خضير المرشدي
هل هي فعلا ضرورات أمن قومي، ومقتضيات مصلحة... ومتطلبات هيمنة... أن قامت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها بغزو وإحتلال العراق؟ ولماذا العراق؟ وماهي أدوات تحقيق تلك العناصر؟
وإذا ما افترضنا بأن الأمر كذلك... من أن العراق يشكل ضرورة من ضرورات الأمن القومي الأميركي، وعنصراً أساسياً في رسم معالم السياسة الخارجية الأميركية! فلماذا إذن تم تدمير العراق منذ اللحظة الأولى لدخول القوات الأميركية الغازية ومن معها بعد حملة عالمية مستمرة بالعدوان عليه، وحصاره اقتصاديا وعزله سياسيا وشيطنته إعلاميا، بغية إضعافه وإنهاكه وإركاع شعبه تمهيدا لاحتلاله وغزوه؟
ألا تقتضي ضرورات الأمن ومقتضيات المصلحة ومتطلبات القانون، أن تكون المحافظة على وحدة العراق، وحماية أمنه وتحقيق استقراره، وحفظ ثروات شعبه، وضمان العمل بقوانينه، وشرعية مؤسسات دولته... من مسؤولية الولايات المتحدة الأميركية كدولة احتلال؟ وهو كذلك فعلا.. حيث يلزمها القانون الأميركي... قبل القانون الدولي بأن تقوم بذلك، وتنفذ تلك الالتزامات!
ولتناول تلك التساؤلات، واستيضاح أسباب عدم تنفيذ جزء من تلك الالتزامات ولو كان طفيفا.. نرى بأن الأمر كان مبيتا مع سبق الإصرار، طبقا لاستراتيجية الولايات المتحدة في الهيمنة الامبراطورية وفي حملتها الكونية ضد العراق.
فلطالما أن العراق يشكل حلقة مهمة من حلقات الأمن القومي الأميركي وعنصرا هاما في رسم السياسة الخارجية الأميركية، كما جاء في بيان الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل عدة أيام والذي عبر فيه عن المخاوف الأميركية من أن عدم إعمار العراق، وعدم إرساء السلام والاستقرار فيه، يشكل تهديدا استثنائيا (!!!) للأمن القومي الأميركي، وللسياسة الخارجية الأميركية مما يستوجب إعلان حالة الطوارئ، بل تمديد حالة الطوارئ القائمة منذ 2003، هناك (ويقصد العراق) لمدة سنة، لإحلال الاستقرار فيه (!!!) ولحماية الأمن القومي الأميركي!
وهنا تبرز التساؤلات المهمة: أين الحقيقة؟ وأين التزييف؟ وأين تكمن عملية التهديد الاستثنائي؟ وما هي ضرورات الأمن القومي الأميركي لكي تمدد حالة الطوارئ الأميركية في العراق؟
هل هي فعلا متطلبات أمن وضرورات شراكة استراتيجية ومقتضيات مصلحة وحقيقة وجود وقدرة وفعل؟ أم أنها مجرد إستعراض للقوة الأميركية التي باتت خارج أطار التأثير، كما يشيع ويدعي منظري ومديري ومؤيدي العملية السياسية دولا وأشخاص!
إذا كان الأمر يتعلق بالأهداف الكبرى للولايات المتحدة ومشروعها الكوني الذي دشنته باحتلال العراق وخلق (نظام حكم) وفق إرادتها من خلال عملية سياسية صممت ووضعت من قبل منظري تلك الحرب من المحافظين الجدد، وهذا ماأكدته إصدارات أمريكية مهمة ومنها (كوبرا 2) من أن تلك العملية السياسية هي خلاصة دراسات مكثفة قامت بها مصادر صنع القرار في الولايات المتحدة الأميركية قبل الغزو، إذا كان ذلك، فإن مايجري في العراق من فوضى وقتل وتدمير وانهيارات، إنما يدخل ضمن إطار تلك الاستراتيجية المرسومة أصلا وبموجب دستور وضع من قبل احد منظريهم من الصهاينة.
اذن فإن ضرورات الأمن القومي الأميركي ومتطلبات المصلحة ومقتضيات الهيمنة والنفوذ ومواجهة التهديد الاستثنائي، هذه العناصر مجتمعة كما نرى، وكما يفرضه واقع الاحداث في العراق، تتحقق من خلال العملية السياسية المرسومة والمصممة أمريكيا وما تتسم به من ((طائفية وفساد وارهاب وقتل وتدمير وانهيارات وتشريد واجتثاث وحرمان وإفقار وعنف مستدام.. وصولا الى تيئيس هذا الشعب وإركاعه وإذلاله)) كما هو مرسوم في أهداف الحملة الأميركية الصهيونية الكونية على العراق، ليكون نموذجا لبقية دول المنطقة في خلق شرق أوسط جديد كما تريده الصهيونية العالمية وإسرائيل.
إذن المستهدف الأول لتحقيق ضرورات الأمن القومي الأميركي وفرض متطلبات المصلحة ومقتضيات الهيمنة هو العراقي كإنسان والشعب الذكي المتحدي دائماًوالبلد الحضارة والدور والرسالة والموقع والثروات.
صدق أوباما ومن معه بأن ضرورات الأمن القومي لأميركا ومتطلبات المصلحة ومقتضيات السياسة الخارجية والهيمنة تتطلب سحق هذا الشعب وتدمير بنية العراق، وتفتيت نسيجه الاجتماعي وضرب وحدته وتقسيمه من خلال إعلان تمديد حالة الطوارئ الأميركية في العراق لحماية عمليتهم السياسية ومن يديرها وموظفيها، وحماية عملائهم والدفاع عنهم عندما تحين لحظة الحقيقة لمحاسبة هؤلاء القتلة، وهي آتية لاريب فيها.
ودعونا أيها السادة نرى جيدا من الذي ينفذ هذا المشروع الذي يحقق ضرورات الأمن القومي ومتطلبات المصلحة ومقتضيات الشراكة والهيمنة للولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الصهاينة؟
الجواب يدخل في بديهيات الوعي والمعرفة لعامة الناس في العراق، والمنصفين من أبناء الامة وأحرار العالم، عدا من في عينه حول، ومن يعتبر نفسه جزءا من المحور والمشروع.
انها إيران، بدورها ونفوذها وحرسها وأمنها وسلاحها، وأحزاب وميليشيات عراقية مرتبطة بها فكرا وتنظيما ومصيرا وعمالة، ونظام حكم طائفي إرهابي فاسد وليد عملية سياسية تحرص الإدارة الأميركية على حمايتها وديمومتها بإعلان حالة الطوارئ الاستثنائية!
إذن حالة الطوارئ هذه التي أعلنها رئيس الإدارة الأميركية، تؤكد ثلاثة أمور بديهية:
1- تأكيد الوجود والنفوذ والفعل الأميركي الفاعل والمهم في رسم مسار الأحداث في العراق، ودورها الأساسي في صناعة القرارات والاحداث السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وتوجيهها بما يخدم ضرورات الأمن القومي الأميركي ومتطلبات المصلحة ومقتضيات الهيمنة، وهذه هي الحقيقة المعروفة من قبل معظم العراقيين، خلافا لما يدعيه أعوان الاحتلال من العراقيين والعرب وغيرهم.
2- مراقبة مايجري في العراق والتدخل عندما تقتضي الضرورة للتدخل، أي التحكم بمسار الأحداث، بحيث أن لاتخرج عن إطار العملية السياسية المرسومة والنظام الديمقراطي العتيد.
ماهو مهم للولايات المتحدة هو أن يبقى إطار هذه العملية السياسية التدميرية قائما ويمثل الهيكل التي يجب أن يكون جامعا لكل التناقضات، ولهذا نرى بأن ألاوامر والعصا الأميركية حاضرة لكل من يخرج من العملاء عن دائرة وأطار هذه العملية! كما حدث ويحدث وسيحدث مع مايسمى بالقوائم والكتل التي اختلفت فيما بينها وقاطعت الحكومة وعادت بالعصا الأميركية طائعة صاغرة ذليلة كتلاً وأفراداً وأعضاءً في برلمان وحكومة الاحتلال.
3- تأكيد هذا الحضور الدائم والمستمر وبموجب تمديد حالة طوارئ قائمة ومستمرة هي الأخرى منذ بداية الاحتلال كما جاء في بيان الرئيس أوباما وفي بلد يدعي مديرو العملية السياسية، ومؤيدوها وموظفوها، استقلاله وسيادته (!) خلافا لما اعلنه سيدهم رئيس البيت الابيض، من أنه حلقة مهمة من حلقات الأمن القومي الأميركي وعنصر أساسي من عناصر السياسة الخارجية الأميركية، بحيث يستوجب إعلان تمديد حالة الطوارئ ورفعها الى مستوى الاستثنائية.
بموجب ذلك فإن خروج العراق من دائرة وإطار المشروع الأميركي الصهيوني الذي تنفذه وتديره وتقوده ايران وأحزاب السلطة العميلة في العراق المتمثل بالعملية السياسية يشكل تهديدا استثنائيا للولايات المتحدة الأميركية ومصالحها وأمنها القومي، مما يستوجب مواجهة هذا الاحتمال القائم فعلا، بإعلان حالة الطوارئ الأميركية تلك!
نستنتج من ذلك بأن قرار تمديد حالة الطوارئ الأميركية في العراق، ورفع مستواها لدرجة الاستثنائية، إنما يأتي لمواجهة ثورة شعب العراق ومقاومته الوطنية والقومية والإسلامية التي تهدف الى إسقاط ذلك المشروع وتصفية مخلفات الاحتلال الكارثية وعمليته السياسية.
وإلا بماذا يفسر أي عاقل سكوت الإدارة الأميركية ومعظم الدول الغربية والاسلامية والعربية السائرة في فلكها والمنظمات الدولية ومنها مجلس الأمن، والأمم المتحدة والجامعة العربية الخاضعة لارادتها، وتجاهلهم لما يجري في العراق من قتل وموت وتدمير وتشريد وإجتثاث وحرمان وإفقار!
يالها من فضيحة عظمى لم تتعرض لها الإنسانية عبر تاريخها الطويل، وفي أكثر عصورها ظلاما وهمجية وجريمة!
كل ذلك يعطي المبرر الأخلاقي والوطني والإنساني والقانوني لشعب العراق أن يصعد من ثورته الشعبية العارمة وأن يستخدم كافة الوسائل لانتزاع حقوقه العادلة والتاريخية ويعطي الحق كل الحق لمقاومته الباسلة بكافة وسائلها لأن تحمي الثورة وتصونها وتساهم في انتشارها وتصعيد فعلها وتعد العدة لإسقاط مشروع الاحتلال الأميركي الصهيوني الذي تقوده وتديره ايران وصغار القوم واذلاءهم من العملاء، وسيتحقق ذلك بعون الله، كما تحقق لها ولشعب العراق ذلك الإنجاز التاريخي والأسطوري بهزيمة الجيش الأقوى في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق