وجهات نظر
فيصل القاسم
لم يعد لبعض العرب شغل سوى الشكوى من تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة،
خاصة بعد التقارب الأخير بين أمريكا وإيران بعد الاتفاق حول البرنامج النووي
الإيراني.
لا ندري لماذا استفاق البعض فجأة على الخطر الإيراني، مع العلم أن إيران
تبني تحالفاتها ونفوذها في المنطقة منذ عشرات السنين.
ألم يبدأ النفوذ الإيراني في التصاعد داخل العراق بعد الغزو العراقي للكويت مباشرة، أي منذ بداية تسعينات القرن الماضي؟ ألم يتنام أمام أعين الجميع؟ ألا يتباهى الإيرانيون هذه الأيام بأن العرب يدفعون المليارات لإسقاط هذا النظام العربي أو ذاك، ثم تأتي إيران لتستلم البلد الذي سقط فيه النظام على طبق من ذهب؟ ألم ينفق العرب مبالغ طائلة لإسقاط صدام حسين دون أن يستفيدوا من موطئ قدم في العراق، فجاءت إيران لتهيمن على العراق، ولتحوله إلى منطقة نفوذ حيوي لها؟
هل كان التمدد الإيراني في اليمن غائباً عن أذهان العرب، أم إنه كان يجري على قدم وساق أمام أعينهم دون أن يكون بمقدورهم مواجهته بالطرق الاستراتيجية المطلوبة؟
لا تلوموا إيران، فإيران لديها مشروع، اتفقنا معها أم اختلفنا. والمشروع الإيراني مبني على دعائم استراتيجية قوية، وليس مجرد نزعة توسعية مرحلية. فحين بدأت إيران تفكر ببناء مشروعها راحت تبني قوة عسكرية ونووية التفت إليها العالم أجمع. وقد ظل العالم يفاوضها على مشروعها النووي لسنوات وسنوات. وعلى الصعيد العسكري لم تعد تعتمد إيران على التسليح الغربي أو الشرقي، بل أخذت تبني ترسانة عسكرية بسواعد وعقول إيرانية. وهذا ليس جديراً بالإدانة بقدر ما هو جدير بالاحترام، حتى لو اختلف البعض معها سياسياً. وبينما ظل العرب يعتمدون على الحماية الأمريكية المتآكلة، راح الإيرانيون يعتمدون على قواهم الذاتية في التصنيع المدني والعسكري، مما جعل العالم يتعامل معهم كند وليس كتابع.
لماذا نلوم إيران بدل أن نواجهها بنفس الاستراتيجيات المبنية على القوة والتخطيط؟ لاحظوا الفرق بين الاستثمار العربي والإيراني في لبنان، فبينما استثمر العرب في بناء الفنادق والملاهي، استثمرت إيران في بناء ذراع عسكري استراتيجي رهيب داخل لبنان، بحيث أصبح ذلك الذراع الحاكم الفعلي للبنان، فلا مكان لغير القوة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً في العلاقات الدولية والمحلية. كم كان البعض محقاً عندما قارن بسخرية بين النفوذ العربي والنفوذ الإيراني في لبنان.
قال أحدهم ذات يوم، لو وقع صراع بين أتباع المشروع العربي في لبنان وأتباع المشروع الإيراني، فإن أتباع العرب سيقاتلون بالشيشة، بينما سيقاتل أتباع إيران بأعتى الأسلحة والقوات المدربة تدريباً عظيماً.
ليس حلاً ولا استراتيجية أبداً أن يحاول البعض مواجهة إيران باستئجار مجموعات مقاتلة تتصدى لها هنا وهناك، فهذه حيلة العاجزين. الحل يكمن في وضع الأسس لبناء مشروع تنموي حقيقي على كل الأصعدة العلمية والصناعية والتكنولوجية كما فعلت إيران نفسها منذ انتصار ثورتها عام 1979.
الفرق بين العرب وإيران كالفرق بين شخصين، الأول استأجر بيتاً، وظل يدفع الإيجار لمالك البيت (أمريكا) لسنوات وسنوات، فخسر ماله، بينما الثاني أخذ قرضاً، واشترى البيت، وبعد سنوات أصبح البيت ملكه.
لاحظوا كيف أن الحنكة الإيرانية استخدمت مواردها وثرواتها لبناء قوة ذاتية على المدة الطويل، بحيث أصبحت الآن قوة يٌحسب حسابها، وتحمي نفسها كالذي اشترى البيت بدل استئجاره، بينما العرب لم يفكروا بالاستثمار على المدى البعيد في بناء قوة ذاتية، فأنفقوا أموالهم على القوى الخارجية كي توفر لهم الحماية، والآن يجدون أنفسهم على صفيح ساخن، لأنهم لم يفكروا، ولم يستثمروا على المدى الطويل كإيران.
ما أحوجنا نحن العرب إلى النفس الإيراني الطويل في الاستثمار والبناء والتخطيط والصبر والمثابرة. وما أشبه الاستراتيجية الإيرانية باستراتيجية حائك السجاد العجمي الذي تشتهر به إيران عالمياً، فالحائك مستعد أن يمضي سنوات وسنوات كي يحيك سجادة عجمية رائعة بتفاصيلها البديعة دون كلل أو ملل، بينما السياسيون العرب أصحاب نفس قصير جداً، يملون بسرعة ولا يستمرون ويثابرون حتى إنجاز مشاريعهم. لهذا اعتمدوا على الأجنبي في كل شيء، بما في ذلك حماية بلدانهم من الأخطار الخارجية، دون أن يعلموا أن ذلك الأجنبي المتمثل بالولايات المتحدة لن يبقى قوياً على مر الزمان، بل سيضعف يوماً ما، وسيتركهم يرتعدون خوفاً، كما هو الحال الآن، بعد أن بدأت واشنطن تتملص من حماية حلفائها العرب، وتعقد الصفقات مع خصومهم الإيرانيين.
هل كانت إيران تحلم قبل خمسين عاماً بأن تهيمن على الكثير من البلدان العربية كالعراق وسوريا ولبنان وقريباً اليمن والكويت ودول أخرى؟ لقد كان ذلك بالنسبة للكثيرين مستحيلاً، لكنه أصبح الآن حقيقة تفقأ العيون، لأن إيران كانت تعمل على بناء مشروع على المدى الطويل، وهذا لا شك يزعج الكثير من العرب، ويجعلهم يحقدون على إيران وتصاعد نفوذها في المنطقة. لكن بدل وضع اللوم على إيران وتجييش الشعوب العربية ضدها على أساس مذهبي، لماذا لا تبنون مشاريعكم العربية الخاصة لتواجهوا بها إيران وتركيا وغيرهما من القوى الصاعدة؟ إيران تخصّب اليورانيوم، ونحن العرب نخصّب معسّل الشيشة.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
هناك تعليق واحد:
1
أسئلة للكاتب الإعلامي المعروف بجلجلاته :
سؤال آول لعبارتك:" لا أحد يستطيع أن ينكر أن إيران، وعلى عكس الكثير من الدول العربية، تعمل جاهدة منذ عقود لتكريس نفسها، ليس كقوة بشرية لها وزنها في المنطقة فحسب، بل أيضاً كقوة عسكرية واقتصادية وتكنولوجية صاعدة. وماذا كان يفعل العراق منذ سنوات السبعينات وحتى خلال سنوات الحرب الإجراميه المفروضه على شعبنا وبالتحالف الخبيث مع قوى الشر الإستعماريه والصهيونيه والرجعيه العربيه لوقف صعوده كقوه عسكريه وإقتصاديه وتكنولوجيه، الرئيس صدام حسين كان آو غيره .. الهدف العراق وشعبه، فلماذا بصيرتك تعمى عند العراق وتنبهرعندما ترى مجوس العجم ??
2
سؤال الثاني لعبارتك: "ولا يمكن لعاقل إلا أن يحترم هذه العزيمة الإيرانية، التي تعمل على طريقة حائك السجاد العجمي البارع، الذي لا يكل ولا يمل حتى يحيك سجاداً غاية في الروعة ودقة التفاصيل، حتى لو استغرق ذلك منه سنوات وسنوات.على العكس من ذلك، نجد أن النفس العربي قصير جداً، ولا يمكن أن ينافس الإيراني، من حيث الجدية والثبات والمثابرة. لا يمكن لعاقل إلا أن يغبط إيران على صراعها مع الغرب للحصول على الطاقة النووية."?? عجيب من إنبهار سطحي مخجل!! ومن إعلامي يجلجل ما عيب السجاد العربي من ٢٢ دولة والسجاد التركي والآفغانستاني..ما هذه العنصريه آيها العربي السوري آليس ملالي العجم يجولون ويصولون في بلدك ويبيدون أبناء جلدتك ? آليس هم من يساند الجلاد المجرم اللابشار إبن المجرم المآفون اللاحافظ سليل العائله المجرمه ? وفي عقر دارهم يجرون إنتخابات وفي سوريا يضطهد الشعب من هذه العائله من آكثر من ٥٠ سنه ?فكل من يعجب بسجاد الولي الجوسي الآعجمي لهذه الدرجه العنصريه هو عدو لكل ما هو عربي طبعاً وطبيعه.
3
جيداً تستدرك في سطورك المتبقيه فتذكرجرائم المد الجرثومي المجوسي لبلدان المنطقه فملالي الفقه العجمي وحاشى حسيننا العربي وشيعتنا العرب المسلمون من خبثهم مدوا آنفهم الإستعماري النتن في العراق المحتل فقد ساندوا المحتل في كل خططه لحد اليوم لحد إن حرسهم الثوري المجرمين يجولون ويصولون متفاخرين بوجوهم الصفراء المجوسيه في سوريا مع مخصيهم الفآري بشار في لبنان حزب الشيطان لنتنهم إبن المتعه حسونه .. في فلسطين المحتله بخلق تجمعات متطرفه متناحره مع بعضها لحد إن هذه التجمعات القزمه الإخونجيه تتدخل بشؤون دول عربيه كبيره كمصر ! ... هل يوجد جرائم آكثر نجاسه من جرائم المجوس هذه .. ولكل جريمه لها عقابها ... والعقاب قادم فعن آي غزل غربي مجوسي تتكلم وعن آي سجاد عجمي تتغزل ?
إرسال تعليق