موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 10 يناير 2012

الانسحاب من العراق.. حقيقة أم كذبة إعلامية؟

يناقش كاتب هذه المقالة، التي أرسلها لي عبر البريد الإلكتروني، مشكوراً، مفاهيم وأجواء مابعد الهزيمة الأميركية من العراق، والتي يسميها انسحاباً، جرياناً على ماهو دارج في وسائل الإعلام العالمية، لكنه يؤكد لاحقا على انها هزيمة حقيقية في منازلة عسكرية.. حتى وإن لم يعترف الأميركيون بذلك..

الانسحاب من العراق
حقيقة أم كذبة إعلامية؟

د. ضرغام الدباغ

يسمع الناس عن الانسحاب الأمريكي، فهل هو انسحاب حقاً، أم إعادة انتشار، أم هندسة الوجود والنفوذ الأمريكي في العراق.

هل سيختفي الأمريكيون من العراق ؟
بالطبع هم سيفعلون، أو سيحاولون ذلك على الأقل، مع الاحتفاظ بمزايا الاحتلال السياسية والاقتصادية والإستراتيجية، بأقل كلفة ممكنة.
ولكن ذلك سوف لن يعني أن الأمريكان سيختفون في العراق، هم سيبقون حيث ينبغي لهم أن يبقوا، كمهندسي سيطرة على المفاصل الرئيسية في الدولة العراقية، سيبقى لهم ضمان انتشار جديد عند الحاجة، لديهم عشرات الألوف من الجنود كمدربين أو كموظفيين أو هكذا سيطلق عليهم، والجواسيس كخبراء في الوزارات، والسفارة الأمريكية تعد أضخم سفارة في العالم وربما في التاريخ، إذ تضم 15 ألف دبلوماسي، أو موظف ولهم من الحاشية أضعافهم، ولهذه السفارة مطار خاص، ولكم أن تتخيلوا هذه العلاقة الدبلوماسية.
الأمريكان دخلوا العراق بمعلومات سياحية، ولكن اليوم لهم تحت كل حجر عين ووكيل، ولهم من العناصر التي تعمل في الاجهزة الحكومية من هو لهم أكثر مما هو للعراق، والطرف الأمريكي يلعب دوماً دور الحكم إذا ما تنازع فرقاء الحكم على ما تبقى من المال، وهو ليس قليل، فأموال الشعب العراقي لا تستثمر، ولا تجد سبيلها للتراكم الوطني، لذلك الخلاف قد يكون على بضعة مليارات فقط، والأمريكان يعلمون بذلك بل هو نظام وضعوه ملامحه العامة والتفصيلية ليكون هكذا عراق هش في كل شيئ ليسهل السيطرة عليه.
الحكومة الأمريكية تدعي أنها انسحبت، ولا تقول أنها انهزمت، هم وضعوا في المغامرة العراقية أكثر من خمسة الاف قتيل، وأضعافهم من الجرحى، وأكثرهم من المعاقين جسدياً، أما المعاقين عقلياً فأضعاف ذلك بكثير، وغالباً ما نسمع عن جنود عملوا في العراق يعالجون في مصحات عقلية، أو يصيبهم سعار القتل أموك ، وإذا أعتبرنا الرقم الذي أعلنه الرئيس أوباما 350 ألف جندي عمل في العراق، يمكننا التوصل لنتيجة مريعة من خلال أعداد القتلى المعلنة فقط، وهي أقل بكثير من الحقيقة، ذلك أن الأمريكيون لا يعدون الجنود الغير متجنسين بالجنسية الامريكية ضمن إحصاءات القتلى، كما لا يعتبرون قتلى الحوادث ضحايا حرب، وهو رقم كبير، كذلك المرتزقة الذين عملوا في صفوف القوات المسلحة الأمريكية أو التشكيلات العسكرية المساعدة تحت مسميات شركات الحماية.
الأمريكان هربوا من العراق، هربوا يجرون أذيال الهزيمة، والفضل في ذلك للشعب العراقي وحده الذي نازل الغزاة المحتلين ودحرهم ولا يهم إن اعترف بذلك الأمريكان أم لا  

فالحكومة الأمريكية تخسر أكثر من ستة مليارات دولار شهريا في حربها في افغانستان، وتخسر ما يقارب 100 جندي من قوات التحالف سنويا في المتوسط، ومع ذلك لا تسيطر عمليا إلا على اقل من ربع البلاد فعليا. فحتى العاصمة كابول لم تعد آمنة بسبب هجمات الثوار الأفغان، ومع ذلك يصرح وزير الدفاع الأمريكي أنهم منتصرون في أفغانستان.

السيف أصدق أنباء من الكتب       في حده الحد بين الجد واللعب


العراق .. ماذا بعد الانسحاب الأمريكي؟
هذا إذا افترضنا أن الانسحاب حاصل فعلاً، وإذا سلمنا أن الأمريكان سيسحبون قواتهم باستثناء ألوف المدربين، وباستثناء، بضعة الاف من مشاة البحرية في السفارة، عدا عن بضعة ألوف من المرتزقة في شركات الحماية المحترفة، غير جيوش من الجواسيس العلنيين والمخفيين، وعدا الاتفاقات السرية والعلنية عن العلاقات الأمريكية / العراقية للفترة المقبلة، عدا الضمانات التي قطعها الجانب العراقي، وعدا كواليس التحالف الثلاثي الأمريكي الإيراني والإسرائيلي، عدا الحقوق الدولية التي تسمح للولايات المتحدة إعادة الموقف إلى المربع الأول، ترى كم تبقي هذه المعطيات بعد ذلك من فسحة لقرار عراقي سياسي مستقل، وأي عملية سياسية ستكون بمنجى من هذه الضغوط ....؟
هذا التحليل يشمل الوجود والنفوذ والتأثير الأمريكي فقط، نحن لم نتطرق إلى النفوذ والوجود الإيراني، ولا الإسرائيلي وهم شركاء وأطراف ثلاثة خاضوا الحرب والاحتلال والهيمنة على العراق ومقدراته السياسية والاقتصادية  بالتفاهم والتحالف، متكافلين متضامنين في العمل والنتائج، وبالطبع المكتسبات، وما زالوا متفاهمين والتحالف لم يفرط عقده، وليس في وارد الظن والاعتقاد أن أحداً يحصل على مكاسبه أن يتخلى عنها إكراماً لسواد العيون، فهذا اعتقاد ساذج يعود إلى القرون السحيقة وبالتأكيد إلى ما قبل ميكافيللي، وعصر النهضة.
من المؤكد أن الأمريكان سيبقون على درجة عالية جداً من النفوذ، بل هذا ما رشح من مفاوضات السيد المالكي في واشنطن وعبرت عنه الصحافة الأمريكية حرفياً، فالمصادر الأمريكية تذكر أن الولايات المتحدة خسرت آخر قتيل لها في العراق يوم  14/ تشرين الثاني وهو القتيل رقم 4474 (حسب مصادر وزارة الدفاع الأمريكية) وأن ذلك سوف لن يذهب سدى.

والترجمة الواقعية العملية للنفوذ الأمريكي في العراق، سوف تعبر عن نفسها باستحالة تجاهل "النصيحة" و "الرجاء" أو تصعيداً  لدرجة "الطلب"، أو "الأمر" وهي صيغ غير معيبة في القاموس السياسي الأمريكي، وبين الأحباب تسقط الآداب كما يقول المثل العراقي.

لماذا تستجيب بغداد لنصائح ورجاء أو طلب أو أمر؟
بتقديري من يحكم العراق وهو قابل لهذه المعادلات، لأنها ناتج عنها، يعلم أن هناك أدوات ضغط غير لطيفة بوسع الأمريكان استخدامها في العراق وفي جوار العراق في مياه العراق وأجواء العراق، فهم على علاقة وثيقة بمكونات العراق شمالاً وجنوباً، يلعبون برقعة الشطرنج بمهارة استخبارية لا شك فيها، وقد رصدوا لهذه الأنشطة مبالغ يسيل لها لعاب الجواسيس والمتساقطين والمتهالكين، ممن يعتقدون ياللأسف أن يوماً تعرفه خير من غد لا تعرفه، منطق الجواسيس غريب ومذهل في وقاحته، ولكنه للأسف لا بد من الاعتراف أنه صار رائجاً في العراق بعد السقوط العظيم. 
الأمريكان تركوا في العراق الكثير جداً من الألغام والمفخخات، وهي تناسب كل حجم ووزن وعيار، نعم هم دخلوا العراق بمعلومات تافهة، العراق كان بالنسبة لهم قلعة حصينة منيعة، ولكنه يعرفون اليوم  ماذا يكمن تحت كل حجر، بل وقادرون من خلال سفارة عملاقة تضم 15 ألف موظف، إدارة العراق بالريموت كونترول، وطالما يمكن أن أدع غيري يموت عوضاً عني، فهذا أطيب من الطيب، وأفضل الحلول.
هذه الألعاب، والفرفشات، ولعب الطاولة والشطرنج، هي لعبة خاسرة مع التحالف الثلاثي الأمريكي الإيراني الإسرائيلي، والسبيل الوحيد لكل عراقي شريف هو قلب الطاولة بما فيها، ومن عليها، ومن ورائها، وغسل العراق غسلاً جيداً بالماء والصابون والمعقمات، ليعود العراق كما يستحق أن يكون،  شعباً راقياً وعظيماً، بستان تفوح منه روائح العطور، أما بغير ذلك، فكما يقول المثل البغدادي الجميل: جيب ليل وخذ عتابه.



هناك تعليقان (2):

ابو ذر العربي يقول...

هذا المقال شامل مانع سهل ممتنع ولكنني اضيف ان العراق الذي كان بحاجة الى ادوات ووسائل اعادة افضل مما كان لان الادوات الجديدة يجب ان تكون بتجربة جديدة غنية بالخبرات المضافة من هذه السنوات العجاف ويجب ان تضم كل القوى المقاتلة الحقيقية بغض النظر عن الحصص لكل منها
فالعراق بحاجة الى توحد حقيقي وتنازل من قبل الجميع
واعتقد ان الجزء من هذه المقاومة لا يمكن ان يساوي الكل وعلى الاجزاء ان ترى مصلحتها الحقيقية في دعم الكل
ولكم تحياتي

Maryam يقول...

امريكا لم تخسر الحرب في العراق بشكل كامل , نعم المقاومة اذاقت امريكا الويلات ولولا المؤامرة وتحالف الاحزاب الطائفية وخيانات الخونة لاذاقتها اكثر واكثر لكن قياسا بالمكاسب الاقتصادية والستراتيجية فان امريكا على استعداد لتقديم اكثر واكثر فليس كل مايقال في الاعلام هو صحيح ويجب دراسة الواقع والستراتيجيات وامريكا رغم الازمة الاقتصادية والضغط الشعبي لكن ماكانت لتخرج من العراق بسبب خسارتها العسكرية مستحيل فهم ليسو اغبياء وكان عندهم استعداد ان يضربو المحافظات السنية بكل انواع القنابل المحرمة والمحللة والمباحة في سبيل الحفاظ على مصالحهم فمعادلة المقاومة والاحتلال رغم انها صحيحة لكن البعض يعطيها اكبر من حجمها فامريكا وان خسرت مع المقاومة لكن استخدمت اساليب اخرى وكانت سوف تستخدم اساليب اكثر قسوة الى ان تصل لمبتغاها واما الخسائر المادية فهذه اكذوبة لايزال يصدقها البعض فامريكا لم شئ وانما كل ماانفقته عوضته اضعاف الاضعاف من ثروات العراق , الاعلام الامريكي يوصل رسائل للمتلقي بان امريكا انفقت وخسرت و و و وكل هذا التفاف على الحقيقة فامريكا وان انفقت فهي مقابل كل دولار تنفقه تاخذ عشرات اضعافه.
وبعد كل هذه التضحيات مستحيل امريكا تترك العراق لايران رغم التحالف الثلاثي اويمكن اختصاره بالتحالف الايراني - الصهيوني , فامريكا وضعت ركائزها في العراق بتحالف مع ايران وتقاسمت ثروات العراق وخيراته مع ايران وبعد ذلك اعلنت الانسحاب المزعوم فالغرب بشكل عام والامريكان ليسو مثل الشرق لاتهمهم البهرجة مثل الشرق فهم يتركون السياسيون العراقيون ينعقون بنصرهم السياسي ويضحكون عليهم , مصالح امريكا اكبر من تنسحب بهذه السهولة لكن هي ثبتت مصالحها وسلمت العراق لايران تاخذ منه ماتشاء بموافقة امريكية.

اما كلام الكاتب عن قلب الطاولة فالامر اكبر من ان يقدر الشعب على قلب هذه الطاولة ولااعرف هل هذا تفاؤل زائد عن حده ام عدم دراسة الشارع العراقي بشكل جيد! اي طاولة رغم انه لايوجد شئ مستحيل لكن المنطق يقول ان الاحداث لاتاتي مصادفة وكل حدث له مقدمات واسباب وتمهيد ومايحدث في العراق الان من زرع للطائفية والتخندق الطائفي الذي تاججه هذه الحكومة الطائفية بالاتفاق مع اسيادهم في ايران وامريكا يقول انه من الصعب لابل المستحيل ان يرجع العراق الى مايتصوره الكاتب , من يقراء الشارع يجد انه بات مستحيل تحقيق مايقوله الكاتب وهذه ليست نظرة تشائمية وانما نظرة موضوعية للواقع واما الافكار الوردية والاحلام فهي لاتحل مشاكل ولاتخرج الشعب من هذه المحنة

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..