أحمد صبري
لانضيف جديداً عندما نتحدث عن تغاضي قوات الاحتلال الامريكي عن عمليات نهب وإحراق وسرقة وتدمير المؤسسات الحيوية العراقية خلال وبعد احتلال العراق. فهذا التغاضي الامريكي، طبقا للوقائع، كان متواطأ ومشاركا باعتباره صفحة من صفحات الاحتلال لان المستهدف كان تراث وحضارة وذاكرة العراق.
فقوات الاحتلال غضت النظر وساعدت العصابات الدولية من اللصوص والمجرمين لسرقة حضارة وادي الرافدين بفتح ابواب المتحف العراقي امام الساعين لتدمير ذاكرة العراق فشهد المتحف مجزرة حقيقية تجلت بتحطيم شواهد حضارة وادي الرافدين ورموزها وجرى تهريبها من قبل محترفين كانوا ينتظرون هذه اللحظة.
وطبقا لاحصائية المشرفين على المتحف العراقي فقد تم تحطيم وسرقة نحو 100الف قطعة اثرية تعود لحقب متعددة مرت بالعراق لاتقدر بثمن جرى بيعها في مزادات عالمية.
ولم يقتصر الامر على ماجرى في المتحف العراقي وانما امتدت يد اللصوص الى ارشيف الدولة العراقية منذ تاسيسها عام 1921 ولغاية 2003 التي كانت مخزونة في المكتبة الوطنية وقدرت عدد الوثائق بنحو نصف مليون وثيقة اضافة الى عيون الكتب التي احرقت ودمرت بفعل نفس المجرمين الذين دمروا وسرقوا المتحف العراقي.
والذي يدعو للفخر في تلك الايام السوداء التي عاشها العراق قيام السكان المقيمين بجوار المكتبة الوطنية بانقاذ الاف الوثائق والكتب وخزنها في منازلهم احساسا منهم انها ملك لجميع العراقيين فاعادوها الى المكتبة لاحقا.
وحتى تكتمل الصفحة الخطيرة من اهداف احتلال وضعت قوات الاحتلال يدها على الارشيف اليهودي ونقلته الى الولايات المتحدة بحجة اعادة تاهيله والحفاظ عليه من العبث ورغم المطالبات العراقية فان السلطات الامريكية لم تعد الارشيف الذي يحتوى على نماذج من التوراة ويوثق تاريخ اليهود في العراق.
واذا عدنا الى ماجرى خلال التاسع من نيسان 2003 فاننا نستذكر مشاهد حرق وتدمير مؤسسات الدولة العراقية لاسيما المتعلقة باحوال وذاكرة العراقيين وممتلكاتهم امام انظار القوات الامريكية في حين حرصت قوات الاحتلال على تامين الحماية على البنك المركزي العراقي ووزارة النفط.
وبعد مرور عشر سنوات على ماجرى في ذلك اليوم الاسود في تاريخ العراق وما اصاب ذاكرة العراق وحضارته وارشيفه فانه بات على الحريصين على العراق السعي بكل الوسائل والسبل لاستعادة ماتم سرقته بمشاركة منظمة اليونسكو عبر حملة دولية لوضع حد لتكرار هذه الماساة التي استهدفت اقدم حضارة في العالم.
وهذا المسعى رغم الصعوبات التي يواجهها فان مجموعة من العراقيين الحريصين على تراث وذاكرة وحضارة بلادهم يستعدون لاطلاق مبادرة لملاحقة اللصوص والعصابات والدول التي ساعدتهم على فعلتهم وسوقهم للقضاء لان ماقاموا به يرتقى الى مستوى الجرائم ضد الانسانية.
وهذه النخبة من العراقيين انجزت جميع البيانات والدلائل المتعلقة بتراث وذاكرة العراق كارضية تنطلق منها لحشد الرأي العام العالمي واهمية استعادة ذاكرة العراق وخزائنه المنهوبة وتحميل دول الاحتلال مسؤولية الكاملة لهذه الجريمة التي لاتختلف عن جريمة غزو واحتلال العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق