موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 7 أبريل 2013

عمال العراق يتصدون لسلاح الدمار الشامل


هيفاء زنكنة
حظت اعتصامات خمس محافظات وتظاهرات العديد من المدن العراقية منذ 25 كانون الاول 2012 حتى اليوم، ببعض الاهتمام الاعلامي العربي والعالمي وركزت الضوء على جرائم تعذيب وإغتصاب السجينات، وماساة التمييز وانتهاك حقوق المواطنين . 
وبذلك ساهم هذا الحراك الشعبي بكشف الوجه البشع لـ'ديمقراطية' النظام، الذي لجأ للتسويف والكذب، مرفقا اياهما بحملة اغتيالات منهجية لمنظمي الاعتصامات، وآخرهم ثلاثة من منظمي المظاهرات والاعتصام في الفلوجة بينهم الشيخ طالب ازويد العيساوي إمام وخطيب جامع البراء بن عازب وسط المدينة. لكن مأساة عمال شركة نفط الجنوب، وباقي العمال في ارجاء العراق، لاتزال محجوبة عن العالم وحتى عن بعض ابناء الشعب العراقي، انفسهم، نتيجة التعتيم الاعلامي، وعلى الرغم من العديد من التظاهرات والاضرابات التي قام العمال بتنظيمها والمساهمة فيها خلال العشر سنوات الاخيرة.

والمعروف ان نقابة عمال شركة نفط الجنوب واحدة من النقابات التي عملت على الجمع ما بين مناهضة الاحتلال الانكلو امريكي المتمثل بشركات النفط الاحتكارية وسياسة حكومات الاحتلال مع المطالبة بحقوق منتسبي النقابة في آن واحد . ففي 21 نيسان 2006، حذر حسن جمعة الساعدي، رئيس اتحاد نقابات نفط العراق، من حدوث تلاعب في كميات لتصدير النفط لعدم وجود منظومة خاصة للتعبير بالعدادات، وداعيا الى الاضراب العام وقطع صادرات النفط اذا لم تستجب الحكومة لمطالب العمال في العيش الكريم. 
وأدان في كانون الأول 2006، مشروع قانون النفط الذي أعدته اللجنة الوزارية العراقية منذ ذلك الحين، لأن القانون يمكن أن يعطى ما يصل الى ثلثي موارد البلاد الوطنية لشركات النفط دولية بموجب عقود يمكن ان تستمر أيضا لمدة 20 عاما. أما الاعتراض الآخر فكان بسبب اعداد مشروع القانون دون استشارة أحد من خبراء النفط في العراق أو المجتمع المدني أو النقابات. كما حذر 
وقد ادى نجاح نشاط رئيس النقابة وعدد من الاداريين فيها في التواصل مع الحركات النقابية العالمية والعربية وحركات التضامن مع الشعب العراقي، الى تنبه النظام الى نضال الحركة العمالية وبالتالي الى اصدار وتنفيذ احكام قمعية وصلت الى حد منع سفر ممثلي ووفود النقابات الا بعد استحصال امر حكومي. حيث نشرت جريدة 'الصباح'، في 15 ايار 2010، مايلي: 'منعت اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 سفر وايفاد ممثلي الاتحادات والنقابات والجمعيات الا بعد استحصال موافقتها بصرف النظر عن الجهة صاحبة الدعوى سواء اكانت تتحمل نفقات السفر والايفاد من عدمه'. وهي محاولة واضحة للسيطرة على النقابات وشل حركتها ومنع تواصلها مع العالم الخارجي مؤشرة الى تنامي دكتاتورية النظام. 
وينطبق المثل الشائع 'يحملون الذهب ويأكلون العاقول' على درجة استغلال وحرمان العمال من حقوقهم خاصة وان حالهم قد تدهور من السيىء الى الاسوأ في الاعوام الاخيرة، في ظل نظام حزب الدعوة. اذ ادى الإهمال المستمر في مجالات الصناعة الى قتل الصناعة الوطنية وتحويل العراق الى بلد ريعي يعتمد على صادرات النفط فقط. كما ادى الاهمال في مجال الزراعة إلى تدهور مستوى الإنتاج الزراعي المحلي، وتحول العراق من بلد زراعي منتج لنسبة عالية من غذائه إلى بلد مستهلك ومستورد للمنتجات الزراعية على اختلافها من بلدان الجوار. وهي سياسة ذات تاثير اجتماعي خطير، اذ تصبح الحكومة بغنى عن المواطن المنتج وطنيا فتسهل عملية شراء ولاء المواطن / الموظف المعتمد بعيشه وراتبه على الحكومة لتصبح المطالبة بالحقوق تهمة تستحق الاعتقال والاضطهاد والمحاكمة.
وقد بدأ آخر اضراب عمالي يوم 13 شباط / فبراير الماضي أمام مقر شركة نفط الجنوب و حقول الرميلة الشمالي والجنوبي والبرجسية وغرب القرنة. وتوقف الاضراب بانتظار تحقيق وعود محافظ البصرة لتلبية مطالب العمال في صرف الارباح السنوية لهم والتي لم تصرف منذ عام 2010. غير ان الوعود تبخرت فعاود العمال الاضراب. وقد قامت مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي (ICSSI) بالاضافة الى العشرات من النقابات العراقية والعربية والعالمية بتوقيع نداء يدعو الى الاصطفاف بجانب نضال نقابة عمال نفط الجنوب وتأييد مطالبهم العادلة ومن بينها 'المطالبة بالغاء كل القرارات المقيدة للعمل النقابي وتشريع قانون عمل عادل ومنصف، معالجة العاملين في الحقول النفطية التي كانت ساحة للمعارك والملوثة باليورانيوم المشع وبالذات في الرميلة الجنوبية والشمالية، في مستشفيات خاصة وعلى حساب الشركات الاجنبية وإجراء الفحص الدوري في هذه المستشفيات، منع طرح المستشفى الخاص للعاملين في النفط على الاستثمار الخاص'. ودعا الموقعون 'كل القوى التحررية والتقدمية والمنظمات والنقابات العمالية، إلى الوقوف بجانب عمال النفط في البصرة والتنديد بما يتعرضون له من تهديدات مفضوحة، وكذلك مساندة مطالبيهم العادلة'.
وقد تعرض حسن جمعة وعدد من زملائه النقابيين الى التهديد وتوجيه الاتهامات الكيدية ومن ثم تم استدعاءه للمثول امام محكمة البصرة يوم 20 اذار 2013، ووجهت اليه تهمة تنظيم إضراب في شركة نفط الجنوب. وهي تهمة نفاها قائلا: 'بأن هذه التهم باطلة وأنه يُتَّهمْ كجزء من جهد وزارة النفط لللإفتراء عليه وإضعافة والنقابات كذلك. وعلى نفس الصعيد تم استدعاء ثمانية من عمال شركة نفط الجنوب الى مكتب المفتش العام في وزارة النفط بهدف إجراء التحقيق معهم بخصوص دورهم في المظاهرات الأخيرة في البصرة، حيث شارك العمال في الاحتجاج السلمي للتعبير عن مطالبهم المشروعة'. ويشير البيان الى تعرض النقابيين العراقيين وبعض العمال 'الى القمع وبشدة خلال السنوات الماضية، فقد اجبروا على دفع غرامات ونقلوا لاماكن عمل بعيدة وهددوا بالفصل أو السجن لأنهم اما ساهموا او ساندوا نشاطات احتجاج سلمي تطالب بالحقوق'. وقد تم تأجيل محاكمة حسن جمعة ورفاقه الى يوم 8 آذار الحالي. والمعروف ان وزارة النفط تمنع التنظيم النقابي داخل الشركات التابعة لها وتعتبره جريمة يعاقب عليها القانون. ولأن النظام الحالي قمعي بطبيعته، سارعت وزارة النفط وبدلا من ان تصغي لمطالب المتظاهرين، الى تشكيل لجنة لجمع اسماء المتظاهرين وتقديمهم الى المحكمة. 
ان الخطوة المطلوبة في الوقت الحالي هي توحيد التظاهرات والاعتصامات في جميع انحاء العراق سواء كانت تظاهرات الطلاب والنساء والعشائر ورجال الدين او تظاهرات العمال من مختلف النقابات. فغالبية ابناء الشعب يعيشون، تحت النظام الحالي، مرارة الظلم والاستغلال والاستهانة بكرامتهم المخلوطة بالطائفية التي يصفها النقابي والمناضل الشيوعي الاصيل آرا خاجادور بانها 'السلاح الأول لتدمير المنطقة بأسرها'. كما يعتبر خاجادور العمال' الفصيل الأول الذي إكتشف اللعبة الطائفية والعرقية وتصدى لها وهم حماة روح العراق الوطنية ووحدته الفعلية'. وهذه اللعبة العنصرية المدمرة هي ذاتها التي دفعت المتظاهرين والمعتصمين في مختلف ارجاء البلاد الى الاستمرار في احتجاجاتهم، على الرغم من كل الصعوبات والتهديدات والقتل المباشر. ولوضع حد لها، وللحفاظ على وحدة وطننا وشعبه، وكا يردد آرا خاجادور: 'لتتشابك ألايدي' فأن المواطنين وأطفالهم يريدون خبزاً وأمناً لا خطابات كاذبة ووعود خادعة. 

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..