نوري غافل الدليمي
من خلال متابعتي للقاءات التلفزيونية لشخصيات عراقية، ومن خلال قراءتي لما يُكتب من قبل بعض الكُتاب العراقيين، رأيتُ أنَّ الكثير من المتحدثين والكُتاب عندما يتكلمون عن الفدرالية والأقاليم في العراق، يأتون بدولة الإمارات العربية المتحدة كمثال لما يطرحون.
أردتُ أنْ أوضح بعض الحقائق عن النظام السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وأنا أكتب ذلك لا أريد من أحد أن يدخل في سجالات، لأنني لا أريد أن أروِّج للأقاليم ولا أريد أن انتقد الاخوة الذين ينادون بالاقليم ولكن أكتب فقط لتصحيح مفاهيم مغلوطة.
الإمارات العربية السبع، كانت قبل عام 1971 لكل امارة استقلاليتها الكاملة، وحدودها، وجنسياتها (جوازات السفر)، وشرطتها وحرسها الأميري، ولكن في عام 1971، إلتقت الارادات الخيرة من حكام الإمارات ذوي الحكمة والرأي، مدعومين بشعب موحد في قبائله وعشائره وعاداته ولهجته البدوية، فقرروا إنشاء دولة الاتحاد، وتم انتخاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم وضع دستور للدولة وعلم تمَّ رفعه في الامم المتحدة، وكان السياسي العراقي المخضرم الدكتور عدنان الباجه جي أول سفير ممثل لها في الامم المتحدة.
الذين يأتون باسم دولة الإمارات كمثال خلال مطالبتهم بالأقاليم قسما منهم يجهلون حقيقة هذه الدول وكيف تعمل.
اخوتي، في دولة الإمارات رئيس واحد وله نائب رئيس، ورئيس مجلس وزراء وعادة يرأسه نائب رئيس الدولة وهو واحد، وعلم واحد، ومجلس وطني اتحادي (برلمان) واحد، وجيش وشرطة وأمن واحد، ودستور واحد، وميزانية واحدة، وسياسة خارجية ودفاعية ومالية واحدة ونشيد وطني واحد. ولكل امارة حاكم وعنده مجلس تنفيذي يأخذ حصته من الدولة المركزية وينفذها حسب رؤية الحاكم والمجلس التنفيذي. ولكل امارة الحق في الاستثمار وترتيب امورها المادية لتحقيق موارد اضافية للميزانية التي تم تخصيصها من الحكومة المركزية، ولها الحرية في اقامة المشاريع الصناعية والتجارية والعمرانية كما تشاء.
أما بعض الاخوة في العراق فقد ارتبط عندهم مفهوم الأقاليم بما حدث في كردستان.
كل الامور الموجودة في كردستان تؤشر على انها (دولة أو على الأقل نواة دولة)، حيث أن لها علم خاص، وبرلمان خاص، ورئيس، ورئيس وزراء، ومجلس وزراء، ونشيد وطني، وحرس خاص للاقليم (البيشمركة)، وعقود نفطية خاصة، وسياسة شبه مستقلة. يقول الكثيرون إن لكردستان وضعها الخاص، وأنا اتفق معهم، ولكن أن يصبح لكل محافظة رئيس ورئيس وزراء وعلم ونشيد وطني وبرلمان وجيش وشرطة ... (فلا تعليق عندي).
نعم إن َّهناك مشاريع تقسيمية تدفع بهذا الاتجاه، ونعم إن تصرفات الحكومة الرعناء وتهميشها لمكونات معينة، وقتلها للابرياء، وانتهاك الحرمات والأعراض، واتباع سياسة التهجير القسري، كلها عوامل دفعت بالناس بالمطالبة بالأقاليم عسى ان يتخلصوا من جور وظلم السلطان.
ولكن لو كان للمحافظات احترام واضح من قبل السلطات المركزية، ولو كان لديها الاستقلالية فيما يخص الاعمار والاستثمار، ولو اتقت، الحكومة المركزية واحزاب السلطة، الله في شعبها، وأقامت العدل والمساواة ونبذت الطائفية والاقصاء والتهميش والقتل والسجن لما تعالت صيحات الناس للمطالبة بالاقليم بل والاستقلال التام عن (سلطة بغداد).
وللاخوة المناديين بالاقاليم، خذوا الإمارات كمثل، نعم، من حيث المجالس التنفيذية والسلطات الواسعة ولكن أن تفكروا بأن لكل اقليم علم ودستور ورئيس وحكومة وبرلمان وسياسة مالية ودفاعية وخارجية مستقلة فهذا يعني أنَّ العراق سيكون (14) دولة!!!
اكرر هذه مجرد معلومات لتصحيح مفاهيم وليست دعماً أو رفضاً للاقاليم، بمعنى انها ليست رأياً شخصياً، أما رأيي الشخصي فقد كتبت عن الفدرالية والأقاليم مبحثاً كاملاً ضمَّنته كتابي (حروب آل بوش: حالة الحقيقة) والذي سيرى النور قريبا بإذن الله، إنْ كان في العمر بقية.
عشتم وعاش العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق