موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

تعيين نيكلسون مفوضة تجارية: حقوق الانسان أم عقود النهب؟

البارونة تحضر مؤتمراً في طهران
قبل سنوات
وجهات نظر
هيفاء زنكنة
أعلنت الحكومة البريطانية، يوم 31 كانون الثاني/يناير الحالي، تعيين البارونة أيما نيكلسون مفوضة لرئيس حكومة المحافظين لزيادة التجارة والتعاون الاقتصادي بين المملكة المتحدة والعراق. تعليقا على التعيين صرحت نيكلسون بان العراق يتمتع ‘باقتصاد حيوي ومزدهر وداعم كبير للصناعة والتجارة البريطانية.. علينا أن نضمن أن المملكة المتحدة تفهم هذا وتستفيد من الفرص الهائلة التي يعرضها علينا العراق’. فمن هي البارونة أيما نيكلسون ولم اختيارها، دون غيرها، لهذا المنصب المهم تجاريا واقتصاديا والذي باركه السفير البريطاني لدى العراق، سايمون كوليس قائلا بان ‘نيكلسون ستجلب ثروة من الخبرة في العمل في العراق من خلال دورها كرئيس تنفيذي للمجلس التجاري العراقي- البريطاني المشترك، وان تعيينها سيعزز العلاقات التجارية بين بلدينا’؟ وهل دورها في المجلس التجاري هو الذي حدد مسألة تعيينها؟ 

المعروف عن أيما نيكلسون أن اكثر نشاطاتها، فيما يخص العراق، تمركزت، منذ فترة الثمانينات، على ما يمكن تصنيفه تحت مسمى حقوق الانسان. أقول ‘تحت مسمى’ حقوق الانسان، لأن حملاتها، منذ بداياتها، اتسمت بخلط الحقيقة بالاكاذيب والاكاذيب بالتضخيم الهائل.

ولعل اقرب ما يمكن تشبيهها به هو صورة وزير الخارجية الامريكية السابق كولن باول وهو جالس في الامم المتحدة مفبركا سيناريو اسلحة التدمير الشامل كسبب رئيسي لشن الحرب على العراق.
الا ان نيكلسون تختلف عن كولن باول. ففي الوقت الذي تراجع فيه كولن باول، بعد استقالته، عن تصريحاته عن اسلحة الدمار الشامل، نجد ان نيكلسون لا تزال تواصل سيرورتها المثيرة للكثير من التساؤلات لتحصد ثمار تهويلاتها وفبركتها. ولعل افضل مثال على عملها في مجال ‘حقوق الانسان’ العراقي، تأسيسها مؤسسة ‘عمار’، عام 1991، من اجل ‘الدفاع عن العراقيين المضطهدين لمشاركتهم في انتفاضة 1991 بجنوب العراق ضد النظام، الدفاع عن سكان الاهوار في جنوب العراق ضد سياسة الحكومة العراقية العاملة على تجفيف الاهوار، والمطالبة بتغيير النظام العراقي لأن من يحكمه مجرم حرب يستهدف المواطنين ويحرمهم من حقوق الانسان’. هذا هو ملخص ما كانت المؤسسة تنشط من اجله، اعلاميا على الاقل، على مختلف المستويات، بضمنها جمع التبرعات بمبالغ كبيرة والعمل الدؤوب على حث الادارة الامريكية والحكومة البريطانية والدول الاوروبية على اسقاط النظام العراقي باي شكل كان.
وكانت ايما نيكلسون واحدة من اكثر البرلمانيين البريطانيين حماسا وتأثرا في ‘فضح جرائم نظام صدام’ جنبا الى جنب مع زميلتها النائبة العمالية آن كلويد التي فبركت كذبة ماكنة فرم معارضي صدام في سجن أبو غريب، عشية تصويت البرلمان البريطاني على قرار غزو واحتلال العراق

المفارقة في مسألة دفاع البارونة نيكلسون عن ‘حقوق الانسان’ في العراق، وقد يقول قائل بانها كانت نبيلة في حملاتها، اختيارها الصمت المطبق، كما لو اصابها خرس مفاجىء، حول كل انتهاكات حقوق الانسان الجسيمة، واليومية، التي يعاني منها كل المواطنين، تحت الاحتلال وحكوماته المتعاقبة. فبينما كانت متحدثة، لبقة، لا يجاريها احد حماسة وعاطفة، عند الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان تحت نظام صدام حسين. ولم تكف يوما عن اعطاء المقابلات التلفزيونية وحضور المؤتمرات وتوفير المجال لـ ‘المعارضة’ للحديث في البرلمان البريطاني والاوروبي، نراها، بعد الغزو، صامتة ازاء حملات الاعتقال والتعذيب، ازاء حملات القتل وقلة الأمان، ازاء الطائفية وانعدام حرية الرأي، ازاء اغتيال وهجرة العلماء والاكاديميين والاطباء، وازاء الفساد الذي جعل العراق يحتل قمة قائمة الفساد في العالم كله. أو لعل هذا ما كانت ترنو اليه؟
انها صامتة ازاء جرائم المرتزقة والميليشيات واعتقال النساء والاعتداء عليهن واغتصابهن في معتقلات وزارة الداخلية والدفاع في ظل نظام يرأسه أمين عام حزب الدعوة (الحزب الذي عملت معه نيكلسون في نشاطها للدفاع عن حقوق الانسان العراقي). والمفارقة الأدهى انها كانت صامتة ازاء استخدام قذائف اليورانيوم على العراق ككل، واستخدام اليورانيوم مع الفسفور الابيض على الفلوجة. وهي صامتة ازاء الزيادة المرعبة في امراض السرطان والتسمم والتشوهات الخلقية لدى الاطفال، التي لم يعد هناك شك في مسبباتها، والتي يعتبرها الكثير من الحقوقيين والعلماء والاطباء جريمة ضد الانسانية
وبينما كرمها نوري المالكي في 24/ 1/ 2008 بتعيينها مستشارة فخرية له للشؤون الصحية، هاهو رئيس وزراء الحكومة البريطانية يكرمها بمنصب يتناسب مع نشاطاتها التجارية المكثفة، بعد الغزو. وكان الصحافي علي عبد الامير عجام، قد وصف نيكلسون في مقالته ‘ايما نيكلسون: الثمن البخس لبارونة’، بانها: ‘لم تعد سوى مجرد سمسار لشركات النفط البريطانية، بين قادة حزب الدعوة الحاكم ممن كانت بريطانيا ساحتهم ‘النضالية’ ضد ديكتاتورية صدام، بل هي تقدم خدمات الدعاية والترويج لاولئك القادة في 10 داوننغ ستريت (مقر رئيس الوزراء البريطاني) وغيره من مكاتب السلطات البريطانية فضلا عن مراكز قرار أوروبية وغربية لا تبدو غريبة عن كارتلات النفط الكبرى في العالم’. 
ويجدر بنا أن نسجل أن دائرة علاقات المستشارة العراقية ايما نيكلسون ليست مقتصرة على مركزالسلطة بل تتسع لتشمل جميع حلقات المستفيدين من إحتلال العراق ونهبه، كما في الحقائق التالية عن إستقبال البارونة في مجلس النواب العراقي عام 2007، وهو العام الذي سبق إعتراف الإحتلال بعجزه عن قهر المقاومة العراقية، وسبق تعيينها مستشارة للمالكي. وقد جاء ذكر الحقائق مع معلومات اخرى عن البارونة في موقع غار عشتار الالكتروني.




خلال جلسة البرلمان الثانية عشرة في 3 -10-2007 وفي الساعة (11:30) صباحا وغاب عنها رئيس المجلس محمود المشهداني لأسباب لم يعلن عنها ألقت نيكلسون كلمة أمام أعضاء المجلس أعربت فيها عن تقدير ودعم برلمان الاتحاد الأوروبي لمجلس النواب والحكومة العراقية في هذه الظروف التي يمر بها العراق. وأشارت إلى تدعيم الحوار السياسي بين مجلس النواب والبرلمان الأوروبي وأكدت على دعم دخول العراق في مبادرة العهد الدولي وفي ختام كلمة البارونة اقترحت إنشاء منتدى برلماني مشترك بين مجلس النواب وبرلمان الاتحاد الأوربي. من جانبه ثمن النائب الأول لرئيس مجلس النواب خالد العطية جهود البارونة ايما نيكلسون على جهودها السابقة لدعم الشعب العراقي.
كما شكر النائب فؤاد معصوم وباسم ‘كتلة التحالف الكردستاني’ البارونة على جهودها في مجال حقوق الإنسان وتصديها لدكتاتورية النظام السابق وعلى مواقفها الداعمة للعملية السياسية مؤيدا اقتراحها إنشاء منتدى برلماني مشترك بين البرلمانين العراقي والأوروبي. كما أشاد النائب عن الائتلاف الشيعي جلال الدين الصغير باسم المهجرين العراقيين جهود البارونة أيام النظام السابق وخاصة في منطقة الأهوار مؤيدا مقترح البرلمانين
وطالب النائب إياد السامرائي من جبهة التوافق السنية بعد أن شكر جهود البارونة في دعم الشعب العراقي بالاستمرار بدعم مجال حقوق الإنسان في العراق والمؤسسات العراقية.
وعبر النائب حميد مجيد موسى الأمين العام للحزب الشيوعي عضو القائمة العراقية عن اعتزازه بما قدمته البارونة مؤكدا على عمق الصداقة معها. وباسم الكتلة النسوية في مجلس النواب رحبت النائب سميرة الموسوي بالبارونة معربة عن تقديرها وجهودها في دعم المرأة والطفولة في العراق.
وأشارت النائب ميسون الدملوجي عن القائمة العراقية إلى الحضور والمواقف المتميزة للبارونة في الشأن العراقي ولا سيما في مجال حقوق الإنسان والمرأة وقالت ونحن اليوم كنساء نطالبها بالوقوف معنا وأن لا تتخلى عنا’.
ان تعيين ايما نيكلسون في منصبها الجديد يتماشى ، في الحقيقة، مع مجمل مواقفها السياسية تجاه العراق المرتدية قناع الدفاع عن حقوق الانسان. انها تستثمر علاقتها الحميمة بمسؤولي ‘العراق الجديد’ للقيام بدور الوسيط بين حكومة ساهمت في احتلال العراق ونظام قمعي طائفي فاسد يرتكب، منذ توليه السلطة، انتهاكات ومجازر لا تليق الا باصدقاء تجمعهم شراهة الاستغلال. ان ايما نيكلسون حين تتغاضى عن جرائم النظام العراقي وحكومتها فلأنها مشغولة عن حقوق الانسان بحصد ثمار مشاركتها في تسويق الغزو وتبريره ‘انسانيا’، لا لأنها صديقة الشعب العراقي كما بات يهلل ساسة النظام ترحيبا بتعيينها



ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..