موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 20 أبريل 2014

جريمة التاسع من نيسان وموقف المثقف العراقي

وجهات نظر
مثنى عبدالله
لسنا بحاجة للوقوف على الاطلال وبُكاء وطن أختطف وفي طريقه للضياع، فلقد بانت الحقائق جميعها لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد. فالطغاة الدوليون هم الذين نشروا غسيلهم القذر، وأعلنوا عن زيف مبرراتهم التي ساقوها كي يغزو العراق، حتى باتوا يتوارون عن أنظار مواطنيهم خوفا من أن يُقذفوا بالعار، وهاهم بعد 11 عاما من تلك الجريمة النكراء لم يعودوا قادرين حتى على إيقاف الاثر الجُرمي المستمر في حركته كدولاب يطحن أجساد العراقيين يوميا.

قال بعض الافاقين بأن العراق سيعيش عصرا ذهبيا في ظل الغزاة، وأنه سيكون الصبي المدلل للدولة الاعظم تحمله على صدرها أينما ذهبت، وأن شعبنا سيستبدل البطاقة التموينية بعبوات تحوي أصناف الغذاء من الدرجة الاولى، وسيقضون عطلهم السنوية في دول أوروبا وجنوب شرق أسيا والامريكيتين كحال الاثرياء، حتى غالى أحدى المعممين فتمنى على بوش أن يجعل من العراق الولاية الحادية والخمسين عرفانا منه بجميل الاحتلال، كما جاء في مذكرات الحاكم الامريكي بريمر، لكن الدولة الاعظم هربت من جريمتها كما يفعل كل المجرمين وباعت العراق الى الد أعداء العراق.
أما الخونة والعملاء فقد كانت فرصتنا بهم ذهبية بكل معنى الكلمة، حيث قدّموا لنا عبر أحد عشر عاما من السلطات المطلقة صورا واضحة المعاني والدلالات عن مستوى جهلهم وطائفيتهم وأمية وعيهم السياسي وفسادهم المالي والادراي، ومستوى حقدهم بين بعضهم البعض وشراسة خلافاتهم وبعدهم عن كل فضيلة. وأذا كان السواد الاعظم من شعبنا قد ذاق مرارتهم وأكتوى بنار تخلفهم وحقدهم وجرائمهم، فأن البعض ما زال حتى اللحظة يجد نفسه في موقع الدفاع عن هذه السلطة من منطلقات طائفية، ويُردد بأنه مستعد كي يأكل حتى التراب من يد هذا الزعيم الموجود في السلطة فقط لانه من طائفته. أنظروا الى المواقع الالكترونية للصحف والمجلات والمدونات ستجدون مستوى السُعار الطائفي المسكوب على مقال ينتقد زعيم طائفي أو رجل دين طائفي أو شيخ عشيرة طائفي، مما يكشف لنا بأن ليس العامة فقط من أصابتهم حُمى الطائفية، بل حتى من هم محسوبون على فئة المثقفين أو المتعلمين. اليس غريبا أن تصبح أقصر الطرق لتحقيق شهرة لكاتب ما أن يسلك طريقا في الكتابة الطائفية فيشتم هذا وذاك فقط لانهم يختلفون عنه في الانتماء الطائفي، ويجعل من جرائم زعيمه الطائفي أيام بطولة ونصر؟ اليس غريبا أن يصفق الاخرون كثيرا لهذا الكاتب فقط لانه خرج على طائفته وبات يشتمهم بوسائل طائفية كي يصل الى قلوب الطائفة الاخرى؟ أذن نحن اليوم أمام أختراق ثقافي طائفي بات يهدد وحدة النسيج الاجتماعي العراقي. صحيح أنه ما زال في المستويات الافقية ولم يصبح بعد عموديا بشكل واسع في داخل المجتمع، لكن أستمرار السلطات الطائفية الحالية في أمتلاك القرار العراقي في ظل موارد نفطية متزايدة وقرارات وقوانين وتثقيف طائفي يسعى الى تكريس حاكمية مذهب معين، سوف يُهدد الوجود العراقي يوما بعد أخر، وستجد الاصوات الداعية الى أقامة أقاليم على أسس طائفية صدى لها في نفوس البعض وأهازيج دعم وتأييد.
ان القاء مسؤولية ما حدث للعراق أرضا وشعبا على الغزاة ووكلائهم من الخونة والعملاء هي حقيقة لا تقبل الجدال، لكن لا يجب الركون اليها على أنها نهاية المطاف. فالدور يجب أن يكون مرسوما لكل العراقيين لممارسة الفعل المطلوب في أنقاذ وطنهم وأجيالهم من الكارثة. وأذا سبق للمقاومة العراقية الفوز بحمل راية التصدي منذ التاسع من نيسان/ابريل في العام 2003، وتحطيمها المشروع الامريكي الذي ما زال حتى اليوم يلعق جراحه منها، فأن الدور الملقى على عاتق المثقف العراقي لم يرتق الى ذلك المستوى البطولي حتى اليوم. فلقد تدخلت عمليات التسييس الثقافي في شق الصفوف، وتحولت أقلام كثيرة وقنوات فضائية ومواقع تدوينية الى أجيرة لخدمة السلطة وأحزابها وأزلامها طمعا في منصب ووجاهة، كما عجز الاخرون ممن لم يرهنوا أقلامهم ومواقفهم الى هذا وذاك عن الوصول الى خط شروع واحد في مقاومة الفعل التدميري للسلطات الحالية، حتى وصل الحال بالمثقفين العراقيين في لندن قبل عامين الى أن يخرج فريق منهم في تظاهرة أحتجاجية أمام السفارة العراقية، بينما الفريق الثاني كان ينتظر في جانب أخر من الشارع كي يتظاهر بعد الفريق الاول.
حتى المؤتمرات التي يعقدها المعارضون العراقيون للعملية السياسية في الخارج تدور حولها الكثير من الخلافات وتُطلق عليها الكثير من الاتهامات، لان دعوات المشاركة فيها لا تقوم على أسس وطنية خالصة بل في حدود فئوية وجهوية وشخصية ضيقة. لقد تم إحاطة بعض تلك المؤتمرات بهالة من الدعاية ولكنها عُقدت وأنفضّت دون تحقيق شيء يذكر. أن المواطن العراقي المسحوق في حياته اليومية الفاقد لكرامته ومستقبل أولاده، بحاجة ماسة الى الكلمة الصادقة والموقف البعيد عن التخندقات الطائفية والعرقية والجهوية، كي يصبح قادرا على تلمس طريقه دون مساحات رمادية وخطوط متداخلة. أنه ليس بحاجة الى مؤتمرات تلتئم وتنتهي دون فعل يذكر. اليست الجدوى أكبر لو وضعت المبالغ المالية التي تصرف على مؤتمرات لا يتعدى فعلها الاكل والشرب والخطابة في صندوق لدعم أطفال العراق أو أي فعل أخر له أثر في واقع المواطن العراقي؟ أما سيسأل ربُ العائلة عن الجهة التي منحت أطفاله بعض الرعاية وسيصغي الى ما يطرحونه فيتّسع الفريق المناهض للسلطة؟ مَن مِن العراقيين الذين يعيشون المأساة قادر على الاصغاء الى أصوات لا تجيد الا الخطابة وتفتقر الى أسلوب التوعية الخلاقة والفعل المؤثر؟ نعم أن للكلمة وقع مضاعف في البلدان المحتلة عندما تكون ناطقة بأسم المقاومة، لكنها تصبح عامل تسميم عندما يتشرذم المثقفون ولا يستطيعون الوصول الى حد أدنى من المشتركات، فتشكل عامل تقسيم فكري وسياسي يبث البلبلة في الصفوف.


ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..