موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 15 فبراير 2014

في العراق: حقوق شعب وعقوق حكام

وجهات نظر
علي الكاش
منظمة العفو الدولية والتي يطلق عليها (آمنستي انترناشونال) وزميلتها مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) من أهم المنظمات غير الحكومية في العالم والتي تعوِّل على تقاريرهما لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وتمتلك كلاهما وكالات ومكاتب في معظم دول العالم، ولهما نشطاء في مجال حقوق الإنسان يزودانهما بتقارير مفصلة عن الإنتهاكات التي تقوم بها الحكومات ضد مواطنيها، علاوة على المتبرعين بتقديم تلك المعلومات من المواطنين الذين يرفضون السياسات التعسفية لحكوماتهم منطلقين من وازع ديني أو وطني أو أخلاقي أو موقف معارض للحكومات التي تنتهك حقوق مواطنيها وتخرق الدستور الذي وضعته بنفسها لإدارة الدولة. ولكن المنظمتين لا تأخذان بالتقارير على علاتها وهِناتها دون تمحيص، وإنما تدققان المعلومات وتتحريان عنها، وتعززان مصداقيتها من مصادر أخرى.

تصدر المنظمتان تقريرا سنويا مفصلا حول حقوق الإنسان في جميع دول العالم حول مؤشر الإنتهاكات الحكومية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وكذلك التغيرات السلبية أو الإيجابية التي تطرأ على مواقف تلك الحكومات، ومدي إستجابتها لنداءات المنظمتين للكشف عن الإنتهاكات والإستجابة لطلباتهما في فك ألغاز الإختفاءات القسرية والسجون السرية وغيرها. علاوة على إصدار تقارير شهرية ودراسات وكراسات تتعلق بنشاطاتهما في مجال حقوق الإنسان. وبسبب تزايد أهمية ودور المنظمتين غير الحكوميتين إضافة الى تمثيلهما في إجتماعات الأمم المتحدة، وجدت الحكومات أنه لا مناص لها من التعاون معهما وإلا إزدادت الأمور سوءا. وغالبا ما توجه المنظمتان النشطاء في مجال حقوق الإنسان بالكتابة الى رئيس الدولة او رئيس الوزراء او وزيري الخارجية وحقوق الإنسان للكشف عن حالات تعسفية أرتبكتها القوات الأمنية، وتتابعان ردود فعلٌ تلك الجهات على رسائل النشطاء وتدون في تقاريرهما السنوية سواء كانت إيجابية أو سلبية.
خلال النظام الوطني في العراق، الذي أنتهى بالاحتلال الأميركي، كان التعامل مع منظمات حقوق الإنسان في بداية الأمر يتصف بالجفاء، وعدم الرد على تقاريرها وعلى الألوف من الرسائل التي كانت ترسل من قبل النشطاء بإيعاز من المنظمات وتعنون الى السيد رئيس الجمهورية، يرحمه الله، أو السيد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، حينها، السيد طارق عزيز، فكَّ الله أسره.
وسبب الجفاء إنه غالباً ما تكون مصادر تلك المعلومات هي (المعارضة) العراقية في الخارج وهي معروفة بعمالتها وعدم أمانتها في الجانب المعلوماتي.
كانت (المعارضة) العراقية تتشدق دائما بتقارير تلك المنظمات وتؤكد مصداقيتها وتتخذها ذريعة للتهجم على النظام الوطني سواء كانت المعلومات صحيحة أو ملفقة. وتمت مناقشة موضوع التعامل مع تلك المنظمات، سيما منظمة العفو الدولية ومراقبة حقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان التي كان يرأسها السيد أديب الجادر، على أعلى المستويات الرسمية في العراق، وتمخَّضت الإجتماعات عن تشكيل قسم حقوق الإنسان في وزارة الخارجية العراقية لمتابعة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمنظمات المعنية في مجال حقوق الإنسان، وفتح الحوار الجدي معها. من ثم شُكلت بعدها دائرة حقوق الإنسان في الخارجية العراقية برئاسة عدد من السفراء.
هذا لا يعني بأن النظام الوطني كان مثاليا 100% في مجال حقوق الإنسان، سيما إنه خرج من حرب طويلة أعقبتها حروب أشد ضراوة وحصار ظالم لم يكن له مثيل في التأريخ، ومحاط بدول لا تملُّ ولا تكلّ عن حياكة الدسائس والفتن سيما جارة السوء الشرقية، وأعداء في الداخل يتربَّصون بالنظام بشراسة وينفذون أجندات أجنبية بكل وضوح.
من يطَّلع على تقارير المنظمات الدولية يجد إن الإنتهاكات التي تسجلها، لا تقتصر على دول العالم الثالث فحسب، بل هناك تقارير عن حالات إنتهاكات لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا والدول الإسكندنافية، لكنها بالطبع بمستويات محدودة ولا تقارن بالعالم الثالث.
ويكفي الإشارة إلى الجرائم التي قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق خلال الغزو الأخير، فهي شاهد حي على إنتهاكات حقوق الإنسان العراقي من قبل دول عظمى تتشدق بحقوق الإنسان في المحافل الدولية.
المهم في الموضوع ان (المعارضة) العراقية في الخارج كانت تعوِّل على تقارير هذه المنظمات للإساءة للنظام الوطني، وتستغلها على نطاق واسع، بل قام المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بوضع أحد العملاء العراقيين (عبد الصاحب الحكيم) في جنيف (المقر الأوربي للأمم المتحدة) لمتابعة إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق والتحرك على الوفود المشاركة في المؤتمرات الدولية وتزويدها بتقارير ضد النظام الوطني، وكان الحكيم يتعاون، أو يتخادم، مع الحكومة الإيرانية التي لم يكن حالها أفضل من العراق في مجال حقوق الإنسان، ويزودها بالتقارير وتحركات ونشاطات الوفود العراقية المشاركة.
ما إن تصدر المنظمات تقريرا عن العراق حتى تتناوله (المعارضة) العميلة بسرعة البرق وتنشره على أوسع نطاق ممكن، وتنبِّه عليه الرأي العام وتحشِّده للطعن في النظام. فقد كانت مصداقية هذه المنظمات عند المعارضة العراقية خط احمر لا يمكن تجاوزه او الشك في مصداقية معلوماتها. مع العلم ان الذي كانت تذكره المنظمات عن الإنتهاكات في العراق كان كلاماً مرسلاً من السماء وليس من أفواه البشر.
هكذا كانت نظرة (المعارضة) العميلة لمنظمات حقوق الإنسان حينذاك. لكن هل إستمر الحال بعد أن تسلم العملاء (المعارضون) دفة الحكم من ربان البيت الأبيض السابق جورج بوش؟ وهل بقيت مصداقية المنظمات الدولية كما هي في نظر (معارضة) البارحة وحكام اليوم؟ سيما إن المنظمات مستمرة على نفس النهج في ترصّد الإنتهاكات ولم تغيره.
هذا ما سيتوضح في آخر تقرير لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الذي أشار الى واقع التعذيب والإغتصاب للماجدة العراقية المعتقلة في باستيل المالكي وفروعه المتعددة في أرجاء العراق الديمقراطي جداً. ولا نظن إن أحداً من (المعارضين) السابقين والحاكمين الحاليين يمكن أن يدعي بأن زوجاتهم وبناتهم وخواتهم قد تعرَّضن للإغتصاب بجريرتهم في زمن الحكم الوطني على أيدي رجال الأمن خلال التحقيق أو بعده، وإن كان فليصرِّح أحدهم بذلك ويسكتنا!
كما إن المنظمة الدولية أشارت إلى حالات تعذيب رجال خلال الحقبة السابقة، وليس نساء عُذبنٌ في السجون، ولم تتحدث في تقاريرها عن حالات إغتصاب لسيدات في السجون من قبل المحققين ورجال الأمن. ولا عن سيدات إعتقلنٌ بجريرة معارضة أقاربهن للنظام الحاكم. الكثير من العراقيين لديهم أقارب أو يعرفون بعضاً من عوائل (المعارضين) السابقين، فقد كانوا يعيشون بسلام في العراق دون كثير مضايقات، بل بعضهم كان يتبوأ مناصباً مهمة في الدولة ومنهم وزراء ومدراء عامون وسفراء.
ورد في تقرير المنظمة الذي غطّى الفترة بين كانون الأول 2012 وآذار 2013 مستنداً إلى زيارات ميدانية لسجون دولة القانون العلنية وليس السرية بالطبع، ومقابلات لعدد من المعتقلات، والإطلاع على حالات السجينات الصحية، ومقابلات مع مسؤولين عراقيين، ولقاءات أخرى مع سيدات يعملنَ في السجون، حيث يذكر التقرير أن عدد السجينات يزيد عن (4200) سجينة جميعهن من أهل السنة ماعدا (57) إمرأة شيعية فقط! أي حوالي (13) نساء من الشيعة مقابل كل (1000) إمرأة من أهل السنة! وهذا يبين كذب المالكي الذي صرَّح بأن المعتقلات لا يتجازونَ المائة.
وأكدت المنظمة بأن" العديد من النساء تعرضن للاحتجاز طوال شهور أو حتى سنوات دون اتهام قبل العرض على قاض، وأن قوات الأمن استجوبتهن بشأن أنشطة أقارب لهنَّ من الذكور، وليس بشأن جرائم تورطنَ فيها هنَّ أنفسهن."
وعن نوع التعذيب ذكرت المنظمة بأن العديد من المعتقلات "تعرضن للتهديد بالاعتداء الجنسي أو الاعتداء الفعلي أمام الزوج أو الأشقاء أو الأطفال في بعض الأحيان". وأفادت سيدتان بأن الاعتداء الجنسي من حراس السجن أدى إلى حملهما. وذكرت عاملة بأحد سجون النساء  إننا نتوقع تعرضهنَّ للاغتصاب من قبل الشرطة وهنَّ في الطريق إلى السجن. علاوة على تعريضهنٌ للصدمات الكهربية والحرق بإعقاب السجائر، وتعليقهن من أقدامهنُ (الفلقة) وغيرها."
ذكر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة مراقبة حقوق الإنسان جو ستورك "لقد أدت هذه الإساءات إلى غضب دفين وافتقاد للثقة بين طوائف العراق المتنوعة وقوات الأمن. والعراقيون جميعا يدفعون الثمن."
وقد تزامن مع تقرير المنظمة تقرير آخر نشرته صحيفة التليغراف البريطانية بتأريخ 6/2/2014 أشارت فيه بأن "الشرطة العراقية مُتهمة بإثارة التوترات الطائفية من خلال استهداف زوجات المقاومين المشتبه بهم. وذكر التقرير أن قوات الأمن العراقية تساعد على دفع البلاد نحو حرب أهلية مرة أخرى من خلال اعتقال وتعذيب زوجات الثوار المشتبه بهم".
وتأكيداً لما ورد من إنتهاكات في السجون العراقية، سبق أن زار وفد برلماني عراقي بعض السجون، وأشارت النائبة (السيدة فوزية الجشعمي) رئيسة لجنة حقوق الإنسان في محافظة بابل عن حالات التعذيب والاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها السجناء، خصوصاً (سجن الجرائم الكبرى) بقولها "هناك نوع بشع من التعذيب نراه لأول مرة في العراق، ولكوني إمرأة، فأنا لا أستطيع التحدث به وهو إسلوب جنسي يخدش الحياء". كما ذكرت ممثلة إتحاد الأسرى والسجناء السياسيين العراقيين المحامية سحر الياسري في تصريح قبل عامين بأن عدد السجناء بحدود 400 ألف بينهم 10 آلاف إمراة اغتصبت 90% منهن، إضافة الى إغتصاب الرجال والأطفال!
وذكر رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان النائب سليم الجبوري في تعليق عن تقرير منظمة  مراقب حقوق الإنسان "لم يكن التقرير جديداً في مضمونه ومعلوماته فقد قدمت اللجنة وخلال تقاريرها الفصلية السابقة ايضاحا بجميع الحالات التي وردت في التقرير وناشدت الحكومة بالإصلاحات السريعة لمعالجة الموقف كما وضعت البرلمان وجميع المؤسسات ذات العلاقة في العراق والمنظمات الحقوقية العالمية في صورة ما يحدث من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان". وأعلن بـأنه تلقى دعوة من البرلمان الأوربي لتوضيح أوضاع حقوق الإنسان في العراق، ووعد بأنه سيتحدث عن الموضوع بموضوعية وصراحة. لكننا بصراحة نشك بمصداقيته سيما بعد كل مساوئ القضاء المسيس لحزب الدعوة الحاكم، خاصة بعد ان صفه الجبوري بأنه "افضل قضاء في العالم، وهو  نزيه وغير مسيس"! تصوروا القضاء العراقي أفضل قضاء في العالم! لا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل.
إذن رئيس اللجنة البرلمانية يؤكد الوقائع التي ذكرتها المنظمة، والنواب النوّام على إطلاع تام بما يجري من تعذيب وإغتصاب في دهاليز "دولة القانون" وحكومة حزب الدعوة (الإسلامية)، ولأنهم من أهل الحج كل عام، وبسبب وطنيتهم العالية وإيمانهم الكبير بتعاليم السماء، وسمو أخلاقهم وغيرتهم وشهامتهم وشرفهم سكتوا عن تلك الإنتهاكات!
لنستمع إلى آراء المسؤولين الذي كانوا يتشدقون بتقارير المنظمة إبان العهد الوطني السابق، ويؤكدون مصداقية جميع تقاريرها، ونبدأها بأحد سماسرة المالكي وهو محمد شياع السوداني، سودٌ الله وجهه في الدنيا والآخرة، الذي تحدث إلى قناة الشرقية الفضائية يوم 6/2/2014 وتهكم على ما ورد في التقرير والنتائج التي خلص إليها بكل وقاحة وإستهتار "ان هذا التقرير يتحدث عن السجينات باعتبارهن بريئات"! فعلا وزير ينطبق عليه المثل القائل "أكلأ من غراب"! ونترك للوزير مهمة البحث عن قصة المثل! ونذكَّره بأن دعوة المظلوم على الظالم سهم دقيق الإصابة، ولا يخطئ هدفه أبدا.
أما ما يسمى بوزيرة الدولة لشؤون المرأة العلوية ابتهال كاصد الزيدي فقد كانت فعلا واجهة غير مشرِّفة للمرأة العراقية، فبدلا من أن تدافع عن النساء المغتصبات أخذت تدافع عن الرجال الذين اغتصبوهن! لا تسأل عن السبب وإبحث عن خلفية الحدث! فقد إستنفرت كل قوات الغواية الشيطانية للدفاع عن حصون الفساد والرذيلة، فكانت بفعلها أشبه ب ـ ذات النحيين".
وسيأتي اليوم الذي تولول فيه بنت كاصد ولولة النفساء.
أما ممثل وزارة الظلم وليس العدل المدعو حيدر السعدي وهو من دواجن مدحت المذموم، فقد نفى في حديث (قناة الحرة/ المجيَّرة للمالكي) تًعرض المعتقلات للتعذيب والإغتصاب، مؤكدا أن " تقرير هيومن رايتس ووتش تضمن مغالطات منها إشارتها إلى عدد النزيلات والمعتقلات"!
هل عرفتم بعد هذا أحد أسباب ثورة الأنبار؟ ولماذا طالب الثوار بإطلاق سراح المعتقلات؟
هل عرفتم بأن من بين 1000 معتقلة من أهل السنة يقابلها (13) معتقلات فقط من الشيعة، عن جرائم وجنح لا علاقة لها بالمادة/ 4 إرهاب أهل السنة؟
هل عرفتم لماذا يطالب الثوار بإلغاء هذه المادة المجحفة؟ لأنها السيف المسلَّط من قبل المالكي الإرهابي على رقاب أهل  السنة.
هل عرفتم أسباب إعتقال النساء؟ إنهن يغتصبنَ ويعذبنَ من قبل المحققين ورجال الأمن والشرطة (الساهرين على إفساد الشعب) بجريرة أقاربهنَّ من أبناء المقاومة الباسلة التي رفعت رأس العراق وأهله!
هل عرفتم الآن لماذا يكره الشعب قوات الجيش والأمن والشرطة والمخبرين السريين؟
وهل عرفتم لماذا يكره الشعب وزارة العدل وزيراً وقضاة ومحققين؟
لأن العراقيين سابقا كانوا يفزعون للقضاء بغية العدل، واليوم يفزعون منه بسبب الظلم؟


هناك تعليقان (2):

لبيب العراقي يقول...

والأعلام الغربي ساكت ولا يبث غير أخبار داعش الوهمية...
كلها مقصودة ومرسومة وبمكر وخبث

ضمير الطائي يقول...

حين سليم الجبوري وأمثاله يتكلم عن حقوق الإنسان في العراق وهو من يتكلم عن مظلوميتنا في البرلمان الأوروبي ، فهو كالعاهر الذي يحاضر بالشرف !!!
سليم الجبوري يتحدث عن حقوق الإنسان ؟!!!
بغض النظر عن اي حديث ضده ومن هو وماذا فعل ، الا يكفي أنه حزب إستسلامي لنختصر اي حديث ممكن ان يوصفه؟!!

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..