مكي النزال
كلنا نبحث عن الأفضل في كل شيء، عندما نريد شيئاً لأنفسنا، نريد أفضل الأبناء وأفضل البيوت وأفضل النساء والسيارات والسمعة الحسنة (ولو كانت مزيفة وكاذبة).
إلى هنا يبدو الأمر طبيعياً وغريزياً ويشمل الجميع بدرجات من المشروعية واللامشروعية .
إلى هنا يبدو الأمر طبيعياً وغريزياً ويشمل الجميع بدرجات من المشروعية واللامشروعية .
وفي نفس الإتجاه يبحث الملوك والرؤساء (أدام الله عزهم) عن الأفضل لرعيتهم (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).. هم يقولون ذلك على أية حال والله أعلم بما تخفي الصدور. في العراق لدينا تجربة جديدة (بالباكيت) في هذا الإتجاه؛ فقد جلب لنا بعض إخوتنا الأعزاء أفضل الجيوش في العالم لكي يزيحوا عن كواهلنا أحد (أسوأ) الأنظمة في التاريخ الحديث!
نعم ، جلبوا لنا جيوشاً ذات همرات (مطارق يعني بالعربي) وآباتشيات (والأباتشي هم أشرس الهنود الحمر) وفانتومات (أشباح) وتسميات كثيرة لا أريد أن أثقب رؤوسكم بها أكثر مما هي مثقوبة أصلاً . والمهم أن الجميع متفقون على أنها الأفضل في العالم وأفضليتها تكمن في قدرتها الفائقة على تدمير (الأعداء) .
وبطبيعة الحال كان الأعداء هذه المرة أزلام النظام السابق من القتلة الجاثمين على صدور العراقيين الأبرياء والإيرانيين (المظلومين) والكويتيين (الحبّابين) وحتى الأمريكان الأشاوس الذين (ما يرضون بالعايزة) ولذلك فقد كان النظام المذكور يدوس في بطونهم بكثرة أذاه للآخرين فقرروا قراراً يليق بفروسيتهم وقيادتهم العظيمة للعالم الحر؛ إنه قرار الحصار الذي أودى بحياة أكثر من مليون عراقي من أزلام النظام ونسائه وأطفاله وشيوخه وحتى حيواناته وأشجاره الظالمة التي كانت لا تعطي ثمارها وظلالها إلا للظالمين!!! حصار أتى على الأخضر فقط مما ذكرت آنفاً وترك اليابس لأنه لا يستحق الحصار وربما يحتاجه المحاصِرون (بكسر الصاد) يوماً ما.
ويقول العارفون (ولست أدّعي أنني منهم) أنه أطول وأقسى حصار في التاريخين القديم والحديث ولذلك فهو ((الأفضل)) من وجهة نظر مخططيه ومنفذيه الذين كوفئوا بأفضل الرتب والمناصب والنياشين؛ كما استقبلتهم الدول الشقيقة والصديقة المُحبة لشعبنا (أفضل) استقبال، ويقال أن هذه الدول أكرمتهم أيّما كرم جزاءً وفاقاً على شجاعتهم وحسن إدائهم وتخطيطهم الحكيم.
ولكن، وللأسف الشديد تبين أن ذلك الحصار لم يكن كافياً لكسر شوكة العراقيين (المجرمين منهم فقط) الذين تأقلموا مع الوضع الجديد ودفنوا موتاهم قائلين (إنا لله وإنا إليه راجعون) وظلوا سابرين في غيهم القديم، فلم يعد هنالك من بُدّ من توجيه ضربة قاصمة تخلّص العالم من شرورهم وتطهرهم مما ارتكبوا من أرجاس لا ترضي المؤمنين في العالم الحر المتحضر.
وكان هذا الحل هو (الأفضل) باتفاق (جميع أحرار العالم) ومنهم ثلّة من العراقيين الغيارى الذين أبوا الضيم فأقسموا أن يحرروا بلدهم (مهما كان الثمن) !
يبدو أن قصتي ستطول عليكم فالموضوع أعجبني جداً وأنا مستعد أن أسهب وأطنب فيه إلى الصباح. لكنني سأختم الموضوع بتساؤل من غشيم من أبناء المحافظات العراقية المتخلفة مفاده: لماذا جلبوا لنا أفضل الجيوش وحاصرونا أفضل الحصارات ولطمونا بأفضل القنابل ودفنونا أحياء بأفضل الجرافات ولم يجلبوا لنا أفضل الموبايلات وأفضل خدمات الماء والكهرباء والوقود والبناء والوزراء والرؤساء ...الخ الخ الخ ؟
لم أستطع الإجابة على هذا السؤال (الفطير) خصوصاً أن السائل هو من أبناء مدينة معروفة بحقدها على العالم الحر، وإرهابية ولذلك تعرضت لأفضل هجوم حررها من أهلها والحمد لله، وهاهم الأشاوس من قوات التحرير الباسلة مستمرون بتطهيرها حتى من مبانيها الحاقدة. وهاهم أبناؤها يتمتعون بأفضل سفرة سياحية في حياتهم يتذكرون حياة أجدادهم في الخيام، ويتذكرون معاناة إخوانهم الفلسطينيين والدارفوريين والشيشانيين الذين مازالوا يدفعون استحقاقات الحرية والتقدم .
أخيراً ، أرى أنه من (الأفضل) أن أنهي موضوعي قبل أن أنال (أفضل) الجزاء من (إخوتي) الأعزاء .
وإلى اللقاء !!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق