وجهات
نظر
نزار
السامرائي
ما تزال مجزرة بهرز قرب
بعقوبة والتي نفذتها مليشيا بدر وعصابة الخزعلي وقوات سوات ومليشيات تتكاثر
بالانشطارات الأميبية، تحتل حيزا مهما من اهتمام أجهزة الإعلام العربية والدولية
على الرغم من التعتيم المقصود الذي تمارسه الحكومة وما تفرضه من ضغوط أو إغراءات
مالية، ومعها الأطراف الداعمة للمالكي أو التي جاءت به للسلطة أول مرة.
لقد سجلت هذه المليشيات
الطائفية وخاصة بعد تفجير القبة الذهبية في سامراء في شباط 2006 قدرا هائلا من
جرائم الإبادة مما أدى إلى تغييب وتهجير الملايين من العراقيين من المكون السني،
على نحو لا يتردد المراقب في اعتبار تلك الجرائم حرب إبادة جماعية لمواطنين آمنين
تمت تصفيتهم على الهوية أي على الاسم واللقب من دون اعتبار إلى أن ذلك يمكن أن
يقبل الاستثناءات بسبب التداخل الاجتماعي الذي كان قائما قبل الاحتلال الأمريكي،
أو استنادا إلى مناطق السكن والتي عادة ما تضم تجمعات سكانية منسجمة مع نفسها،
فكان غالبية الضحايا من الأبرياء الذين لا صلة مباشرة لهم بالنزاعات القائمة بين
المكونات وخاصة النساء والأطفال الشيوخ العجزة، وهذه الجرائم تعد بموجب القانون
الدولي الإنساني من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
ولم يكن بوسع تلك المليشيات
الإرهابية أن تنفذ كل تلك الجرائم منفردة لولا الدعم المفتوح ماليا وسياسيا
وعسكريا والذي كانت تحصل عليه بصورة منتظمة من الجيش الطائفي والأجهزة الأمنية
المنحدرة أصلا من المليشيات نفسها وهي في مواقعها الرسمية الجديدة تحمل ولاءها
لمرجعياتها السياسية والدينية ولا تلتزم بالأوامر المستندة إلى مبادئ الضبط
العسكري الذي تلتزم به عادة الجيوش وقوى الأمن الداخلي، فقد كان ذلك الدعم المفتوح
يوفر الحماية الكاملة لتلك المليشيات لتمارس القتل وهي بكامل اطمئنانها من أي رد
فعل شعبي من جانب الضحايا أو ذويهم على ما ارتكب من جرائم خاصة بعد تجريد مناطقهم
من أي قطعة للسلاح ولو للدفاع عن النفس بوجه المخاطر التي تهددهم، وهذا النوع من
نزع السلاح شمل المناطق السنية فقط ولم يتعداها إلى المناطق الأخرى .
محافظة ديالى تعود إلى
واجهة الأحداث باعتبارها المحافظة الأكثر استهدافا وبخطة رسمية من جانب حكومة نوري
المالكي الطائفية وبخطة تفصيلية من جانب قوات الحرس الثوري الإيراني التي ترى في
أن مشروعها للسيطرة على العراق سيبقى ناقصا ومعرضا للخطر ما لم تحكم السيطرة على
مداخل العراق الاستراتيجية، ولما كانت ديالى تحتل في عالم الجغرافيا السياسية
العراقية مكانة استثنائية باعتبارها بوابة العراق الشرقية والتي تضم أهم معابره
الحدودية مع إيران وأهم طرقه الرابطة بين البلدين، فقد تركزت الجهود على أن تخضع
هذه المحافظة لأسوأ الخطط ومشروعات القتل والتهجير من جانب المليشيات المصنعة في
إيران، فكانت الخطة تعتمد على عدم السماح ببقائها بيد المكون السني مهما تطلب
النجاح في الخطة من سفك دماء سكان المحافظة المعروفة بالانتماء المذهبي للغالبية
الساحقة لسكانها.
إن ما يلفت النظر الصمت الذي
التزمته الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية ووكالاتها المتخصصة إزاء هذا النمط من
جرائم إبادة الجنس البشري استنادا إلى الانتماء العرقي أو المذهبي أو اللون أو
الدين، كما أن الولايات المتحدة المسؤولة الأولى عن وجود الطبقة الحاكمة الأن في
العراق، وهي التي كانت شاهد زور على ولادتها في أيام الاحتلال الأولى، وهذا الصمت
هو الذي يغري حكومة المالكي التي رعت مجزرة بهرز وأرادتها تمر بصمت، بالمضي قدما
في حرب التطهير الطائفي العرقي، ولعل أكثر ما يلفت نظر المراقب المنصف أن مكتب
ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، لم تهزه تلك المجزرة بل انصرف كل جهده
إلى الانتخابات النيابية المعروفة النتائج سلفا على الرغم مما فيها مهرجانات
وولائم على مائدة الشيطان، فقد أشار المكتب إلى أن أهل الفلوجة يستطيعون المشاركة
في الانتخابات المقبلة إذا ما غادروا مدينتهم، فهل هي دعوة من جانب الأمم المتحدة
لتهجير سكان مدينة الفلوجة بالذات ثأرا منها لماضيها في مقارعة الاحتلال الأمريكي؟
وهل تغيرت واجبات الأمم المتحدة من المساعدة على توطين المهجرين والمهاجرين
والنازحين والمساعدة على ثباتهم في مدنهم إلى حثهم على ترك مناطق سكناهم؟ ثم ما هو
هدف الأمم المتحدة من هذه الدعوة؟ هل هي ترويج للانتخابات أو دعوة لإفراغ مدن
بعينها تمهيدا لإسكان مستوطنين جدد بدلا عنهم فيها؟ سؤال ملح عن المهمات الجديدة
للأمم المتحدة على الأمين العام أن يجيبنا عن هذه الأسئلة التي ننظر إليها على
أنها من أخطر ما واجه العراقيين من تآمر المنظمات الدولية التي تزعم أنها طرف
محايد.
هناك تعليق واحد:
شكرا للاستاذ البطل نزار السامرائي مع اجمل تحيه متمنين له الصحه الدائمه
فعلا تسائلك في محله نتمنى من اللامم المتحده ومن الدول التي ساهمت في احتلال العراق ان يجيبو
إرسال تعليق