وجهات نظر
علي خليفة هادي
في معرض تبريرها للهجوم الذي شنته على الانفصاليين في
شرق أوكرانيا، وصفت الحكومة المركزية في كييف هؤلاء الانفصالين
بـ"الارهابيين". وفي سوريا، دأبت حكومة بشار الأسد على القول بأنها
تحارب الارهاب في سوريا، وراحت طائراتها تلقي ببراميل البارود على المدن والقرى
السورية التي انتفضت ضد السلطة الفاسدة وقمعها بحجة أنها تقتل الارهابيين حتى بات نحو
نصف الشعب، اليوم، مهجرا، إذ تؤكد الامم المتحدة أن نحو تسعة ملايين سوري قد هجروا
داخليا وخارجيا من مجموع سكان البلاد البالغ عددهم 22 مليون نسمة.
وفي العراق،
تعتبر حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي كل من يحمل السلاح ضدها
"إرهابيا"، وهي الصفة التي كانت قوات الاحتلال الأمريكية قد أطقتها على
الثوار العراقيين الذين قاوموا الاحتلال الأمريكي لبلادهم.
وحول هذا الارهاب، يقول
الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في مقابلة له بتاريخ 22 أيلول 2006 مع احدى
القنوات التلفزيونية الأمريكية إن "أحد الجوانب الأكثر صعوبة في عملي تكمن في
ربط العراق بالحرب على الارهاب". ويذكر في هذا الصدد، أن الولايات المتحدة
دأبت خلال تاريخها الاستعماري على إطلاق صفة الارهابيين على كل من حمل السلاح ضدها
كما حدث تماما في فيتنام. والامريكيون لا ينفردون بطريقة اطلاق الصفات الارهابية
على الشعوب المحتلة، وربما كانوا قد ورثوا هذه الطبيعة من البريطانيين الذين
أطلقوا سمة الارهاب على كل من قاومهم عبر ماضيهم الاستعماري في الهند وبقية بلدان
القارة الآسيوية. واطلاق سمة الارهاب على المقاومة لا ينحصر بالقوى الغربية، بل
عمد السوفيت والروس إلى الطريقة ذاتها في إطلاق هذه السمة على معارضيهم، حيث اعتبر
الاتحاد السوفيتي اثناء احتلاله لأفغانستان جميع المقاومين الافغان ارهابيين
يستحقون القتل. وكذلك الحال مع المنشقين الشيشان من المسلمين الذين ما برحوا حتى
اليوم يصنفون في خانة الارهابيين.
وتنطبق صفة الارهابي أيضا على المجرمين الذي يقومون بقتل
المدنيين العزل والابرياء في العالم كافة دون أي ذنب بما في ذلك الارهابيون الذين
يتعمدون قتل المصلين في المساجد والحسينيات في العراق، أو يقصفون الأحياء السكنية
في سوريا، قوات حكومية كانوا أم ميليشيات.
لقد بات المواطن في حيرة من أمره ولم يعد يعرف من هو
الارهابي ومن هو الثائر الوطني. ومن أجل فك طلاسم هذا المفهوم، حاولت الأمم
المتحدة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي التوصل إلى تعريف محدد متفق عليه لمفهوم
الارهاب غير أن جهودها هذه باءت بالفشل. ويرجع سبب هذا الفشل إلى خلاف بين دول
الغرب والشرق حول طبيعة الارهاب ولا سيما دور الدول الراعية له.
ولعل أفضل من يلخص طبيعة هذا الخلاف هو السياسي
البريطاني الراحل توني بن عندما قال "ليس ثمة فرق أخلاقي بين طائرة قاذفة نوع
(ستيلث) وبين انتحاري فكلاهما يقتل الأبرياء لأسباب سياسية".
في هذا السياق، أحصت دراسة أكاديمية غربية صدرت سنة 1988
نحو 122 تعريفا للارهاب، فيما أجمعت دراسات أكاديمية أخرى على أن تعريفات الارهاب تجاوزت
المائة تعريف في جميع الأحوال. ويرى علماء القانون والعلاقات الدولية أن الخلاف
والاختلاف حول مصطلح الإرهاب يرجع بشكل رئيسي إلى أسباب سياسية.
أخيرا، يقول الروائي البريطاني
الراحل جورج أورويل في روايته الشهيرة (1984) إن " الهدف من الارهاب هو
الارهاب. وإن الهدف من القمع هو القمع. وإن الهدف من التعذيب هو التعذيب. وإن
الهدف من القتل هو القتل. وإن الهدف من السلطة هو السلطة. فهل بدأت تفهمني الآن؟!".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق