بعد أن نشرت وجهات نظر يوم أمس مقالاً عن الشهيدة العراقية الطاهرة عبير الجنابي، أرسل لنا الدكتور عبدالستار الراوي مقتطفاً من كتابه المرجعي "معجم العقل الأمريكي السياسي المعاصر" حول الشهيدة العراقية التي صارت واحدة من رموز الفداء العراقي في مقاومة الاحتلال الأميركي المجرم.
والمقتطف مهم جداً لاطلاع القراء الكرام لأنه يقدم مزيداً من الإيضاحات والتفاصيل حول الجريمة البشعة وماتلاها.
عبير (الشهيدة): (Martyr) Abeer
1- هي الصبية العراقية عبير قاسم الجنابي، البالغة من العمر أربعة عشر عاما، وهي الابنة الكبرى لقاسم حمزة الجنابي الذي يعمل حارسا في مخازن البطاطا الحكومية في المحمودية، تتألف عائلته من زوجته، ومن أربعة أبناء: (عبير مواليد 1991، وأحمد 1996، ومحمد 1998، وهديل 1999) .
2- مأساة عبير الجنابي وأسرتها، واحدة من بين أبشع الجرائم وأكثرها وحشية، التي إرتكبتها قوات الولايات المتحدة في العراق، فالجريمة المروعة، التي تم تنفيذها بكل حلقاتها (الإغتصاب، القتل، الحرق) وعلى نحو متتال، قدمت برهانا قاطعا على بربرية الإحتلال، وعلى إنحطاطه الاخلاقي.
3- قبيل أيام من تنفيذ الجريمة كان الجند المداهمون يتواجدون في نقطة تفتيش تبعد نحو 15 مترا، يترصدون المنزل المنكوب، ويتابعون حركة العائلة في الذهاب والإياب، تعرضت الفتاة إلى مضايقة القتلة، حاول أحدهم ملامستها، فعادت إلى البيت فزعة تشكو لأمها تلك المضايقات الوقحة، وشعرت الأم بالخطر على ابنتها، فلجأت إلى إحدى نساء الجيران، وطلبت أن تبيت عبير عندهم، لتجنب أي مداهمة ليلية قد تقوم بها تلك القوات .
4- أجمع الجيران الذين شهدوا وقائع المجزرة، بأن الجنود دهموا منزل قاسم الجنابي، في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 10-3-2006، حيث قاموا باحتجاز الاب وزوجته وابنتهم هديل، في أحد غرف المنزل، وأطلقوا أربع رصاصات عليهم، مما أدى إلى وفاتهم على الفور، بعد ذلك قاموا بسحب عبير إلى غرفة مجاورة، وقاموا بنزع ثيابها بالقوة، بعد أن ضربوها على رأسها، ثم تناوب أربعة منهم على إغتصابها، مما أدى إلى إصابتها بحالة إغماء شديد ونزيف، وهو ما أثبته الطب الشرعي أثناء تشريح الجثة، وليقوموا بعدها بإطلاق النار على وجهها وحرقها من أجل إخفاء آثار الجريمة.
5- هرع الجيران إلى منزل قاسم، فوجئوا بالقوات الأمريكية وهي تقص روايتها المختلقة، بأن مجاميع مسلحة من القاعدة، قامت بحرق العائلة لاسباب طائفية، مع علم الجميع بالاكذوبة الطائفية، وجاءت قوات من الحرس الوطني العراقي إلى الموقع، واستمعوا لشرح من القوات الأمريكية حول وجود عناصر من القاعدة قامت بحرق "عائلة شيعية"!!
6- في مساء اليوم نفسه قامت تلك القوات، بنقل الجثث الأربع إلى إحدى القواعد القريبة، قبل أن يتم تسليمها إلى مستشفى المحمودية في اليوم الثاني، ومن ثم إلى أقارب الضحايا، ليدفنوا في إحدى المقابر القريبة من المحمودية . على الرغم من تحذيرات الجنود الأمريكيين، جيران الضحايا من التحدث عما حصل أو ما جرى، فقد حاول عدد منهم الاتصال بوسائل الإعلام المحلية والدولية من أجل كشف تفاصيل الجريمة، لكن أحدا لم يبال، كما يؤكدون.
7- ذكرت صحيفة واشنطن بوست (6-8-2007) أن التحقيقات كشفت قيام الجندي ستيفن غرين باغتصاب الفتاة التي يتراوح عمرها بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، ثم قتلها وقتل والدها ووالدتها وشقيقتها التي تبلغ 5 سنوات.
وأضافت أن عدداً من الجنود شاركوا في اغتصاب الفتاة، لكن غرين هو الذي نفذ جريمة القتل، وظلت الجريمة التي حدثت فصولها في العاشر من مارس 2006 طيّ الكتمان حتى بدأت تتسرب خيوطها، فقد تداول وقائعها الجنود أثناء جلسات نفسية، كانوا يتلقونها لتخفيف التوتر الناتج عن اختطاف جنديين، من نقطة التفتيش التي يقفون عندها وقطع رأسيهما، وهي العملية التي يعتقد انها جاءت كانتقام لمقتل عبير.!!
8- نقلت صحيفة واشنطن بوست عن العميد الفيدرالي الخاص (جريجور أهلر) انه تم تخطيط الجريمة بعناية حيث ناقش غرين والجنود الآخرون اغتصاب الفتاة وزاروا منزلها الكائن على مقربة من نقطة التفتيش، التي يتولونها قبل تنفيذ الجريمة.
وأضاف أهلر انهم قاموا بشرب الخمر ثم غيروا ملابسهم العسكرية الي الملابس السوداء الخاصة برجال المقاومة لإلصاق التهمة بهم .
9- الجندي الأمريكي ستيفن غرين (23 عامًا)، الذي قام باغتصاب وقتل عبير وعائلتها أفلت من الإعدام، حيث قضت محكمة أمريكية في ولاية كنتاكي عليه بالسجن المؤبد. وكان ممثلو الادعاء قد طلبوا عقوبة الإعدام بحق غرين الذي كانت هيئة المحلفين نفسها قد أدانته باغتصاب عبير قاسم الجنابي قبل قتله الفتاة ووالديها وشقيقتها الصغرى. إلا أن هيئة المحلفين التي تضم تسع نساء وثلاثة رجال لم تتمكن بعد عشر ساعات من المداولات من الاتفاق على إيقاع عقوبة الإعدام بحق الجندي المجرم، وبالتالي استقر الرأي على السجن المؤبد مع تنفيذ العقوبة كاملة دون الحق بالتماس العفو لاحقًا.
10- أقر غرين بالتهم الموجهة إليه، وعددها 17، بينها الاغتصاب والقتل وعرقلة عمل القضاء، وبذلك أفلت من عقوبة الاعدام.!!
11- وأدين الجندي بأنه كان على رأس فرقة من القتلة في مارس 2006 جنوب بغداد، وجاء في القرار الاتهامي أنه وفي وقت قام فيه ثلاثة جنود آخرين باغتصاب عبير، احتجز غرين ذويها وشقيقتها في غرفة وقتلهم. ثم اغتصب بدوره عبير وقتلها داخل منزلهم في بلدة المحمودية (30 كلم جنوب بغداد).
12- لدى النطق بالحكم، ابتسم غرين بهدوء بينما كان بعض أفراد العائلات العراقية يبكون في القاعة.
13- قال دارن ولف المحامي في فريق الدفاع، إن "ستيفن غرين مسؤول (عن الاغتصاب والقتل) لكن الولايات المتحدة فشلت معه" .. وزعم أنه "ما كان ليرتكب هذه الجرائم لو حصل على مساعدة كافية في وقتٍ مبكر"، وطلب المحامي من المحلفين الحفاظ على حياة العسكري السابق، وقال إن "أمريكا لا تقتل جنودها المحطمين"، على حد كذبه.
14- بالمقابل، ندد أقارب عائلة الفتاة عبير الجنابي بحكم المؤبد واعتبروه استهانة بالعراقيين، وانحيازًا للجندي المدان.
وقال عبد الله الجنابي إن "القضاء الأمريكي أظهر انحيازًا وظلمًا، ولم يقل كلمة الحق التي أوصت بها الأعراف والقيم السماوية"، فيما اعتبرت أم عامر الجنابي أن "ما ارتكبه الجنود الأمريكيون وصمة عار في جبين كل من لا يستطيع حماية العراقيين"، وطالبت "بإنزال أشد العقوبة بحق المجرم الذي لن نغفر له أبدًا".
15- طالبت سميرة الجنابي "الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالتدخل لإصدار قرار عادل وإعدام الجندي، ليكون ذلك شاهدًا على عدالة القضاء الأمريكي". في حين طالب قيس عبود الجنابي زعيم العشيرة التي تنتمي إليها الفتاة القتيلة وأسرتها بإعادة محاكمة الجندي وإنزال حكم الإعدام به .
عبيرالجنابي(عملية فدائية): A commando operation Abeer Aljanabi
1- اسم عملية نفذتها إحدى فصائل المقاومة الوطنية، قصاصا من الوحدة الامريكية التي إرتكب جنودها جريمة اغتصاب وقتل الشهيدة العراقية عبيرالجنابي عام 2006 .
2- أصدرت محكمة (عراقية) حكما بـ(الإعدام) على احد المقاومين الابطال المتهم بقتل ثلاثة من جنود الاحتلال الامريكي في عام 2006، البطل (القرغولي - 29 عاما) كان واحدا من مجموعة مقاومة نفذت حكم الشعب بحق جنود الاحتلال الامريكي من الوحدة العسكرية ذاتها .
3- مصادر امريكية قالت ؛ إن الجنود الثلاثة التابعين للفرقة 101 المنقولة جوا كانوا جالسين في عربتهم العسكرية في 14 من يونيو- حزيران 2006 تحت جسر قريب من نهر الفرات عندما هاجمتهم مجموعة من المسلحين.
4- أعلنت لاحقا احدى فصائل المقاومة انها نفذت بالجنود القتلة حكم الشعب انتقاما للشهيدة المغدورة عبير الجنابي.
ملاحظة من الناشر :
كما قام فصيل الجيش الاسلامي في العراق، وهو أحد اهم فصائل المقاومة الوطنية العراقية، بتصنيع صاروخ نوع أرض ـ أرض مداه 20 كيلو متراً) ووزن رأسهِ 20 كيلو غراماً تذكيراً بهذه الشهيدة ليدك مقرات العدو ثأراً لها.
عبير الجنابي (فيلم) المنقح (Redacted):
1- منقح، منقحة أو Redacted بالإنجليزية: فيلم أمريكي من إخراج بريان دو بالما،
Brian De Palma)) تم تصويره في الأردن عام 2007، وهو يتناول الجريمة التي ارتكبتها مجموعة من القوات الأمريكية في قضاء المحمودية بتاريخ 12/3/2006، تمثلت باقتحام منزل عائلة الجنابي والقيام باغتيال أفرادها بدم بارد، سوى أن أفراد القوات الأمريكية كانت لديهم نقطة تفتيش تبعد مائتي متر فقط عن ذلك المنزل، فلفتت الطفلة عبير قاسم الجنابي ذات الأربعة عشر ربيعاً نظر أولئك المهووسيين المرضى، فجاء اقتحام المنزل وقتل العائلة كمقدمة لاغتصاب عبير جماعياً، وإطلاق النار على وجهها وحرقها بعد ارتكاب تلك الجريمة الرهيبة.
وحسب شهادة جيران العائلة، فإن القوات الأمريكية دخلت المنزل عدة مرات في الأيام السابقة للجريمة بذريعة تفتيشه، كما أن أحد أشقاء عبير، وهو لم يمت لأنه كان في المدرسة وقت وقوع الجريمة، قال أن أحد الجنود الأمريكيين حاول ملامسة وجه عبير خلال إحدى تلك المرات، مما أثار الرعب في قلبها، ودفع العائلة لإرسالها للمبيت عند الجيران في اليوم السابق للجريمة، لكن هذا الإجراء لم يفد، لأن الجريمة ارتكبت في وضح النهار!
2- العمل البربري، لم ترد تفاصيله في الفيلم. فالجريمة ترتكب في الفيلم في عتمة الليل، ولا يهم هذا الاختلاف في التفاصيل، لأن عنوان الفيلم "منقحة" يعني أن الفيلم نسخة منقحة من الجريمة، أو قل أن الفيلم هو الصيغة الدرامية، الأقل بشاعة، لكن الهادفة سياسياً، لجريمة المحمودية.
3- يضع المخرج في بداية الفيلم ملاحظة تقول بأن الشخصيات والأحداث الواردة في هذا الفيلم هي شخصيات خيالية، وأن أي تشابه بينها وبين أي شخصيات وأحداث واقعية قد حدث بمحض التزامن، ليبدأ بعدها بشطب كلمات تقلب المعنى رأساً على عقب، مثلاً "بمحض الصدفة"، أو "خيالية"، الخ... ليفهمنا أن التشابه بين الفيلم والأحداث الواقعية مقصود وهادف فعلياً. وهو كذلك في كثير من الأفلام التي تمرر مثل هذا الإعلان بجميع الأحوال، سوى أن المخرج دو بالما أكثر صدقاً. ويبدو أن القانون يمنعه من الإشارة لقصة المحمودية بشكل مباشر في الفيلم...
4- تعرض الفيلم لعملية مقاطعة حقيقية، من معظم دور العرض في الولايات المتحدة. وبالتالي لم يعرض الفيلم إلا في مجموعة صغيرة من مسارح شركة Landmark، وهي سلسلة دور عرض أفلام صغيرة وثانوية يملكها منتج الفيلم مارك كوبَن.
النتيجة كانت أن الفيلم الذي كانت موازنته خمسة ملايين دولار لم يعد على صانعيه إلا بثلاثة أرباع مليون دولار.
5- أطلقت حملة كبرى في وسائل الإعلام وفي الشارع وفي لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي ضد الفيلم ومخرجه ومنتجه. (الواشنطن تايمز2-11-2007)
يقول دنكن هنتر العضو البارز في لجنة القوات المسلحة الأمريكية بالكونغرس (ان الفيلم يصور القوات الأمريكية العاملة في العراق وكأنها مجموعة من المجرمين وشذاذ الآفاق الخارجين عن السيطرة... ويتجاهل الأعمال البطولية العديدة التي قام بها جنودنا في العراق) !!
6- دو بالما في فيلم "منقحة"، يطرح أسئلة كبرى لم يتعود عليها الأمريكيون في أفلام هوليود، ولا تجد لها حلاً في نهاية الفيلم:
لماذا نحتل بلداً (العراق) لم يمارس أي سوء تجاهنا؟!
لماذا حياة الأمريكيين الذين قتلوا في 11 سبتمبر أثمن من حياة العراقيين الذين يقتلهم الأمريكيون في العراق؟!
مثل هذه الأسئلة البسيطة والمباشرة وغيرها، هي التي يطرحها دو بالما في "منقحة"، وهنا يكون قد تجاوز الخطوط الحمر، ولذلك، لم يكن غريباً أن يتهم بـ(الخيانة)، وبالتحريض على "العنف" ضد القوات الأمريكية في العراق، كما علق بعض النقاد على فيلمه. لأن المطلوب، حسب التقليد الذي كرسته أفلام هوليود، هو تجاوز فردي يعالجه النظام، لا تجاوز فردي ينتج موضوعياً وبالضرورة عن السياسة الأمريكية في العراق، وهو نوع من التجاوزات لا يمكن أن يكون حله من خلال عدالة النظام أو جهازه القضائي... بل من خلال تغيير سياسي وموقف سياسي جذري غير مرتهن لقدرة النظام على تصحيح سلوكياته داخلياً.
7- لعل واحداً من الأشياء التي أخذها نقاد فيلم "منقح" على ( دو بالما) أنه لا يذكر في الفيلم أن مرتكبي جريمة المحمودية، ومغتصبي عبير الجنابي جماعياً، وقاتليها وقاتلي عائلتها، قد تم اعتقالهم وبعضهم صدرت ضده أحكام بالسجن... في الواقع دو بالما يتجاهل تلك الاعتقالات والمحاكمات. ولو جعلها خاتمة الفيلم لسقط في لعبة تلميع النظام مثل غيره، وهو يدرك ذلك جيداً، لذلك أنهى الفيلم عند مرحلة التحقيق في الجريمة.
8- قام المخرج بإظهار جنديٍ معارضٍ لارتكاب الجريمة، أو للمشاركة المباشرة فيها، من الفصيل العسكري الذي قام بارتكابها، كشخص قام بحراسة المنزل بهدوء خلال قيام زملائه الجنود بالواقعة الوحشية، أي أن الشخص "الطيب" شارك هو الآخر بـ(صمته) في الجريمة، وقام بحراسة من ارتكبوها، وهذا مخالف للتقليد الهوليودي أيضاً، مع أنه ليس مخالفاً للواقع. فاكتشاف الجريمة أصلاً جاء خلال جلسة تقييم نفسي لذلك الجندي "المعارض للجريمة" بعد الاضطرابات النفسية والعقلية التي عانى منها بسبب مقتل عنصرين في فصيله العسكري، وكانت تلك الجلسة بالمناسبة في 22/6/2006، أي بعد ارتكاب جريمة المحمودية بأكثر من ثلاثة أشهر.
9- النقطة الأخرى هي أن (دو بالما) يظهر ردة فعل المقاومة العراقية على جريمة المحمودية باختطاف وتصفية أحد أفراد الفصيل الأمريكي الذي ارتكب الجريمة، ومع أن المجاهدين قاموا بقطع رأس ذلك الجندي، فإن السياق وما حدث لعبير وعائلتها يظهر ذلك كعمل مبرر فعلياً، وهو ما جعل هوليوود تفقد "عقلها" بالتأكيد .
10- يكشف الفيلم عنصرية أفراد القوات الأمريكية في العراق، ويكثر على لسان بعض مرتكبي جريمة المحمودية استخدام التعبيرات العنصرية ضد العرب. مثلاً تعبير Sand Nigger، أي زنجي الرمال أو الصحراء، وهو التعبير المستخدم في الولايات المتحدة ، للإشارة للعرب لأنهم لا يُعتبرون من العرق الأبيض عند كثير من الأمريكيين، كما أن هناك تعبير "حجي" للإشارة لأي شيء عربي، مثلاً امرأة حجي (أي عربية) أو طفل حجي (أي عربي) الخ... وأهمية كشف هذا النوع من العنصرية أنه يشكل مقدمة منطقية لارتكاب جريمة مثل جريمة المحمودية... فهي ليست تجاوزاً فردياً إذن، بل نتاج سياسة احتلال وعنصرية وقهر.
11- الملاحظة الفنية الوحيدة على فيلم "منقح" هي أن التصوير في الأردن جاء في مناطق شبه هضبية، مع أن المحمودية أرضها مستوية، كما أن الجدران في أماكن التصوير في الأردن كانت بالحجر الأبيض، وهو ليس نفس النوع المستخدم في الأبنية في العراق... كما أن بعض المراسلين التلفزيونيين في الفيلم كانوا يتحدثون باللهجة الأردنية - الفلسطينية، أو بلهجة جنوبي سهل حوران السوري إن شئنا الدقة، وهي مختلفة نوعاً ما عن اللهجة العراقية، بالرغم من أننا جميعاً عرب .. بالرغم من ذلك، فإن هذه الهفوات التقنية البسيطة لم تؤثر على رسالة الفيلم الأساسية التي أوصلها المخرج ليس لأنه يساري أمريكي أو ناشط سياسي، بل لأنه طرح أسئلة منطقية حول الصراع لا تجرؤ هوليود على الاقتراب منها.
12- يقول الدكتور إبراهيم علوش في عرضه النقدي للفيلم: في الحقيقة أن كاتب هذه السطور بدأ بنقد الأفلام السينمائية الغربية لشعوره بخطورة رسالتها السياسية والعقائدية، ومدى انتشار تلك الأفلام بين الشباب العربي، لذلك كان لا بد من البدء بتشريح تلك الأفلام وتأسيس تقليد عربي لنقدها... غير أن فيلم "منقح" يستحق بالفعل أن نرفع له القبعات احتراماً. فهو لا يجامل ولا يساير، والأهم من كل شيء أنه لا يقع في محاولة جعل جريمة المحمودية "مجرد تجاوز فردي"، خارج سياق الوجود الأمريكي في العراق. على العكس تماماً... لذلك كان لا بد له أن يُحاصر ويُقاطع ويُهاجم، على الرغم من أن مخرجه دو بالما كان قد أخرج بعض أكثر أفلام هوليود شهرةً مثل: (Scarface وUntouchables وMission Impossible ) وغيرها كثير... وهو طبعاً غير صهيوني، وهذه نقطة مهمة في بلدة يهودية مثل هوليوود.
الدكتور عبدالستار الراوي. معجم العقل الامريكي السياسي المعاصر (مصطلحات الحرب العدوانية على العراق . القاهرة 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق