موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 25 مايو 2013

أفريقيا سوق للأسلحة الصهيونية (1/2)


مصطفى يوسف اللداوي
أصبح الكيان الصهيوني منذ تسعينيات القرن العشرين المورد الرئيس للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربي وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، إلى العديد من الدول الأفريقية، خاصةً تلك التي تشهد صراعاتٍ عسكرية، واضطراباتٍ قبلية، وحروباً داخلية أو حدودية مع دولٍ مجاورة، مما يجعلها في حاجةٍ دائمة إلى السلاح والعتاد، خاصة الذخيرة وأحياناً الأسلحة الخفيفة التي تتطلبها حروب العصابات، والعمليات العسكرية التي تشبه الغزو، وفي طبيعتها المباغتة، والكر والفر.


كما أنها تمد دولاً أفريقية بالعديد من الخبراء والفنيين العسكريين الصهاينة ، ورجال المخابرات المدربين، وضباط أمن وعسكريين متقاعدين، ومجموعاتٍ أمنية خاصة لتدريب وحدات المهام الخاصة في بعض الدول الأفريقية، وتدريب وتأهيل الحراسات الخاصة، والمرافقة الأمنية الشخصية، الخاصة بالرؤساء والوزراء والقادة العسكريين وكبار مسؤولي الدولة، حيث يقوم بهذه المهام ضباطٌ متقاعدون، ممن يملكون القدرة والكفاءة، وممن سبق لهم الخدمة في هذه المجالات، فيقومون بأنفسهم بهذه الأدوار، أو يقومون بالوساطة لإتمامها عن طريق جهاتٍ أخرى، خاصةً إذا كان من المتعذر عليهم دخول بعض الدول الأفريقية، أو العمل فيها بحرية كالسودان مثلاً، أو أخرى ترفض أن تستخدم أرضها للتآمر على جيرانها.
يتعاون عددٌ من الضباط الصهاينة في إنشاء شركاتٍ أمنية خاصة، تكون إسرائيل مركزها، أو تؤسس لها مراكز رئيسية في الكونغو وكينيا وأوغندا وأثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية، التي تتميز في علاقاتها القوية مع الكيان الصهيوني، والتي يشعر الصهاينة فيها بنوعٍ من الأمان، فيفدون إليها، ويشترون المزارع، ويبنون المعامل، ويفتحون المصانع، وتكون لهم فيها مصالح تجارية واقتصادية كبيرة، حيث يشعر الصهاينة نوعٍ من الإطمئنان في الدول الأفريقية التي تكون أغلبية سكانها من غير المسلمين، أو يكون لقادتها احساسٌ بالخوف من المسلمين، من أن يشكلوا أكثرية، أو يقوموا بانقلاباتٍ عسكرية تطيح بهم، وتقوض أركان حكمهم، خاصةً إذا كانت ولاءاتهم الدينية أقوى من ولاءاتهم الوطنية، وارتباطات تنظيماتهم وجماعاتهم خارجية أكثر مما هي داخلية، الأمر الذي يزين لهم تحالفهم مع الكيان الصهيوني، وتعاونهم معها.
يعتبر الكيان الصهيوني القارة الأفريقية كلها سوقاً مفتوحة لمختلف الأنواع من الأسلحة، وحقلاً جاهزاً لإجراء الكثير من التجارب فيها، ولكنه يركز في مبيعاته للأسلحة إلى الدول الأفريقية على أنواع من الأسلحة الخاصة، وذلك وفق الأهداف المرجوة من الأسلحة، فهو يصدر الأسلحة الفردية الخفيفة كبندقية العوزي الصهيونية الصنع لعدة أسباب، منها التخلص من مخزونها الكبير من بنادق العوزي، لافساح المجال أمام أجيالٍ جديدة من البنادق الحديثة، فهو وإن كان جيشه يعتمد البندقية الأمريكية أم 16، إلا أنه ينتج ويطور أنواعاً مختلفة من البنادق، التي تتميز بصغر الحجم، وخفة الوزن، ودقة الإصابة، وكثافة النيران، ويقوم بإجراء تجارب عديدة عليها بغية تطويرها وتحسينها، الأمر الذي يراكمها في مخازنه بكمياتٍ كبيرة من أجيالها القديمة، فيرى أن أفضل طريقة للتخلص منها هو توريدها إلى دولٍ أفريقية، هبةً أو بيعاً، إذ هذا أفضل بكثير من الحفاظ عليها في المخازن أو إتلافها.
كما أن السياسة الصهيونية المتبعة في أفريقيا تحرص على أن يكون السلاح الفردي متوفراً بين أيدي المواطنين الأفارقة، إذ أنه وقود التمرد، وشرارة الصراعات الداخلية، والمادة الكفيلة بإشعال الحروب والنزاعات القبلية والحدودية، التي تمكنها من التدخل في الشؤون الأفريقية، وإيجاد موطئ قدمٍ لها في أي مشكلة أو معركة، فوفرة السلاح في أيدي المواطنين، يسهل عليهم اللجوء إليه واستخدامه لحسم أي خلاف، ويقود بسرعة إلى تشكيل اصطفافاتٍ وجماعاتٍ متباينة، سواء على أساسٍ عرقي وديني، أو على أرضية مصالح ومنافع، كما أن بيعه وتسويقه قد لا يلزمه أحياناً موافقة الدولة والتزام سياساتٍ ضابطة، بل قد يقوم بهذا الدور أفرادٌ ومجموعات بقصد الانتفاع والتجارة.
كما يحرص الكيان الصهيوني على أن تورد للدول الأفريقية أجيالاً مختلفة من الصواريخ والقذائف المختلفة، بقصد تجريبها، والتعرف على آثارها، والتثبت من دقة إصابتها، ومعرفة درجة تدميرها، بالإضافة إلى قذائف عديدة، مضادة للدروع والأفراد، تحمل على الكتف، أو تطلق من قواعدٍ ومنصات، ولديها قدرات مختلفة على الاختراق والإصابة، ولكن ينبغي تجريبها في الحروب، والتثبت من جدواها وفعاليتها على أرض المعركة، ما يجعل من توريدها لدولٍ أفريقية يشكل منفعةً حقيقية للكيان الصهيوني، قبل أن تكون نافعة وضرورية للدول الأفريقية، فضلاً عن أن أطرافاً كثيرة في أفريقيا تسعى للحصول على السلاح الصهيوني وتعتقد بفاعليته وجدواه.
كما يحتاج الكيان الصهيوني إلى مناطق لتجرب فيها الأسلحة المحظورة، والقنابل المحرمة دولياً، وهو يجد صعوبة كبيرة في تجريبها داخل فلسطين المحتلة، نظراً لصغر المساحة، وكثافة السكان، واحتمالات الخطورة وإنعدام درجات الأمان المطلوبة، الأمر الذي يفرض عليه البحث عن مناطق جغرافية غير بحرية لتجريبها، والتعرف على آثارها، وهو ما كان يتعاون فيه سابقاً مع حكومات جنوب أفريقيا العنصرية، ولكنه خسرت هذه الفرصة مع سقوط النظام العنصري، وتولي حكوماتٍ ديمقراطية تعارض إسرائيل الحكم فيها، وهي تختلف معه في سياساتها الاحتلالية للأراضي الفلسطينية، بل وتدين فيه ممارساته القمعية، مما حرمه من مناطق حرة كان يجرب فيه أسلحته وقنابله بسهولة.
وتقوم الاستراتيجية الصهيونية في أفريقيا على أن يكون من بين الدول الأفريقية عددٌ من الدول القوية المتفوقة، التي تمتلك السلاح، وتحوز على قوة الردع، وتستطيع الحسم في أي معركة، كما يمكنها التدخل أفريقياً لصالح أي طرفٍ ضد آخر، وتحقيق الكسب له، أو رجحان الكفة لمصالحه، مما يشكل خطراً على الدول الأفريقية القوية نسبياً بالمقارنة مع الدول الأفريقية الأخرى، كمصر والجزائر وليبيا والسودان، على أن يأمن الكيان الصهيوني هذه الدول، ويطمئن إليها، ولا يشعر بالخوف من تعاظم قوتها على مصالحه في أفريقيا، ولا يخشى من خروجها عن الفلك الصهيوني وخضوعها لنفوذِ دولٍ وقوى أخرى معادية، فيحاول أن يكون دوماً قريباً منها، يقدم لها النصح والمشورة، ويساعدها في اكتساب القدرات والمهارات والخبرات لتحافظ على تفوقها.
أفريقيا التي كانت لنا، أرضاً وشعباً ومقدرات، أصبحت تتفلت من بين أيدينا، وتخرج عن إطارنا، وتذهب بكل خيرها إلى عدونا، ولكننا نحن من فرَّط وباع، ونحن من ترك وتخلى، فهل نلوم أنفسنا، أم نحملهم المسؤولية ولا نعذرهم ...
يتبع..

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..