وجهات نظر
صلاح المختار
لا تجرح الأفعى وتتركها حية
حكمة ضحايا الأفاعي
الان وقد حقق العراقيون في الانبار نصرا باهرا اذل فارس
ونغولها المسلطين على شعب العراق، والاهم
هو اشتعال معارك التحرير على امتداد العراق خصوصا في مقتربات العاصمة بغداد مثل المدائن وابو غريب وعرب جبور
وبابل ومناطق شمال بغداد وديالى وغيرها، فتلك هي المقدمات الطبيعية لتحرير العراق،
لهذا لا تأخذكم الحماسة بعيدا عن الحسابات الشاملة، فالمعركة كبيرة ومعقدة ولم
تعد معركة مطاليب عادلة، بل هي الان معركة انهاء الاحتلال واجتثاث كافة اثاره
ونتائجه ورموزه، الامر الذي يضع الانتفاضة العراقية مباشرة ليس فقط امام التحدي
الايراني بل ايضا امام التحدي الامريكي والصهيوني .
ان افعى فارس مازالت
حية رغم انها جرحت في المعارك الدائرة الان في الانبار وصلاح الدين ونينوى
وديالى وبابل وذي قار ومقتربات بغداد ،
لذلك فأنها اصبحت اكثر خطورة وهي تنزف دما ، وهذه الحقيقة تفرض بقوة اجراء حسابات شاملة
ودقيقة حتى ولو كانت فيها بعض المبالغات لتجنب اسوأ الاحتمالات .
نعم رأينا ما كنا نؤكده وهو ان ( جيش ) نغول فارس ليس
جيشا وانما هو ميليشيات تستطع ممارسة القتل بابشع صوره خارج ساحات المعارك – ولية
مخانيث - لكنها عندما ( يطك ) الرصاص ويهجم المقاتلون ترتعد فرائص نغول فارس ويفقدون
السيطرة على انفسهم فتتبلل ملابسهم الداخلية فرقا وينهارون فورا . وهذا ما اكدته
معارك الانبار وبقية العراق . وهذا بالذات ما يدفعنا لتوفير اوسع واقوى الضمانات
لتجنب غدر فارس وخباثات امريكا .
فما هو المطلوب الان وقد هزم نغول فارس شر هزيمة في
الجولة الاولى ومازالوا يهزمون في كافة جبهات حرب تحرير العراق ؟
1 – اول حقيقة يجب التعامل معها بجدية هي ان الانبار
قبل غيرها على مشارف معارك مصيرية
قادمة ستقع ما ان تكمل الافعى الفارسية تضميد جراحها واعداد نفسها بطريقة
اخرى ، والافعى الان تعيد تنظيم صفوها
وتولى الان قاسم سليماني الادارة المباشرة للمعركة مع العراق وشعبه العظيم ،
وبالاضافة للقوات الايرانية الموجودة منذ الغزو فان قوات اضافية دخلت من ايران الى
العراق بعد انتفاضة سوريا ووصول نظام بشار الصفوي الى حافة الانهيار ، بل تشير كل
المعلومات الى ان قوات اخرى دخلت العراق هذه الايام . اذن نحن بانتظار معارك من نوع اخر مع القوات
الايرانية وهي ترتدي زي ميليشيات المالكي كما فعالت ايران في سوريا ، وكلما فشلت
قوات الغزو الايرانية فان ايران ستقاتل علنا ورسميا في العراق كما جرى في سوريا
وبمباركة امريكية .
والاخطر هو ان تدفع ايران ب(صلها) - الصل فرخ الافعى - القاتل المتستر تحت اسم
القاعدة للانخراط في معارك الانبار والعراق عموما ، كما فعلت امريكا وايران في
سوريا لمنع سقوط النظام ، فقام هذا الصل
بتغيير مسار الصراع واستبعد فرصة اسقاط النظام وجعل الصراع طائفيا بعد ان كان
تحرريا ، وهو ما اعطى امريكا المبرر لمنع
توقف حرب تدمير سوريا كليا بسقوط بشار ، لان الهدف ليس اسقاط النظام بل تدمير
سوريا كلها ولن تدمر سوريا بسقوط بشار الان لان عملية التدمير للبشر والعمران لم
تكمل بعد لذلك فبقاء بشار احد اهم شروط اكمال تدمير سوريا شعبا ووطنا .
اذن لا تستبعدوا ان تزج ايران ومعها امريكا احتياطيهما
العزيز وهو صل التكفير لخلط الاوراق وسرقة الانتفاضة وتحويلها الى حرب طائفية وهو
اهم اهداف امريكا وايران في دليل جديد على ان من يقاتل باسم القاعدة هم افراد
عصابات الصحوات وعملاء ايران . فكيف تستعدون لمنع دخول هذا (الصل ) حلبة الصراع ؟
تذكروا ان الاعلام العربي والعراقي كله اخذ يروج منذ
الامس لدخول القاعدة الى الانبار وبث صورا لمجاميع قال انها من القاعدة مع ان كل الدلائل تشير الى انها من الصحوات
ارسلت لحرف الانتفاضة عن مسارها التحرري
والوطني وجعله حربا اهلية بين ابناء الانبار ، كما يحصل في سوريا ، فالحذر كل
الحذر من كافة (صلال) ايران وامريكا مهما كانت اسماءها والوانها . ان التنظيم
الدقيق خصوصا تعزيز وحدة قيادة المقاتلين ومنع القرارات الفردية والفهم الدقيق
لهوية كل مشارك في القتال ضد التحالف
الصهيوفارسي في الانبار هو الاجراء الضروري لمنع حرف الانتفاضة .
2 – لكي تكون الصورة بالغة الوضوح لدينا جميعا علينا
تذكر المصدر الاهم للخطر الذي تشكله مواقف امريكا وايران واسرائيل على انتفاضة
العراق الحالية ، وهو قيام المواقف المعادية كلها على تأكيد ان المعركة الرئيسة
لامريكا وايران واسرائيل تدور في العراق ومن اجل السيطرة عليه لاجل تدميره ثم تغييره جذريا وليس في اي مكان اخر ، فام معارك هذه
الاطراف الثلاثة تدور كل منها في ارض العراق وكل معاركها الاخرى ملحقة وتابعة
لمعركة العراق. ربما يسأل البعض لماذا ؟ والجواب لان الاصل في الصراع العدائي منذ
عام 1972 هو السيطرة على العراق لمنع
امتداد ما طبقه الانموذج العراقي خصوصا تأميم النفط الى بقية الاقطار النفطية .
لقد تغيرت
الستراتيجية الامريكية العالمية في اوائل السبعينيات وتحول مركز القوة الامريكية
من اوربا الى الخليج العربي وطرح (مبدأ كارتر ) ليحكم مسار الاحداث حتى الان . فهل كان ذلك التغيير مجرد اجراء عادي في
الستراتيجية الامريكية العظمى واولوياتها ؟ ام انه كان تمهيدا لتغييرات جذرية في اوضاع
العالم والمنطقة ؟
وصول خميني للحكم ، بدعم امريكي بريطاني فرنسي واضح ،
والحرب التي فرضها خميني على العراق بدعم امريكي اوضح ، ثم افتعال ازمة الكويت وشن
حرب عام 1991 وفرض الحصار وصولا للغزو كلها محطات تؤكد بلا اي شك لاي عارف
بالقضايا الستراتيجية بان ام معارك امريكا وايران واسرائيل هي مع العراق وفوق ارضه
وفي مقترباته ، ولذلك فان ام معارك العرب كلهم
بدأت في العراق ومازالت تدور فيه وهي تقرر مسارات كل الاحداث العربية
الرئيسة وبالاخص ما يجري منذ عام 2011 . لكن الخداع الستراتيجي الامريكي
والصهيوني يعتمد على فكرة الحط من شأن
معركة العراق والتعتيم عليها لتجنب حشد القوى لدعم حركة التحرر العربية في العراق
وتركها وحدها تقاتل وسط الغام خطيرة جدا .
بعد تذكر هذه الحقيقة لابد من التأكيد على حقيقة اخرى
تعتم عليها سخونة احداث سوريا والمنطقة ولا تلفت نظر من لا
يعرف الخطط المخابراتية المعادية ، واتمنى اخذها بنظر الاعتبار لانها بالغة
الخطورة ، وهي ان تغيير موقف امريكا وبريطانيا تجاه الانتفاضة السورية ، وانتقالهما من دعمها رسميا الى التخلي عنها في
لحظات اسقاط النظام ، ، سبب ذلك الاهم هو
تنامي الانتفاضة العراقية في نفس الوقت ووصولها الى قلوب ابناء جنوب العراق – لم
تكن هتافات ابناء كربلاء باسم القائد الشهيد صدفة عابرة - وفشل كل محاولات قمعها
او شراء الضمائر ، وبما ان معركة سوريا ملحقة بمعركة العراق ويتقرر مسارها في ضوء
مسار معركة العراق فان وصول الانتفاضة العراقية الى بوابات تحرير العراق ، بمجرد
تخطيها مراحل التصفية والاحتواء وديمومتها ، فان تلك الحقيقة فرضت ضرورة نقل مركز
الجهد من سوريا الى العراق لاجل منع حصول
ام كوارث امريكا وايران وهي عودة العراق لاهله الاصلاء وطرد نغول فارس وسماسرة
امريكا وايقاف الفوضى الهلاكة في الوطن العربي التي اشعلتها امريكا بدعم صهيوني
ايراني واضحين، وهذا لا يمكن اتمامه الا بعقد صفقة امريكية ايرانية روسية.
لماذا العراق محور الصراع الستراتيجي ؟ لاجل تجنب العموميات يجب التذكير باهم العوامل
التي تجعل العراق المحور الاساس للصراعات الاقليمية . ، فهو اولا مالك اكبر مخزون
للنفط والغاز في العالم كله ، نعم رسميا هو ليس كذلك ولكن فعليا فان امريكا قبل
غيرها عرفت هذه الحقيقة منذ الثمانينات لذلك فرضت على العراق سلسلة من الحروب
والازمات كي تضمن السيطرة عليه . بالاضافة لهذه الثروة الاسطورية ، التي يجري التقليل من شأنها بترويج فكرة ان
امريكا قد تستغني عن نفط العرب ، فان العراق مكمن كميات هائلة من معادن نفيسة هائلة
متنوعة بعضها لم يكشف عنه حتى الا ، كان دافعا غريزيا للامبريالية الامريكية
للاستحواذ عليه ، فسرقت امريكا ومازالت تسرق حتى هذه اللحظة الاف الاطنان ، ومنها
اليورانيوم .
بالاضافة لكون العراق جيوبولتيكيا يتوسط القوى الاقليمية
المرشحة لتكون اقطاب النظام الاقليمي الجديد وخطوط الطاقة والنقل والتواصل
العالمية ، وهو مركز اخطر واعقد الصراعات عبر خمسة الاف عام ومنها الصراع البابلي
اليهودي الذي يشكل هاجسا مرضيا للمحافظين الجدد ، والصراع العربي الفارسي الذي
يشكل منطلق تفكير النخب القومية الفارسية ، وبما ان قيام امبراطورية فارس احد اهم
الشروط الصهيوامريكية لاكمال خطة انهاء القومية العربية وروحها الاسلام فان دعم
امريكا للهلال الفارسي ضرورة ستراتيجية اساسية على طريق انهاء الامة العربية .
ولكن الاهم والاخطر بالنسبة لهذه الاطراف الثلاثة هو ان
العراق ، مختلفا عن باقي الدول العربية الغنية ، كان يخوض
معركة التحرير الشاملة في المجالات كافة
خصوصا اعادة بناء الانسان وتأهيله ليكون مبدعا وصانعا لمتطلبات الحياة ، فبعد عام
1968 تغير العراق وصار يتقدم بخطى عملاقة
ليصبح قوة اقليمية عظمى بكل ما تعنيه هذه المفردة من معنى ، تحت قيادة وطنية
تقدمية متحررة من اي نفوذ هدفها بناء عراق قوي متقدم يكون انموذجا لبقية العرب في
التنمية واكتساب القوة بالاعتماد على الذات ، وهذا ما اكدته الامم المتحدة في
تقاريرها نهاية السبعينيا ت حينما اكدت بان العراق اذا استمر تقدمه ونهضته فانه
سوف يدخل نادي دول الدرجة الاولى في بداية القرن الجديد .
فهل يسمح لقطرعربي خصوصا العراق بالتحول الى هذا
الانموذج رغم ان كل ستراتيجيات الغرب والصهيونية وفارس تقوم على منع اي قطر عربي من تحقيق ذلك ؟
الازمات والحروب لم يختارها العراق بل فرضتها تلك القوى عليه ، وما اعلنته ستراتيجيات تلك القوى رسميا واضح ، فاسرائيل
تقولها بالقلم العريض ان عراق البعث وصدام حسين هو الخطر الاكبر عليها ، واخر من
قال ذلك عوديد ينون ، وهذا الموقف لم يعلن
تجاه اي نظام عربي اخر منذ ناصر ، وامريكا اقرت ذلك سرا واعلنته رسميا في دراسة ( القرن
الامريكي ) في عام 1998 عندما اعتبرت تفكيك العراق هدفها الاساس في سعيها لبناء
نظام عالمي جديد تنفرد بقيادته ووضع العراق في الخطوة الاولى لتقسيم الاقطار
العربية له دلالات واضحة ، وايران كانت
واضحة وصريحة كتوأمها اسرائيل حينما رفع خميني شعارات معادية للعراق من
بينها ( تحرير القدس يمر عبر تحرير بغدادوكربلاء ) وطبق ذلك عمليا ، وكان الموقف المركزي والثابت
لخميني هو الرفض المطلق لاي تفاهم او صلح مع (صدام حسين ) ، وكانت الترجمة العملية
له هو الاصرار الفارسي على غزو العراق . فهل
هذا التلاقي الستراتيجي ضد العراق حالة عادية ؟
اذن ما يجري الان خصوصا في المقتربات الستراتيجية للعراق
هو امتداد لمعارك العراق وهي بالتأكيد امتداد وتكملة لمعارك غزو فلسطين في ترابط
عضوي لا ينفصم ، واذا ما تغيرت بعض مسارح العمليات فان معركة العراق تبقى هي
المعركة الاساسية ، او بتعبير اخر ام معاركنا وام معارك امريكا وايران واسرائيل ،
والا هل يستطيع اي مفسر تقديم تحليل مقبول لمواجهتنا منذ عام 1991 اخطر ما واجهه
العرب في تاريخهم منذ الاف السنين ؟
بهذ الفهم نستطيع التحوط لمعاركنا القادمة مع ايران في
الانبار وبدون قبول هذه االحقيقة لن نستطيع تخيل مدى اصرار ايران على خوضها اكثر
من اصرارها على خوض معركة سوريا ، كما نستطيع فهم سبب اعلان السفير الامريكي في
العراق ان حكومته تؤيد اجراءات المالكي ضد ( الارهاب ) وهو يقصد ابناء الانبار ،
وقبل هذا وذاك نفهم لم عقدت الصفقة
الامريكية الايرانية الروسية على حساب دماء العرب وحقوقهم ومستقبلهم .
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق