مهند العزاوي
اصبحت الاطماع الايرانية والتغول في الدول العربية مصدر خطر من الصعب غض الطرف عنه, خصوصا عندما يكون وقود هذه الاطماع الوقود العربي البشري والمادي والجغرافي.
وبإلقاء نظرة سريعة على الخارطة العربية قبل وصول نظام طهران الحالي للسلطة والواقع الفوضوي المضطرب الان, سنجد الفارق شاسعاً وكبيراً, حيث اضحت ايران تزرع بذور الفتنة والاحتراب الطائفي في غالبية المجتمعات العربية والإسلامية, وباستخدام اذرع التشيع السياسي والمسلح والمنتشرة في العراق ولبنان والبحرين والكويت وسوريا واليمن ومصر وليبيا مؤخرا، اضافة الى تطويع عدد من الانظمة السياسية الاسلاموية باستخدام الجزرة والترغيب بالمال مقابل التبشير المذهبي العابر للوطن والمواطنة.
وليس غريبا عندما نبحث عن ادوات هذا المشروع الفارسي, سنجد ان ايران لم تخسر ايراني واحد في تطبيق هذه الاجندة , بل استخدمت الوقود البشري العربي والإسلامي لخلق مسارح احتراب طائفي مذهبي افقد دول العالم العربي موارد بشرية ومالية وأثقل امنه الداخلي بالأزمات والفتن .
تبشير مسلح
لم يخفي ملالي طهران منهجيتهم الاستراتيجية بتصدير الثورة الايرانية منذ عام 1979 , وقد حققت بنية تحتية جيدة بغية الوصول الى المجتمعات العربية وباستخدام شعارات مذهبية عابرة للدين وتشكك بتعاليمه السمحاء وفق اساطير وهمية تصنع في اروقة المخابرات الايرانية ضمن فلسفة الدعاية المركبة , وباستخدام الخطاب المزدوج والتشكيك التاريخي ليؤمن فلسفة الهندسة المعكوسة في استهداف المجتمعات , وبلا شك تمكن العراق في حرب ثماني سنوات من ايقاف هذه الاستراتيجية , ولكن سوء التقدير الاستراتيجي افقد العراق ادامة حرب الارادات , ولتوجد مشكلة في اعلان ايران لمنهجيتها التوسعية وشرعنه اطماعها القومية باستخدام سلاح التشيع السياسي , ولكن المشكلة فينا كعرب كيف عالجنا هذا التزييف والتهديم , وكيف تصدينا له وما هي المؤسسات الفكرية والإعلامية التي توقي وتوعي وترسخ المحافظة على القيم , بلا شك لتوجد مقابل سيولة المؤسسات والمنظمات الايرانية التبشيرية والفكرية والمسلحة , وبذلك تمكنت ايران ان تحقق نصرا استراتيجيا بدماء غيرها ضمن سياسة الوصول , تارة باستخدام ادوات عربية متعددة تحت يافطة المذهب والتشيع , وتارة اخرى بتوظيف القوة الدولية لهدم ركائز القوة العربية كما حصل في غزو العراق الاميركي لسنوات لينتج عنه فوز استراتيجيا ايرانيا كما قال عنه "جيمس والت" من جامعة هارفرد في ذكرى عشر سنوات على غزو العراق (( ان حرب العراق خطيئة اميركية والفائز الاستراتيجي ايران ))
وقود بشري عربي
يدخل العالم العربي منعطف كبير يهدد مستقبله, ونشهد التخندق الطائفي المذهبي التي صنعته ايران باستخدام خرافات وأساطير منقولة على لسان جيشها الناطق بالكراهية والغل ضد الاسلام والعروبة, وتمكنت من خلق الاصطفاف المذهبي منذ حرب لبنان عام 1975 وشرعت بإشعال فتيل حرب المائة عام في العالم العربي بين السنة والشيعة , وذهب ضحيتها في لبنان من الوقود العربي بآلاف ولم تكتفي بذلك , بل ذهبت لتعزيز الحرب الاهلية السودانية وضحاياه من الوقود البشري العربي , ناهيك عن اليمن المحترب هو الاخر, وبعد غزو العراق وجدت افضل وقودا تتمكن من حرقه والإحراق به هو المجتمع العراقي من خلال ترسيخ فلسفة الاكثرية الشيعية والأقلية السنية والأكثرية المسلحة والهيمنة على السلطة ونشر ثقافة المليشيات المذهبية التي بلغ عددها 8 مليشيات كبرى مسلحة , ودخل العراق لوحة الاخضاع المذهبي, وقدم مليون ضحية ضمن حرب الابادة المذهبية عام 2006 وحتى الان وكانت مجزرة الحويجة اخرها, كما وهجر أربعة ملايين ومليون معتقل ضمن فلسفة الابادة الطائفية التي ارست دعائمها في لبنان ثم العراق وسوريا وبمباركة دولية بشكل عام وأميركية بشكل خاص , دون الاشارة من المجتمع الدولي الى ان ايران راعية للإرهاب , وأضحت ايران تمارس القيادة الاقليمية لهذا المشروع النتن القذر الذي يتغذى على الوقود العربي (المجتمعات) من خلال خلق الفتن وترويع المجتمعات وإفساد الاجيال وتوطين الرذيلة , وكثرا ما استخدمت شعار المقاومة والممانعة , ولو بحثنا عن جندي ايراني سقط قتالا على الحدود الاسرائيلية ؟ لم نعثر عليه بل نجد ضحايا عرب بالملايين في الدول العربية سواء كان باستخدام حرسها العابر للقانون الدولي والحدود السياسية او عبر اذرعه من المليشيات والتنظيمات الارهابية المرتبطة به , واليوم نشهد احتلالها الرسمي المباشر لثلاث دول عربية العراق سوريا لبنان وتقتل ابنائهم بلا رادع .
ليتجرد الجميع من حبوب المورفين المذهبي التي توزعها ايران مع حقب الاموال المنهوبة من العراق , والتي تغذي بها شبكتها الاقليمية للأطماع وتصدير ثورتها , وسنجد ان الوقود العربي البشري والمالي هو المستهدف , والمستخدم في حروب الازاحة الايرانية بغية تحقيق حلم الامبراطورية القومية على بساط التشييع السياسي , وعلى اطلال الوطن العربي الممزق والمستهدفة مجتمعاته ودوله بالغزو الايراني الجديد وعقائده الدموية الهدامة , والتي تمكنت من تشويه صورة المجتمعات العربية في الغرب لاجل عرض خدماتها عليهم , بالرغم من كل ذلك ان ايران في طريق الانهيار وتمارس الهروب الى الامام باستخدام الملفات الاقليمية , وبدى جليا الانهيار والتخبط والتفكك لمنظومتها في سوريا والعراق ولعل مجزرة الحويجة شاهدا على هذا الانهيار ولعل الحراك الشعبي العراقي قد دخل مرحلة حاسمة سيكون النصر حليفه بإذن الله ليعيد رسم خارطة القدرة العربية من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق