النظام ولم يضع مطلباً في أراض أو مياه إقليمية ايرانية حتى وهو يتمتع بأفضل لحظات قوته سواء في الايام الاولى للحرب أو في مراحلها النهائية في عام 1988 فيما كان الجانب الايراني وباستمرار راغباً في بسط نفوذه وسيطرته ليس على العراق فحسب بل على عموم المنطقة وبصور وأشكال مختلفة الجميع يعرفها ويلمسها ولا ينكرها أحد ، فجميعنا نذكر التصريحات الايرانية عقب احتلالهم مدينة الفاو وتهديداتهم للكويت ومؤامراتهم عليها.
مع الاسف أن من مصائب امتنا الكبرى نكبتها في عقول بعض مثقفيها الذين يساهمون بتشكيل عقلها الجمعي حيث كثيراً ما يخدم البعض منهم (عن حسن نية أو سوء نية) المخططات الأجنبية كما حصل في التعامل مع أحداث سبتمبر فيما تهوي أقلامهم بسيوف النقد الشديد على تجاربها النهضوية، والا ما معنى سكوتهم المخجل عن تعسف امريكا ضدنا قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر في مقابل الصوت العالي والنبرة الحادة لهم تجاه مشاريع النهضة لدينا وخياراتها الدفاعية.
ان العراق وطيلة حربه الدفاعية مع الجانب الايراني لم يفكر مطلقاً بطرح شعار تغيير النظام ولم يضع مطلباً في أراض أو مياه إقليمية ايرانية حتى وهو يتمتع بأفضل لحظات قوته سواء في الايام الاولى للحرب أو في مراحلها النهائية في عام 1988 فيما كان الجانب الايراني وباستمرار راغباً في بسط نفوذه وسيطرته ليس على العراق فحسب بل على عموم المنطقة وبصور وأشكال مختلفة الجميع يعرفها ويلمسها ولا ينكرها أحد ، فجميعنا نذكر التصريحات الايرانية عقب احتلالهم مدينة الفاو وتهديداتهم للكويت ومؤامراتهم عليها.
مع الاسف أن من مصائب امتنا الكبرى نكبتها في عقول بعض مثقفيها الذين يساهمون بتشكيل عقلها الجمعي حيث كثيراً ما يخدم البعض منهم (عن حسن نية أو سوء نية) المخططات الأجنبية كما حصل في التعامل مع أحداث سبتمبر فيما تهوي أقلامهم بسيوف النقد الشديد على تجاربها النهضوية، والا ما معنى سكوتهم المخجل عن تعسف امريكا ضدنا قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر في مقابل الصوت العالي والنبرة الحادة لهم تجاه مشاريع النهضة لدينا وخياراتها الدفاعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق