توطئة
وتنويه
لم يكن من باب الصدفة فتح
شبابيك مدينة حلبجة ثانية لتهب نسائم الحقائق على مدينة الطلاسم والرموز التي كان لها دورها
الكبير في فرض الحصار الجائر على العراق وانتهى باحتلال وتدمير وتخريب الدولة
العراقية من خلال استخدامها
كبوق
لدق طبول الحرب، ولإبعاد الروائح النتنة
المتراكمة بفعل طفيليات الانتهازية الكردية التي ألتفت على حقائق التأريخ، رغم
علمي الأكيد بأن الكثيرين
ممن
ارتضوا لأنفسهم الرهان على الحصان الأمريكي الأعرج، سوف لا ترضيهم نتيجة هذا
السباق، ولكن
من اجل الحق والحقيقة فقط، سنفتح الموضوع ثانية برؤية جديدة وانفتاح عقلي، جاهدين بالابتعاد
عن دغدغة مشاعر الأكراد القومية، والابتعاد عن أسلوب الأملاءات في مجال الرؤية والفهم، منطلقين من
قاعدة محددة بأنه لا يسوغ لأحد احتكار الصواب من طرف ما، مهما كانت أهميته أو ظروفه
الذاتية والموضوعي, ولا نبغي الإساءة إلى
الشعب الكردي الأصيل فهو من المكونات الرئيسة للشعب لعراقي, وعندما نتحدث فإنما
نقصد الحزبين الكرديين الرئيسين ومن يدور بفلكهما, وهما معروفان بعمالتهما منذ فجر
تأسيسهما وقد أساءا للشعب الكردي إساءة لا تغتفر.
كلمة( الهولوكوست)
يونانية الأصل وتعني حرق القربان بأكمله، وترجمت إلى العبرية بكلمة (الشواء) وهي بزعم إسرائيل
أن النازيين أحرقوا في معسكر(أوسفيتز) في بولندا بين عامي 1941ـ 1944 ستة ملايين
يهودي بالأفران وأبادوهم عن بكرة أبيهم، ومن المعروف أن اليهود غالباً ما يستخدمون المبدأ
الميكافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"
التي
تعني أمكانية استغلال كافة الفرص والإمكانات والوسائل المشروعة وغير المشروعة
لتحقيق أهدافهم بما في ذلك تزييف الحقائق وانتهاج المؤامرات والدسائس والفتن ومحاربة
التحرر الفكري، من خلال
تسخير
كبار الكتاب والإعلاميين وفي مختلف مجالات المعرفة للوقوف بصفهم من باستخدام فن
الإقناع أو الإغراءات المادية والشهرة، أو التنكيل بهم أن وقفوا في الصف المعارض، وهو
ما يسمى ( بالترغيب والترهيب) كما أنهم على ممر التأريخ كانوا يشعلون فتيل الفتن والحروب والدسائس،
مع نشر نزعات البغضاء
والانشقاق
والتمزق بين بقية الشعوب، من خلال خلق وتأجيج وتوسيع النزعات الطائفية والعنصرية
والمذهبية، وتشجيع الأقليات في العالم على النزعات الاستقلالية وتشتيت الشعوب والدول، إضافة إلى
تقويض العوامل الأخلاقية وغير من الأفكار التي تتبناها، لقد اقتنصت إسرائيل من
ألمانيا الغربية (70) مليار دولارا تعويضا عن الهولوكوست المزعوم, وابتزت أمريكا
والغرب وتاجرت ما استطاعت بهذه المحرقة، كما ساند الرؤساء الأمريكيون اللوبي الصهيوني بالإقرار بهذه
المحرقة الموهومة.
ويروج اليهود لمظلوميتهم
التاريخية بالاستناد إلى كثير من الروايات المفبركة ومنها ما جاء في كتاب"كرونولوجيا الجنس البشري" حيث يشير
إلى أن القائد الروماني فلافيوس سيلفا تمكن من اقتحام قلعة( الماسادا) بعد حصار شديد أستمر عدة
سنوات، وكانت القلعة ملجأ لليهود المتدينين وعوائهم، ولما دخل الرومان نكلوا بهم أشد
تنكيل، وهناك أساطير كثيرة وردت في كتاب المفكر الفرنسي روجيه غارودي" الأساطير المؤسسة للدولة اليهودية
الحديثة" الذي أثار ضجة كبيرة وحوكم المؤلف من قبل القضاء الفرنسي, وبعدها
أصدرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي قرارات تجرم كل من ينفي المحرقة اليهودية.
اللأمم
المتحدة والهولوكوست
اعتمدت الجمعية
العمومية للأمم المتحدة قرارها بالإجماع في شهر تشرين عام 2005 باعتبار يوم(27كانون الثاني من كل عام) يوماً دولياً
لأحياء ضحايا المحرقة النازية، مع تأكيد القرار لواقعية حدوث المحرقة، معتبرةً إنها حدثا
تأريخيا مهما في تأريخ البشرية، وأدانت في الوقت نفسه كافة أشكال التعصب العنصري ومظاهر عدم
التسامح الديني أو استخدام
العنف
ضد الآخرين لأسباب عرقية أو طائفية، وقد أعرب الأمين العام كوفي عنان عن ترحيبه بقرار
الجمعية، مؤكدا أن هذا الاحتفال السنوي يمثل تذكيراً متواصلاً بالدروس المستفادة من
محنة الهولوكوست، التي تعتبر شراً لا مثيل له، وأمراً لا يمكن اعتباره جزءًا من
الماضي، وأضاف عنان في بيان إنه يتطلع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ ما طلبت
به الجمعية في قرارها حول المحرقة المزعومة.
وقد أقامت الأمم
المتحدة أول
احتفالية لها بمناسبة اليوم العالمي لأحياء ذكرى قتلى الهولوكوست في معسكرات
الاعتقال النازية تحت عنوان "الهولوكوست والأمم المتحدة" بمشاركة (2000)
شخصية من الدول
الأعضاء في المنظمة وبمشاركة أعضاء من المنظمات غير الحكومية وبعض الناجين من محرقة عام
1944، وألقى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان كلمة بهذه المناسبة أشار فيها إلى
استذكار هذه الواقعة الأليمة والتي تستلزم تكثيف الجهود والمساهمات للضحايا
الأبرياء وهم بالملايين من اليهود ومن قوميات أخرى قتلوا بأكثر الطرق وحشية وبربرية، وأضاف أنان بأنه - في
تلميحه مباشرة إلى بعض الذين ينكرون المحرقة ومنهم أخيراً الرئيس الإيراني احمد
نجادي - بأن الذين ينكرون
المحرقة
فإنما "بدافع التعصب" داعياً العالم إلى رفض الادعاءات الملفقة التي
تنكر المحرقة
في أي مكان في العالم ومهما كان مصدرها، من جهة ثانية قامت الدائرة الإعلامية في
الأمم المتحدة بعدد من النشاطات، منها عقد حوارات وتنظيم أمسيات واستضافة عدد
من المختصين لإلقاء محاضرات عن الموضوع إضافة إلى معارض فوتوغرافية عديدة وعرض
لبعض مقتنيات المتحف
الإسرائيلي التاريخي الخاص بمذبحة الهولوكوست. وبمناسبة
مرور ستة
عقود على تحرير معسكرات التعذيب النازية، فقد عقدت الأمم المتحدة مجموعة من الأنشطة
الثقافية لأحياء المناسبة، والغرض منها الاعتراف بوجود الهولوكوست كحدث تأريخي مهم،
وذكر الأمين
العام للأمم المتحدة إن الذكرى السنوية ستكون تذكرة هامة للدروس العالمية للهولوكوست متعهدا
أن تقوم الأمم المتحدة بتعبئة المجتمع المدني لتخليد ذكرى الهولوكوست من أجل منع تكرار وقوع جرائم الإبادة
الجماعية, لكن من الغريب أن لا يستذكر
الأمين العام هولوكوست الحصار الاقتصادي تلك الجريمة التي ارتكبتها الأمم المتحدة
ضد الشعب العراقي والتي أودت بحياة أكثر من مليون عراقي معظمهم من الأطفال والنساء
والكهول؟
الهولوكوست والغرب
تعتبر المحرقة
من اشد أنواع التابو السياسي قوة في السياسة الدولية، من المعروف أن الألمان قدموا عام 1951 اعتذارا رسمياً
وصريحاً عن مذبحة الهولوكوست التي ارتكبت ضد اليهود والغجر،وقام ألمستشار
الألماني بعد الحرب العالمية الثانية (كونرد
اديناور) بالتعهد بتقديم التعويضات لليهود المتضررين من المحرقة، وفي زيارتها
الأخيرة إلى إسرائيل قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بوضع أكليل من الزهور على
النصب التذكاري (ياد فاشيم) الذي يشير إلى المذبحة، وذكرت أن ألمانيا في شخص ميركل تقدم
اعتذارها الجديد عن المجزرة التي ارتكبتها بلادها ضد اليهود، وهي مستعدة لفعل أي
شيء لغرض التكفير عن هذه "الخطيئة التاريخية"، مؤكدة بأن وجود إسرائيل كان
وسيبقى أحد أهم الركائز في السياسة الألمانية. وفي الوقت الذي يصر فيه اليهود على أن
هتلر أباد حوالي (6) مليون يهودي، فأن الكثير من الدول الأوربية سنت تشريعات قضائية
تحكم بالسجن والغرامة الكبيرة على كل من يتجرأ على الشك في حقيقية المحرقة، وفي
الوقت الذي زار فيه البابا يوحنا بطرس الثاني فلسطين وقدم اعتذار الأمة المسيحية
عن المذابح التي ارتكبها اليهود، وخاصة أنه من الجنسية البولندية وهم الذين
دخلوا كطرف ثاني بعد الألمان في المذابح، فأن خلفه بيندكيت السادس عشر عزم على
زيارة إسرائيل والإطلاع بنفسه
على متاحف المحرقة النازية! وتشير الصحف الإسرائيلية إلى معلومات تسربت إليها بأنه سيؤدي
مراسيم تتضمن صلاة وأدعية على روح الضحايا، وربما سيجدد الاعتذار عما حدث أسوة بسلفه
الراحل، ومن المعروف أنه أرسل عام 2004 رسالة إلى الحاخام اليهودي الأكبر طالباً
فيها التعاون المشترك والمستمر لدعم العلاقات المسيحية اليهودية، علماً أنه توجد
الكثير من المؤسسات المعنية
بالهولوكوست
في أوربا، وتشير المعلومات بأن رئيس جمعية منتدى الهولوكوست العالمية، وهو رئيس مجلس
محافظي المؤتمر اليهودي الأوربي (فياسيسلاف كانتور) ذكر بأن مجموعة من الأساتذة
الروس سيشاركون في دورة تدريبية لتدريس الهولوكوست أعدتها هيئة (ياد فاشيم)
الإسرائيلية .
أما فرنسا فقد أصدرت عام 1990 قانوناً أسمته "فابيوس جيسو " يقضي بمعاقبة كل من ينكر المحرقة وفق مقررات محكمة نورمبرغ لمجرمي الحرب لمدة لا تقل عن سنة، إضافة إلى غرامة مالية تصل إلى (300) ألف فرنك فرنسي، كما أصدرت ألمانيا قانونا عام 1993 حظرت فيه إنكار المحرقة. ويحكم على من ينكر المحرقة بالسجن لمدة 5 سنوات، وكذلك الأمر في النمسا وجنوب أفريقيا وكندا وأستراليا وغيرها من الدول، ومن نافلة القول أن هذه الدول لا تجرم من يسيء إلى السيد المسيح أو ينكر بعض الروايات المتعلقة به، لكنها تجرم من ينكر المحرقة؟ وفي عام 2000 التقى عشرين رئيس دولة في السويد، تحت يافطة ما سمي بالمنتدى الدولي حول الهولوكوست، وأكدوا فيه على ضرورة تشديد الأحكام القضائية ضد من ينكر المحرقة.
أما فرنسا فقد أصدرت عام 1990 قانوناً أسمته "فابيوس جيسو " يقضي بمعاقبة كل من ينكر المحرقة وفق مقررات محكمة نورمبرغ لمجرمي الحرب لمدة لا تقل عن سنة، إضافة إلى غرامة مالية تصل إلى (300) ألف فرنك فرنسي، كما أصدرت ألمانيا قانونا عام 1993 حظرت فيه إنكار المحرقة. ويحكم على من ينكر المحرقة بالسجن لمدة 5 سنوات، وكذلك الأمر في النمسا وجنوب أفريقيا وكندا وأستراليا وغيرها من الدول، ومن نافلة القول أن هذه الدول لا تجرم من يسيء إلى السيد المسيح أو ينكر بعض الروايات المتعلقة به، لكنها تجرم من ينكر المحرقة؟ وفي عام 2000 التقى عشرين رئيس دولة في السويد، تحت يافطة ما سمي بالمنتدى الدولي حول الهولوكوست، وأكدوا فيه على ضرورة تشديد الأحكام القضائية ضد من ينكر المحرقة.
الهولوكوست والعرب والمسلمون
كان ردود الفعل العربية
القديمة والحديثة تتأرجح ما بين الاعتراف بحقيقية المذبحة على اعتبار أنها طالت
العرب والمسلمين أيضاً الذين جاءوا في الخانات الأخيرة من تقييم هتلر للأجناس
البشرية، رغم أن الدول العربية وقفت مع هذا الداعية وتكبد العرب والمسلمون مئات
الآلاف من الضحايا بحرب ليس لهم فيها ناقة أو جمل, بل أنها عادت عليهم بتداعيات
الاستعمار الذي رزحوا تحته عقود من الزمن وما زالوا يدفعون ثمنه لحد الآن, حيث تم
تقسيم العالم أثرها إلى مناطق نفوذ للدول المنتصرة في الحرب العالم العربي إلى حصص بين الدول
الاستعمارية.
ولابد من
التنويه بالمبالغة في عدد الضحايا الناجم عن المحرقة، فقد بينت الدراسات المؤخرة في بولندا أن العدد من اليهود
الذي ذكر بأن البولنديون
قتلوهم
لا يتجاوز عددهم (250) شخصاً وليس كما زعم اليهود! وهناك من ينكر أصلا المحرقة ويقول أن الحرب
طالت الجميع بما قيهم ألمانيا نفسها، وان اليهود كانوا من أقل الطوائف التي
قدمت ضحايا بسبب هذه الحرب الكونية، مقارنة بما قدمه المسيحيون والمسلمون
وبقية الديانات من ضحايا وتدمير، وعلى كل حال فأن الأمر يخبو أحياناً تحت ظلال مشاكل
الأمتين العربية والإسلامية لفترات طويلة لحين هبوب عاصفة من دولة أو مفكر لإضرامها
ثانية،وكانت مؤخراً البالون التي فرقعها مرشد الأخوان المسلمين في مصر محمد مهدي
عاكف، والذي اعتبر المحرقة أسطورة، ورغم أن كلامه عن الهولوكوست جاء عابراً بقوله
"الديمقراطية الأميركية ليست إلا ديمقراطية القطب الواحد والعالم الواحد والوجه
الواحد الذي حمل على كل من يرى غير رؤية بني صهيون في ما يخص أسطورة الهولوكوست أو
المحرقة" والغريب أنه في الوقت الذي أاستنكرت فيه الولايات المتحدة الأمريكية
وإسرائيل مقولة المرشد، فأن العرب أكالوا له الكيلين فقد أنبرى العديد من الكتاب
المصريين والعرب، لاستهجان حديث المرشد، فمنهم من اتهمه بأنه لا يحق له الحديث بهذا
الأمر لأنه واجهة حزبية وغير حكومية وآخر اعتبر شؤون مصر الداخلية أولى بالحديث من
مسألة الهولوكوست، ومنهم من وجه إليه تهمة معاداة السامية، ومنهم من ذكر انه سيحرج ممثلي
حزبه في مجلس النواب، وغيرها من الاتهامات التي كانت أقل رحمة من اتهامات أمريكا
وإسرائيل للمرشد الإسلامي ، وقد تطور الموقف باعتذار قدمته الحكومة المصرية من
خلال صحيفة "اللواء الإسلامي" الناطقة باسم الحزب الحاكم، بعد ضغط أمريكي عبر
السفارة الأمريكية في القاهرة التي اعتبرت الكلام يدخل ضمن خانة معاداة السامية، وحمل
الاعتذار توقيع وزير الأعلام المصري، الذي اعتبر كالمعتاد أن المقال يعبر عن رأي
صاحبه وليس الحكومة المصرية.
إيران
والهولوكوست
قال الأمين
العام كوفي
عنان إنه شعر بصدمة عندما شاهد التصريحات المنسوبة إلى الرئيس الإيراني أحمدي نجادي، التي
يشكك فيها في وقوع محارق اليهود المعروفة باسم الهولوكوست، والتي يطالب فيها بنقل
إسرائيل من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
وأشار عنان إلى القرار الذي أصدرته الجمعية العامة الشهر الماضي، والذي ترفض فيه أي إنكار كلي أو جزئي للهولوكوست، كحدث تاريخي. كما نوه إلى البيان الذي أدلى به في السابع والعشرين من تشرين الأول 2005، مؤكدا فيه أن إسرائيل دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، تتمتع بما تتمتع به الدول الأخرى من حقوق، وتلتزم بما تلتزم به من واجبات، طبقا لميثاق المنظمة. ومن المعروف أن القانون الألماني يعتبر تكذيب أو إنكار المحارق اليهودية جريمة يعاقب عليها القانون، لذا انصبت الصحف الألمانية على توجيه انتقادات لاذعة على تصريحات الرئيس الإيراني، وتم تشبيهه بأدولف هتلر، بل اعتبره البعض هتلر الثاني، وطالبوا بمنع دخوله للأراضي الألمانية وعدم التعامل معه حسب اللياقة الدبلوماسية، وذكر رئيس المجلس المركزي لليهود كنوبلوخ "بالنسبة ليّ فأن نجادي هو هتلر الثاني"وسبق للرئيس الإيراني أحمد نجادي بعد أن اشتدت الأزمة النووية لبلاده مع العالم الغربي، أن اتكأ على عصا الهولوكوست لاستمالة الرأي العربي والإسلامي لصفه، مردداً آراء العديد من الغربيين في إنكار المحرقة، ومطالباً الدول التي ارتكبت المجزرة المزعومة بأن عليها فقط أن تعوض إسرائيل وأن تقيم دولة إسرائيل على أرضها كألمانيا والنمسا وليس على أرض فلسطين، وبلا شك أن الموقف الإيراني لا يتجاوز المزايدات الكلامية فمن المعروف أن الثورة الإسلامية لم تلتزم بإعادة الأراضي التي تستولي عليها والتي من المفروض أن تعيدها إلى العراق حسب اتفاقية عام 1975، كما إن الجزر العربية طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ما تزال تحت الاحتلال الإيراني منذ السبعينيات من القرن الماضي ناهيك عن عربستان ذلك الجزء المقتطع من الجسد العربي الأم علاوة على الادعاءات بعائديه البحرين لإيران ومناطق عربية أخرى لها، ومن الجدير بالذكر أن الحاخام اليهودي( إسرائيل وايس) أيد الرئيس الإيراني في دعواه، مشيرا إلي أن ما قاله" الرئيس أحمدي نجاد ليس افتراء ولا اجتراء, وإنما قال ما يؤمن به الكثير من اليهود و تنص عليه شريعتهم. وأضاف أنه تأكيدا لحسن نيات الرئيـس الإيراني, وبعيدا عما وجه إليه من اتهامات لرفضه فكرة محارق النازية, فأن الجواب الشافي علي عدم وجود عداء متأصل بداخله تجاه اليهودية, هو وجود جالية يهودية كبيرة من الإيرانيين لم يتعرض أي منهم لأذى, حتى في أشد الأوقات والظروف توترا, التي من شأنها إيجاد المبرر الكافي لإلحاق أي نوع من الأذى اتجاههم."
وأشار عنان إلى القرار الذي أصدرته الجمعية العامة الشهر الماضي، والذي ترفض فيه أي إنكار كلي أو جزئي للهولوكوست، كحدث تاريخي. كما نوه إلى البيان الذي أدلى به في السابع والعشرين من تشرين الأول 2005، مؤكدا فيه أن إسرائيل دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، تتمتع بما تتمتع به الدول الأخرى من حقوق، وتلتزم بما تلتزم به من واجبات، طبقا لميثاق المنظمة. ومن المعروف أن القانون الألماني يعتبر تكذيب أو إنكار المحارق اليهودية جريمة يعاقب عليها القانون، لذا انصبت الصحف الألمانية على توجيه انتقادات لاذعة على تصريحات الرئيس الإيراني، وتم تشبيهه بأدولف هتلر، بل اعتبره البعض هتلر الثاني، وطالبوا بمنع دخوله للأراضي الألمانية وعدم التعامل معه حسب اللياقة الدبلوماسية، وذكر رئيس المجلس المركزي لليهود كنوبلوخ "بالنسبة ليّ فأن نجادي هو هتلر الثاني"وسبق للرئيس الإيراني أحمد نجادي بعد أن اشتدت الأزمة النووية لبلاده مع العالم الغربي، أن اتكأ على عصا الهولوكوست لاستمالة الرأي العربي والإسلامي لصفه، مردداً آراء العديد من الغربيين في إنكار المحرقة، ومطالباً الدول التي ارتكبت المجزرة المزعومة بأن عليها فقط أن تعوض إسرائيل وأن تقيم دولة إسرائيل على أرضها كألمانيا والنمسا وليس على أرض فلسطين، وبلا شك أن الموقف الإيراني لا يتجاوز المزايدات الكلامية فمن المعروف أن الثورة الإسلامية لم تلتزم بإعادة الأراضي التي تستولي عليها والتي من المفروض أن تعيدها إلى العراق حسب اتفاقية عام 1975، كما إن الجزر العربية طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ما تزال تحت الاحتلال الإيراني منذ السبعينيات من القرن الماضي ناهيك عن عربستان ذلك الجزء المقتطع من الجسد العربي الأم علاوة على الادعاءات بعائديه البحرين لإيران ومناطق عربية أخرى لها، ومن الجدير بالذكر أن الحاخام اليهودي( إسرائيل وايس) أيد الرئيس الإيراني في دعواه، مشيرا إلي أن ما قاله" الرئيس أحمدي نجاد ليس افتراء ولا اجتراء, وإنما قال ما يؤمن به الكثير من اليهود و تنص عليه شريعتهم. وأضاف أنه تأكيدا لحسن نيات الرئيـس الإيراني, وبعيدا عما وجه إليه من اتهامات لرفضه فكرة محارق النازية, فأن الجواب الشافي علي عدم وجود عداء متأصل بداخله تجاه اليهودية, هو وجود جالية يهودية كبيرة من الإيرانيين لم يتعرض أي منهم لأذى, حتى في أشد الأوقات والظروف توترا, التي من شأنها إيجاد المبرر الكافي لإلحاق أي نوع من الأذى اتجاههم."
الهولوكوست في الفكر الغربي والعربي
وفقاً للقانون
الفرنسي فقد تمت
مقاضاة
المفكر المعروف روجية غارودي بعد أن نشر كتابه ذائع الصيت "الأساطير المؤسسة للدولة
اليهودية الحديثة" وغرم اكثر من (40) ألف دولار، وهو نفس الأمر الذي جرى في النمسا مع
البروفيسور روبيرفوريس الذي طرد من منصبه كأستاذ في جامعة ليون، بسبب تشكيكه بوجود
غرف الغاز المزعومة، وهو ما أنكره أيضاً الكاتب دايفيد ايرفنج في كتابه "
إنكار الهولوكوست" الذي نشر عام 1994، وكان من اشد الكتب التي أثارت ضجة في العالم، فقد
تضمن الكتاب الكثير من الدلائل التي تدحض المحرقة ومنها عدم وجود أفران للغاز في
معسكر اوشفيتز الألماني، مما جعله عرضة لانتقادات معظم الكتاب الموالين لليهود، وشنت
عليه حملة نكراء كبدته ماله ومال أصدقائه، فقد دفع (1) مليون جنية إسترليني
للمحامين الذي دافعوا عنه. ومن الكتب المثيرة أيضا كتاب " صناعة الهولوكوست" الذي صدر عام 2000 لليهودي
الأمريكي نورمان فينكالشتاينن والذي أكد فيه لن الغرض من المحرقة هو الحصول على المنافع المالية
من خلال التعويضات، مؤكداً بأن
" أفواج
المتهالكين المتباكين من النساء والعجائز والشيوخ أمام لجان التحقيق مطالبين
بتعويضات من ألمانيا والنمسا ليسوا سوى محتالين، صنعوا لنفسهم ماضياً وهمياً"
وان الأمر لا يخرج عن كونه "تزويراً للتأريخ" أو "نهباً
للقبور" مضيفاً بأن
صناعة
الهولوكوست تعتبر من اكبر السرقات في التأريخ البشري. أما الكاتب ايرفينج الذي أنكر
بدوره عدد ضحايا الهولوكوست فقد منع من التحدث إلى وسائل الأعلام أو الدلاء بأية
أحاديث صحفية وقد أدين في محكمة فيينا وحوكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وقد ربط الكاتب
النمسا بالنازية مفيداً بأن قانون البلاد صارماً تجاه من ينكر المحرقة وان
وقوع الهولوكوست سخيف للغاية، وبعد الضغط الكبير على الكاتب تراجع عن آرائه
السابقة.
أما في الفكر العربي فقد كانت الكتب التي تحدثت عن ظاهرة الهولوكوست محددة للغاية ومنها كتاب " صرخة فلسطينية" للمؤلف الفلسطيني الأصل نضال الصالح، وقد أثار الكتاب موجة من السخط بعد نشره، فقد قدم مركز "سيمون فيسينتال" احتجاجا للحكومة السلوفاكية بسبب نشر الكتاب، وينكر الكتاب الهولوكوست ويعيد تصويرهم بشكل مسخ كما كان يفعل الأعلام النازي، وأدرج الكتاب ضمن موجة معاداة السامية والتحريض على العنصرية وكراهية اليهود، مما حدا بالجالية اليهودية إلى رفع دعوى قضائية لمقاضاة الدكتور نضال صالح وسحب الكتاب من الأسواق، ومن الكتابات المعاصرة كتاب "الهولوكوست بين الإنكار والتأييد" للمؤلف رمسيس عوض، ويتحدث عن اغتنام اليهود لموضوع الهولوكوست دعائياً للحصول على العطف الدولي والتعويضات ومنها التعويضات لتحقيق حلمهم في إقامة دولة إسرائيل، وأقتبس المؤلف آراء العديد من المؤيدين والناكرين للمحرقة في استعراض رائع ومن أبرزها ما جاء عن مدرسة مراجعة الروايات المتعلقة بالهولوكوست والتي أسسها الأمريكي (هاري بارنز) وتحدث فيها عن الحربين الكونيتين الأولى والثانية، ونشرت أعماله وزملائه عام 1928 وأعيد طبعها عدة مرات ولكن المدرسة تعرضت إلى فاجعة كبرى عندما أرادت تمحيص الروايات المتعلقة بالمحرقة، حيث أحرقت مكتبتها في لوس أنجلوس بطريقة غامضة عدة مرات وآخرها عام 1987 وتم الاعتداء على أبرز كتابها، ومن المؤلفين في هذا الموضوع الحاخام اليهودي إسرائيل وايس، وسبق أن أشار إلى تآلف المسيحيين واليهود والمسلمين عبر العصور والعيش بهدوء وسلام دون أن يكون هناك تمييز في التعامل، ودون وجود منظمات خاصة بحقوق الإنسان لكن الفكر اليهودي هو الذي شاب هذه العلاقة، وأعتبره مصدر عداء للعرب والمسلمين، وأكد أن الدولة اليهودية هي سبب حالات التواصل في النزاع والصراع، فدولة إسرائيل باطل ويجب أن تزول، ولا بد من انتهاء مخاطرها المحدقة بالعالم.
أما في الفكر العربي فقد كانت الكتب التي تحدثت عن ظاهرة الهولوكوست محددة للغاية ومنها كتاب " صرخة فلسطينية" للمؤلف الفلسطيني الأصل نضال الصالح، وقد أثار الكتاب موجة من السخط بعد نشره، فقد قدم مركز "سيمون فيسينتال" احتجاجا للحكومة السلوفاكية بسبب نشر الكتاب، وينكر الكتاب الهولوكوست ويعيد تصويرهم بشكل مسخ كما كان يفعل الأعلام النازي، وأدرج الكتاب ضمن موجة معاداة السامية والتحريض على العنصرية وكراهية اليهود، مما حدا بالجالية اليهودية إلى رفع دعوى قضائية لمقاضاة الدكتور نضال صالح وسحب الكتاب من الأسواق، ومن الكتابات المعاصرة كتاب "الهولوكوست بين الإنكار والتأييد" للمؤلف رمسيس عوض، ويتحدث عن اغتنام اليهود لموضوع الهولوكوست دعائياً للحصول على العطف الدولي والتعويضات ومنها التعويضات لتحقيق حلمهم في إقامة دولة إسرائيل، وأقتبس المؤلف آراء العديد من المؤيدين والناكرين للمحرقة في استعراض رائع ومن أبرزها ما جاء عن مدرسة مراجعة الروايات المتعلقة بالهولوكوست والتي أسسها الأمريكي (هاري بارنز) وتحدث فيها عن الحربين الكونيتين الأولى والثانية، ونشرت أعماله وزملائه عام 1928 وأعيد طبعها عدة مرات ولكن المدرسة تعرضت إلى فاجعة كبرى عندما أرادت تمحيص الروايات المتعلقة بالمحرقة، حيث أحرقت مكتبتها في لوس أنجلوس بطريقة غامضة عدة مرات وآخرها عام 1987 وتم الاعتداء على أبرز كتابها، ومن المؤلفين في هذا الموضوع الحاخام اليهودي إسرائيل وايس، وسبق أن أشار إلى تآلف المسيحيين واليهود والمسلمين عبر العصور والعيش بهدوء وسلام دون أن يكون هناك تمييز في التعامل، ودون وجود منظمات خاصة بحقوق الإنسان لكن الفكر اليهودي هو الذي شاب هذه العلاقة، وأعتبره مصدر عداء للعرب والمسلمين، وأكد أن الدولة اليهودية هي سبب حالات التواصل في النزاع والصراع، فدولة إسرائيل باطل ويجب أن تزول، ولا بد من انتهاء مخاطرها المحدقة بالعالم.
هل الهولوكوست أسطورة
1- تشير الإحصائيات بأن عدد اليهود أبان الحرب العالمية الثانية لم يكن
يتجاوز عدة ملايين، لذا فمن غير المعقول أن يقوم هتلر بقتل (6) مليون يهودي وهم
دون هذه النسبة بكثير، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن اليهود في الدول التي حاربت
هتلر كانوا بمنأى عن المحرقة، وان اليهود في الاتحاد السوفيتي السابق والدول العربية
هم أكثر بكثير من عددهم في أوربا الغريبة، وهذا ما أظهرته الهجرات المتتالية من
روسيا والدول العربية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
2-أن
اليهود كما
هو معروف عليهم يروجون لمظلوميتهم التاريخية بالاستعانة بأساطير وحقائق يتم غالباُ تهويلها
بشكل يخدم أغراضهم، وهم يؤكدون في طروحاتهم بأنهم دائماً يتعرضون إلى المذابح
والإبادة الجماعية دون وجه حق، رغم ما عرف عنهم من دسائس ومؤامرات وفتن وصفات سيئة
كالربا والبخل والاستغلال والتجارة في السوق السوداء والفضائح المالية.
3- بسبب التصرفات
السيئة لليهود والتي سبق ان أشرنا لها في النقطة أعلاه، فقد ضاق الغرب بتصرفاتهم وملوًاّ من تقويمهم،
لذا كانت الفرصة في الحرب
العالمية
الثانية مواتية للنيل منهم، وهذا الأمر ربما له وجهة نظر عند الأوربيين، ولكن العرب
والمسلمين تعرضوا أيضاً لإبادة وكذلك غجر أوربا ولكنه لم يعتذر منهم أو تقدم لهم
تعويضات رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تعرضوا لها.
4- تعتبر
المحارق التي ادعاها اليهود وخاصة أفران الغاز وتحويل الدهون الناجمة عن حرقهم إلى صابون في مصانع ألمانية،
تستخدمه القوات الألمانية من بنات أفكارهم ولم يثبت على أرض الواقع وجود مثل هذه
الأفران والمصانع.
5- كانت الآلة الإعلامية
الإسرائيلية قد سخرت كل جهودها لإشاعة القصة وصب قالب الواقعية عليها، وعرضها بشكل
متواصل على الأعلام، والذي نجح في جلب تعاطف الأوروبيين وإحساسهم بالذنب تجاه
اليهود، وتم التعبير عنه بدعم سياسي ومالي لا محدود لإسرائيل.
6- لجأت المنظمات
اليهودية في الولايات المتحدة وبقية دول أوربا لاستنفار عدد كبير من الكتاب للوقوف
بصفها بدعوة تسليط الضوء على المحرقة، عبر وسائل الترغيب والترهيب، ولاحظنا كيف
كان التعامل مع الكتاب المعتدلين أو الذين أنكروا المحرقة.
مفهوم الإبادة الجماعية
يعتبر (رافائيل
لامكين) أول من أستخدم مصطلح (جينوسايد) للإشارة إلى تدمير العنصر البشري بشكل تام
أو بشكل جزئي ولكن جماعي، وذلك لأسباب عنصرية ودينية أو استعمارية. وتبنت الأمم المتحدة
عام 1948 اتفاقية منع الجريمة والإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقد وقعت
ألاتفاقية من قبل الدول الأطراف الذين تزايدوا سنوياً، و في شهر كانون الأول عام 1948 دخلت
الاتفاقية حيز التطبيق عام
1951 ثم أنضم العراق
إلى الاتفاقية عام 1959 ونصت الاتفاقية على الجرائم التي تندرج تحت تسمية
الإبادة الجماعية ومنها قتل أفراد مجموعة أثنية محددة أو تشريدهم، والاستيلاء على
ممتلكاتهم، والاعتداء عليهم جسدياً، أو إجبارهم على إتباع طريقة معيشية تؤدي إلى
انقراضهم بشكل كلي أو جزئي، وفرض تدابير لمنع تناسلهم أو تكاثرهم، أو خطف أبنائهم
بشكل جماعي لإذابة كيانهم الأثنى، كما جاء في المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين
والتي عقدت سنة 1949 بمنع
الهجمات
العشوائية التي تنتهك حقوق المدنيين وتعرضهم إلى مخاطر جسدية أو في ممتلكاتهم، كما
جاء نفس الشيء في الفقرة الأولى من المادة (57) من البروتوكول الإضافي الأول
لاتفاقيات جنيف والمعقودة عام 1977معتبراً الأعمال العدائية العسكرية انتهاكا خطيراً
لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين. وعرفت جريمة الإبادة الجماعية بأنها
" الأفعال التي ترتكب عن قصد لتدمير كل أو جزء من جماعة قومية أو أثنية أو
عنصرية أو دينية" من خلال قتل أعضاء هذه الجماعات، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير
بأعضائها، أو إخضاعها عمداً لظروف معيشية يراد منها تدميرها كلياً أو جزئياً.
حلبجة والإبادة
الجماعية
كانت حلبجة منذ
التسعينيات من القرن الماضي القاسم المشترك عند مناقشة موضوع الإبادة الجماعية، ولا سيما في لجنة حقوق
الإنسان، وكانت منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقب حقوق الإنسان الأمريكية
والخاضعتان بشكل ملموس لا يحتاج إلى نباهة للإدارة الأمريكية وتتبنيان مزاعمها هما
المنبران الرئيسيان لإثارة موضوع حلبجة في تقاريرهما الفصلية والسنوية، ووجهت
الاتهامات حينها إلى الحكومة العراقية لأسباب سياسية واضحة تغذيها الأحزاب الكردية
العراقية لتحقيق الهدف من هولوكوست حلبجة، أما الأمم المتحدة فقد أرسلت فرق لتقصي الحقائق حول
الموضوع للعراق وإيران ولم تتمكن من أن تثبت الفاعل، وحتى في إشارة الأمين العام للأمم
المتحدة كوفي أنان في كلمة له في شهر سبتمبر عام 2003 ذكر موضوع حلبجة بتحفظ واضح
"أنه لا يزال يتعين على الدول الأعضاء الدخول في حوار جاد حول أفضل السبل للرد على تهديدات
الإبادة الجماعية أو انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى الخطيرة المشابهة – وهي مسألة
سبق وأن أثرتها من فوق هذا
المنبر
في عام 1999. وكانت استجابتنا الجماعية لهذا النوع من الأحداث – في جمهورية الكونغو
الديمقراطية وفي ليبريا – مترددة وبطيئة مرة أخرى هذه السنة. ومع ذلك فالتهديدات
الخطيرة مثل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، أمور حقيقية ولا يمكن تجاهلها،
والإرهاب ليس مشكلة بالنسبة للبلدان الغنية فقط. وما عليكم إلا أن تسألوا سكان بالي، أو
بومباي أو نيروبي أو الدار البيضاء، وأسلحة الدمار الشامل لا تهدد فقط العالم
الغربي أو الشمالي. بل اسألوا سكان إيران، أو سكان حلبجة في العراق، ويبدو أن
اختلافنا هو حول كيفية مواجهة هذه التهديدات."
حلبجة الهولوكوست الكردي
"ليس
بحلبجة وحدها يحيا الأكراد" أنه قول مأثور عن العراقيين الأكراد من أتباع
حزبي الطالباني والبرزاني
الذين
كانوا مصدر إزعاج دائم لحكومات العراق ألمتتالية وبأنظمتها المتباينة وتياراتها السياسية
المختلفة، وعامل زعزعة للأمن والاستقرار في شماله، ومسرح لمؤامرات مستمرة ضد سيادة
العراق وحكوماته بالتعاون مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية، وسنحاول إلقاء
الضوء قبل وبعد بيان الحادي عشر من آذار عام 1970، فقد أصدرت الحكومة العراقية
العديد من القرارات التي صبت في صالح الأكراد رغم تأريخهم التآمري على وحدة العراق
وسيادته ومنها الاعتراف بوجودهم الشرعي، وعدد من القرارات الخاصة بالعفو عن
المتمردين الذين حاربوا الدولة سواء كانوا من العسكريين أو المدنيين، وتأسيس جامعة
السليمانية وكذلك المجمع العلمي الكردي، إضافة إلى إقرار الحقوق الثقافية
واللغوية، حيث تنسب تدريس اللغة الكردية في المدارس والمعاهد والكليات في منطقة كردستان،
إضافة إلى أعمام الكتب والمؤلفات في مختلف المجالات العلمية والأدبية باللغة الكردية وتأسيس إتحاد للأكراد
واستحداث مديرية عامة للثقافة الكردية إضافة إلى إصدار صحف ومجلات أسبوعية وشهرية
باللغة الكردية.
بعد ذلك تم إصدار ثلاثة
قرارات أولهما القرار برقم (247) بتعديل الدستور المؤقت والذي أضاف فقرة جديدة إلى
المادة الثامنة منه وأصبح " تتمتع المنطقة التي غالبيتها سكانها من الأكراد بالحكم
الذاتي"، ثم تلاه قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان برقم (33) لسنة1974،
وقانون المجلس التشريعي لمنطقة كردستان رقم (36) لسنة 1974 والحقيقية أنه باعتراف
الأكراد أنفسهم لم تحظى الأقليات الكردية في كل مناطق العالم بمثل هذه الامتيازات
سواء في إيران أو تركيا أو سوريا وغيرها، وكان بيان الحادي عشر من آذار خيمة وطنية
رائدة في المنطقة، جعلت دول الجوار ممن فيها أقليات كردية تنظر بعين البغض
والاستياء الى هذا القرار الذي سينعكس حلماً وردياً يراود مخيلة أكرادهم، ورغم الضغوط التي
مورست على الحكومة العراقية لإجهاض المشروع الجديد، لكن الحكومة مضت في طريقها دون أن
يوقفها أو يهبط من عزيمتها عائق . لم يكد الأكراد يغفون على هذا الحلم الجميل ويتمتعون بالاستقرار الذي افتقدوه
ردحاً من الزمن بسبب المعارك المستمرة وحروبهم مع الجيش العراقي، حتى قام زعماء
بعض الأحزاب الكردية بتحريض
أيراني
إسرائيلي على تحويل الحلم إلى كابوس مرعب، فقد تمردوا ثانية على الحكومة العراقية،
وبدأت المعارك من جديد، وتمكن الجيش العراقي من إلحاق هزائم منكرة بالمتمردين
الذين كانوا غالباً ما يلجئون إلى إيران عند اشتداد الخناق عليهم، وكانت اتفاقية
الجزائر بمثابة الضربة القاضية لهم، وبدأت أعمال التمرد يخف وطيسها تارة ويحمى تارة
أخرى حسب الموقف الداخلي والإقليمي، إلى أن شنت إيران حربها على العراق، حيث مارس
الأكراد دوراً لعينا ضد أبناء جلدتهم بالوقوف مع العدو الإيراني ضد الجيش العراقي،
ولم يقفوا
موقف الحياد على اقل تقدير، وإنما قاموا بتشديد هجماتهم على القوات العراقية، فأشعلوا جبهة
داخلية إضافة إلى الجبهة الخارجية، وكانت القرى الحدودية مع إيران تموج بالقوات الكردية
المعادية للنظام والجواسيس الإيرانيين، وقد صدر قرار بعد أن يئست الحكومة العراقية من
استمالة أو تحييد الأكراد في تلك المناطق بالنزوح إلى عمق (15) كم عمقاً داخل الحدود
العراقية بالنسبة للقرى الحدودية مع غيران فقط، وذلك بغية إبعاد المدنيين عن مناطق القتال من جهة،
ولغرض تفويت الفرصة عن القوات الإيرانية للاستفادة منهم كورقة ضاغطة على القوات
العراقية، ومن ثم تأمين المناطق الإدارية لوحدات الجيش الخلفية التي كانت قريبة من
هذه القرى، وكذلك تفويت الفرصة من تسرب الإسرار العسكرية وحركات الجيش إلى
الأكراد الموالين لإيران وأخيراً تحديد حركة الأكراد المتمردين الذين كانوا يتخذون
من هذه القرى أوكارا لعملياتهم الموجهة ضد الجيش العراقي، وخاصة أن الإيرانيين
تمكنوا من تدمير عدد من القطعات العسكرية العراقية من خلال ألاستفادة من الإحداثيات
التي كان يقدمها ألأكراد إلى قوات المدفعية الإيرانية وبالرغم
النداءات المتكررة
لسكان هذه القرى فأنهم كانوا يرفضون النزوح إلى التجمعات الحديثة التي هيأتها
الحكومة العراقية لإسكانهم والتي سميت "القرى العصرية" أو "مدن
النصر" بشكل
مؤقت
لحين انتهاء المعارك الحربية، وهذا أمر طبيعي فالكردي تعود على حياة الطبيعة وصعود الجبال
ومن غير الطبيعي أن يحلوا له العيش بمثل هذه المجمعات رغم إنها توفر الأمان
والسلامة من أتون الحرب,لكن كما يبدو أن تهديدات الأحزاب الكردية العميلة لسكان
الرقى هي السبب وراء عزوفهم من الرحيل عن قراهم فقد كانوا بين نارين والخيارات
محدودة؟ وبعد يأس كبير ومتكرر ونتيجة لاشتداد المعارك في الجبهة الشمالية اضطرت الحكومة العراقية إلى
إخلاء هذه القرى بالقوة، ومع هذا فقد كان البعض وخاصة الرجال يتسللون للعودة إليها
ليلاً، وكانت مناطق
حلبجة
وطويلة وبيارة من المناطق المتاخمة في الحدود العراقية الإيرانية لمناطق نوسود وميروان غيرها
وهي على شكل لسان ممتد في داخل الحدود الإيرانية، بل أن سكان القرى على الجانبين
العراقي والإيراني بينهم أواصر قربى وتصاهر، جعلت من الصعب فصم عراها، وقد فتح هذا
التدمير جراحاً عميقة لدى الأكراد وتم تسخيره لأغراض دعائية بتوجيه اللوم إلى الحكومة
العراقية دون الإشارة إلى الأسباب الحقيقية والاضطرارية الكامنة وراء إتباعها هذا
الأسلوب ألقسري، فالحالة حرب وللحرب ضرورات، وكانت على أشدها، والجيش العراقي
يتحمل المزيد من الخسائر بسبب خيانة الأكراد وعملياتهم التي تصاعدت بشكل كبير، بحيث يذكر بعض الضباط أن الخسائر
التي يتكبدها الجيش العراقي بسبب عمليات الأكراد تزيد أحيانا عن التي يتكبدها من
العدو الإيراني، ولا سيما الألغام البشرية التي كانت تبتر أقدام جنود الربايا ( جمع
ربية) وهي نقاط حماية للطرق الرئيسية علاوة على الألغام ضد الدبابات التي كانت
تستهدف العجلات والناقلات
العجلات،
ويعلق ضباط بأن العسكريين والمحللين الاستراتجيين يدركون أهمية تأمين خطوط
الإمداد للقطعات الأمامية، وكانت تلك الخطوط مهددة فعلياً من قبل الأكراد،
ويتذكر البعض كيف قام الروس أبان الحرب العالمية الثانية بمنع الألمان من الاستفادة من
المدن الروسية التي استولوا عليها من خلال أتباع سياسة الأرض المحروقة والتي تقبلها
الشعب الروسي بسعة صدر لأن تخدم جيشهم وتحرم العدو الألماني من الاستفادة منها، فالحرب حرب
ومستلزمات النصر عديدة والعبرة فيمن يقطف ثمار النصر، وفي الوقت الذي روج فيها
الأكراد أسطورة أن عدد النازحين حوالي (750) ألف نسمة كمرحلة أولى وتضاعفت لاحقاً
فأن حليفهم الأمريكان بالغوا به ما بين
(1- 1،5) مليون كردي وهي نسبة تبدو طريفة فما هو عدد الأكراد أصلا ؟ ليبلغ النازحون إلى مدن النصر مليون
ونصف، وكيف تمكنت الحكومة
العراقية
أن تنجز مجمعات سكنية خلال فترة لا تزيد عن شهر لإيواء هذا العدد في الوقت الذي عجزت فيه
عن بناء مجمعات لإسكان عشر هذا العدد في محافظات العراق كافة، ولا سيما أن هذه
المدن كانت مبنية بشكل هندسي منتظم ومواد بناء جيدة النوعية وروعيت فيها خدمات
الماء والكهرباء وغيرها؟
كانت سماء شهر
شباط من عام 1988 ملبدة بغيوم سوداء، ولم تكن هناك تحركات أو بوادر تبعث على القلق
فالجبهة هادئة في منطقة حلبجة, وكانت حركة العجلات التي يستدل منه عن نوايا العدو طبيعية، مما
يعني في المفهوم العسكري هدوءًا نسبياً، لذا كانت أوامر الجيش عادية لا تتجاوز
اليقظة والحذر والحراسات اليومية، ولم يكن يدور بخلد القادة الميدانيين أن الأكراد
يتعاونون مع القوات الإيرانية لفرض الطوق على حلبجة ومحاصرة القوات العراقية بداخلها
ومن ثم الانطلاق إلى مدن قره هنجير وعربت وسيد صادق وبيارة لقطع إمدادات الجيش
العراقي وعزل القطعات عن بعضها، وكانت خطة ذكية باستخدام أدلاء للقطعات الإيرانية من
الأكراد الذين يعرفون الطرق
والمسالك
الوعرة بين الجبال والأودية معرفة تامة، وكان الصباح على عكس الليل فقد أدرك القادة
الميدانيون خطة الالتفاف الإيرانية، وشنت هجمات عراقية مقابلة لفك الطوق، وساهم
الطيران العراقي مساهمة فاعلة في تفويت الفرصة على الإيرانيين، وتشرذموا في
الوديان يتبعهم الخونة من الأكراد المتعاونين معهم، ويذكر الأكراد بأنه ليلة
22/2/1988وقعت عدد من القذائف في وادي جفاتي حيث مقر المتمردين الأكراد، وكان امرأ
عادياً ومألوفاً
عندهم، ولكن مع بزوغ الشمس وجد بعضهم صعوبة في الرؤيا وبثور وتقرحات في وجوههم
وأجسادهم مع سعال شديد وحالات من الغثيان والتقيؤ وغيرها من الأعراض، وتشير رواية كردية
أخرى تتناقض مع هذه بأنه في الساعة الحادية عشر وسبع وعشرين دقيقة من صباح يوم
16/3/1988 حلقت الطائرات فوق مدينة (الكردية) على الحدود العراقية الإيرانية وأمطرتها
بأكثر من (500) طن من الغازات الكيماوية كالسارين والخردل وغاز الأعصاب، وأدى
ذلك إلى قتل أكثر من (5) آلاف شخص وإصابة أكثر من (10)آلاف آخرين، وأشارت البيانات
العراقية والإيرانية إلى إصابات كثيرة بين صفوف قوات الطرفين، وتم أخلائهم إلى
الوحدات الطبية القريبة، وأعلنت مصادر إخبارية بان حوالي (5000) كردي قتلوا نتيجة
هذه الضربات الكيماوية، وتعويق حوالي (10000) إلف شخص آخر معظمهم من النساء
والأطفال والشيوخ، وأشارت مصادر الكردية بأن الجيش العراقي استخدم الأسلحة
الكيماوية بدءاً للفترة من 15/4/1987 ولغاية 9/9/1988 وكانت حلبجة آخر ضربة كيماوية وجهها
النظام إلى الأكراد على حد زعمهم، وهو تأريخ غير منطقي لأن الحرب انتهت أوزارها في 8/8/1988وخرج العراق منتصراً منها.
ووجهت الصحف الأمريكية منذ عام 1991الاتهامات
إلى العراق باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد في الوقت الذي لاذت بالصمت
قبلها دون أن تحمل أي من الطرفين العراقي والإيراني مسؤولية ما حدث، وتشير الصحف
ومنها نيويورك تايمز إلى أن التهم التي وجهت للنظام العراقي بشأن الإبادة الجماعية
واستخدام الأسلحة الكيماوية في حلبجة عام 1988 قد توفرت الأدلة بشأنها، حيث تم جمع
نماذج من التراب عام 1992 قرب الحفر التي أحدثها سقوط قنبلتين في قرية بيرجني
الكردية من قبل فريق "منظمة مراقب الشرق الأوسط" وهي المعروفة بتوجهها الأمريكي
الصريح والمكشوف، وتشير التحاليل التي أجريت على التربة بمختبر بورتون نيفل في انكلترا،
بأنه وجد آثار تشير إلى استخدام غاز الخردل وأخرى غاز السارين، وفي اتهام غريب بلا
إثباتات أشارت الصحيفة انه مما لا يقبل الشك أن صدام أقترف هذه الجريمة، وهو لغز
لأنه لا احد ينكر أن مدينة حلبجة تعرضت فعلاً إلى ضربة كيماوية، لكن من الذي ضربها
العراق أم إيران ؟ هذا هو الأمر الذي يجب معرفته وتحديده ببراهين ثابتة وليس بأقوال
واتهامات ذات مغزى وإيماءات
واضحة؟
ويدعي الأكراد
أنهم تمكنوا من الحصول بعد أحداث آذار عام 1991 على (18) طناً من وثائق المخابرات والتي تتضمن معلومات مباشرة
عن استخدام الأسلحة الكيماوية في حلبجة إضافة إلى أشرطة صوتية ومرئية، والغريب إنها لم تعرض
على الأمم المتحدة ووكالاتها أو المنظمات الإنسانية لتفكيك ألغاز المسؤولية عن
أحداث حلبجة لغرض فك التشابك و منع خلط الأوراق، كما سيتضح لاحقاً.
يتبع في حلقة ثانية رجاءً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق