إبراهيم سنجاب
وكأنه كان ينتظر سؤالى لتتدفق كلماته المشبعة باللوم الأخوى العروبي لموقفنا فى مصر وفى سائر بلاد الأمة العربية, ان كان هناك مايسمى بالأمة العربية الان, فى العراق ثورة شعبية خاصه فى مناطق السنة.
وفى العراق مقاومة مسلحة يقودها الشيخ عزه ابراهيم نائب الرئيس العراقى الشهيد صدام حسين, وقائد المقاومة العربية فى العراق, فى العراق أرض مفتوحة تنتهكها دول الجوار الجغرافى بلا استثناء, كما انتهكتها أمريكا وحلفاؤها من الشرق والغرب .
بمجرد أن سألت صديقي الدكتور كاظم عبد الحسين عباس العالم الكيميائى والأستاذ بالجامعة المستنصرية قبل خروجه من عراقه بعد الغزو ماذا يحدث فى العراق ؟, أجابنى وكأنه يقرأ من كتاب , وشعرت بأنه يوجه اللوم لخمسة ملايين مصرى عاشوا هناك قبل الاحتلال , فى نفس الوقت الذى ينتقد فيها دور الحكومة المصرية لتركها العراق نهبا لايران , رغم ايمان كل العراق بالدور الريادى لمصر العربية , وقدرتها على التدخل لتحقيق تسوية عادلة بين الفرقاء العراقيين الذين تعبوا من القتال وسئموا من كل نتائجه . صديقي العراقى الذى احترم عروبته قال لى : للدخول الى صلب احداث الساعة في العراق لا مناص من العودة الى الوراء بشكل مكثف لان ما حصل قبل عشر سنوات من غزو واحتلال وعملية سياسية هو نفسه الذي يحرك الاحداث الراهنة ونتاج من نتاجاتها. في نيسان عام 2003 دخلت القوات الغازية المشكله من قرابة 40 دولة تقودها الولايات المتحدة الامريكية بغداد. وبدأت على الفور عمليتين متناقضتين هما العملية السياسية المخابراتية مع قيام الحاكم المدني بول بريمر بتشكيل ما سمي بمجلس الحكم من اعضاء توزعوا على كتل سياسية دخلت مع الاحتلال تصف نفسها بأنها شيعية وقد جاءت كلها من ايران والسيدة زينب في الشام والعلمانيين الذين جاءوا من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وأوربا ومنهم قوى وأفراد مدعومين من دول خليجية
كالمملكة العربية السعودية وتركيا وما يسمى بالحزب الاسلامي الذي هو رمز التشكيل الطائفي السني , وأحزاب سياسية كردية فضلا عن تمثيل فردي للمسيحيين .
اما العملية الثانية فهي المقاومة العراقية المسلحة والتي اخذت هي الاخرى مسميات مختلفة وطنية وقومية وإسلامية وشكلها قادة من النظام الوطني الذي اغتاله الاحتلال وضباط من الجيش العراقي الذي حل بقرار من الحاكم المدني بول بريمر .
ودخل العراق شانه شان أي بلد محتل بانقسامات اجتماعية ودينية وطائفية تحت تأثير الحراك المتصاعد للعملية السياسية المخابراتية من جهة ونتيجة للجهد العسكري المتنامي هو الاخر للمقاومة المسلحة التي تصدت بشراسة لقوات الاحتلال بصيغة حرب عصابات مدبرة وبصيغ تتنوع بين البساطة التي تعجز الالة العسكرية المتقدمة عن مواجهتها وبين عمليات نوعية دكت قواعد ومعسكرات اميركا وألحقت بها ما كان خارج حسابات الغزاة تماما من خسائر بشرية ومادية. مضت العملية السياسية قدما تحت حماية دول الاحتلال وفي مقدمتها اميركا وبريطانيا وإيران,وانفتحت افقيا وعموديا وبوسائل الضغط العسكري والنفوذ الحزبي وعبر تشكيل المليشيات الطائفية رسميا وإعادة تشكيل الجيش على اسس طائفية وتدريبه حتى نفسيا وسوقيا بإدخال ألاف من مليشيا فيلق بدر الايرانية المعروفه وعناصر حزب الدعوة الايرانية وغيرها في تشكيل تبنت تدريبه اميركا وعرف باسم قوات سوات والتي استلم قيادتها نوري المالكي ووضعها تحت اشرافه المباشر منذ بداية حقبة حكومة الاحتلال الخامسة التي تولى رئاستها بقرار امريكي ايراني بعد ابعاد القائمة الفائزة رسميا وزعيمها اياد علاوي. اقر دستور كان موضع خلاف العراقيين اثناء صياغته وأثناء اقراره بولادة قيصرية محكمة الاخراج وبعد التصويت الصوري المزور عليه , ورغم ان القوى اللاعبة في ساحة العملية السياسية قد اتفقت بعد خلافات مريرة صاحبتها عمليات قتل لمئات الالاف من العراقيين على تشكيل لجنة لتعديل بعض فقراته المهلكة للعراق وشعبه لكنها لم تغيير حرفا واحدا رغم
مرور سنوات عدة على تشكيلها . ولا يوجد سياسي من سياسي الاحتلال بما فيهم نوري المالكي الا ويقر بوجود ثغرات مدمرة في الدستور إلا انه لم يقدم على تغييرها بل ظل يعمل بها حصريا وينفذها بحذافيرها ويحميها!!! اثمرت العملية السياسية والدستور ثمارا مرة كمرارة الحنظل للعراق وشعبه منها على سبيل المثال لا الحصر: -1توزيع مؤسسات الدولة كوزارات وبرلمان ووظائف ضمن محاصصة طائفية تمثل في حقيقتها فتائل مشتعله لم ولن تنطفئ بين المتحاصصين والمتطلعين للحصول على لقمة من قصعة الحكم ونفذت مع الزمن والجهد الموجه الى عموم الشعب . لم تقتصر نتائج هذا التشرذم على تحويل العملية السياسية وأطراف الى قنابل ومفخخات وكواتم صوت تقتل وتصفي جسديا بعضها البعض بل وتنجز عمليات الموت والاعتقالات والتهجير وقطع الارزاق على عموم الناس. ان العملية السياسية المخابراتية قد صممت لذبح العراق وقد مضت بمنهج الذبح بسبل ووسائل مادية وسياسية واجتماعية ودينية وطائفية وعرقية. -2تطبيق قانون اجتثاث البعث الذي حول فيما بعد تجنبا لعار التسمية الى ما يسمى قانون المسائلة والعدالة الذي نالت فقراته العدائية الشوفينية ملايين من العراقيين بصيغ تصفية جسدية وصيغ اضطهاد وظلم وتعسف اخرى معروفه. ان الغاء عراقية قرابة 5 مليون عراقي وغوائلهم كان وسيبقى معضلة انتجها الاحتلال وتبناها ازلام الاحتلال. -3فشلت العملية السياسية وأدواتها في اعادة الخدمات الاساسية التي تمثل ركائز عضوية من ركائز تعريف الدولة فالعراق بلا كهرباء ولا خدمات ماء منتظمة وبلا خدمات بلدية وتعثرت على نحو خطير سلة غذاء العائلة العراقية عبر الوقف الفعلي لتوزيع مفردات البطاقة التموينية. -4هدرت وما زالت تهدر اموال طائلة عبر منظمات المنتج الاحتلالي بين نهب وسلب الشركات الاحتكارية لثروات البلد وبين منظومات الفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي التي سادت عبر السنوات العشر الماضية . ان الفساد الذي ميز حقبة ما بعد الاحتلال اخطر من الاحتلال ذاته لأنه هدم اخلاقيات الدولة وأضاع الانسان في متاهات التقاطع مع
روح المواطنه والدين معا. -5ان الغاء تشكيلات الجيش العراقي والقوات المسلحة الاخرى عبر عملية الحل قد القت بمئات الالاف من الضباط القادة والذين افنوا اعمارهم في خدمة الوطن والأمة . وهؤلاء الرجال ومعهم كوادر ادارية وعلمية وفنية وصناعية وطبية وهندسية قد تحولوا الى مواطنين مع وقف التنفيذ يطاردهم الموت والتجويع والاعتقال والتهجير في اضخم عملية ثأر نازية عرفها تاريخ العالم. -6تدهور التعليم ومكوناته العضوية وانحدرت الكفاءات الاكاديمية الى حضيض يتعارض مع حقبة ازدهار شهدها قبل الاحتلال شهد عليها العالم وكل منظماته وانحدرت المنظومات الصحية وخدماتها هي الاخرى بما شكل بؤرة ردود فعل لم ولن تنقطع. -7الانتخابات التي اجريت قطعت اوصال العراق ميدانيا عبر عملية التحشد المناطقي والطائفي للاعبين في ساحة العملية السياسية . والدستور اقر عمليا ما يسمى بالفيدرالية وحق اقامة الاقاليم. -8استحوذ حزب الدعوة وحلفاءه على القرار السياسي والاقتصادي والأمني وهمشت الاطراف المتحاصصه تدريجيا وانحدر النظام الى نظام ازمات عرقية مرة وطائفية مرة اخرى. هذه هي صورة العراق الجديد الذي انتجه الاحتلال . وهو عراق مقسم عمليا رغم التمسك الشكلي بما يسمى بالحكم المركزي . ومقابل هذا كله هناك ارادة جماهيرية ظلت متمسكة بالوحدة الوطنية وتحاول اصلاح ذات البين لتعيد العراق الى وحدته والى شمولية تعامل الحكومة مع العراقيين بالتساوي وذلك عبر المقاومة المسلحة او الاحتجاجات السلمية. لقد كانت نهاية عام 2011 بداية لمحنة جديدة يعيشها شعب العراق وهي محنة استلام الاحزاب والمليشيات الطائفية التابعة لإيران زمام الملف الامني كاملا بعد هروب الامريكان من العراق واتجاهها لفرض الهيمنة الايرانية كاملة على الاجزاء الغربية والشمالية من العراق التي ضل نفوذ ايران وأحزابها فيها قليل ضيق.
جنوب بغداد احتلته ايران عام 2003..... والجزء المحتل تعرض لعملية تفريس ممنهجة تشبه فرنسة الجزائر مثلا. فالجنوب كان هو منفذ القوات الغازية من الكويت واليه دخلت الاحزاب والمليشيات الايرانية بعد ان سمحت لها القوات الغازية ومنها فيلق بدر وميليشيات الدعوة وحزب الله والمجلس الاعلى وفرق الموت . والى الجنوب دخل قرابة اربعة ملايين مستوطن ايراني . وفي الجنوب تمت تصفية مئات الالاف من العراقيين الوطنيين الاحرار بعمليات قتل اجرامي وفرضت قبضة ارهاب فارسي امريكي بريطاني متوحشة ضد اهل الجنوب لتطويعهم وإخضاعهم للاحتلال الايراني. واستخدمت المرجعية الايرانية ممثلة بالفارسي علي السيستاني لعمليات خداع ديني وطائفي منظم يحاول تسويغ الاحتلال ويطبع لعمليته السياسية المجرمه. بعد الاحتلال صار الاعلام ومنتجاته المختلفة ينظر الى الوضع في العراق بعين واحدة هي العين التي تروج وتمتدح وتبجل وتثقف نتائج الغزو والعملية السياسية المخابراتية المجرمه بحق العراق وشعبه. الاعلام كله امريكي او متامرك حمل اهداف تعزيز الغزو ومنتجاته وتسويغ الفوضى والقتل وبث مفاهيم الطائفية والعرقية والإرهاب وروح التجريم اللااخلاقية للعراقيين ونظامهم الوطني . وهكذا صار العرب يرون العراق من خلال ما تبثه امريكا وقواتها وإدارتها الاحتلالية ومن خلال ما يروج له ويتبناه من جلبهم الاحتلال وسلمهم ألسلطة. ومن نافلة القول ان نذكر ان النظام العربي في جله كان مع خطة الغزو والاحتلال وبالتالي فقد ساهم ولا يزال في تغييب ارادة الشعب العراقي وتبني الترويج للطائفية وكان العراقيين هم من انجبها وعشق ترويجها. ان الصراع الحقيقي الان في العراق هو بين الحكومة وأدواتها المسلحة من جهة وبين الشعب العراقي من جهة اخرى تتقدمه محافظات العراق التي اراد الله سبحانه ان تبقى اكثر نقاء من تدنيس الاحتلال الفارسي بشكل خاص ولم تخسر حاضنتها الوطنية والقومية كما حصل في الجنوب . وان الثورة عراقية شاملة وأهدافها تحرير العراق وفرض ارادة الشعب التي تبنتها التظاهرات والاعتصامات السلمية التي هي حقوق طبيعية تريد انهاء
مظاهر الاضطراب السياسي والاجتماعي بتغيير الدستور وإلغاء القوانين النازية ومنها اجتثاث البعث وقوانين الارهاب التي تستهدف كل عراقي حر شريف وإطلاق سراح سجناء المخبر السري وهم بمئات الالاف ومحاسبة مغتصبي نساء عراقيات في السجون. كيف نرى الحل... الصراع لن ينتهي بين الشعب وقواه الوطنية والقومية والإسلامية غير التكفيرية إلا بتحرير العراق وإنهاء العملية السياسية الاحتلالية . ونحن نرى ان الحل ستنتجه المقاومة المسلحة البطلة وشعب العراق المساند لها طال الزمن او قصر . فالعملية السياسية هي ارادة الاحتلال ومنهجه في الاطار المدني وسيجبرها شعبنا على الهب كما اجبر القوات الغازية على الهرب المهين
الى هنا انتهت رساله صديقي الدكتور كاظم , بالمناسبه هو بعثي عراقي حتى النخاع .ويفتخر بذلك حتى الأن , رغم أنه يعيش مطاردا خارج حدود وطنه .
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق