هذا حال معظم القذارات التي جاءت بها دبابات المحتل لتسلطها على رقاب شعب العراق، أحفاد الذين علّموا العالم أول حرف وأول قانون وأداروا أول عجلة..
نعم نقولها بكل صراحة: لاترفعوا رؤوسكم، أنتم مع الأسف مسؤولون في سلطات الاحتلال المترعة باللصوصية والخسة والرذيلة.
لا ترفع رأسك..أنت مسؤول عراقي..!
جمال محمد تقي
في اي حكومة تحترم نفسها يستقيل الوزير المعني اذا تعرض احد المجالات المسؤولة عنه وزارته لاهمال ما تسبب بوقوع خسائر ، وخاصة اذا كانت بشرية ، ليس هذا وحسب بل ان بعض الوزراء يستقيلون عندما تثار تساؤلات اوعلامات استفهام حول عقود ما او اتفاقيات اجرتها وزاراتهم مع جهات محل شبهة او لان مواصفات تلك العقود ملتبسة ، اما اذا اثارت الصحافة فضيحة ما معززة بالادلة عن رشوة ما او مخالفة دستورية او قضية تحرش جنسي فان صاحبها سيحزم حقائبه قبل امره لمغادرة المكتب ، مقدما استقالته وهي مليئة بعبارات الاسف والاعتذار ، هذا ما حصل لوزير بريطاني عندما اتضح انه توسط لمنح صديقته اقامة عمل خارج نطاق القنوات الرسمية ، وهذا ما حصل لوزير الدفاع السويدي مؤخرا عندما اثيرت ضجة حول تفعيل وزارته لاتفاقية قديمة للتعاون الفني والانشاء العسكري مع السعودية وهي بلاد ينطبق عليها سويديا قانون حضر بيع الاسلحة على اعتبار ان نظامها ديكتاتوريا واستبداديا .
ما يشمل الوزراء يشمل السفراء والمدراء والرؤساء ايضا فهذا الرئيس الاسرائيلي السابق قد حوكم بتهمة التحرش الجنسي ، وهذا الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون كان قد حوكم عام 1974 بسبب فضيحت ووترغيت التي كشفت عن تورطه وفريق حملته الانتخابية الثانية بعملية تنصت غير شرعية عام 1972 على مكتب الحزب الديمقراطي في مبنى ووترغيت ، وكانت صحيفة الواشنطون بوست هي من تابع الامر وهي من جعلت منه قضية رأي عام !
المسؤولية عن اي عمل عام هي عبارة عن تكليف مدفوع الاجر ، واذا اخل المكلف بمهمته فمن الطبيعي ان ينحى عن تلك المسؤولية ومن دون اي تكريم مادي او معنوي ، ولا دخل هنا لاي حسب ونسب او ميول واتجاهات او وساطات ، لان تعاقد التكليف مشروط بالاداء المتقيد بالقانون ، والقانون هو الفيصل بعد ان توزن المخالفات بالنتائج والمعطيات .
في البلدان المحكومة بالتخلف والفساد والتبعية ، الامر مختلف تماما ، نعم قد يكون فيها برلمانات وانتخابات وصحف وفضائيات ومنظمات للمجتمع المدني ومجالس للنزاهة والرقابة ووزارات لحقوق الانسان والمرأة والبيئة ، لكنها جميعا خالية من الروح الحقيقية اي انها عبارة عن اطر ديكورية غير فاعلة ، وان فعلت فانها تفعل لاغراض التصارع على السلطة ليس الا !
العراق واحد من هذه البلدان ، بل انه اكثرها كارثية وسوءا بسبب فداحة التفريط الجاري فيه وبسبب من تاثيرها العميق على تركيبته المدنية والقيمية ، فلا يمكن ان تجد بلدا اخر غير العراق مقدار الاهدار فيه خلال العشرة سنوات الاخيرة يحسب بالترليونات من الدولارات ، ولا تجد بلدا اخر مقدار الصرف المعلن فيه على قطاع الكهرباء خلال العشرة سنوات الاخيرة قد تجاوز ال 40 مليار دولار والنتيجة المقبوض عليها هي معدل 6 ساعات يوميا لكل مواطن من الكهرباء !
في تقارير المنظمات الدولية يتربع العراق على مواقع الصدارة في جرودات دول العالم الاكثر فسادا والاكثر فشلا والاكثر تجاوزا على حقوق الانسان والاكثر خطرا على حياة الصحفيين والاكثر سوءا للتغذية والاكثر عشوائية في التنمية ، ووو !
بالمختصر المفيد لا يجد اي مسؤول عراقي ما يفتخر به امام نظرائه من مسؤولي العالم الا اذا استثنينا مسؤولي الصومال وافغانستان وجزر القمر ، اما الدول الفقيرة الاخرى فهي فقيرة بطبيعتها ولا مجال لمقارنتها مع العراق ولو جرت المقارنة بحساب النسبة والتناسب فان العراق سيتفوق عليها حتما وبكل الجوانب السلبية المذكورة اعلاه !
يقول النائب المستقل صباح الساعدي ان ارقام الخسائر العراقية خرافية ، ان كانت خسائرنا جراء الاحتلال ، او جراء فساد اجهزة السلطة ، فتصدير النفط يدر يوميا ما يقارب 200 مليون دولار وهناك 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر ، ويضيف قائلا بان ملفات البطاقة التموينية والكهرباء والتسليح والامن والصحة ، تمتص اكثر من 70 بالمائة من الميزانيات المقررة وهذه الملفات ذاتها التي مازالت تعاني ومن نفس الاحتياجات الاولية مما يعني ان اغلب تلك الميزانيات تذهب في جيوب مثقوبة على مشاريع وهمية !
كل صيف يجري التضحية بوزير للكهرباء كي يكون كبش فداء للحالة الفاسدة الدائرة روائحها بين كل الوزارات ذات العلاقة ، كالنفط والتجارة والصناعة والبلديات .
مكتب رئاسة الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية بالوكالة يستحوذ وبطرق مختلفة على ما مقداره 12 مليار دولار سنويا ، برغم وجود تعاقدات لمشاريع تخصه ، وبالدفع الآجل !
نقلت صحف خليجية اخبارا عن خسارة منصور البرزاني وهو احد افراد عائلة رئيس اقليم كردستان مايقارب المليوني دولار في لعب القمار داخل احدى صالات اللعب في دبي ، كما قدرت بعض الصحف الغربية حسابات البرزاني في البنوك السويسرية بحوالي 10 مليارات دولار !
اتهم مسرور برزاني باغتيال الصحفي الكردي الشاب سردشت عثمان ، من قبل العديد من التجمعات الكردية ولم يجر اي تحقيق مستقل بالموضوع وجرى تهديد كل من يعيد فتح هذا الملف !
جرى الاعتداء على المتظاهرين السلميين المطالبين بتحسين ظروفهم في ساحة التحرير وقد اعتقل العشرات منهم ومورست بحقهم كل انواع التعذيب المحرمة ، وعلى اثرها اتهمت بعض الجهات المالكي وفرقه الخاصة بتدبير هذا الاعتداء !
المالكي يقول ان لديه ملفات تدين كل خصومه بالارهاب والفساد وهو سيقدمها تباعا وبحسب تطورات الاوضاع ، تصوروا ان رئيس الوزراء يملك ما يدين اطرف اخرى مسؤولة ويسكت عنها ، اليس الساكت عن الحق شيطان اخرس؟ ام ان لدى خصومه بالمقابل ملفات يخشى هو ان يستفزهم فيفتحوها عليه ؟
اتهامات كثيرة ولغط اكثر يخص ممتلكات رئيس الجمهورية وعائلته وهي تتجاوز عدد اصابع اليدين والقدمين من المليارات ، الكل يطنش مادام الأمر لا يقدم ولا يؤخر، ولا يوجد من يقول لك ، من اين كل هذا ؟
يقول احد الصحفيين العراقيين بان لكل وزير تسعيرة وهي تنسحب بنسبة النصف على السفراء والمدراء والوكلاء ، ويجب على الوزير ان يستعيد ما دفعه مع الارباح والفوائد طبعا !
لقد اتهم العديد من الوزراء بتهم فساد لا تقبل النقض ومن مختلف الكتل السياسية ، والملفت ان جميعهم يفلتون من اي عقوبة ، ويبدو ان اعداد المتهمين رسميا هي اقل بمئات المرات من الاعداد الفعلية ، وهذا ليس بغريب فكل طرف يحمي منتسبيه ، وان تحرك طرف ما لفضح مسؤول من طرف اخر فان ذلك الطرف سيفعل نفس الشيء تجاهه ، وعليه اصبحت هناك عملية صمت متبادلة لا يكسر قاعدتها الا الخلافات الشديدة كما هي الحالة هذه الايام ، وخير مثال ، الاتهامات المتبادلة بين حسين الشهرستاني وبين حكومة اقليم كردستان ، فالاول يتهم الاقليم بتهريب النفط وبيعه بالسوق السوداء وحكومة الاقليم تتهم الشهرستاني بتهريب النفط للاردن وايران !
ابن البلد يكاد يقولها علنا ولكل مسؤول عراقي فاحت رائحة فساده : افضل من ان تسير منكس الرأس على طول الخط اخرج عن الخط كله ، خذ ما ملكت ايمانك واستقل، ولكي يرتاح قلبك من هم الفضائح اذهب لوطنك البديل، لاسيما وان الاموال التي بحوزتك تكفي لسد عين الشمس!
هناك تعليق واحد:
سألو هتلر قبل وفاته من أحقر الناس قابلتهم في حياتك؟؟؟.
فرد عليهم:
إحقر الناس قابلتهم في حياتي هؤلاء الذين ساعدوني على إحتلال أوطانهم...!!!
إرسال تعليق