وجهات نظر
عمر الكبيسي
في حوار نقل حياً على فضائية البابلية قبل أربعة أيام،
حاورني الدكتور منير العبيدي أحد الناشطين إعلاميا للترويج لإعلان الإقليم السني
ليحكم السنة أنفسهم بأنفسهم، وفق قوله المتكرر.
توقعت أن يكون
الحوار منهجيا يهتم بطرح السلبيات والايجابيات ان كان لإعلان الإقليم من ايجابيات.
أولاً : يقول العبيدي أن إعلان الإقليم للمكون السني في
ظل التهميش الذي يعاني منه أهل السنة يعتبر خطوة جادة للحفاظ على وحدة العراق؟
ثانياً: إن الدوافع لإعلان الإقليم هي طائفية بحتة
والمعالجة تكمن في اختيار اسم الإقليم بعيدا عن ذكر صفته السنّية؟
ثالثاً: اللوم لا يقع على الشيعة فقط في دفعنا الى إعلان
الإقليم، وإنما اللوم يقع أيضا على المقاتلين السنة الذين قاتلوا المحتل الأمريكي
مما ترتب عليه موقف معادٍ وسياسات امريكية لاحقة تهدف لتصفية السنّة.
رابعاً: مع أن حيثية اعلان الإقليم شأن سياسي ولكن
العبيدي ذكر أن مؤتمر شورى علماء العراق في مؤتمر أربيل العام الماضي الذي حضرته (55)
شخصية أقرت مشروع الإقليم .
خامساً: أكد العبيدي أنهم (ولا أدري من هم المعنيين)
سيقاتلون من أجل الإقليم لحين إعلانه.
سادساً: يقول العبيدي: إن أكثر من 80 % من المكون السني
يطالبون بإعلان اقليم السنّة .
وللحقيقة وتوضيحا وتأكيدا لما ذكرته خلال الحوار أقول:
أولاً: هل ساهم وجود إقليم كردستان مع أنه حالة خاصة
كانت قائمة قبل سقوط النظام بعشر سنوات بإرادة اقليمية ودولية خبيثة في ترصين وحدة
العراق؟ أليس ما يحدث اليوم يثبت بوضوح ان الاكراد عازمون على الانفصال التام خلال
هذا العام بمبرر سلوك الحكومة المركزية غير الدستوري وفق فهمهم لدستور الاحتلال
إذ تصر على أن تصدير النفط يجب أن يكون بموافقة وسيطرة بالحكومة المركزية
وتقوم بحجب رواتب موظفين الإقليم عقوبة لذلك بنفس الوقت تفرض سلطة الاقليم حصارا مائيا عن كركوك يهدد
حياة وزراعة المواطنين تهديدا مروعا؟ أي وحدة للعراق سيوثقها مشروع إقليم السنّة
كما تتكلمون!
من اساسيات الدولة الواحدة دستوريا أن يكون للعراق جيش وأمن
واقتصاد وسياسة خارجية موحدة بإشراف مركزي، كيف يفترض دعاة الإقليم انهم سيضمنوا
حماية لإقليمهم من هذه الادارات المركزية والتي بضمنها الجيش بكل صنوفه؟ وماذا عن
مصير السنّة في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية والذين يشكلون ما لا يقل عن 30% من
تعداد المكون السني؟ كيف سيحميهم هذا المكون؟ هل النزوح المجتمعي على اسس طائفية
او عرقية إجراء يقوي وحدة العراق؟
ثانياً: هل يجوز شرعا ووطنية ان لا يقاوم السنّة محتلا
أجنبيا خوفا من أن لا يبادوا؟ أين مفهوم جهاد الدفع شرعا ومتى يكون واجبا؟ وأي وطنية هذه التي تتطلب
الخنوع أمام غزو بربري جاثم وآثم عاث بالبلاد دمارا وفسادا وتقتيلا؟
لقد تعرضت كل المكونات العراقية الى موجات اقتتال طائفي
وعرقي لمرات عديدة في تاريخ العراق خارجية وداخلية، هل ابيدت هذه المكونات واختفت،
أم انها عاودت العيش فيما بينها بسلام حين تنفرج الأزمات.
ثالثاً: إذا كانت حيثية إعلان الأقاليم قضية إدارية وقضية
سياسية، لماذا لم يشهر الساسة والكتل السياسية التي تمثل السنّة في العملية السياسية
هذا المشروع حين يقدمون برامجهم الانتخابية سواء كانت التوافق او العراقية سابقا
أو متحدون والحزب الإسلامي وحتى كتلة الكرامة
لاحقا أذا كان الإقليم يلبي رغبة 80 % من تعداد المكون السني كما ادعى العبيدي
المحسوب على ساسة السنّة.
يستخدم دعاة الإقليم اليوم مظلة الناطقين باسم الحراك في
ساحات نينوى وسامراء وديالى بينما حقيقة المشروع هم قيادات الحزب الاسلامي وقادة
متحدون وربما تلحق بها كتلة كرامة، حديثة التكوين، ما لم تفصح بصراحة عن موقفها من
موضوع الأقاليم علما أن راعيها السيد خميس الخنجر يؤكد انها كتلة ساحات الاعتصام
والحراك في حين أن الإقليم لم يكن في يوم من الأيام مطلبا من ضمن الحقوق والمطالب
المعلنة في ساحات الاعتصام والحراك.
رابعاً: لماذا ينشط خطاب دعاة الإقليم اليوم من جديد
ويترافق هذا النشاط مع الخيار الذي قررته ساحات الاعتصام بإعلان الانتفاضة وصد
تعرضها الى مواجهة عسكرية بقرار حكومة المالكي المركزية؟ ألا يشكل توقيت الإعلان
عن القتال من أجل الإقليم محاولة استغلال والقفز على انجاز المنتفضين وتشويه
لهدفهم المعلن؟
المنتفضون متمسكون بوحدة العراق ورفضهم للأقاليم جملة
وتفصيلا، ونسبة ال 80 % رقم من نسيج خيال دعاة الاقليم وهم دعاة مسيّسون لمحاولة
الهيمنة على ما يمكن الحصول عليه من الكعكعة العراقية ذات الطيف الموزائيكي الجميل
بما يسد شهواتهم ورغباتهم وامتيازاتهم والتي ان تم تقسيمها فعلا فان هؤلاء الساسة
والمستشيخون، سيتقاتلوا على ما سينالوه من حجمها فيما بينهم وكذلك مع من يحيطون
بهم، لتصبح وحدة العراق أشد توثقا وقوة!
خامساً: بمن سيقاتل دعاة الإقليم الحكومة المركزية لأجل
تحقيقه؟ إذا كانت الدوافع طائفية وشرعية وسياسية كما يدعون فما فرقهم عن دعاة
الدولة الاسلامية التي تتبناها فرق التكفير قبلهم؟ المنتفضون يبررون انتفاضتهم
والمواجهة المسلحة بالمثل مع الحكومة التي منعتهم حقوقا مشروعة طالبوا بها باعتصامات
سلمية لأكثر من عام مضى ولم يحملوا السلاح إلا عندما تصدت لها قوات الحكومة
والميليشيات الساندة لها بالمواجهة المسلحة وهم يعلنون تكرارا انهم لن يلقوا
سلاحهم الا بعد ان تلقي السلطة سلاحها وتنسحب عن حصارها وتوقف قصفها للمدن وتستجيب
لتنفيذ مطالبهم والتي اتحداكم ان يكون اعلان الاقليم من ضمنها يا دعاة الإقليم،
المنتفضون يمدون يد العون والالتحام الى شيعة العراق وكرده ومكوناته تطلب عونهم
واسنادهم لتحقيق ما ينتفضون من أجله ترصينا لوحدة العراق وهم لا ينتفضون من أجل
سلطة مركزية أو من اجل انتزاعها من الشيعة، كل الذي يطلبوه ان يتساوى الجميع
بالحقوق والواجبات في ظل دولة مدنية عادلة موحدة غير طائفية وغير عرقية، فيما
يحاول دعاة الاقليم تشويه انتفاضتهم هذه كمبرر لإشهار حكم إقليم سني طائفي يحكم
نفسه بنفسه، كما يزعمون! لأنكم لا ترون مستقبلا لعراق واحد تحكمه دولة عدل ورخاء
يعيش بها كل العراقيين بأمن وصفاء بما يملك من إرث وثروات ونقاء ؟
يا دعاة الاقاليم صدق فيكم القول (وداوني بالتي كانت هي
الداء) .
سادساً: من لم
يقاوم الاحتلال الأجنبي بالأمس ولا ينتفض من أجل انتزاع حقوقه والدفاع عن كرامته و
وجوده اليوم لا يقاتل كما وعد العبيدي من أجل إقليم طائفي لأن المطالبة بمثل هذا
الإقليم يعني الهزيمة والانكفاء عن عراق يغرق وينهار بكل معايير العيش والحياة
الكريمة، والمهزوم لا يقاتل ولا يمكنه النجاة بنفسه أو بجمعه، والأحزاب الإسلامية
الطائفية سنية وشيعية التي تتبنى مشروع الأقاليم الطائفية تدرك انها أحزاب فشلت
سياسيا وسوف لن تنجو بنفسها مما أسست له من فساد وانقسام وانحدار خلال الإحدى عشرة
سنة المنصرمة بعد الاحتلال مهما حاولت ان تتلبس بمسميات وطنية وعلمانية بعد ان
أدرك الشعب دورها الخطير في تدمير العراق وتقسيم شعبه.
الأقاليم نظام إداري تختاره شعوب دول تعيش في بحبوحة سياسية
وازدهار اقتصادي بهدف ان تعطي فرصا اكبر
وفق خصوصيات مناطقية ضمن الدولة الواحدة لمزيد من البناء والتنمية، أما الاقاليم
التي انتم لها دعاة في عراق التشظي الموبوء بعقابيل الغزو والاستعمار من طائفيةٍ
وعنفٍ وانهيار، فلا تعني الا التقسيم والضعف والدمار، يا دعاة الأقاليم والانحدار.
هناك تعليق واحد:
سبق لي أن ذكرت منير العبيدي والحزب الإسلامي في جزأ من تعليق لي عن l,موضوع يخص بهرز في هذا الموقع وهنا أنسخ هذا الجزأ :
الحزب الإسلامي متورط في هذه المجزرة من خلال التواطؤ مع الحكومة وميليشياتها بعد أن تأكد له أفلاسه بالكامل أمام أهالي بهرز وبأنه فقد ثقة الأهالي به ، بحيث كانوا يقولون علنا قبل المجرزة "ننتخب الصدر ولا الحزب الإسلامي"
كما وظهر على احد الفضائيات يوم امس منير العبيدي عن الحزب الإسلامي ويتكلم غضبا لأجل المجرزة في اسلوب لايخلو من التمثيل الصارخ ويقول الحل الوحيد هو الأقليم ، حيث أن الحزب الإسلامي يستغل أية فرصة يتعرض لها اهل السنة للإبادة والقتل للمناداة بقوة لعمل اقليم .. يعني كما يقول اهل العراق ( اللطم مو على الحسين اللطم على الهريسة).
وهنا اضيف أنني كنت دوماً ، ومنذ أكثر من سنة ، أقول أن الواقع يشير إلى ان رؤوس الحزب الإسلامي مشاركون في التفجيرات التي كانت تحدث في المناطق السنية ( تلك الفكرة التي كان يرفضها البعض في الفيس بوك ، ويلومني عليها وبانني أتهم جزافاً ) ، حيث الرفض الشديد للأقليم من قبل السنة ، بينما تعلو في أسلوب درامي ، صرخات رؤوس الحزب بان الحل الوحيد هو الأقليم خوفاً على السنة!
كما أن الكثير من الشواهد والأدلة ( خاصة من قبل الذين ذهبوا إلى سوريا بعد ما تسمى بعملية تطهير مناطقنا من القاعدة عام 2007) ، تشير إلى ان الحزب الإسلامي ( وبالتأكيد بالتنسيق مع الحكومة ) هم من قاموا بإدخال عناصر القاعدة من سوريا ( والذي تبين ما هم إلا ضباط سوريين تابعين لمخابرات إسرائيلية) وشكلوا لهم حاضنة في العراق فكانت هذه الحاضنة ليست سنية فقط بل شيعية ايضاً ، وإن بنسبة اقل ، وسبحان الذي قلب السحر على الساحر وأختلف المجرمون فيما بينهم لفترة وحصل تقتيل بينهم ايضاً ، لأسباب تخص مصالح ، كما وذكرت في موضوع لي قبل أكثر من سنتين في صفحتي أنه اضطر الكثير من الشيعة (رجالا ونساءً) أيام القاعدة الإنتماء للحزب الإسلامي لغرض عدم تهجيرهم من مناطقهم وعدم قتلهم ، وحصل ذلك فعلا وبقوا في مكانهم.
أفشل الله تعالى مخططاتهم وزادهم خزياً وعاراً ولا جعل لهم موطيء قدم بين اهل العراق .. اللهم إجعل كيدهم بين نحورهم
إرسال تعليق