تطرح الحلقة الأولى من سلسلة مقالات الصحفي العربي الكبير الأستاذ ضياء حسن، عن ثورة تموز المجيدة، ونحن نعيش ذكراها الرابعة والأربعين، سؤالاً عن استذكار منجزات تلك الثورة، وفي ما إذا كان أبناء الثورة قد أوفوها حقها في هذا المجال؟
في ذكراها الرابعة والاربعين يصح أن نسأل:
هل أوفينا الثورة حقها باستذكار إنجازاتها الكبيرة؟
الحلقة الاولى
ضياء حسن
نعيش هذه الايام وبفخر كبير الذكرى الرابعة والاربعين لميلاد ثورة البعث , ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز عام1968 المجيدة وهي ثورة احدثت تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية في الحياة العراقية بما اتخذته من قرارات نوعية مؤثرة ومن اجراءات فاعلة امنت نقلها الى حيز التطبيق باسقاط لكل العوامل التي كانت تؤدي الى التباطؤ في تنفيذها او التمنع في تقبلها بسبب انماط التخلف التي سادت المجتمع العراقي لسنوات طوال وخلقت حواجز كان من الصعب تجاوزها لتحقيق انتقالة تحدث تغييرا في حياة الناس والمجتمع ليخلق تجانسا بينهم مع طبيعة المفاهيم التي يبشر بها النظام الوليد.
وبقدرما كانت المهمة صعبة , بقدر ما كان عزم قادة الثورة عاليا في استنباط الوسائل التي جعلت الصعب منسابا ليحتل موقعه المؤثر في عملية التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعيوالتربوي العميق في المجتمع والدولة وما يجب ان يسود العلاقات بين من يقود ويقاد في جميع مفاصل الحزب والدولة ولاجل وتعميق اجواء الثقة والتعاون والتفاهم بين من تحمل المسؤولية في شتى دروب النشاط العلمي والانساني بصيغته التنموية بهدف خلق حالة من الانسياب بين العاملين في جميع القطاعات وصولا الى هدف واحد وهو الارتقاء بحياة العراقيين الى مستوى النهوض الانساني الذي يتناسب مع الارث الحضاري للانسان العراقي الذي امد البشرية بكل اسباب التحضر والمعرفة بدءا من الكتابة والقراءة الى العلوم والفنون والزراعة والري والصناعة.
فبلاد الرافدين كانت مهدا للحضارات الانسانية والعربية وهي مؤهلة لاستعادة هذا الدور دائما بما حباها الله به من غنى في طبيعة الارض المليئة بمنابع الخير وفي خزينها من الثروات الكفيلة بتحريك مرجل التطور في حياة العراقيين من جديد.
من هنا ولد حافز العمل على توفير الامكانات المادية المطلوبة لتحقيق هذا الهدف التي انطلقت ثورة البعث من جدبد لتضيف لانطلاقة 14 تموز عام 1958 اشراقة الوجه الحقيقي لمعاني قيام النظام الجمهوري ولتعيد لثورة 14رمضان 1963 بريق التاكيد عن نصاعة الاهداف التي نادت بها واستشهدت وهي تصارع اعداء الشعب ذودا عنها.
ولكن البعثيين عادوا ليفجروها ثورةعدل تسترد حقا وتنشر الامن والطمانينة بين الناس الذي ولدتهم امهاتهم احرارا ولتعزز توحدهم مع البعث في رحلة التحدي والبناء الوطني الصعب المستند للتخطيط الستراتيجي الذي لا يتوقف في حساب الانجازات المراد تحقيقها عند مرحلة قريبة بل وما يتعداها الى مراحل ابعد وبزمن قياسي واستدعت بذل جهود مضاعفة محفوفة بمتابعة ميدانية فاعلة من قيادة الحزب والثورة وعلى راسها كان الرفيق الراحل احمد حسن البكر والرفيق الشهيد صدام حسين الذي لعب دورا رئيسا في قيادة خلية التخطيط الدقيق والمتابعة المباشرة لخطواتها التنفيذية وكان لهمته العالية وصواب توجيهاته الفعل المباشر في تذليل الصعاب وفي توفير الظروف والامكانات التي واجهت الثورة وهي تمضي قدما لتحقيق اهدافها بدءا م من قرار تاميم الثروة النفطية باستعادتها من الغول الاحتكاري النفطي العالمي الذي افتعل الكثير من العوائق لمحاصرة نجاح العراقيين بتوفير الكوادر الوطنية ا لتي تدير عمليات استخراج النفط ونقلة وتسويقه عالميا.
وتحقق ذلك على الرغم من المحاولات المحمومة للشركات الاحتكارية المسندة من الغرب وخصوصا من الكارتل الاحتكاري المنضوي تحت خيمة واشنطن ولندن وهولندا امنشتركة ومع باريس بحكم التنسيق.
وبارادة وطنية عراقية عزوم قادها المناضل الشهيد صدام حسين دارت دورة ضخ النفط العراقي وبيعه في الاسواق العالمية ولتردف بخطوة نجاح ابعد اهمية تمثلت في نجاح العراق تامين استخراج الثروة النفطية من منابع مكتشفة من الاحتكاريين ولكنها مغلقة ومتروكة لحسابات احتكارية متفق عليها لابقاء العراق محروما من امكانات هائلة يمكن ان تعزز بناء البلد وتطويره بدلا من ابقائه محدود الامكانات لا يقوى على الاستفادة من مخزون ارضه الستراتيجي من تلك الثروات التي تشكل بحورا مجمدة تحت الارض العراقية, ولمنعه من ان ينهض بتنمية البلاد وتطويرحياة ابنائه.
هكذا هو حكم الدول الاحتكارية وهذه سياسة الغرب الاستعماري , من هنا اصبح القرار الصعب ميسورا او كما اسمته بعض القوى الوطنية النجاح فيه بالمستحيل ونصحت بعدم اتخاذه ولكن الارادة الثابة للبعثيين وجدت ان عدم الاقدام عليه سيعني التوقف عن احداث التغييرات الجذرية التي وعدت بهالحزب جماهير الشعب بتحقيقها فجعل البعثيون المستحيل حقيقة معاشة.
وبهذه الخطوة الكاسرة لظهر الشركات الاحتكارية فتحت امام الثورة الابواب للمضي بخطى سريعة وليست متسرعة لتنفيذ مشاريع التنمية والنهوض العراقيين على وفق ما وعدت به وتسعى لاستكماله استنادا لتخطيط سليم يؤمن التواصل الوطني لبذر حبات الخير في كل جزء مهما ناى في ارض العراق من الشمال الى الجنوب ومن الغرب الى الشرق سعيا لانهاء معاناة الشعب بتحسين ظروفه المعاشية ورفع الحيف عنه واطلاق طاقاته الكامنة وجعله مشاركا بجد في بناء بلده وصنع نهوضه الجديد ليعطي ما تحتاجه منه عمليات البناء وياخذ ما يستحقه نتيجة لما يبذلة تصعيدا لهذه العمليات الشاملة التي حملت بشائر الخير لجميع العراقيين في جميع حقول الثفافة والعلم والمعرفة العامة والمتخصصة والفنون والاداب وبحرص على توفير اجواء الامن والامان
ويمكن تلخيص ذلك بالاتي استذكارا لقيمة ما تحقق وفخرا بما بشر به البعثيون اهلهم العراقيين والعرب ايضا منذ بدايات التشاط الحزبي البعثي في العراق وحتى الان , بما في ذلك وعده بمطاردة العدوانيين وعملانهم في الداخل والخارج محققا الكثير من الانجازات وسوف نركز الضوء على تفاصيلها لاحقا اما مايعنيني الوقوف عنده فساعرضه معرفا بدلالات ا لانجازات وهي بعد استعادة السيادة الوطنية بتحرير القرارالسياسي ليقرن بتحرير القرار الاقتصادي لتكتمل اركان هذه السيادة بتحرير العلاقات الخارجية, فنصادق من يصادقنا ولا نعادي من يبطن لنا العداء الا من ارتكب عملا مس مصالحنا ومصالح الامة او من تطاول على خصوصياتنا الوطنبة والقومية ومقدساتنا الاسلامي ولصالح العراق وشعبه وامته.
فبوفقه رسمت سياسة العراق الخارجية المستنده اساسا لموقف البعث المبدئي الذي اقرته مؤتمراته القطرية والقومية المتمسكة بالحياد الايجابي دون انحياز للتكتلات الدوليةوالتعامل بانفتاح خاس وغير محدود عربيا ومع حركات التحرر العالمية بفاعلية مع جميع الدول التي ترغب بمد اسس الصداقة الحقة معنا وبما يخدم مصالح شعبنا وامتنا ومع جميع الدول - ما عدا الكيان الصهيوني طبعا- من دون تفريق بين الصغير منها او كبيرها على ان لا يضر تعاوننا مع اي دولة منها ولا يسمح بالتجاوز غلى حقوق العرب الثابتة وخصوصا قضية فلسطين وهي قضية الامة العربية المركزية وليست قضية الانظمة المتاجرة بالقضيةبها لصالح العدو الصهيوني كما فعل مبارك ومن قبله السادات.
فالحقائق التاريخية اثبتت ان ما اثار هواجس الخوف لدى الصهيونية الا مصر عبد الناصر الذى تصدى لها والبعث في العراق في مبادراته القومية لاسناد الجيوش العربية بحضور ميداني قتالي فاعل حربيا على الجبهتين المصرية تمثل بمشاركة سرب قاصفات ارضية ميغ 17ساندة للقوات المصرية العابرة لقناة السويس في حرب اكتوبر عام 1973 وتدخل قوات عراقية متنوعة التشكيل بامر من الشهيد القائد صدام حسين لتقف في مواجهة القوات الصهيونية وهي تشن هجوما على القوات السورية المتراجعة باتجاه دمشق.
وفعلا وصلت القوات العراقية جبهة القتال وبادرت الى بالانتشار في المواقع المحددة لها على وفق رؤية القيادة الميدانية المشتركة مما اوقف تقدم قوات العدو الصهيوني باتجاه القوات السورية المنسحبة وكان يهدد عمليا بتجاسر الصهاينة على قطع الطرق المؤدية الى دمشق من لبنان والجولان المحتل والاردن والتاثير بالنارعلى الطرق الرابطة للعاصمة السورية بالشمال والجنوب تمهيدا للسيطرة عليها.
ولكن دخول القوات العراقية المعركة غير اتجاهاتها فقد استطاعت منذ الخطوة الاولى لدخول ساحة القتال ان توقف التقدم الصهيوني بتوجيه ضربات ملموسة باتجاه خاصرتها مما حجم تقدمها وبالتالي تراجعها امام القوة الجدبدة التي ظهرت ناشطة عزومة عندما استطاعت ان تحتل مواقع تعطيها الفرصة لان تناور وهي تواصل التحرك وبدا واضحا انها كانت تسعى للاحاطة بقوات العدو وهذا يعني بالحساب العسكري الميداني ان حسم المعركة سيكون لصالح القوات العراقية , ولصالح هدف تحرير ما احتل في حرب الخامس من حزيران 1967 اي الجولان السوري وجبل الشيخ.
علما بان القوات العراقية التي اشتبكت بالقوات الصهيونية المعادية قطعت مسافة زادت على الالف كيلو متر لتصل الى محيط المعركة مما اضطر دروعها ودباباتها الى قطع المسافة على سرفها من العراق الى ساحة المعركة في الجنوب من دمشق.
وقد فوجئت قواتنا بعد فعل قتالي مؤثر غير موازين المعركة مع العدو من الدفاع الى الهجوم الذي استدعى من قواتنا النهوض بتطويراتجاهاته ليؤهلها ان تتولى في خطوة تالية تحرير اهداف سورية محتلة وذلك بالتنسيق مع القيادة العسكرية السورية الميدانية وبمشاركة مع القطعات السورية المنسحبة التي ستكون قد اعادت ترتيب صفوفها لتعاود جهدها القتالي الهجومي الى جانب اشقائهم العراقيين الذين هبوا لاسنادهم في ظرف قتالي صعب وكان محرجا.
ولكن صمتا مطبقا ساد الجبهة منذ الصباح الباكر لاحد الايام التي تلت سيطرة القوات العراقية على الموقف القتالي حرك سواكن الصحفيين العراقيين والعرب الذين رافقوا قواتنا المستجيبة لنداء الواجب القومي وكنت واحدا منهم ,ممثلا لجريدة الجمهورية - التي كان يراس تحريرها الرفيق الراحل سعد قاسم حمودي رحمه الله - حيث لاحظنا الصمت قد اطبق على الجبهة بعد ان سادتها اصوات انفجارات الصواريخ والقنابل بمختلف اعيرتها فلجانا لاقرب مقاتل عراقي وكان برتبة رائد ركن وعندما سالناه ما سرهذا الصمت اجاب مبتسما الم تلاحظوا حركة الطائرات في السماء بشكل مكثفّ وبراحة كبيرة؟!
قلنا وماهي دلالات ذلك؟ قال هذه الطائرات تطير براحتها دون ان تتصدى لها النيران الارضية , وهذا يعني انها تراقب حدثا جديدا وقع واظن ان وقفا لاطلاق النار اتخذه السوريون الا اننا لم نبلغ به لذلك لم نعط الضوء الاخضرلنبدا بهجومنا على مواقع العدوالمقرران يبدا هذا اليوم لذلك كان صمت الببنادق والمدافع معا.
وصح توقع المقاتل العراقي فالطائرات كانت تراقب وقف اطلاق النار المتفق عليه بين العرب والصهاينة بتدبير اميركي صيغ بقرار من مجلس الامن اتخذ لانقاذ الكيان الصهيوني من نتائج معركة خاسرة فرضها دخول القوات العراقية ساحة القتال.
والملاحظ ان القيادة السورية لم تتشاور مع العراق قبل اتخاذ قرارها بوقف اطلاق النار والجيش كان مايزال متمركزا في الخطوط الامامية لساحة المعركة مبررة قرارها بادعاء يقول ان السادات احرجهم بوقف القتال بالاتفاق مع واشنطن؟؟!
وقبل البدء بخطى الانجازات ازاحت القيادةعن طريقها عارضة مفاجئة كانت ظهرت في طريقها الى تفجير الثورة فاضطرت للتعامل معها بطول بال وبدقة متناهية وبحساب ان تعالجها بعد حسم الموقف وتحقيق الانتصار لانها شكلت لغما ان لم يتم التعامل معه بحكمة وتفويت الفرصة على من هدد بنسف جميع الاستعدادات السابقة لاعلان الثورة او تقبل مشاركته فيها وتسنم منصبين رئيسيين في الحكومة التي ستنبثق عنها وهما منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الدفاع مما اضطر قيادة الحزب بقبول مشاركة عبد الرزاق النايف وابراهيم الداود بدورمحدود وان كان كبيرا في عنوانه لكنه يظل تحت السيطرة. فمشاركتهما في عملية الدخول الى القصر الجمهوري وتسمية الاول رئيسا للوزراء والثاني وزيرا للدفاع لحين تدبر امر ابعادهما بهدوء بعد ضمان انسياب عملية الامساك بالقصر الجمهوري من دون قتال.
علما بان ظهورهما المفاجئ كان بسبب تسرب خبر ان استعداد الحزب صار وشيكا للقيام بثورة جديدة بحكم انهما كانا يحتلان منصبين مؤثرين في الحرس الجمهوري والاستخبارات العسكرية ولا علاقة لهما بالحزب بل هما جزء من النظام الذي يراد تغييره وهنا تحضرني ملاحظة وددت ان اقولها لكل من حاول التباكي على هاتين الشخصيتين على اساس ان الثورة غدرت بهما في حين ان الحقائق تؤكد انهما لم يكونا جزءا منها وقد حاولا حثيثا ان يعملا طيلة الثلاثة عشر يوما التي استمرا خلالها في منصبيهما بالتحرك لتوفير الفرصة للانقضاض على الثورة من الداخل في حين كانت قيادة الحزب تراقب تحركاتهما وترصدهما خطوة , خطوة حتى حصل ماحص في مثل هذا اليوم الثلاقين من تموز1968 بابعاد الطارئين ليبدا المسار الصحيح للثورة بالشروع لتهيئة مستلزمات الاستقرار الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية لتكون قاعدة وثوب لمرحلة تحقيق الانجازات الكبيرة التي من اجلها قامت الثورة اساسا فعلام هذا البكاء الذي يتكرر سنويا دون معنى او مبرر؟!.
يتبع....
1- بسط للانجازات المتحققة واي تغييرات جذرية احدثتها في الحياة العراقية
2- وقفة الشهيد القائد صدام حسين وكيف اجج نداؤه روح مقاومة المحتل بين العراقيين النجباء والبعثيون في طليعتهم؟
3- ماذا عنى التواصل بادامة زخم المقاومة بين قائد استشهد دفاعا عن مبادئ الحق والعدل الانساني وبين قائد وفي يوم شارك رفيقه القائد الشهيد اصعب المواقف والمعارك , وها هو يقتحم الميدان ليرفع بوفاء مجرب وايمان عميق راية الحق العراقي عاليا حتى النصر النهائي الناجز إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق