موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 9 مايو 2013

محمد عياش الكبيسي.. من فقه المقاومة والجهاد الى فقه المساومة والارتداد


عمر علي الدليمي
ظهر السيد الدكتور محمد عياش الكبيسي بعد الإحتلال في عام 2005 ممثلا لهيئة علماء المسلمين في الخارج. وبحكم تواجده في قطر، حيث كان يعمل إماماً لأحد المساجد هناك، برز على قناة الجزيرة مدافعاً عن المقاومة ضد الإحتلال ومفنِّداً طروحات المحتلين وعملائهم حول طبيعة الغزو ومخططاته، والطبيعة الوطنية والإسلامية الجامعة للمقاومة العراقية وشرعيتها.


وفي هذا السياق طبع كراسة من عدة مقالات، سبق أن نشرها متفرقة، أسماها: فقه المقاومة والجهاد، ناقش فيها جوانب شتى من عملية الجهاد والمقاومة في العراق. ورد على الطروحات المشككة بجدوى المقاومة بسبب الإختلال المادي في حجم القوى بين المقاومة والمحتل الأمريكي، وخصص لهذه النقطة الخطيرة الحقلة الثانية بعنوان (المقاومة وتوازن القوى) بدأها بـالجزم بــ [[لا يختلف اثنان في شرعية المقاومة التي تهدف إلى رد المعتدي وإخراج المحتل، إلا أن مصطلح توازن القوى أخذ يتردد على بعض الألسنة بعد احتلال العراق تحديدا من أجل ثني المقاومين العراقيين وإقناعهم بعدم الجدوى، ومنهم من ذهب بعيدا ليسمي المقاومة (انتحارا) ومن ثم فهي إثم وحرام!! إن تأثيم المقاومين والمدافعين عن أنفسهموبلادهم وعقيدتهم وأعراضهم وتخطئتهم دينيا يستحق الوقفة الجادة ليس للدفاع عن المقاومة بقدر ما هو دفاع عن الإسلام نفسه، إذ كيف يتصور أن يكون الإسلام مع الظالم المعتدي على المظلوم المعتدى عليه حتى لو وصلت المواجهة إلى الإبادة]].
وفي بدايات عام 2007 كان العراق يمرُّ بفترة عصيبة من السعار الطائفي الإجرامي وحملة التطهير العرقي الدموية في بغداد وما حولها. وبينما كنا في محافظة الأنبار الباسلة ومعنا كل المناصرين للمقاومة الوطنية العراقية نمنّي أنفسنا بتوحيد فصائل المقاومة، فوجئنا في بداية شهر نيسان عام 2007 بانشقاق خطير لا مسوِّغ له في واحد من الفصائل الكبيرة في حركة المقاومة الوطنية العراقية.
فقد إعلن عن إنشقاق تحت اسم: حركة المقاومة الإسلامية أو حماس العراق في كتائب ثورة العشرين القريبة في خطها الوطني الإسلامي من هيئة علماء المسلمين، وتبين أن الرأس المدبر للإنشقاق هو الدكتور محمد عياش الكبيسي ممثل الهيئة في الخارج.
وسرت روايات كثيرة، لا مجال لتأييدها، تزعم أن الكبيسي إستولى على تبرعات جهات عربية متعاطفة مع المقاومة موجهة للهيئة أو للمقاومة وأطلق بها مشروعه الجديد.
وسرعان ما اتضح انقلاب صاحب الإنشقاق على الهيئة التي كان أبرز ممثليها والناطقين باسمها وعلى رئيسها رفيقه الشيخ حارث الضاري.
وقد أعاد هذا الفعل الإنشقاقي الى أذهاننا وأذهان بعض القريبين من هيئة علماء المسلمين ما كان يجري على لسان عضوها البارز السيد عياش في كل مرة يشير أحد المؤيدين للهيئة الى ما يعده قصوراً أو خطأ في التصرف من جانب ادارة الهيئة، حيث كان لا يتردد في تحميل الشيخ حارث الضاري شخصياً تبعات ذلك.
ثم توارى السيد عياش عن الإعلام، ولم نعد نراه أو نسمع كتاباته وأقواله، وعندما نسأل أقاربنا المقيمين في قطر يقولون أنه قد توارى عن الأنظار من التجمعات الإجتماعية للعراقيين المناهضين للإحتلال بعد أن كان أول الحاضرين.                                                                                                                      
ثم ظهرت معلومات وتحليلات عن طبيعة (حماس العراق) وتوجهها القريب من الحزب الإسلامي العراقي، أحد أعضاء المعارضة العراقية المرتبطة بأجهزة مخابرات أطراف الاحتلال الرئيسية الأربعة اميركا وايران واسرائيل وبريطانيا عميلة للاحتلال. ويقال انها كانت تؤيد توجهه لتشكيل وحدات مرتزقة سُمّيت بالصحوات لحماية قوات الاحتلال وضرب المقاومة وتجريدها من حاضنتها الشعبية الضخمة في المناطق الغربية والشمالية، بحجة محاربة تنظيم القاعدة لإتاحة الفرصة للأمريكان لمحاربة النفوذ الإيراني.
ومما يؤيد هذه التحليلات مشاركة السيد محمد عياش القيادية في مسعى كبير قام به الحزب الإسلامي لضرب هيئة علماء المسلمين التي اتخذت موقفاً وطنياً واضحاً ضد الغزو والاحتلال وعمليته السياسية ومشاريعه كافة.
فبعد اقتحام أتباع الحزب الإسلامي بزعامة السيد احمد عبدالغفور، الموظف في حكومة نوري المالكي الطائفية وممثلها في ادارة ما سمي بالوقف السني، مقر هيئة علماء المسلمين في العراق في مسجد أم القرى في جانب الكرخ واستيلائه على اذاعتها، أخذ الحزب يعمل حثيثاً من أجل تشكيل (مرجعية) إسلامية بديلة لهيئة علماء المسلمين، قادرة على تلبية الحاجة الماسة لمخطط الإحتلال الامريكي-الإيراني المتمثل بتشكيل محور طائفي سني يقابل المحور الطائفي الشيعي. وهذا المخطط يقوم كما هو معروف بالأساس على عقيدة صهيونية متناغمة متداخلة متشابكة مع عقائد المجوس وورثتهم، من صفويين وقرامطة وخمينيين، تقوم على تدمير الأمة العربية بالتجزئة وعلى انتزاع سر عبقريتها وروحها وعقلها وضميرها من خلال تقزيم أمة الإسلام وتحويلها من أمة عظيمة الى جزء من جزء من جزء من أمة، بل الى طائفة تتصارع مع طوائف أخرى من اجل البقاء. 
وهكذا جاء سعي الحزب الإسلامي العراقي لتشكيل مرجعية دينية للدكان السني الضالع في العملية السياسية، أي في عملية المحتل لإخفاء الإحتلال وراء مظاهر سياسية عراقية تنفذ اهدافه الإستعمارية، فظهر ما يسمى بمجلس علماء العراق وجرى تعيين السيد محمد عياش نائبا لرئيس المجلس.
لكن السيد محد عياش بدأ الزحف تدريجيا مرة أخرى نحو العلنية والإعلام، وهذه المرة بالترويج لما يسمى بفدرالية السنة تنفيذاً لمشروع تقسيم العراق الذي طرحه جون بايدن الصهيوني الأمريكي. ثم أخذ يتجرأ على تخطئة اساتذته الأعلام المشايخ الأجلاء الذين أفتوا بعدم  جواز الدعوة لتقسيم البلاد وإضعاف المقاومة الجهادية المشروعة لدفع المحتل الكافر، وعدم جواز الإلتجاء الى حلول لا يستفيد منها الا المحتل، والتي هي في غالبيتها من ابتداعه. فنبَّه السيدان الدكتور عمر الكبيسي والدكتور الشيخ عبدالزراق السعدي في مقالتين بموقع وجهات نظر تحت الرابط
اوائل شهر كانون الثاني/ يناير من العام الماضي لهذا التوجه الخطير والإنحراف البين في تفكير ومواقف السيد عياش.
وبالفعل عندما يعود المرء لما قاله السيد عياش عام 2007  في فقه المقاومة والجهاد يرى مقدار المساومة والإرتداد. يقول السيد عياش آنذاك "أما الواقع فهناك حقائق ميدانية كثيرة تثبتأن الاحتلال هو الذي يخطط للحرب الأهلية ومنها: حرص الاحتلال مبكرا على تقسيم الشعب العراقي نفسياً وفكرياً من خلال الضرب على وتر الاثنيات العرقية والمذهبية، وصرنا نسمع (السنة، الشيعة، الأكراد) في اليوم الواحد أكثر من مائة مرة، وقد بدأت هذه النغمة بالظهور مع تصاعد التهديد بغزو العراق وإلى اليوم. كرَّس الاحتلال النزعات العرقية والطائفية من خلال اختراعه لمبدأ (المحاصصة الطائفية) الذي بنى عليه مجلس الحكم والحكومة المؤقتة."
وما إن اندلعت ثورة الشعب العراقي بوجه حكومة عملاء الإحتلال الأمريكي- الإيراني، حتى بدأ السيد عياش يشيع في كتاباته انها ليست ثورة وانه يؤمن بأنها هي "حراك سياسي لسنة العراق يهدف الى اصلاح العملية السياسية".
وتطور به الأمر في كتاباته على مواقع الإتصال الإجتماعي الى الدعوة لإنهاء الإنتفاضة الشعبية الوطنية المتمثلة في حركة الإعتصامات المليونية لأنه "لا جدوى منها ولن تستطيع تغيير الواقع بحكم التفاوت الكبير في القوى".
وهنا يبدو مرة أخرى الإرتداد في مواقف السيد عياش.
وكان مقاله مؤخراً في إحدى الصحف الخليجية ومساواته في الطباع بين القائد العربي المسلم الشهيد صدام حسين والدجال الزنديق خميني، وتعمده المساواة بين العراق وايران في المسؤولية عن العدوان والحرب، عام 1980، مؤشراً على ما لا يتمناه المرء لأي عراقي، كان محسوباً على الحركة الوطنية العراقية. فهل يا ترى يريد السيد عياش من ذلك تقديم شهادة براءة من الموقف الوطني والعربي والإسلامي الى القائمين على فرع العراق في المشروع التوسعي الإمبراطوري  الصفوي الإيراني؟                                                                                          
ثم انتقل من الدعوة الصريحة لإعتماد المنهج الطائفي التفتيتي التجزيئي الإستسلامي في التعامل مع هيمنة قوة عميلة للإحتلال الأمريكي- الإيراني المدعوم صهيونياً وغربياً على مقدرات العراق، الى الدعوة الصريحة لإنشاء جيب أو كانتون يحصر به غالبية اهل العراق من معتنقي مذهب أهل السنة والجماعة أنفسهم، في صيغة مهلهلة لحكم ذاتي يخضع لرحمة حكومة مليشيات ايران التي لا مفر من التسليم برياستها للإقليم المسخ في إطار رياستها للعراق كله.   
لكن اللافت للنظر ان السيد محمد عياش اندفع مؤخراً في مناهضته لخط وخيارات وتوجهات الحركة الوطنية الإسلامية العراقية الى الإلتحاق بحملة العداء للبعث، أحد ابرز وأقوى أعمدة هذه الحركة. وهو لم يتبنى فقط شعارات حملة إجتثاث البعث الفاشية التي اسسها الحاكم الإستعماري الأمريكي بول بريمر بناء على نصيحة اسرائيل، بل زاد عليها وأوغل كثيرا في ذات النهج . فراح ينقب في جذور سياسات العداء للعروبة وللتوجه القومي العربي والتي تجمع تحالفاً نادراً لثلاثة تيارات هي:
  1. التوجه الغربي الإستعماري المستند للثقافة اليهودية- المسيحية (ذات المحتوى الصليبي الغربي البعيد عن المسيحية الشرقية)، و
  2. التيارات الشعوبية، ممثلة بالتيار الطائفي للتشيع الفارسي، و
  3. التيار الشيوعي، المتمثل بخط قيادة الحزب الشيوعي العراقي التي لجأت الى بريطانيا لكي تعيش على صدقات المخابرات البريطانية، وانتهى بها المقام الى المشاركة في الحكومة التي شكلها الإحتلال الأمريكي، بعد خضوع أمينها العام حميد مجيد موسى، لامتحان مقابلة أجراه له الحاكم الأمريكي بول بريمر لكي يقرر صلاحيته للإنضمام الى مجلس الحكم، الذي شكَّله الأمريكان ليعينهم على إدارة العراق المحتل.

حقاً، لقد كان مفاجئاً للكثير منا، نحن الذين كنا نتابع خطب السيد محمد عياش في الداخل ثم تصريحاته بعد مغادرته العراق عقب الغزو، خروجه مرة واحدة عما كان يظهر به من وقار الشيخ الباحث وانحداره مرة واحدة الى اسلوب التجهيل المقصود والمناكفات السوقية النزقة واختلاق المثالب والتجاوز على التاريخ والحقيقة واعتماد الشتائم والسباب، مما لا يليق بمكانة أي متحدث يريد من الناس أن يحترموه. فقد شتم البعثيين وشتم مؤسس البعث المرحوم أحمد ميشيل عفلق واتهمه بالصليبية، وغيرها من مصطلحات السباب والشتائم مما يحفل به قاموس شتائم العروبة والإسلام والبعث والقوميين العرب من تأليف التحالف الثلاثي المعادي المذكور اعلاه، التي راجت عام 1959 في ذروة السعار الشعوبي الشيوعي في العراق، وعادت الى الظهور على لسان أبواق حكومة عصابات ايران الحاكمة في العراق المحتل مثل حازم الأعرجي ومقتدى الصدر وهادي عامري وعلى زندة وعزت شاه بندر وعلي دباغ وغيرهم.

وكان توجيه السيد محمد عياش رشقات من التهم الجزافية الرخيصة للبعث في صفحته على موقع تويتر، والترويج لها عبر مريديه، أمر لا يليق بالمقام الأكاديمي الإسلامي البحثي الذي يطرح نفسه من خلاله.
 ( ..اذا رأيت فتنة فابحث عما وراءها ستجد البعث..) هذه العبارة ليست لنوري المالكي ولا علي زندي ولا لعزة شاه بندر أو أي واحد آخر من أذناب ايران الذين سلَّطتهم امريكا على شعبنا العراقي، بل للسيد الدكتور الشيخ محمد عياش الكبيسي.
ومما يلفت النظر اتهامه للمرحوم عفلق بأنه صليبي ومعاد للإسلام. ولربما من المفيد تذكير السيد عياش بمحاضرة ألقاها المرحوم عفلق عام 1943 في جامعة دمشق بعنوان (في ذكرى الرسول العربي) تحلل بدقة علمية وعمق فكري ما حققه الإسلام في النفس العربية من ثورة شاملة وتغيير هائل، ودعا الى استلهام معانيه العميقة في الحياة العربية المعاصرة، مؤكداً ان الفضل في كل ما حققه العرب من أمجاد وإسهامات حضارية كبرى للإنسانية يعود الى الرسالة المحمدية وما حققته في ظلها الدولة العربية الإسلامية في عقدين او ثلاثة عقود من انطلاقته.
وليقرأ السيد عياش ما نصح به المرحوم عفلق المسيحيين العرب في تلك المحاضرة قبل اكثر من 70 عاما [[وسوف يعرف المسيحيون العرب، عندما تستيقظ فيهم قوميتهم يقظتها التامة ويسترجعون طبعهم الاصيل، ان الاسلام هو لهم ثقافة قومية يجب ان يتشبعوا بها حتى يفهموها ويحبوها فيحرصوا على الاسلام حرصهم على أثمن  شيء في عروبتهم]].
ولأنه يطرح نفسه باحثاً أكاديمياً، أدعوه لقراءة هذا المقطع لكي يعرف كم بلغ في منهج التجهيل والتخذيل الذي يبدو، مع شديد الأسف، أنه اعتمده في التنظير لمشروع تقسيم العراق وتقزيم شعبه المسلم الذي تشرَّف بحمل لواء الإسلام مع أبناء عمومته من أبطال الجزيرة العربية فدكوا عرش كسرى وأوصلوا الإسلام إلى تخوم الهند والى أواسط اسيا شمالاً، واقاموا دولة عظيمة امتداداً لدولة الخلافة الراشدية والأموية العربية الإسلامية. يقول المرحوم عفلق في محاضرته هذه [[ان حركة الاسلام المتمثلة فى حياة الرسول الكريم ليست بالنسبةالى العرب حادثاً تاريخياً فحسب، تفسر بالزمان والمكان، وبالاسباب والنتائج، بل انها لعمقها وعنفها واتساعهاترتبط ارتباطاً مباشراًبحياة العرب المطلقة، اي انها صورة صادقة ورمز كامل خالد لطبيعةالنفس العربية وممكناتها الغنيةواتجاهها الأصيل فيصح لذلك اعتبارها ممكنةالتجدد دوماً فيروحها. لا في شكلها وحروفها. فالاسلام هو الهزة الحيوية التي تحرك كامن القوى في الامةالعربية فتجيش بالحياة الحارة، جارفة سدود التقليد وقيود الإصطلاح. مرجعة اتصالها مرةجديدة بمعانيالكون العميقة]].


ولربما ينفع تذكير السيد عياش على نحو بأن كل القريبين من المرحوم عفلق يعرفون أنه أسلم منذ وقت طويل. وأنه عندما كان عائداً الى بغداد في أواسط الثمانينيات تعرَّضت الطائرة لخلل فني فكتب ورقة أكد فيها اسلامه، وقال إنه يريد أن يموت على دين محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب الشهادتين ووقعها باسم أحمد ميشيل عفلق ووضعها في مصحفه الذي لا يفارقه أينما حل ورحل. وهو أمر يوجب على السيد عياش احترامه والوقوف عنده، إذ لا يجوز له إنكار إسلام مسلم، حتى وإن اختلف معه سياسياً أو فكرياً.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..