وجهات نظر
مهند العزاوي
يدشن العراق
المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية في بيئة انتخابية بائسة ومضطربة لا تتسق
مع معايير الديمقراطية وفلسفة السياسة الانسيابية والقيم الانتخابية.
ويظهر التوريث
السياسي وحكم الاقارب والعوائل والمعممين في المشهد السياسي بشكل لافت للنظر، مما
انعكس على المجتمع العراقي الذي يبدو منقسماً بشكل كبير بين رافض ومؤيد وحالم
وعازف عن المشاركة ومستفيد من حواشي السياسة والسلطة والحواشي الطائفية، والسواد
الاعظم يرزح تحت طائلة البؤس والجوع والبطالة والاعتقالات والتفجيرات والقتل خارج
القانون والتهجير وسلب الحقوق الوطنية والشخصية.
ويلاحظ الهروب
الى الامام من قبل المجتمع الدولي والنظام الرسمي العربي والجري لاستكمال مسرحية الهدم
المنظم للعراق وتمزيق شعبه وحرق تاريخه ، وبلا شك ان الانتخابات لن تأت بجديد ولم تحقق
التغيير المنشود من قبل الشعب العراقي، والتي ستتمخض عنها بقاء ذات السياسيين
الفاشلين والفاسدين مع تغيير المسميات ومضاعفة الكتل والشخصيات للإيحاء بان العراق
يمارس الديمقراطية، وفي حقيقة الامر انها فلسفة (التجزئة الجامعة) والتي سترسم صورة اخرى بعد نتائج الانتخابات،
والتي كما يقول الكثير من العراقيين ان نتائجها معروفة سلفا ومقسمة الادوار
والمناصب قبل ان تبدأ .
معايير البيئة الانتخابية
تقام
الانتخابات في الدول المختلفة على اساس الاستقرار السياسي والأمني والرخاء
والتنمية وتنافس المشاريع السياسية لصالح الوطن في ظل وجود البنى التحتية
للديمقراطية وتأمين عناصر البيئة الانتخابية الايجابية والتي تتمثل بما يلي:
مناخ سياسي مواتي
(ايجابي)
استقرار امني (بلا
احكام عرفية او حالة طوارئ)
تفاعل سياسي (تبادل
للسلطة ودستور متفق عليه ومطبق بحوكمة مستمرة)
موارد قانونية
(تيسير منظومة قضائية حيادية تحقق العدل والمساوة والمساءلة)
موارد تنظيمية
(منظومات ادارية مستقلة تنفذ مدونة السلوك الانتخابي)
موارد مالية
عادلة (ليست مالا سياسيا، اموال فساد، اموال دول)
موارد بشرية (مجتمع
مستقر تحقق له الدولة التنمية والتطوير ورخاء مجتمعي)
سيادة واستقلال
موارد صلبة لتأمين
الانتخابات تحقيق الانسيابية الامنية وحماية المجتمع والمرشحين)
تقييم المرشحين والمشاريع السياسية.
الواقع الانتخابي العراقي
يمكن وصف
الواقع الانتخابي العراقي بأنه بائس ولا يؤمن ابسط معايير البيئة الانتخابية او مناخ
انتخابي مقبول ، خصوصا ان السياسة مغيبة في ظل تعطيل الدستور وإعلان الاحكام
العرفية وشيوع ظواهر المليشيات الطائفية وعسكره مكونات المجتمع، ومظاهر الإبادة
الطائفية المنظمة، وهدر الموارد المالية والبشرية، وسيادة ثقافة المليشيا والقتل
خارج القانون من قبل القوات الامنية، وشيوع ظاهرة الكذب الاعلامي والتضليل
والإنكار والتبريرات الوهمية التي لم تعد ناجعة في ظل تطور وسائل الاتصال
والانفتاح العالمي، وشيوع ظاهرة التوريث السياسي والوزاري والمؤسساتي والعسكري ، ويمكن
وصف الواقع الانتخابي العراقي بما يلي:
·
فشل برلماني ملحوظ لم يحقق اي نتائج تشريعية ورقابية في الفترة السابقة
وغالبية اعضائه مرشحين مرة اخرى دون تقييم ومساءلة ومحاسبة.
·
رئاسة جمهورية مغيبة في ظل فقدان رئيس الجمهورية صحيا لمدة سنتين ولم
يستبدل في سابقة الاولى من نوعها في العالم السياسي والمؤسساتي .
·
سلطة تنفيذية فاشلة وعاجزة وتنتهج نظرية الازمة، ويمكن تسميتها حكومة ازمات
تمارس الهروب الى الامام وتختلق الاعذار والمبررات والوهمية وتخلق الازمات لغرض الهاء
المجتمع مع استخدام نظرية الصدمة عبر وسائل الترويع والحروب المحدودة والاعتقالات
والقتل خارج القانون واستخدام الطائفية منهجا ولم تخضع للرقابة والمسائلة
والمحاسبة والتدقيق المالي .
·
انهيار امني مزمن وتؤكد المؤشرات الرقمية والنوعية ارتفاع حجم الضحايا المدنين
وعجز تلك الاجهزة عن تحقيق ابسط معايير الامن والدفاع
·
الموقف المجتمعي في حالة تخبط ويرزح تحت طائلة الدعاية الحزبية والحكومية
الطائفية وفق فلسفة المكون فوبيا والأمن عبر الطائفة وجيوشها من المليشيات.
·
هدر الموارد المالية من خلال منظومة الفساد الكبرى ونهب الاموال وبروز طبقة
الفاسدون الجدد وقد اصبحوا رؤوس اموال منهوبة مؤثرة وبثراء فاحش يفوق قدرة اي مرشح
محتمل حالم بالتغيير .
·
بروز ظاهرة سوق الانتخابات وشيوع تشكيل الكتل الصغيرة والشخصية حيث بلغ عدد الكتل المشاركة بالانتخابات 2370
كتلة و9150 مرشح وهو رقم يؤكد الفوضى السياسية
·
شراء الناخبين وإغرائهم بالوعود الاجلة بالوظائف والمنافع الشخصية
·
غياب قانون الاحزاب والأطر القانونية الحاكمة مما يمنح الاجانب من اي مكان
بطاقة المشاركة بالانتخابات وكذلك تمكين مخابرات الدول من تأسيس كتل بواجهات
عراقية تشارك بالانتخابات وتحكم البلد عن بعد.
·
استمرار منهج القمع والتطهير الطائفي التي تمارسه احزاب السلطة ضد مكون
العرب السنة وبقية المكونات الصغيرة وحجب حقهم بالتمثيل والمشاركة.
·
استمرار حرب السلطة على محافظة الانبار بعد فض الاعتصام السلمي الدستوري
بالقوة واعتقال نائب برلماني محصن قانونيا وإعدام اخيه بلا محاكمة وقرار قانوني اتساقا
بظاهرة (المليشيا سلطة).
·
شيوع ظاهرة نزول المليشيات الطائفية في المحافظات السنية العربية وارتكابها
مجازر وجرائم وتهجير وسرقة الممتلكات والدور الخاصة بالمهجرين وتجسد بشكل واضح في
مدن وقرى محافظات ديالى المتاخمة لإيران
·
شيوع ظاهرة سطوة المليشيات في بغداد وحزامها الديموغرافي وارتكابها جرائم
ومجازر بتسهيلات حكومية مما عزز من الاحتقان الطائفي
·
استخدام حرب الجسور والسدود لإغراق مناطق كبيرة من الانبار وحزام بغداد
لتجنب الافصاح عن الفشل العسكري وسوء قرار شن حرب داخلية في الانبار
·
تطويع وسائل الاعلام الحزبية والحكومية
لتلميع المرشحين وفصل الرأي العام فكريا وحسيا عن ما يحدث من كوارث بيئية
وبشرية على اثر الجهل السياسي والتعصب الحزبي الطائفي الذي اوصل العراق الى بلد
مفكك وممزق حدوده مستباحة.
·
مساهمة المجتمع الدولي في تهديم وتمزيق العراق من خلال صمت وتواطئ ممثلي
المنظمات الاممية ومحاباتهم للسلطة دون الوقوف على حقيقة الفوضى الحاصلة التي تنذر
بالكارثة الزاحفة
·
ابتزاز واستغلال الجياع والعاطلين عن العمل والبسطاء من قبل المرشحين
·
غياب المشاريع السياسية للكتل والمرشحين والإفصاح السياسي
·
استمرار ظاهرة التفجيرات والقتل خارج القانون والاغتيالات والاعتقالات
الطائفية ضمن فلسفة القمع والترويع والتنكيل
لبسط اذرع جمهورية الخوف
·
انعدام الخدمات الضرورية للمواطن والحريات العامة
·
غياب كافة مظاهر الديمقراطية في العراق وبروز
ظاهرة الكذب الاعلامي والتضليل المنظم والدعاية الطائفية
·
بلد مهدد بالتفكك والضياع وحدوده مستباحة وموارده الاستراتيجية مصادرة .
يعول البعض على
التغيير من خلال صناديق الاقتراع وهو تعويل محمود لو ان هناك نظام سياسي متماسك
يخضع للحوكمة والمساءلة ويؤمن المساواة والعدالة كي يحقق البيئة الانتخابية المؤتية،
ولكن في ظل قراءة الواقع الانتخابي الحالي في العراق فان الانتخابات لم تأت بجديد
في ظل تعطيل الدستور وغياب القضاء المستقل والانفراد بالسلطة وفشل المؤسسات وبروز
ظواهر المنفعة الشخصية واستخدام المال السياسي لمشاريع وافدة هدامة ، ونفوذ المليشيات
الطائفية ورديفتها التنظيمات الوافدة ، والتمسك بالقرار الوافد بخصوص الترشيح من
عدمه لساسة العراق ، ويبقى المواطن العراقي مغلوب على امره في ظل وسائل القمع
الحالية التي تحجب الحقائق وتقود العراق الى المستقبل المجهول ، والله المستعان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق