علي الكاش
(لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
يلاحظ إن عملية كشف المتلاعبين بثروة الشعب قد لا يكون لها دور حاسم أو تأثير كبير على نجومها. وذلك نتيجة للتخلف الإجتماعي وتفشي الجهل والأمية، والتعصب الأعمى للحزبية والمذهبية والإقليمية والقبلية والعنصرية. لذلك فإن إستمرار هذه الظواهر المتخلفة يخدم الفاسدين والعملاء والمرتشين واللصوص والمجرمين والدجالين من رجال الدين والسياسة على حدٌ سواء. ويغطي على فسادهم بل يشرعنه. مما يجعل ديدنهم هو العمل بقوة لإبقاء مظاهر التخلف على حالها او تكثيفها لكي لا تتم محاسبتهم من قبل الشعب، ليرتفع معدل الفساد بوتائر متصاعدة، كما يحصل في العراق حاليا.
فالشعب الجاهل والأمي دائما وأبدا في خدمة الفساد بكل أشكاله. وهو الذي يشجع ويفرعنٌ الفاسدين عليه من خلال توفير الأمان والجرأة والحصانة من المحاسبة، فيتمادى الفاسدون في فسادهم. سنأخذ أمثلة على الفساد الديني والسياسي في العراق، وهي حالة ليست فريدة على مستوى الدول المتخلفة، لكنها فريدة في بلدنا، لأنه البلد المشرع الأول للقوانين من جهة، ولأن مستوى الفضائح وصل إلى قاع عميق لم يصله أي من شعوب العالم قديما وحديثا من جهة ثانية.
على المستوى الديني
يلاحظ ان الفضائح الكبرى عددا وجسامة كانت من نصيب أعلى مرجع ديني شيعي في العالم وهو السيد علي السيستاني. فقد تبين بوضوح بإنه كان عميلا لقوات الغزو الامريكي كما ظهر في مذكرات الحاكم المدني السابق بول بريمر. وتبين إنه مرتشياحسبما ورد في مذكرات رامسفيلد فقد باع فريضة الجهاد للرئيس بوش بسعر (200) مليون دولار. وإنه كان فاسدا يشجع على الزنا كما تبين في قضية مناف الناجي وتلطيخه شرف نساء محافظة ميسان من اتباع آل البيت. حيث إستمات المرجع الأعلى في الدفاع عنه واشترى شرف شيوخ العمارة ببضعة ملايين من الدنانير. وساعد في تهريب الناجي إلى إيران فأمن له الإفلات من القضاء وأي قضاء في العراق!
وظهر بأنه عابث بأموال الخمس عندما دفع (500) مليون دولار لشركة يوتيوب لسحب الأفلام الخليعة لأتباع آل البيت، رغم إن الفضيحة فاحت رائحتها ولا ينفع معها شيء، إي نصف مليار دولار راح هدرا وغدرا من أموال الفقراء. وظهر إنه كذاب عندما إدعى بأنه يقف على مستوى واحد من قوائم الإنتخابات السابقة والذي فضحه فيها المرجع النجفي وهو من بطانته. وتبين إنه منافق عندما إدعى بأن الإتفاقية الأمنية الامريكية العراقية لن تمر إلا على جسده ثم مرت بهدوء وسلام كإنها نسمة عابرة. وثبت بأنه عنصري متشدد عندما رفض منحة المتملقين والمنافقين له وهي الجنسية العراقية، إعتزازا منه بفارسيته.
وتبين إنه إنتهازي عندما خصص معظم ريع الخمس وواردات الحوزة لوطنه الأم إيران ويعيش بقربه على القمامة عدد كبير من اتباع البيت ويسكن بعضهم المقابر. وظهر إنه ماكر بإدعائه رفض مقابلة السياسيين وتبين إنه يقابلهم بالخفية، كما في مقابلاته العديدة مع الشهرستاني ومع بوابي البيت الشيعي. وتبين إنه سياسي مداهن من الطراز الأول بإدعائه رفض ولاية الفقيه وهو في الواقع يمارسها بحذافيرها من خلال تدخله بكل صغيرة وكبيرة في الشأن العراقي الداخلي إبتداء من عمليتي الإنتخابات السابقة وإقرار الدستور وغيرها. وإنه مزور فقد إستنسخ الرسالة العلمية في الفقه لخلفه الخوئي ونسبها لنفسه ولم يغير منها إلا جملاً قلائل وحذف منها الفريضة السادسة (الجهاد)! وهو رجل طائفيبكل ما للكلمة من معاني فقد حرم بفتوى دنيئة زواج الشيعية من السني، والشيعي من السنية! ولكنه سرعان ما سحبها من موقعه بخفة السحرة بعد اثارتها استياء المسلمين عامة، بمن فيهم الشيعة المعتدلين أنفسهم. واخيرا هو دجال ومنتحل. فلو رجعت الى موقعه ستجد له (44) كتابا من مؤلفاته ولكنها في واقع الحال كتب من رمال، لا وجود فعلياً لها إلا في مخيلته المريضة أو مخيلة من إخترعها له. فحسب الموقع الكتب المنشورة له هي (18) والحقيقة انه بإستثناء سبعة كتب منقوله عن سلفه الخوئي فالبقية ليست سوى اسئلة وأجوبة جمعت على شكل كتب ما عدا (الرافد في علم الأصول) الذي سحب من الأسواق لكثرة هفواته واخطائه المخزية التي لا يمكن لمن يحفظ السور القصيرة من القرآن الكريم فقط أن يقع بها. وكتابه (منهاج الصالحين) مسجل بأسماء ثلاثة كتب مختلفة وهو كتاب واحد! وليس من المعقول بأنه لم يطلع على مفردات موقعه ليكتشف الكتب المنسوبة له، إذا إفترضنا بحسن نية إنها وضعت بدون علمه.
بلاشك إن أية واحدة من هذه السمات يفترض أن تطيح بمرجعيته وتفني قداسته المغالاة فيها. فالعمالة للأجنبي أم المخازي وعار على الرجال وجريمة مخلة بالشرف. وهي كفيلة وحدها بسحقه وتدمير مكانته الرفيعة عند أتباعه السذج والجهلة. لكن كل هذه الصفات السيئة والفضائح المخجلة لم تؤثر على مكانته المقدسة! ليس العيب فيه فحسب بل في من يتغاضى عن كل ما سبق ذكره، وما يزال يحيط عمامته بهالة سماوية ويقلده على عمالته ومباذله. هذا هو الجهل الي تحدثنا عنه وكيف يعزز من حصانة رجال الدين رغم فسادهم!
بالطبع المرجع الأعلى لا يحترم أتباعه مطلقا والأحمق من يظن خلاف ذلك. هذا المرجع الذي لم يزر الإمامين علي والحسين رغم قربهم منه ولا مرة ولم يحج لبيت الله ولامرة ولم يطبر او يرهق عينه بالبكاء على الحسين او تشطيب ظهره بالزناجير المصنوعة في وطنه الأم. وليس له حضور أمام اتباعه لمرة واحدة في العلن ولو في عاشوراء فقط. ولم يظهر في لقاء صحفي أو مقابلة تلفازية على الهواء، ولم يراه انصاره بالعين المجردة، ولا سمعوا تغاريده الفتانة لمرة واحدة؟ فهل هذا مرجع يحترم اتباعه؟
لو قارنت كل رجال الدين الفاسدين ومن جميع الأديان السماوية والوضعية منذ بدء الخليقة لحد الآن، هل ستجد شخصاً بكبائر وموبقات هذا المرجع الأعلى؟ حتى فضائح الكنيسة التي جعلت الكاتب الروسي مكسيم غوركي يكفر بالمسيحية ويكتب كتاب (أين الله) فإنها تُعد متواضعة أمام فضائح سماحته!
يتندر العلماء بحكاية عن رجل دين كان الأفسد في زمانه، وبعد توبته كان يبكي الليل كله سائلا الله المغفرة عما ارتكبه. وعندما يسأله طلابه عن سبب بكائه الحار والمستمر وسؤاله المغفرة مع شدة إيمانه وورعه وزهده. يجيبهم بأنها (ليلة الدير) ويردد مع نفسه ما أدراكم ما ليلة الدير؟ رافضا ذكر المزيد عنها.
حاولوا مرارا وتكرارا أن يدفعوه ليتحدث عنها عسى أن يقل همه لكنهم لم يفحلوا.
وفي أحد الأيام كان في حالة ضعف شديد فقرر أن يفتح ما في صدره من سر رهيب لأقرب الطلاب لنفسه فقال له "كنت يوما في سفر فإشتد بي الجوع والعطش فرأيت ديرا فدخلته ورحبوا بيٌ واطعموني ثم إدعيت بأني نصراني وصليت فيه، وبعدها شربت خمرا فدارت برأسي، والتهمت لحم خنزير، وأغتصبت راهبة الدير وأنا بدون وعي، ثم لطت بخادم القس، وسرقت شمعدانات الدير وهربت". فقال له الطالب: ويحك شيخي ما من كبيرة إلا وارتكبتها في ليلة الدير!
ولكن كبائر (ليلة الدير) تكاد لا تقارن بـكبائر الحوزة!
لنترك هذا جانبا ونركز على الفضائح الموثقة التي ذكرها بريمر ورامسفيلد وآخرين وهي تمسُّ دينه ومذهبه وشرفه وكرامته كإنسان وليس كمرجع فحسب. نتساءل لماذا لم يدافع عن شرفه المطعون وهل من لا يحافظ على شرفه سيحافظ فعلا على شرف رعيته؟
ولماذا لم ينبر أي من وكلائه لحد الآن للتطرق لتلك الإتهامات الخطيرة؟
اليس لأتباعه الحق في معرفة حقيقة موقفه؟ أم عليهم ان يدفعوا الخمس فقط ويخرسوا؟
أليس المذنب فقط، هو الذي لايدحض الإتهامات الموجهة إليه؟
اليس السكوت عن الرد هو إعتراف حقيقي بالذنب؟ بودي أن أسمع صوت محاججة منطقية لا مبتذلة يعلل لنا علة السكوت. وارجو أن لا تكون المناقشة منطلقة من قاعدة ترفع وتعفف سماحته، لأنها لا تصلح في هذه الحالة. الشرف والكرامة والإيمان والزهد والنزاهة والوطنية سمات ثمينة لا تقبل المساومة ولا التفريط بها مهما كانت الأسباب.
على مستوى الحكومة
لم يشهد تأريخ العراق الوصول إلى قمة هرم الفساد إلا بعد الغزو الأمريكي الغاشم. وكانت مرحلة إنتعاشه وإزدهاره في عهد حزب الدعوة العميل وزعيمه المالكي الخراساني. بالطبع فساد الوزراء من فساد رئيس السلطة التنفيذية، وفساد النواب من فساد رئيس السلطة التشريعية، وفساد القضاء من فساد رئيس السلطة الفضائية. وإذا طبقنا نظرية الأواني المستطرقة على السلطات الثلاث فإن الفساد ينتقل من سلطة لأخرى بمستويات متقاربة جدا. والحقيقة إن الفساد في إحدى السلطات من شأنه أن يدمر البلد فما بالك ببلدٍ السلطات الثلاث فيه كلها فاسدة!
صرح كبير المفتشين الامريكان لإعادة إعمار العراق (ستيوارت بين) بأن حجم الفساد في العراق يتجاوز 10% من إجمالي الناتج الوطني. والحقيقة ان النسبة لو كانت فعلا 10% لكان الشعب يعيش بشكل أفضل. ولو ذكر ستيوارت بأن النسبة 50% لما قبلناها منه. لأنه حسب نسبته الضئيلة فالمتبقي 90% في حين لم نشهد منها لا بناء مصنع ولا جسر ولا مدينة ولا مطاراً ولا جامعة ولا مستشفى ولا مدرسة ولا تحسيناً في شبكتي الماء والكهرباء ولا توفير الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية. فقط ترميم طرق وصبغ أرصفة وبناء خرسانات عالية لتخنق المدن والناس وتعرقل السير. ونحيل له ما أعلنه مواطنه (ديفيد ساترفيلد) منسق شؤون العراق في الخارجية الامريكية بقوله "توجد وثائق حول الفساد في العراق لا يمكن عرضها علنا"! نسأل: لماذا يغطي الامريكان على الفساد الحكومي في العراق؟ وهل التغطية على الفساد من مظاهر الديمقراطية؟ وهل يغطون هم على الفاسدين في إدارة البيت الأبيض؟ هل جاءوا للعراقـ، كما إدعوا، لكي يُصلحوا أم ليفسدوا؟
يدعي (ستيوارت بين) بأن قيمة الفساد لغاية عام 2006 بلغ (4) مليار دولار فقط! حسنا أين ذهبت بقية المليارات؟ ونحيل له تقرير لجنة النزاهة الذي ذكر بأن قيمة الفساد عام 2011 بلغ (8/2) تريليون دينار، وفي العام الماضي 2012 بلغ (133) مليار دينار عراقي. وإن رئيس مجلس النواب اعترف بضياع (40) مليار دولار سقطت من جيب الحكومة المثقوب. والطريف إن هيئة النزاهة نفسها نشرت مؤخرا صورة لرجل سرق (14) مليار دينار من مصرف الرافدين بهويات مزورة! عميل يتعامل بالمليارات ولم يحققوا هويته، ولا يعرفون عنه شيئا! وتتعجب منظمة الصحة العالمية من أن نسبة العراقيين الذين يموتون بسبب ضغط الدم يمثل 50% من مجموع وفيات العراق!
ألا يرتفع الضغط الدموي الوطني بإرتفاع القهر الشعبي وفقر دم الحكومة وإنسداد شرايين القلب والرحمة عند المراجع؟ إذا كان قد صرف على الكهرباء وحدها (46) مليار بلا فائدة؟ منها في عهد الوزير المليادير كريم وحيد (27) مليار كعقود فاسدة. والطامة الكبرى إن المالكي منح وزيره الدعوجي وسام القلادة الذهبية على إنجازته غير المنظورة، قبل ان يستقيل الوزير الهمام بتفاهم مسبق مع رئيس الوزراء ليطمطموا قضية الفساد ويغادر العراق الى موطنه الجديد، الولايات المتحدة، مليونيرا ويقيم عرس إبنه الاسطوري حيث استأجر طائرات خاصة لإحضار المدعوين! هكذا يكرم المالكي الوزراء الفاسدين!
كما كشف عضو لجنة النزاهة البرلمانية النائب (جواد الشهيلي) في 15/11/2012 بأن 10 أطنان من الذهب سرقت من البنك المركزي! حسنا من يستطيع سرقة هذه الأطنان؟ وكيف أخرجت من البنك؟ ولماذا؟ وكيف إنتقلت الاطنان العشرة إلى الجارة الشرقية اللدود؟
كما إن لجنة تقصي الحقائق في مطابقات تنمية العراق أوضحت بأن البنك المركزي باع خلال السنوات الست الماضية في مزاد العملات (207) مليار دولار وهي أضعاف أضعاف ما تحتاجه السوق المحلية. والمشكلة إن المليارات لم تستوطن العراق بل حطت في إيران ودول الخليج العربي والاردن وبعضها رحل الى قارات أخرى مودعا ملايين الارامل والايتام العراقيين.
كما صرحت مؤخرا مصادر امريكية وعراقية (النائبة السيدة ماجدة التميمي) بأن هناك (800) مليون دولار يهرب الى خارج العراق اسبوعيا من قبل مافيات تدار من قبل السياسيين.
وفي منتصف الشهر الجاري كشفت (السيدة ابتهاج الزبيدي) عضو مجلس محافظة كربلاء عن اختفاء 700 مليون دينار من صندوق الإيرادات العامة في المحافظة. وذكرت "إن صندوق الإيرادات العامة في محافظة كربلاء يفترض أن يحوي على الأقل 700 مليون دينار، لكنه الآن لا يحوي دينارا واحدا". مؤكدة أن هذه المبالغ الضخمة اختفت من الصندوق السحري، ومحملة رئيس مجلس المحافظة محمد الموسوي- من اتباع آل البيت- مسؤولية اختفائها. وكشفت الزبيدي عن "تحرير صكوك بدون رصيد لعشرات الأشخاص، فضلا عن صك بنحو 400 مليون دينار بذريعة ترميم لأحد شوارع المدينة"!
تصوروا! ترميم شارع بـ 400 مليون دينار! حقا عمالة أتباع آل البيت باهظة الثمن! هذا الفساد الكبير على مستوى محافطة صغيرة واحدة ولعام واحد فقط، فما بالك ببقية المحافظات والوزارات؟!
هل هذه حكومة يقبل بها شعب يحترم نفسه، ويرفع شعار هيهات منه الذلة؟ أليس من أبجديات الثورة هو القضاء على الفساد. وأليس التظاهرات هي من أبجديات الثورات؟
لنا محطة قادمة بعون الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق