يحمل الخبير الملاحي العراقي، كاظم فنجان الحمامي، همَّ العراق على كتفيه الناحلتين، ومن هموم العراق التي يحملها هذا العراقي الأصيل قضية ميناء مبارك الشهيرة، وهذه المقالة رد موثَّق على عملاء المنطقة الغبراء المحتلة الذين ملأوا الدنيا صراخاً بأن ميناء مبارك الكويتي لن يضر بمصالح العراق العليا، وأن مسؤولي جارة السوء الجنوبية وعدوهم بإلغاء المرحلة الرابعة من هذا المشروع اللئيم، فيما ادَّعى أحدهم أن المخاوف العراقية منه غير حقيقية أصلا.
فقاعة المرحلة الرابعة لميناء مبارك
كاظم فنجان الحمامي
لا ندري بأي اللغات نتحدث حتى تفهم القوى العراقية المؤازرة لميناء مبارك بان ما نقوله هو الحق, وان أكذوبة المرحلة الرابعة لا تعدو عن كونها مجرد فقاعة مؤقتة أطلقها عفاريت بوبيان لذر الرماد في عيون أم قصر, وإنها (أي المرحلة الرابعة) لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع, وبخاصة بعد اكتمال المراحل الهندسية لواجهات الأرصفة, وبعد استطالة امتداداتها التي ستتقاطع حتما مع مسارات المسالك الملاحية المؤدية إلى موانئنا البحرية (خور الزبير وأم قصر), ولا ندري بأي الأساليب نكتب حتى نصل إلى المستوى الذي يؤهلنا لإقناع الجهات العراقية المؤيدة لمشروع ميناء مبارك, ونجعلهم يدركون بأنهم سيرتكبون إثما عظيما عندما يفرطون بشبر واحد من مسطحاتنا المائية, أو بقطرة واحدة من مياهنا الإقليمية, خصوصا بعد التراجعات الكبيرة التي طرأت عليها منذ عام 1916 وحتى يومنا هذا, حتى جاء اليوم الذي زحفت فيه السواحل الكويتية من أقصى الغرب, لتقترب من السواحل الإيرانية الزاحفة من أقصى الشرق نحو مقتربات شط العرب.
ولسنا مغالين إذا قلنا إن المسافة الفاصلة الآن بين الحدود البحرية الكويتية والحدود البحرية الإيرانية لا تتجاوز بضعة كيلومترات, محصورة في منطقة عراقية ضحلة, لا تليق بالاستحقاقات الجغرافية والملاحية والسيادية للعراق العظيم, الذي كان سيدا لكل البحار والمحيطات, فكيف انكمشت سواحله, وتقلصت مياهه, لتتقوقع في زاوية ميتة من خور عبد الله ؟؟, ثم جاءت فكرة ميناء مبارك لتغلق علينا المنافذ والممرات الملاحية, وتسد الطريق الذي عمقته الحفارات البحرية العراقية ردحا من الزمان, وأثثته بالفنارات والعلامات والعوامات والإشارات, وسجلته الموانئ العراقية باسمها عبر هذا التاريخ الملاحي الطويل. .
لم نتفق حتى الآن على موقف واحد في التصدي للتداعيات السلبية التي ستحملها لنا التيارات البحرية المارة بميناء مبارك, فقد تأرجحت مواقفنا بين مد وجزر, بين من يقف (مع), وبين من يقف (ضد), وبين من تعطلت عنده لغة الكلام, فاختار الصمت المطبق متأثرا بمنطق التماثيل الرخامية الباردة المركونة في أقبية المتاحف, بينما يتحدث الكويتيون اليوم بلسان واحد, ويفكرون بعقل واحد, وينفذون مشاريعهم بأساليب توسعية موحدة, تهدف إلى مواصلة الزحف والتمدد على حساب الممرات المائية العراقية, ويعملون بتأييد مطلق من مجلس الأمن بقراره الجائر (833), ذلك القرار الذي اعترض عليه العراق جملة وتفصيلا, لكننا نضع أيدينا على قلوبنا عندما نسمع الأصوات العراقية المؤيدة لانتهاكات دول الجوار, ومشاريعها التوسعية, بغض النظر عن أبعاد وحجم ومواقع تلك المشاريع, التي استهدفت تحقيق بعض المكاسب الحدودية على حساب السيادة العراقية في البر والبحر والجو, وبات من المؤكد إن من يقف مع تلك المشاريع, ويؤيدها ويلفق لها التبريرات, ويعطيها دعمه ومؤازرته, سيكون من ضمن المتآمرين على العراق وشعبه, وقد سجلنا اعتراضنا هذا في مقالات سابقة, فوقفنا ضد المشاريع التركية التي ستشيد أكثر من (22) سدا مائيا عملاقا فوق نهر دجلة, واعترضنا على المشاريع الإيرانية التي خنقت منابع الروافد النهرية المتدفقة على أرضنا من جهة الشرق, واعترضنا على المشاريع السورية التي استهدفت تحريف مسارات نهر دجلة, وسجلنا اعتراضنا على التجاوزات النفطية الحدودية, ولن نسكت أبدا على تهاون بعض المسؤولين في الرد على التجاوزات الملاحية المرصودة, أو الطارئة, أو المحتملة, بيد ان أشد ما يغيظنا ويبخس حقوقنا هو هذه المواقف المتذبذبة التي ماانفكت تتلمس الأعذار والذرائع لمشروع ميناء مبارك, الذي قارب الانتهاء, في الوقت الذي بلغت فيه الكويت طور التدريب والتأهيل لتهيئة الملاكات الإدارية والهندسية والتشغيلية التي ستناط بها مهمة الإدارة المينائية بأحدث الأساليب, وستتدفق السفن التجارية باتجاه هذا الميناء, لتضيف غصة جديدة لمهزلة المضايقات الملاحية المتكررة في خور عبد الله, ويحتمل أن تتحرك السفن التجارية المترددة على ميناء مبارك بأحجام وأعداد وسرعات هائلة تتسبب في تعطيل حركة السفن المتوجهة إلى موانئنا أو قد تؤدي إلى عزلها, وسيزدحم الممر الملاحي المتبقي لنا بالسفن والقوارب الخدمية, ومن المؤكد إنها ستجلب لنا وجع الرأس بما تحمله معها من تصرفات استفزازية محتملة, قد تسفر عن بعض الاحتكاكات والمواجهات والمشادات الكلامية, سيما ان زوارق وسفن الدورية الكويتية شرعت منذ عام 2003 بفرض وجودها في المنطقة, وتوسعت في تثبيت مراكزها الاستطلاعية والتعبوية في خور عبد الله, وخارج مقتربات (فشت العيك) و(رأس القيد), وربما سيأتي اليوم الذي تقترب فيه من موانئنا النفطية. . .
والله يستر من الجايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق