نوري غافل الدليمي
يتذكر أخوة لي بأنني قلت لهم منذ انطلاق انتفاضة الشعب السوري بأن الرئيس بشار الاسد سيبقى بكامل نظامه، وكنتُ أشفق على طروحات الذين يسمونهم الخبراء الاستراتيجيين الذين قالوا بأن النظام سيسقط خلال ٣ اشهر ثم ٦ اشهر ثم سنة، وأتحفونا بخرائطهم وتأشيراتهم وسيناريوهاتهم وتحليلاتهم لعمليات الثوار والقوات الحكومية من على شاشات القنوات التلفازية مثل الجزيرة والعربية وغيرها.
لا أدعي أنني متنبئ ولا قارئ كف او فنجان ولكن كانت رؤيتي موضوعية تستند على حقائق اهمها:
إن الكيان الصهيوني وأميركا لا تريد تغيير النظام والمجيئ بنظام جديد ربما يسبب لها وجع رأس في الجولان، خصوصا بعدما سببت الثورة المصرية تهديدات جدية لاسرائيل في سيناء وغزة ومهاجمة انابيب نقل الغاز المصري الى اسرائيل.
لقد سلَّت أميركا نفسها من المعادلة تحت ذريعة إن هؤلاء الثوار هم من القاعدة وبالتحديد جبهة النصرة، فسارعت الى اعتبار جبهة النصرة منظمة ارهابية وأنها ربما تستولي على مخزونات الاسلحة الكيميائية وتستخدمها، لذلك لم تكن جادة في الأطاحة بالنظام كما فعلت في العراق وليبيا.
لكن أميركا واسرائيل تريد تدمير القدرات السورية بالكامل لكي يصبح النظام السوري ضعيف وهذا ما صرَّحت به الاستخبارات الصهيونية قائلة "إن التعامل مع نظام بشار الذي سيكون ضعيفا أفضل بكثير من التعامل مع الذين سيخلفونه من الثوار".
إن تذبذب وتردد أميركا واختفاء تهديداتها التي كنا نسمعها في الشهور الاولى، انعكس حتى على قنوات الجزيرة والعربية التي خفت تغطيتها الإعلامية كثيرا.
لقد نسي الجميع او تناسوا موقف وقوة محور طهران - بغداد - دمشق - حزب الله اللبناني، هذا المحور الذي يشكل قوة عسكرية وسياسية واقتصادية وعقائدية لا تجاريها اهتمامات السعودية وقطر والجامعة العربية. يضاف إلى ذلك موقف روسيا والصين اللتين لا تريدان أن تفقدا آخر محطة أو منطقة نفوذ لهما في الشرق الاوسط بعد أن خسرتا العراق ومصر وليبيا ولم يبقى لهما غير ايران وسوريا.
كما استصغر بعض المحللين قوة حزب البعث والجيش في سوريا واللذين أخذا درسا قاسيا مما جرى للبعثيين وللجيش العراقي في العراق من إبادة وإقصاء وتهميش، فكان قرار البعث والجيش في سوريا هو القتال والاستماتة في القتال بدلا من أن يتم إعدامهم على ايدي القادمين الجُدد كما حدث في العراق.
روسيا والصين وضعت كل ثقلها السياسي وربما حتى العسكري (بالنسبة لروسيا) للوقوف الى جانب النظام السوري، اما ايران والعراق فقد وضعوا ثقلهم الاقتصادي وسهلوا دخول المتطوعين من ايران والعراق ولبنان للقتال الى جانب الجيش السوري ضد ثوار الجيش الحر.
وأخيراً، ان بعض الدول ورَّطت الثوار ثم تخلَّت عنهم، فلم تبق لديهم ذخيرة ولم يزودوهم بسلاح حديث وتركوهم يقاتلوا بالكلاشنكوف. حيث إن التنافس العربي/ العربي والتنافس العربي/ التركي في وعلى القضية السورية قد أضر الثوار وخدم النظام.
ملاحظة من الناشر:
باعتقادنا لايوجد شيء في سوريا اسمه حزب البعث، فلقد انتهى هذا الحزب كلياً في سوريا منذ سنوات طويلة، ولم يعد له إلا هيكل فارغ، كلياً، من المضمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق