قد يكون هذا المقال قديماً بعض الشيء، وقد يثير موجات من المواقف الساخطة لدى بعض القراء، لكنني وجدت أن إعادة نشره مناسباً في هذه الأيام، بينما يحشد الدجالون أتباعهم في ممارسات وطقوس ظلامية لا تمتُّ إلى الاسلام وسيرة ال بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بصلة.. بل إنها تشوِّه سيرتهم الوضّاءة بتلك الممارسات...
لن نثور ما دام الحسين فينا
بركات محي الدين
من هانت لديه نفسه كان أكثر هواناً في أعين الآخرين ، عندما أنظر الى شعارات الشعوب الحية التي ترفعها في إنتفاضاتها وثوراتها وأقارنها بشعارات أبناء وطني أشعر بالخزي والأشمئزاز ، أحدهم يريد الآن تبليط هذا الزقاق والآخر يريد فتح تلك المجاري والثالث يريد إضافة العدس الى مواد الحصة التموينية ، هذه وشبيهاتها هي مشاكلهم منذ سبع عجاف ، بل قل منذ دهر فلماذا ترتفع أصواتهم الخجولة الآن ؟
أُنظر الى مطالب الرجل وتمنياته تعرف إلى أيّ صنفٍ من الخلائق ينتمي . لا يمكن أن نثبت للآخرين آدميتنا ما لم نظهر لهم الحرص على كرامتنا ، إذا أردنا أن نقلّد الشعوب الناهضة في ثوراتها فيجب علينا أن نقلّدها في منهجها ووسائلها وشعاراتها أيضا . نحن الآن شعب بلا كرامة ، ولطالما كنا كذلك في عهود كثيرة ، وإلا لما سمحنا للرعاع الساقطين أن يحكمونا يوما واحداً !
عَرفَنا السلف وسوف لن يتشرّف بالانتساب الينا الخلف ، ما دمنا ماكثين على هذا الخلق الذميم ، فنحن أكثر الناس سؤالا عن الصغائر وأكثرهم ركوبا للكبائر !
كيف نترك مجموعة من أشباه السياسيين ورجال الدين الساقطين يمسكون برقبة أرض التكوين الأولى ، في مقالة قديمة لي قلت لكم إنّ لكل معممٍ نزق ممثلٌ نكرة في البرلمان والحكومة . صوّبوا ألسنتكم وشعاراتكم نحو رجال الدين فو الله لولاهم ما أستطاع محتل غاشم أن يطأ أرض العراق أو يمكث فيها يوما . و والله لولاهم ما تسلط شذّاذ الأفاق من السرّاق والجهلة على رقابنا ساعة من نهار .
هؤلاء يخوّفونكم من نهار جديد ، سأتكلّم بصراحة – الكلام بصراحة هو أكثر ما يزعج المعممين ويثير هلعهم – يقولون لكم ويزرعون في أوهامكم إن أي نظام آخر غير هذا النظام الفاشل سوف لن يسمح لكم بإقامة شعائركم , وإنه سوف يمنع ما تفتخرون به من زيارات مليونية كما تسمونها ، فقهاء المذهب ينعتون الأمريكان بأنهم أصدقاء المذهب ويفخرون بتلك الصداقة . أحد خطباء المنبر الحسيني تحدث في الموسم الأخير بسخافة مخاطبا الجموع المضللَة قائلا : (إنّ معيارنا لصلاح أيّة حكومة ووطنيتها هو سماحها بإقامة الشعائر الحسينية ودعمها ) ، إذن فلتكن الحكومة خائنة أو عميلة أو سارقة أو فاشلة ، المهم لدينا أن نمارس بعض الطقوس الهندية والتركية والفارسية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة . يا للعار عندما يتحول الحسين إلى مسخرة وتتحول ذكراه إلى بديل عزيزعن الحياة الكريمة ، في ذكراه المقدسة دائما نردد ( هيهات منا الذلة ) ولا أرى ذلةً أشد من التي نحن فيها ، هذا الزواج اللاشرعي المشبوه بين رجال الدين والسياسة يتم على حساب كرامتنا ووجودنا ، إنهم يتبادلون المنفعة والمصالح ، لا يمكن تبرئة السيستاني مما قام ويقوم به المالكي والجعفري وعبد المهدي ( عادل زوية ) وميليشياتهم من قتل للناس ونهب للمال العام وتشويه للقيم . أكثر من مليون قتيل ومليون معتقل وأربعة ملايين مهجّر ومئات المليارات المهدورة والمدن المخربة والجامعات المتخلفّة والشعب المسطول بالحشيشة الإيرانية والفتاوى العفنة والمصانع العاطلة والمزارع المهجورة والأمن المفقود والجثث الملقاة في المزابل وعلى قارعات الطرق .
ولا يمكن تبرئة اليعقوبي وأضرابه من الانتهازيين مما تفعله فرق الموت والنهب التابعة لهم في مدن الجنوب التي تركها محافظوهم حطاماً من خرائب وأكواماً من نفايات ، لقد فضحهم الله قبل أن يفضحهم ويكليكس .
ولا يمكن تبرئة المرجع المراهق مقتدى مما فعلته ميليشا المهدى التي قتلت من العراقيين أكثر مما قتله الأمريكان ومجرمو القاعدة والإرهاب بعشرات الأضعاف بل إنه يصر على جرائمه القديمة بأن ضمّن قائمته الانتحابية ( قائمة الأربعين جاهل ) كلّ سارق مثل الأعرجي بهاء وكلّ سفاح مثل الزاملي حاكم !!
لقد يئسنا من شيعة العراق منذ زمن بعيد لما وصفناه من حالهم ، هم لا يحق لهم الآن الشكوى والتذمر فهم الذين ساعدوا على بروز هؤلاء السفلة وبقائهم . نحن نعرف إن الكرّة لو أُعيدت للشيعة مرة أخرى لما أنتخبوا غير هؤلاء ثانيةً لأن الشيعة الآن كلاعب القمار كلما ازدادوا خسارة ازدادوا رغبة في اللعب !!
يئسنا من الشيعة وكان لنا أملٌ في سنّة العراق إذ لا مرجعية لهم تعيقهم عن التحرر والتفكير السوي وتمنعهم من الرضوخ والذل والاستكانة ، ولكن حتى هؤلاء المواطنين استغفلهم البغل الأمريكي العميل علاوي وضحك عليهم المطلك والنجيفي للوصول الى السلطة وهم الآن شركاء في إقتسام الفطيسة . كان السنّة ومعهم الوطنيون من الشيعة الذين لم تؤثر في وطنيتهم السموم الطائفية يتطلعون الى مشروع وطني ينقذهم مما هم فيه لكنهم ظنوا واهمين إنّ علاوي و حزبة هم ضالتهم غافلين أو متغافلين عن إن هؤلاء جزء من العملية المخزية التي يديرها الإحتلال وأذنابه .
في الحقيقة لم أكن أتوقع أو أظن أن شعباً عربيا سيقوم بكتابة تأريخ جديد للبشرية بعد أفول نجم العرب ، لطالما كنت أشمخ بأنفي وأنافح عن عروبتي متغنيا بأمجاد الماضي التليد ، لكنني الآن أشدُّ فخرا بالعرب والعروبة وأنا أرى شعب مصر الحر يعلّم الإنسانية جميعا كيف تقول الشعوب كلمتها وتتخذ قرارها ، المصريون اليوم يمحون كلّ عار لحق بنا على مدى عصور وتأثير الثورة المصرية سيكون أكبر من تأثير الثورة الفرنسية على مسيرة هذا العالم . في العلم والأدب والحضارة والفن كان المصريون هم السابقون ، واليوم هم السابقون أيضا في الوعي والكرامة والعزّة ، وإذا كان أبناء النيل هم السابقون فليكن أبناء الفرات هم اللاحقون ، يا أبناء شعبي إذا لم يكن لكم دين فكونوا عربا أحرارا ، وأذكروا إن هذه الكلمة قد قالها الحسين العظيم يوما ..
***
هذه المقالة تأتي بعد إنقطاع عن الكتابة دام أربع سنوات لمن يتذكرني . أيها القارئ الكريم أرجو أن ترسل هذه المقالة الى صديق أو توزعها الى الآخرين ما استطعت .
ملاحظة:
نشرت المقالة هنا
هناك تعليق واحد:
من عاتب الجُهّــال أتعب نفسهُ
ومن لام من لا يعرف اللوم أتعبا..
إرسال تعليق