موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 4 يناير 2014

المملكة العربية السعودية: تجريم الإرهاب و"الربيع العربي"

وجهات نظر
لوري بلوتكين بوغارت *
من المتوقع أن يُصدر العاهل السعودي الملك عبدالله خلال الأيام المقبلة مرسوماً يقضي باعتماد "نظام جديد لجرائم الإرهاب وتمويله". ويأتي ذلك في أعقاب التعديلات التي جرت على قانون الإجراءات الجنائية في البلاد في مطلع هذا الشهر.

وقانون جرائم الإرهاب الذي وافق عليه مجلس الوزراء السعودي في 16 كانون الأول/ ديسمبر يعرِّف الإرهاب بأنه أمر "يخل بالنظام العام" و"يعرض الوحدة الوطنية للخطر" و"يشوه سمعة الدولة أو مكانتها"، إلى جانب أمور أخرى. إن التغيير على قانون الإجراءات الجنائية الذي دخل حيز التنفيذ في 6 كانون الأول/ديسمبر يضفي الشرعية على احتجاز السجناء دون تهمة أو محاكمة لأجل غير مسمى.
وإلى جانب ذلك، فإن التشريعات الجديدة سوف تشدد الإطار القانوني لأساليب المملكة في التعامل مع الإرهاب والمعارضة غير العنيفة، وغيرها من الأنشطة التي تعتبر مسيئة للحكومة. ولا يوجد لدى المملكة العربية السعودية حتى الآن قانون عقوبات مكتوب، ويصدر القضاة الأحكام ضد المتهمين وفقاً لتفسيرهم للشريعة الإسلامية على أساس القرآن وتعاليم النبي محمد عليه السلام، وفقاً لما ورد في تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الذي نُشر في 18 كانون الأول/ديسمبر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الملك فهد كان قد أصدر قانون الإجراءات الجنائية في عام 2001، لكن القضاة لا يتمسكون بأحكامه بشكل متسق. وقد نظرت "محكمة جنائية متخصصة" في قضايا الإرهاب والتعبير السلمي عن الرأي منذ تأسيسها في عام 2008.

الأصول التي ترجع لعام 2011
ألهمت الانتفاضات العربية الشعبية التي بدأت قبل ثلاث سنوات - في كانون الأول/ديسمبر 2010 - بعض السعوديين أيضاً إلى التظاهر في شوارعهم مطالبين بالتغيير - وهو أمر غير مسموح به في المملكة.
وقد جرى تنظيم احتجاجات شعبية في مطلع 2011 على يد مواطنين يدعون إلى الإفراج عن أقاربهم المحتجزين لفترات طويلة دون توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم، وكذلك من قبل مواطنين شيعة يطالبون بإجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية، إلى جانب معلمين وخريجي جامعات عاطلين يرغبون في تحسين ظروف العمل، فضلاً عن نساء تطالبن بحقوقهن في قيادة السيارات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في إطار هذا السياق تم أصلاً صياغة تشريع جرائم الإرهاب في أوائل 2011 - وهو التشريع ذاته الذي وافق عليه مجلس الوزراء السعودي في 16 كانون الأول/ديسمبر هذا العام. وفي تموز/يوليو 2011، تم تسريب مسودة القانون إلى "منظمة العفو الدولية"، التي انتقدت ما جاء فيه، وسط انتقاد شعبي وتهكم من قبل نشطاء حقوق الإنسان المحليين. وبعدها حجبت القيادة السعودية موقع "منظمة العفو الدولية" وعلقت المسودة. وقد كان جزءً من مسودة 2011 أيضاً إجراء تغيير على المدد القانونية للاعتقال دون تهمة أو محاكمة، من ستة أشهر إلى فترة غير محددة.
ولكن هذه المرة، وفي اعتراف واضح بالانتقادات السابقة، يقول وزير الثقافة والإعلام السعودي، عبدالعزيز خوجة، الذي يشار إليه بأنه من "أبرز الشخصيات" الواضعة للتشريع الجديد المتعلق بالإرهاب لعام 2013  بـ "أن مبدأ التوازن...بين أخطار...تلك الجرائم، وحماية حقوق الإنسان قد جرى الحفاظ عليه... بواسطة الشريعة الإسلامية".

الأهداف المحتملة
من المتوقع أن يدعم التشريع الجديد سياسات الدولة القائمة ضد الانشقاق السياسي، وعدم الامتثال المتصور مع القيم الدينية، من خلال أنشطة مثل قيادة المرأة للسيارات والإرهاب نفسه. كما أنه قد يدعم اتخاذ إجراءات أوسع وأكثر صرامة. وقد تشمل أهداف القوانين الجديدة:
·     النشطاء في مجال قيادة المرأة للسيارات. تم مؤخراً توجيه تهمة "الإخلال بالنظام العام" ضد هؤلاء النشطاء وهذه جريمة إرهابية وفقاً للتشريع الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء.
·     المتظاهرون الشيعة في المنطقة الشرقية. وُجهت إلى هؤلاء المتظاهرين تهمة "الإرهاب" و "التحريض على الاضطرابات" إلى جانب تهم أخرى.
·     شركاء «الإخوان المسلمين» وأنصارهم. أظهرت بعض تلك الشخصيات نشاطاً سياسياً متزايداً في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي.
·     ممولو الإرهابيين والإرهاب. يشمل ذلك المرتبطين بحملة تنظيم «القاعدة» في المملكة خلال الفترة 2003 - 2008 ، مثل السعوديين الذين حُكم عليهم الشهر الماضي في الهجوم على القنصلية الأمريكية في جدة  في كانون الأول/ديسمبر 2004.
·     المتظاهرون الذين يحتجون على اعتقال السجناء لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة. سوف يساعد التعديل الجديد على قانون الإجراءات الجنائية الذي يجيز الاحتجاز لأجل غير مسمى، على إضفاء الشرعية على استهداف المتظاهرين من خلال الإجراءات الأمنية.
·     السجناء أنفسهم الذين تم اعتقالهم لفترات طويلة. سوف يساعد التعديل الجديد على الإجراءات الجنائية على إضفاء الشرعية على اعتقال هؤلاء السجناء.
·     نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني. وُجهت تهم إلى هؤلاء النشطاء بـ "انتهاك الولاء للحاكم" و"محاولة تشويه سمعة المملكة"، فضلاً عن تهم أخرى.
إن عقوبات ارتكاب جرائم الإرهاب المعرفة حديثاً، والتي ستصدر في تاريخ لاحق وفقاً لوزارة الداخلية، من المرجح أن تمثل أسلوباً تكتيكياً للتخويف أكثر من أن تكون تغييراً فعلياً في السياسة، في ضوء تاريخ القضاة في عدم الالتزام بقانون الإجراءات الجنائية الحالي. لقد فرضت مسودة قانون 2011 حداً أدنى للسجن يصل إلى خمس سنوات، عن الترويج للأفعال الإرهابية لفظياً أو خطياً، وعشر سنوات عن الانتماء إلى تنظيم "إرهابي"، وخمسة وعشرين عاماً عن تأسيس أو قيادة أو تنظيم أو إدارة منظمة كهذه.

رد الفعل الشعبي
أدى التشريع الجديد إلى خيبة أمل عميقة لدى نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من السعوديين الداعين للإصلاح من داخل المملكة وخارجها. وفي الوقت نفسه، يرى العديد من مواطني المملكة أن قانون جرائم الإرهاب يساعد على تأمين المجتمع والحفاظ على القيم السعودية المحافظة. ولم تحظ حملات النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق قيادة المرأة للسيارات الكثير من الدعم الرئيسي من السعوديين في الشوارع، الذين يشعرون بولاء قوي تجاه الملك.
وبالمثل، فإن التعديل الجديد الذي يشرِّع الاعتقال لأجل غير مسمى ربما لا ينظر إليه الكثيرون داخل المملكة بنظرة سلبية. فالسعوديون غالباً ما يربطون المعتقلين لفترات طويلة دون محاكمة بحملة «القاعدة» المميتة التي وقعت في مختلف أنحاء البلاد خلال العقد الماضي. وهذا هو الحال على الرغم من أن النشطاء الذين لا يستخدمون العنف عانوا كذلك من الاحتجاز لفترات طويلة في السجن دون تهمة أو محاكمة.
ومن جانب آخر، فإن حملة حقوق الإنسان تكتسب زخماً في المملكة. وقد ساعدها قطاع الشباب الضخم في البلاد الذين تربطهم وسائل التواصل الاجتماعي وآلاف الشباب السعوديين العائدين من الدراسات الجامعية في الولايات المتحدة بعد أن أعادت واشنطن فتح الأبواب أمام الطلاب السعوديين في عام 2005. ويرجح أن يكون لهذه العوامل أثر على الاستجابات الشعبية على ممارسات الحكومة السعودية تجاه دعوات الإصلاح في المستقبل القريب.

الخاتمة
إن التطورات التشريعية هذا الشهر في المملكة العربية السعودية هي شهادة على الضغوط الداخلية التي لا تزال العائلة الملكية تشعر بها بعد مرور ثلاث سنوات على "الربيع العربي". لقد أوضح الرئيس الأمريكي أوباما أن استقرار السعودية يمثل أولوية لسياسته في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه فإن خلط المملكة للحدود الفاصلة بين الإرهاب وحرية التعبير غير العنيف يبرز مرة أخرى الاختلافات الهامة حول الحقوق السياسية والاجتماعية والدينية بين الولايات المتحدة وشريكها الاستراتيجي. إن المناقشات الخاصة مع القيادة السعودية حول هذه القضية - والتي ربما تشمل مكافآت عن التقدم - لا تزال تمثل أهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية ومصالح السعودية طويلة الأجل.

*لوري بلوتكين بوغارت زميلة أبحاث في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..