وليد الحديثي
ليس غريبا على المتابع البسيط للاحداث التي تجري في وطننا العربي, تلمس عمليات التدمير والاقتتال وتخريب البنى التحتية الى جانب الخراب والتفكيك في البنى الاجتماعية وتحويل بلداننا الى مشاريع طائفية بعدما كانت تعيش في ظل وحدة وطنية, رغم بعض الملاحظات التي تشير الى ان قسوة الحكام كانت سببا في فسح المجال للتغلغل الدولي, الى جانب طبيعة المشاريع الفارسية والصهيونية والامريكية والتي استثمرت هذه الهنات في النظام العربي الرسمي, وجندت امكانياتها في زرع بوادر الفتنة في ارجاء الوطن العربي الواسع ولا استثني اي قطر، مع الاقرار بتفاوت حجم التدخل والضرر من قطر لآخر.
ويقر كل المحللين والمتابعين ان خندق امريكا واسرائيل هو خندق واحد, ويخضع لفلسفة العداء للعرب وتكريس الوجود الصهيوني على الارض العربية في فلسطين والجولان, وهذه الصورة معروفة ولا جدال حولها, فالعدو مكشوف ومعروف وعبر عقود من السنيين تعاني المنظومة العربية الرسمية والشعبية من هذا الاستحواذ.
وفي الجانب الاخر نجد ان المشروع الفارسي بقيادة ولاية الفقيه, يشكل خطرا اكبر من المشروع الامريكي– الصهيوني كونه يتداخل مع خندقنا وفي عدد من دولنا العربية تجد من يروج له ويهلل لانجازاته، فقد صنعت ايران لنفسها أذرعاً في كل الوطن العربي تروج للطائفية, وفي بعض من الاقطار مثل العراق واليمن والبحرين وحتى السعودية اصبحت لديها اذرع عسكرية تقاتل عنها بالنيابة وتتدخل بشكل سافر في الشان الداخلي الوطني العام, وبدلا من ان تتوجه ايران الى العالم لدعوة الناس من غير المسلمين للدخول الى الاسلام عملت ولاية الفقيه على الانتشار والتوسع في الاقطار العربية والافريقية لفرض مبدأ التشيع الصفوي من خلال استغلال فقر الفقراء وخاصة في مصر والمغرب العربي وبلدان افريقيا الأخرى وفي اقطار اخرى من العالم الواسع.
لم تكن سياسة ولاية الفقيه في سوريا والعراق وليدة العقد الاخير, بل هي منذ ايام الشاه حيث عمل الشاه على غزو أقطار الخليج العربي من خلال التجار واموالهم ونسائهم, واستغلال الحياة البسيطة التي كانوا يعيشونها قبل ان تتحول تلك البلدان الى ثروة مخيفة ومؤثرة في عالم الاقتصاد, وكان ذلك مشروعا ايرانياً فارسياً بامتياز, واستمر هذا المشروع بعد مجيئ خميني الى السلطة, وهنا بدأت عملية التسلل الى الجسد العربي ضمن منظومة متكاملة سياسية – دينية – اقتصادية لتشكل الخطر الاكبر على واقع امتنا العربية.
ما نعيشه اليوم من تدخل مباشر من قبل ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن يدعونا الى العمل العربي المشترك على المستويين الرسمي والشعبي واطلاق مشروع يقف بوجه هذا التدخل السافر والمفضوح والعمل على اقامة منظومة عسكرية واقتصادية مع استراتيجية اعلامية عربية للوقوف بحزم ضد ايران وولاية الفقيه, لان ايران تعيش الان في فترة سيئة جدا لا تمتلك غير ابواقها الاعلامية ومن يروج لها من بعض العرب , وان حلقاتها غير الذي نراه ونسمعه في الاعلام.
أحدثت الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية، التي دكت أهدافا إستراتيجية في قلب العاصمة السورية، هلعا لدى القيادتين العسكرية والسياسية في إيران، ذلك أنها مباغتة وصاعقة من حيث عوامل الزمان والمكان والتأثير. وهناك رأي اخر في ذلك ان هذه الضربات ما هي الا اشارة لإيران من ان المصالح المشتركة قد اصابها بعض التجاهل وعليه وددنا التنبيه.
وان كان الامر غير هذا وذاك فإننا نتوسم بإيران الثورة ان ترد على هذا الاعتداء الصهيوني الغاشم وبأي طريقة وفي اي مكان ومن أي زاوية، على اقل تقدير لتحافظ على ماء وجهها ووجوه حلفائها والتابعين من الذيول والقاذورات وخاصة في المنطقة الغبراء العوراء من ارض العراق المستباحة.
ايران اليوم منشغلة في صراع داخلي بين تحالف الإصلاحيين من جهة وبين كتيبة المحافظين الذين يستحوذون على السلطة في أهم المفاصل الحيوية في الدولة من جهة أخرى، فضلا عن التيار الثالث الذي يتزعمه الرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد، والذي يسبب لخامنئي شخصيا صداعا مزمنا منذ أن أعلن عن ترشيح صهره ومستشاره إسفنديار رحيم مشائي لانتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في حزيرن المقبل.
والسؤال المطروح الان: هل هنالك اتفاق ايراني– اسرائيلي على هذه الضربة لقتل المزيد من ابناء شعبنا العربي السوري؟
وهل لهذه الضربة دور في تحويل الانظار عما تقوم به ايران من تحشيد لحرسها في مواجهة ثورة العراقيين ضد الظلم والاستبداد لتوابع ولاية الفقيه في العراق؟
وهل ان ايران تريد ان تخفف الضغط عليها من قبل الشارع الايراني, وتمرر عملية الاستهداف هذه من انها استهداف لثورتهم وبذلك تبرر اي اعمال تعسفية ضد الشعب الايراني قبل الانتخابات؟
اسئلة عليها الف علامة استفهام
فهل ستقبل إيران أن تُضرَب على “قفاها” وتكتفي بـ “الاستعداد بتجهيز وتدريب الجيش السوري والمشاركة في القتال الدائر في سوريا” الى جانب تحشيد قوتها العسكرية في العراق والعمل على ضرب المتظاهرين واستمرار مسلسل السيارات المفخخة التي تقتل ابناء العراق؟ أم سيكون لها موقف آخر؟
هذا ما ستكشفه الأيام!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق